الطلب على الغاز المسال في الصين قد يصل إلى ذروته بحلول 2035 (تقرير)
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

- الطلب على الغاز المسال في الصين قد يصل إلى 140 مليون طن بحلول 2035.
- واردات الصين من الغاز المسال تنخفض 17.5% خلال الأشهر الـ8 الأولى من 2025.
- الطلب على الغاز المسال في قطاع الكهرباء الصيني يواجه شكوكًا.
- توسع استعمال الفحم وسرعة نشر الطاقة المتجددة عوامل مربكة في حسابات الطلب المحلي.
- الصين تخطط لزيادة وارداتها من الغاز عبر الأنابيب من روسيا وتركمانستان بكميات كبيرة.
يراقب المصدّرون توقعات الطلب على الغاز المسال في الصين ببالغ الجدية والحذر، وسط مخاوف من تراجع الطلب المستقبلي في أوروبا بسبب خطط تحول الطاقة طويلة الأجل.
في هذا السياق، يتوقّع تقرير حديث -اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)- وصول الطلب على الغاز المسال في أكبر دولة مستوردة عالميًا إلى ذروته عند 140 مليون طن سنويًا بحلول عام 2035.
في حين يتوقع انخفاض الطلب على الغاز المسال في الصين تدريجيًا خلال السنوات الـ15 التالية حتى عام 2050؛ ما قد يعيد تشكل مشهد تجارة الغاز المسال العالمية ويربك حسابات المصدرين إلى آسيا.
وبحسب التقرير؛ فإن حصة الغاز المسال في السوق الصينية تحددها مجموعة من العوامل الاقتصادية والديموغرافية المركبة، خصوصًا مع توقعات تناقص عدد السكان في الصين تدريجيًا بعد عام 2035.
كما يتوقع تباطؤ النمو الاقتصادي، وانتشار مصادر الطاقة المتجددة؛ ما قد يخفض الطلب على الغاز المسال في توليد الكهرباء، فضلًا عن احتمالات نمو واردات خطوط الأنابيب بعد الاتفاق مع روسيا -مؤخرًا-.
توقعات الطلب على الغاز المسال في الصين خلال 2025
شهد الطلب على الغاز المسال في الصين حالة من التذبذب خلال السنوات الأخيرة، بسبب تقلبات أسعاره العالمية الحادة منذ عام 2022، ما انعكس على واردات بكين.
ففي عام 2024، أدى تحسن الطلب المحلي على الغاز، وانخفاض أسعار العالمية، إلى زيادة واردات الصين من الغاز المسال بنسبة 9% لتصل إلى 77 مليون طن.
بينما أسهم اعتدال الطقس الشتوي، والتحديات الاقتصادية، ونمو إمدادات الغاز المحلية إلى تراجع واردات الصين بنسبة 17.5% خلال الأشهر الـ8 الأولى من عام 2025.

وبحسب بيانات وحدة أبحاث الطاقة، بلغت واردات الصين من الغاز المسال قرابة 42.2 مليون طن حتى أغسطس/آب 2025، بانخفاض 9 ملايين طن عن مستواها البالغ 51.1 مليون طن خلال المدة نفسها من عام 2024.
وتتوقّع شركة أبحاث وود ماكنزي استمرار انخفاض الطلب الصيني خلال الأشهر المقبلة، ليصل إجمالي وارداتها إلى أقل من 70 مليون طن خلال عام 2025 كاملًا.
توقعات الطلب على الغاز المسال في الصين بعد 2026
تتوقّع وود ماكنزي عودة الطلب على الغاز المسال في الصين للانتعاش مجددًا بداية من عام 2026، مدفوعًا بانخفاض أسعاره العالمية وتسارع النمو الاقتصادي في ثاني أكبر بلد من حيث عدد السكان عالميًا.
وعادةً ما يُفاضل بين الغاز المسال ومصادر الوقود الأخرى في توليد الكهرباء حسب تكاليفها المقارنة، وهي أحد العوامل الحاسمة في زيادة أو خفض واردات الصين.
كما ينظر إلى واردات خطوط الأنابيب الأرخص بوصفها منافسًا مباشرًا للغاز المسال المستورد، ولا سيما في المناطق الساحلية الشمالية والشرقية للصين.
ومن المتوقع أن تكون واردات مشروعات خطوط الأنابيب الجديدة للصين محدودة بين عامي 2026 و2032، باستثناء أحجام قليلة ستأتي من توسعة خط أنابيب باور أوف سيبيريا الأول، وتشغيل خط أنابيب الشرق الأقصى الروسي.
ووافقت شركة غازبروم في مطلع سبتمبر/أيلول 2025 على توسيع قدرة خط أنابيب باور أوف سيبيريا الأول من 38 مليار متر مكعب إلى 44 مليار متر مكعب، لكنها لم تحدد جدولًا زمنيًا لذلك؛ ما يرجح أن زيادة إمدادات هذا الخط لن تكون قبل 2028، بحسب تقديرات وحدة أبحاث الطاقة.
على الجانب الآخر، يتوقّع تشغيل خط أنابيب الشرق الأقصى الروسي لنقل الغاز من جزيرة سخالين إلى شمال شرق الصين، خلال عام 2026، بقدرة تصميمية تصل إلى 10 مليارات متر مكعب سنويًا، لكن لا يُتوقع أن تُضخ كلها في السنوات الأولى.
وترجح هذه العوامل أن يكون نمو واردات الصين من الغاز عبر الأنابيب محدودًا حتى عام 2032، بالتزامن مع انخفاض أسعار الغاز المسال خلال هذه المدة؛ ما قد يُشجِّع بكين على زيادة واردات المسال، بحسب تقديرات وود ماكنزي.
وتمتلك الصين محطات إعادة تغويز عاملة بقدرة تتجاوز 161 مليون طن متري سنويًا، وهناك محطات أخرى قيد الإنشاء تصل قدرتها إلى 110 ملايين طن سنويًا؛ ما سيمكنها من استقبال مزيد من الواردات في أي وقت.
وتعمل محطات إعادة التغويز على تحويل الغاز من حالته السائلة إلى حالته الغازية القابلة للضخ في خطوط الأنابيب، وهي محطات تنتشر بكثافة في البلاد المستوردة للغاز المسال.

شكوك الطلب على الغاز المسال في الصين
رغم توافر العوامل الدافعة لنمو الطلب على الغاز المسال في الصين؛ فهناك مخاطر وشكوك تحوم حول الطلب لأسباب عديدة؛ أبرزها التوسع في استعمال الفحم بقطاع التوليد، وهو البديل الأرخص الأكثر تنافسية مع الغاز.
ورغم أن الصين ما زالت ملتزمة بوصول طلبها على الفحم إلى ذروته بحلول عام 2030؛ فإن أولويات أمن الطاقة دفعتها إلى استئناف منح الموافقات لمشروعات التوليد العاملة بالفحم -مؤخرًا-.
كما تبدو الصين على الجانب الآخر متسارعة بقوة في نشر الطاقة المتجددة؛ ما قد يمنحها استقلالًا أكبر في مجال الطاقة، ويحد من الطلب المحتمل على الغاز في قطاع الكهرباء.
على الجانب الآخر، تشكيل سياسات الحكومات المحلية عاملًا حاسمًا في توسيع الطلب على الغاز في الصين من عدمه، وسط توقعات بأن تلجأ المقاطعات الداخلية إلى خفض الدعم مع تفاقم ديونها المحلية؛ ما قد يؤدي إلى تقليص الطلب على الغاز.
كما تدرس الصين مشروعات خطوط أنابيب إضافية مع روسيا مثل خط أنابيب باور أوف سيبيريا 2 المخطط لتصدير كميات كبيرة تصل إلى 50 مليار متر مكعب، إضافة إلى التفاوض بشأن بناء خط رابع مع تركمانستان لزيادة الكميات المستوردة منها.
ومن المتوقع أن يتأثر الطلب على الغاز المسال في الصين بتطورات هذه المشروعات ومدى التقدم المحرز بشأن مفاوضاتها خلال السنوات المقبلة.
كما يُتوقع أن تؤثر خطط التطوير الصينية للغاز الصخري بالمياه العميقة -والتي تقودها سينوبك ومؤسسة النفط الوطنية- في توقعات الطلب على المسال بعد عام 2030، رغم التحديات قصيرة الأجل التي تواجهها الشركات الصينية الآن.
إضافة إلى هذه العوامل؛ فإن حرب الرسوم الجمركية الأخيرة التي شنّتها إدارة ترمب على الصين أدت إلى تعليق واردات الغاز المسال الأميركي إلى الصين، وجعلت المشترين الصينيين أكثر حذرًا بشأن الشراء المباشر لكميات كبيرة من الغاز الأميركي.
وإذا استمرت تداعيات الحروب التجارية؛ فمن المرجح أن يصب ذلك في صالح توسع سياسات الفحم والطاقة المتجددة في الصين، على حساب الغاز، ولا سيما في قطاع الكهرباء.
موضوعات متعلقة..
- الطلب على الغاز المسال في الصين غير مضمون (تحليل)
- واردات الصين من الغاز المسال تهبط 25% مسجلة أقل مستوى منذ 2020
- خط أنابيب باور أوف سيبيريا 2 قد ينطلق قريبًا.. وهذه خريطة الخطوط الأخرى إلى الصين
اقرأ أيضًا..
- فشل صفقة الغاز التركمانستاني إلى العراق.. أميركا ترفض عبور الإمدادات من إيران
- وزير الطاقة الأردني: تسريع الحفر بحقل الريشة.. ومشروعات رياح وتخزين كهرباء قريبًا (حوار)
- مفارقة تحول الطاقة.. فائض مُهدَر وملايين تغرق في الظلام (مقال)
- الهيدروجين الأخضر في مصر.. تحوُّل "جريء" لضمان إمدادات الكهرباء (مقال)
المصدر: