أنسيات الطاقةأسعار النفطالتقاريررئيسيةسلايدر الرئيسيةعاجلنفط

هل تريد أوبك رفع أسعار النفط؟.. وهذا الرقم يضر دول الخليج (تقرير)

أحمد بدر

تتكرّر الاتهامات لدول أوبك بأنها تسعى إلى رفع أسعار النفط بصورة مبالغ فيها، في ظل الاضطرابات الجيوسياسية وزيادة الطلب العالمي، وقد أثارت هذه القضية جدلًا واسعًا بين المستهلكين والمنتجين والمستثمرين.

وفي هذا السياق قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن فكرة سعي المنظمة لخلق عجز متعمّد في الإمدادات من أجل رفع الأسعار غير صحيحة، بل شُكّلت إعلاميًا بطرق أثرت في الرأي العام.

وأضاف أن أوبك لا تستطيع فرض أسعار خيالية عند مستوى 100 أو 200 أو 300 دولار للبرميل؛ لأن المستهلك إذا لم يشترِ النفط فلن تحقق الدول المصدرة أي إيرادات، فالمعادلة الاقتصادية تتطلّب سعرًا مناسبًا للجميع.

وأكد أن أهداف أوبك الحقيقية تتمثّل في تحقيق استقرار الأسواق، وضمان تدفق الإمدادات بتكاليف معقولة، مع توفير دخل عادل للمنتجين وعائد مجزٍ للمستثمرين، فالتوازن بين الأطراف الـ3 -المنتج والمستهلك والمستثمر- يمثّل أساس بقاء هذه الصناعة.

جاء ذلك خلال حلقة من برنامج "أنسيّات الطاقة"، قدّمها أنس الحجي عبر مساحات منصة التواصل الاجتماعي "إكس" (تويتر سابقًا)، تحت عنوان: "تكويع وكالة الطاقة الدولية هديتها لأوبك في ذكرى تأسيسها الـ65".

أهداف أوبك بين الإعلام والواقع

قال أنس الحجي إن الإعلام الغربي يصوّر أوبك على أنها تسعى دومًا إلى رفع الأسعار بشكل يعذّب المستهلكين، في حين الواقع يختلف تمامًا، فالمنظمة تهدف إلى استقرار الأسواق وضمان التوازن بين مصالح المنتجين والمستهلكين والمستثمرين.

وأوضح أن المستثمرين لن يضخوا أموالهم في مشروعات النفط والغاز ما لم يحققوا عائدًا مناسبًا، وهو ما تدركه أوبك منذ تأسيسها، فالاستثمار في القطاع يبدأ عادة بالتكاليف الثابتة الضخمة، ما يفرض الحاجة إلى أسعار معقولة لاستدامة الاستثمارات.

وأشار إلى أن استقرار أسواق النفط يعتمد على استمرار الاستثمار، وهو ما أكدته تقارير الطاقة الدولية مؤخرًا، بعد أن عارضته لسنوات، وهذا الإدراك المتأخر يبرز تفوق رؤية المنظمة التي أدركت منذ البداية أن السوق لا تستقر دون استثمارات دائمة.

تحالف أوبك+

وأكد أنس الحجي أن العلاقة بين المنتجين والمستهلكين والمستثمرين مترابطة بشكل لا يمكن فصله، موضحًا أن أي إخلال في أحد أركان المعادلة يؤدي إلى اضطراب السوق، سواء عبر انخفاض الطلب أو نقص الاستثمارات أو مبالغة في الأسعار.

وبيّن أن أسعار النفط المرتفعة بصورة مفرطة تؤدي إلى تراجع الطلب، في حين تسبّب الأسعار المنخفضة ضعف الاستثمار وارتفاعًا لاحقًا غير محتمل، وأوبك تعمل على ضبط هذه المعادلة عبر سياسات تحافظ على نطاق سعري متوازن يخدم جميع الأطراف.

ولفت إلى أن المطالبات برفع أسعار النفط إلى مستويات غير واقعية لا تعكس إدراكًا لواقع السوق، فتجاهل أهمية المستهلك يهدد المنتجين أنفسهم؛ لأن الطلب هو المحرك الأساسي لعائدات النفط، وأي تجاهل له يضر الجميع.

وختم بتأكيده أن المنظمة تسعى إلى إدارة السوق لتقليل الذبذبات السعرية، وضمان بيئة مستقرة تدعم الاستثمار والإنتاج والاستهلاك على حد سواء، مشددًا على أن المنظمة كانت وما تزال ضرورة لاستقرار النظام النفطي العالمي.

أسعار النفط

أوضح أنس الحجي أن أسعار النفط المرتفعة فوق 90 دولارًا تضر حتى بدول الخليج، في حين أن الأسعار المنخفضة عند 20 أو 30 أو 40 دولارًا تسبب مشكلات أخرى؛ لأن انخفاضها المؤقت ينعكس لاحقًا بارتفاعات كبيرة على المستهلكين.

وأشار إلى أن التجارب السابقة تثبت هذه الفكرة، مستشهدًا بالمدة بين عامَي 2004 و2008 عندما تضاعفت أسعار النفط مرات عدة بعد سنوات من التراجع، فالدروس التاريخية تؤكد ضرورة تجنّب التقلبات الكبيرة لضمان استقرار المستهلكين والمنتجين.

وأكد أن فكرة انخفاض الأسعار يصبّ في مصلحة المستهلكين غير صحيحة؛ لأن الفائدة تكون وقتية فقط. وأوضح أن ضعف الاستثمارات الناتج عن الأسعار المتدنية يقود لاحقًا إلى نقص المعروض، ما يرفع الأسعار بصورة مبالغ فيها على المدى المتوسط.

أسعار خامات النفط العربية في يوليو

وقال أنس الحجي إن أوبك تدرك هذه المعادلة منذ تأسيسها، وتسعى دومًا لتحقيق توازن يمنع الانهيار أو الانفجار في الأسعار، فوجود نطاق سعري مقبول للجميع يمثّل حجر الزاوية في استقرار السوق العالمية.

وبيّن أن إدارة السوق لا تعني التحكم الكامل في الأسعار، بل تقليل حدة الذبذبات وتوفير بيئة مستقرة، مشيرًا إلى أن غياب مثل هذا الدور يؤدي إلى تقلبات حادة تضر بجميع الأطراف، من المنتجين إلى المستهلكين والمستثمرين.

وشدد على أن المستهلكين يحتاجون إلى أسعار معقولة كما يحتاج المنتجون إلى عوائد مناسبة، والمستثمرون إلى ضمان استقرار طويل الأمد، وهذه المعادلة لا يمكن تحقيقها إلا بوجود أوبك وأوبك+ كآلية لإدارة السوق.

ولفت إلى أن أوبك لا تسعى إلى رفع الأسعار بصورة مفرطة، بل تهدف إلى ضمان استقرار طويل الأجل يخدم الاقتصاد العالمي بأسره، وهي ما تزال تؤدي دورًا محوريًا في موازنة مصالح جميع الأطراف في الصناعة النفطية.

جذور تأسيس أوبك وأبعادها السياسية

أوضح أنس الحجي أن تأسيس أوبك لم يأتِ فقط بوصفه رد فعل مباشرًا على خفض شركات النفط العالمية الأسعار عام 1959، بل كانت له أيضًا أسباب غير مباشرة مرتبطة بالفكر القومي والتحرري الذي ساد في تلك الحقبة.

وأشار إلى أن خفض الأسعار، آنذاك، ألحق ضررًا كبيرًا بإيرادات الدول النفطية، ما دفعها إلى التفكير في آلية جماعية للدفاع عن مصالحها، وهذا الحدث شكّل الشرارة المباشرة لقيام المنظمة التي غيّرت خريطة الطاقة العالمية.

وأكد أن التفكير في إدارة أسواق النفط كان أقدم من ذلك بكثير، مستشهدًا بتجارب سابقة في الولايات المتحدة، لذلك فإن الهدف من إنشاء أوبك لم يكن رفع الأسعار فحسب، بل وضع نظام عادل يضمن حقوق المنتجين ويحقق استقرار السوق.

أسواق النفط

وبيّن خبير اقتصادات الطاقة أن جزءًا من دوافع التأسيس ارتبط بالسياق السياسي العالمي، إذ كانت كثير من دول المنظمة تعيش تحت الاستعمار أو خارجة منه حديثًا، وانتشار الفكر التحرري والقومي عزّز الرغبة في التحكم بالثروات الوطنية.

وأوضح أن القادة المؤسسين أدركوا أن مصالح المنتجين لا تنفصل عن مصالح المستهلكين والمستثمرين، وهذا الإدراك جعل من أوبك منظمة ذات أهداف شاملة تتجاوز مجرد السعي لزيادة الإيرادات قصيرة الأجل.

ولفت إلى أن المنظمة واصلت على مدى العقود التالية تطوير سياساتها بما يوازن بين هذه المصالح، وهو ما يجعلها حتى الآن لاعبًا أساسيًا في ضبط الأسواق رغم الانتقادات والضغوط الغربية المستمرة.

واختتم الحجي تصريحاته بتأكيده أن فهم جذور تأسيس أوبك ضروري لتقدير دورها الحالي، فالمنظمة انطلقت من دوافع اقتصادية وسياسية متشابكة، وما تزال تحقّق الاستقرار وتضمن المصالح المشتركة بين مختلف أطراف سوق النفط.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق