الكويت تقترب من ثالث اكتشاف في التنقيب البحري.. خطط لتعزيز الاحتياطي الضخم (تقرير)
سامر أبووردة

تسعى الكويت إلى تعزيز مكانتها في قطاع الطاقة عبر خطة توسعية طموحة في أعمال الاستكشاف البحري، في وقت تترقّب فيه البلاد تحقيق ثالث اكتشاف رئيس من النفط والغاز خلال عامَيْن.
وتنظر الدولة الخليجية إلى البحر بوصفه المخزون الإستراتيجي الذي يمكن أن يضمن أمنها الطاقي لسنوات طويلة، ولا سيما بعد الكشف عن موارد هيدروكربونية ضخمة في حقلَي النوخذة والجليعة خلال عامَي 2024 و2025.
ووفقًا لتقارير طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يأتي ذلك بعدما أكدت شركة نفط الكويت نجاح المرحلة الأولى من برنامج الحفر البحري، وهو ما دفعها إلى إطلاق مرحلة ثانية أكثر شمولًا، تتضمّن حفر 18 بئرًا جديدة وتوسيع نطاق المسوح الزلزالية.
وتشير البيانات الأولية إلى أن البرنامج الجديد يمثّل خطوة مفصلية في إستراتيجية الدولة لزيادة احتياطياتها النفطية والغازية، ودعم خططها للوصول إلى مستويات إنتاجية أعلى خلال العقد المقبل.
تفاصيل الخطة الجديدة
كشف نائب الرئيس التنفيذي للاستكشاف والحفر في شركة نفط الكويت، خالد الملا، عن أن الشركة ستشرع قريبًا في حفر 18 بئرًا استكشافية إضافية ضمن البرنامج الثاني للتوسع البحري، موضحًا أن نصف هذه الآبار سيُحفر في المناطق البحرية المفتوحة، في حين يُنفذ النصف الآخر في منطقة جون الكويت.
وبيّن أن بعض الآبار ستُحفر مباشرة في البحر، فيما يمتد بعضها الآخر من اليابسة إلى عدة كيلومترات أسفل المياه، مؤكدًا أن الشركة قررت رصد ميزانية كبيرة لإجراء مسح زلزالي ثلاثي الأبعاد يغطي المناطق البحرية كاملة، بعد أن أظهرت نتائج المرحلة الأولى مؤشرات إيجابية.
ولفت الملا إلى أن تكلفة الحفر البحري تفوق نظيرها البري بنحو 4 إلى 5 مرات بسبب تعقيدات العمليات والاشتراطات البيئية الصارمة التي تطبقها الشركة، مشددًا على أن الحفاظ على البيئة البحرية يمثّل أولوية في خطوات العمل جميعها.
التنقيب البحري في الكويت
يُعَدّ التنقيب البحري في الكويت جزءًا محوريًا من إستراتيجية مؤسسة البترول، إذ بدأ رسميًا في منتصف عام 2022 مع تسلّم أول منصة حفر بحرية.
وشملت المرحلة الأولى حفر 6 آبار ضمن مساحة استكشافية تعادل ثلث مساحة البلاد، أي نحو 6 آلاف كيلومتر مربع.
وجاءت النتائج الأولية مشجعة، ما عزّز التوجه نحو مرحلة ثانية أكثر طموحًا، إذ يُتوقع أن تسهم نتائج البرنامج الجديد في فتح المجال أمام اكتشافات إضافية، بما يدعم أهداف خطة البلاد طويلة المدى لزيادة الطاقة الإنتاجية.
اكتشاف حقل الجليعة
في يناير/كانون الثاني 2025، أعلنت شركة نفط الكويت اكتشافًا ضخمًا في حقل الجليعة البحري، الواقع في المياه الإقليمية، باحتياطيات تُقدَّر بـ800 مليون برميل من النفط متوسط الكثافة و600 مليار قدم مكعبة قياسية من الغاز المصاحب، أي ما يعادل نحو 950 مليون برميل نفط مكافئ.
ويمتد حقل الجليعة على مساحة 74 كيلومترًا مربعًا، ويُعَدّ ثاني اكتشاف بحري مهم بعد حقل النوخذة، وفق موسوعة حقول النفط والغاز العربية لدى منصة الطاقة.
وأكدت الشركة أن الاكتشاف يعزّز فرص العثور على مكامن جديدة في العصر الطباشيري العلوي بالمناطق البحرية، ويؤكد نجاح خطتها الاستكشافية.

كما أعلنت الشركة بدء التحضير لمسوح ثلاثية الأبعاد تغطي المنطقة البحرية بأكملها، لتوفير بيانات دقيقة تدعم قرارات الحفر والإنتاج.
وتُعدّ هذه الخطوة مهمة لزيادة الدقة في تحديد المكامن المحتملة والانتقال إلى مرحلة الإنتاج التجاري.
حقل النوخذة البحري
سبق أن حقّقت الكويت خلال العام الماضي 2024 اكتشافًا بارزًا في حقل النوخذة البحري شرق جزيرة فيلكا، باحتياطيات قُدِّرت بـ2.1 مليار برميل من النفط الخفيف، و5.1 تريليون قدم مكعبة من الغاز، أي ما يعادل 3.2 مليار برميل نفط مكافئ.
وكان هذا الاكتشاف الأول من نوعه بعد عقود من محاولات البحث عن موارد جديدة في المناطق البحرية، وعُدّ نقطة تحول عززت شهية البلاد لمواصلة التنقيب البحري بوتيرة أسرع.
وقد بلغ الإنتاج الأولي من بئر "نوخذة 1" نحو 2800 برميل يوميًا من النفط الخفيف، بالإضافة إلى 7 ملايين متر مكعب من الغاز المصاحب.
الإنفوغرافيك الآتي -من إعداد منصة الطاقة- يستعرض أبرز البيانات حول اكتشاف حقل النوخذة البحري:
إستراتيجية طويلة الأمد
تسعى الكويت إلى رفع إنتاجها من النفط إلى 4 ملايين برميل يوميًا بحلول عام 2035، مقارنة بمستوى يبلغ حاليًا نحو 2.9 مليون برميل يوميًا.
وتُعَدّ الاكتشافات البحرية الأخيرة عنصرًا رئيسًا في هذه الإستراتيجية، إلى جانب تعزيز الحقول البرية وتطوير البنية التحتية.
ويؤكد مسؤولو القطاع أن التنقيب البحري لا يقتصر على تعزيز الاحتياطيات المؤكدة فحسب، وإنما يُسهم كذلك في تلبية الطلب المحلي على الطاقة، ويمنح الكويت موقعًا أقوى في سوق النفط العالمية.

اقتراب الاكتشاف الثالث
مع بدء المرحلة الثانية من الحفر وإجراء مسوح زلزالية متطورة، تبدو الكويت أقرب من أي وقت مضى إلى إعلان اكتشاف بحري ثالث.
وفي هذا السياق، يؤكد خبراء أن هذا المسار سيعزّز مكانة البلاد في قطاع الطاقة العالمي، ويوفّر ضمانة إستراتيجية لاحتياطياتها المستقبلية.
ورغم التكلفة العالية للعمل البحري، تراهن الكويت على أن العوائد المتوقعة ستفوق الاستثمارات، كما أثبتت التجارب السابقة في النوخذة والجليعة.
ومن ثم، فإن أي اكتشاف جديد سيعزّز طموح البلاد في بلوغ أهدافها الإنتاجية، ويدعم استمرار دورها بصفتها لاعبًا محوريًا في أسواق النفط والغاز العالمية.
موضوعات متعلقة..
- حقل مطربة النفطي في الكويت يبدأ الإنتاج.. رسميًا
- وظائف مؤسسة البترول الكويتية.. الشروط وموعد التقديم
اقرأ أيضًا..
- عدد حفارات النفط الأميركية يرتفع إلى أعلى مستوى في شهرين
- سوق الهيدروجين في أوروبا.. 7 تطورات يخنقها شُح أنابيب النقل (تقرير)
- وحدة غاز عائمة في تركيا تنعش محفظة شركة ألمانية بإنجاز فريد
- الغاز المسال الروسي يتصدر حزمة عقوبات أوروبية جديدة ضد موسكو
المصدر: