التقاريرتقارير الغازرئيسيةغاز

حقل الريشة الأردني.. طموحات لمضاعفة إنتاج الغاز حتى 2034

سامر أبووردة

يمثّل حقل الريشة الأردني إحدى أبرز ركائز إستراتيجية المملكة في تعزيز أمنها الطاقي وتقليل فاتورة الاستيراد، في وقت تكشف فيه التقديرات الحديثة احتياطيات ضخمة قد تغيّر خريطة الغاز في البلاد خلال العقد المقبل.

وفي حوار حصري نشرته قبل أيام منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، أعلن وزير الطاقة الأردني الدكتور صالح الخرابشة، خططًا طموحة لرفع الإنتاج تدريجيًا من الحقل، وصولًا إلى نصف مليار قدم مكعبة يوميًا بحلول عام 2034، في إطار إستراتيجية وطنية تركّز على استثمار الموارد المحلية وتوسيع نطاق التنقيب.

وأوضح الخرابشة أن الحكومة وضعت ضمن أولوياتها تكثيف جهود التنقيب عن الغاز والنفط والثروات الطبيعية، مع تركيز خاص على حقل الريشة، الذي يشهد منذ أعوام خطط تطوير متسارعة تشمل حفر آبار جديدة وتوسيع البنية التحتية المساندة.

وتسير هذه الجهود جنبًا إلى جنب مع مساعٍ أخرى لخفض تكاليف الطاقة في المناطق الصناعية والتنموية، وضمان وصول الغاز إلى قطاعات جديدة.

وفي هذا السياق، أكد الخرابشة أن الحكومة تستهدف استثمار الكميات المحتملة من الغاز خلال السنوات الأربع المقبلة، لدعم القطاع الصناعي وتوليد الكهرباء على نحو أوسع.

وأشار إلى أن رؤية التحديث الاقتصادي تتضمن 9 محاور إستراتيجية لقطاع الطاقة، منها توسيع التنقيب عن الموارد الوطنية، واستقطاب شركات عالمية لتطوير الحقول المكتشفة مثل السرحان وحمزة، مع استمرار التركيز على تطوير حقل الريشة، كونه الحقل الغازي المنتج الوحيد في الأردن.

خطط رفع إنتاج حقل الريشة

كشف الخرابشة، في حواره مع منصة الطاقة، أن إنتاج حقل الريشة حاليًا يبلغ أكثر من 75 مليون قدم مكعبة يوميًا، يُوجَّه نحو 20 مليونًا منها لتغذية محطة كهرباء الريشة.

وتشير خطط وزارة الطاقة إلى رفع الإنتاج إلى 78 مليون قدم مكعبة نهاية 2025، ثم إلى 418 مليونًا عام 2030، وصولًا إلى 500 مليون قدم مكعبة يوميًا في 2034.

وتشير الدراسات الأخيرة -التي أعدّتها شركة إس إل بي "شلمبرجيه سابقًا"- إلى أن احتياطيات الغاز في حقل الريشة الأردني قد تصل إلى 14.6 تريليونات قدم مكعبة في السيناريو الأعلى، مع إمكان استخراج 6.65 تريليونات قدم مكعبة منها.

أمّا التقديرات المتوسطة، فتشير إلى 11.99 تريليون قدم مكعبة، يمكن استخراج 4.67 تريليونات منها.

وكانت الاحتياطيات المؤكدة قبل هذه الدراسات الأخيرة تُقدّر بنحو 300 مليار متر مكعب فقط، ما يعكس الطفرة التي قد يشهدها الأردن إذا استُثمرت هذه الموارد وفق الخطط المعلنة.

حوار وزير الطاقة الأردني مع منصة الطاقة

دور شركة البترول الوطنية

أكد وزير الطاقة الأردني، في حواره مع منصة الطاقة، أن شركة البترول الوطنية تتبنّى خطة لتسريع عمليات الحفر عبر الاستعانة بخدمات خارجية لتقليل التكاليف وتسريع الإنجاز، في خطوة تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز.

كما بدأت الشركة في إشراك القطاع الخاص عبر السماح لائتلافات مثل "غاز الأردن" و"وطني" و"يوني غاز" بنقل الغاز باستعمال تقنية الغاز المضغوط (CNG) لتغذية القطاع الصناعي.

وتتولى شركة البترول الوطنية -المملوكة بنسبة 99.92% للحكومة الأردنية- إدارة حقل الريشة الأردني وتطويره، بعد نقل الامتياز من سلطة المصادر الطبيعية، وتتبنى حاليًا برنامجًا توسعيًا يتضمن حفر المزيد من الآبار، وإنشاء خطوط نقل غاز داخل الحقل يصل طولها إلى 40 كيلومترًا.

وتعدّ هذه التحركات امتدادًا لجهود الشركة التي واجهت تحديات سابقة، أبرزها تجربة الشراكة مع شركة "بي بي" البريطانية في عام 2010، التي انتهت بانسحاب الأخيرة عام 2014 بعد فشلها في زيادة الإنتاج.

غير أن التقديرات الجديدة لاحتياطيات الحقل أعادت الأمل في تعظيم إسهامه ضمن مزيج الطاقة الوطني.

أعمال حفر الآبار في حقل الريشة
أعمال حفر الآبار في حقل الريشة - الصورة من وزارة الطاقة والثروة المعدنية

أثر الحقل في أمن الطاقة الأردني

يمثّل حقل الريشة الأردني أداة محورية لتعزيز أمن الطاقة في المملكة، إذ يمكن أن يسهم مضاعفة إنتاجه في تقليص فاتورة استيراد الغاز التي تُثقل كاهل الاقتصاد الوطني.

ويُنتظر أن يفتح تطوير الحقل الباب أمام تغذية قطاعات جديدة، مثل النقل والصناعة، إلى جانب الكهرباء، وهو ما بدأ فعليًا عبر محطات الغاز المضغوط بالشراكة مع شركات محلية.

كما أن رفع الإنتاج إلى مستويات تتجاوز 400 مليون قدم مكعبة يوميًا خلال العقد المقبل من شأنه أن يحوّل الأردن إلى بلد شبه مكتفٍ ذاتيًا من الغاز الطبيعي، ويمنحه مرونة أكبر في إدارة مزيج الطاقة.

معلومات عن حقل الريشة

اكتُشف حقل الريشة الأردني عام 1986 شمال شرق المملكة على مساحة 7500 كيلومتر مربع، تحاذي الحدود مع العراق من الشرق وسورية من الشمال والسعودية من الجنوب.

وبدأ الحقل الإنتاج التجاري عام 1989، إذ وُجِّه معظم إنتاجه إلى محطة كهرباء الريشة الواقعة على بُعد 300 كيلومتر من عمّان، وفقًا لموسوعة حقول النفط والغاز العربية لدى منصة الطاقة.

وتتراوح ارتفاعات سطح منطقة الامتياز بين 850 و950 مترًا فوق مستوى البحر، وتمتاز بتضاريس صحراوية سهلية، ما سهّل نسبيًا عمليات الحفر والتنقيب.

ومنذ ذلك الوقت، ظل الحقل يمثّل ركيزة أساسية في إستراتيجية الطاقة الأردنية، وإن واجه فترات من التباطؤ في تطويره.

حقل الريشة الأردني
حقل الريشة الأردني - الصورة من موقع وزارة الطاقة الأردنية

الخلاصة:

تؤكد الحكومة الأردنية أن استغلال الإمكانات الكامنة في حقل الريشة يتطلب استمرار العمل على جذب الاستثمارات الأجنبية وتوسيع البنية التحتية.

ومع اقتراب المملكة من تنفيذ خطّتها لزيادة الإنتاج إلى نصف مليار قدم مكعبة يوميًا في 2034، تتعزز فرص تقليل الاعتماد على الغاز المستورد وتحقيق مستويات أعلى من الأمن الطاقي.

وبذلك يظل حقل الريشة الأردني عنوانًا للطموحات الوطنية في مضاعفة الإنتاج المحلي من الغاز، وركيزة إستراتيجية في مسيرة المملكة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز الاستقرار الاقتصادي.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق