التقاريرتقارير الغازتقارير دوريةرئيسيةغازوحدة أبحاث الطاقة

سوق ناقلات الغاز المسال تشهد تحولات جذرية.. و3 أسباب تحدد المسار

وحدة أبحاث الطاقة - مي مجدي

تواجه سوق ناقلات الغاز المسال شبكة معقدة من القيود، بداية من الحسابات الجيوسياسية والالتزامات البيئية، مرورًا بالتخطيط الإستراتيجي بعيد المدى وبناء شراكات محورية.

وحاليًا، تقف السوق عند مفترق طرق في ظل تكدس السفن المتوقفة عن العمل، التي بلغ عددها 60 ناقلة بحلول نهاية يوليو/تموز (2025)، وتراجع أسعار التأجير إلى مستويات غير مسبوقة، بحسب تقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).

في الوقت نفسه، تتفاقم الأوضاع نتيجة الاضطرابات الجيوسياسية، إذ يتعيّن على الشركات الموازنة بين التكلفة والطرق الآمنة.

ومع بدء إعادة ضبط سوق ناقلات الغاز المسال، بات التحدي يكمن في تحديد أي من الشركات ستحافظ على مكانتها في هذه المرحلة.

الوضع في سوق ناقلات الغاز المسال

أظهر التقرير الصادر عن شركة الأبحاث وود ماكنزي أن أسعار تأجير ناقلات الغاز المسال هوت إلى مستويات بالكاد تغطي التكاليف التشغيلية.

فقد بلغ متوسط أرباح الناقلات ذات المحرك ثنائي الأشواط عند 30 ألف دولار يوميًا في حوض الأطلسي، في حين لم تتجاوز ناقلات التوربينات البخارية 10 آلاف دولار يوميًا، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ويرجع ذلك إلى 3 أسباب:

  • تسليم سفن جديدة قبل موعد الإمدادات الجديدة، ومن ثم ارتفع أسطول ناقلات الغاز المسال العاملة إلى أكثر من 700.
  • تراجع الطلب العالمي على الشحن البحري مع تلبية أوروبا احتياجاتها من داخل الحوض الأطلسي.
  • انحسار دور الناقلات كونها وحدات تخزين عائمة بعد تعديل سياسات التخزين الأوروبية.

ويستمر انخفاض الأسعار مع تصاعد الاضطرابات الجيوسياسية؛ إذ أجبرت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر والتوترات في مضيق هرمز المشغلين على تجنّب قناة السويس، في حين بقي عبور الناقلات عبر قناة بنما محدودًا، وهذا جعل طريق رأس الرجاء الصالح الخيار الجديد رغم طول الرحلات وتكاليفها الباهظة.

إحدى ناقلات الغاز المسال
ناقلة للغاز المسال - الصورة من "في غروب"

آسيا تسيطر على سوق الغاز المسال

أشار تقرير وود ماكنزي إلى أن ارتفاع الطلب الآسيوي على الغاز المسال لا يمكن تجاهله، لا سيما أن المنطقة تمثّل اليوم نحو 65% من واردات الغاز المسال العالمية.

ومن المتوقع أن تتجاوز حصة المنطقة 70% بحلول 2040، مع استمرار تراجع الإنتاج المحلي والانتقال التدريجي بعيدًا عن الفحم، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وكشف التقرير عن أن طول المسافة بين خليج أميركا والأسواق الآسيوية يربط السفن برحلات طويلة، ما يخلق طلبًا متزايدًا على الناقلات.

وأوضح أنه مع زيادة تحول الغاز المسال إلى سلعة تجارية متداولة، ستقضي الناقلات وقتًا أطول في البحر، مستجيبة لمتطلبات المشترين بدلًا من الالتزام بعقود محددة مسبقًا.

وتتوقع وود ماكنزي الحاجة إلى تسليم أكثر من 400 ناقلة جديدة بحلول 2035، لتلبية نمو الطلب المتوقع ولتعويض تقاعد الناقلات القديمة، رغم نشاط الطلب القياسي بين 2022 و2024.

إحدى ناقلات الغاز المسال
ناقلة للغاز المسال - الصورة من إيني

ثورة في أسطول ناقلات الغاز المسال

أضاف تقرير وود ماكنزي أن أسطول ناقلات الغاز المسال يشهد مرحلة تصحيح ستعيد رسم خريطة المنافسة.

فمن بين أكثر من 700 ناقلة عاملة، تقترب 180 ناقلة تعمل بالبخار من التقاعد خلال العقد المقبل، معظمها تجاوز عمرها 20 عامًا، وأصبحت غير مجدية تجاريًا، بسبب انخفاض كفاءة الوقود وارتفاع الانبعاثات.

ومع استمرار تسليم السفن الجديدة خلال العامين إلى الأعوام الـ3 المقبلة، فإن تقاعد السفن القديمة سيمنع حدوث فائض في عدد الناقلات، وسيُسهم في موازنة العرض والطلب.

ومع ذلك، سيكون هذا التحول مكلفًا، فأسعار السفن الجديدة تستقر بين 255 و265 مليون دولار للناقلة، ما يجعل هذه الاستثمارات حكرًا على كبرى شركات الغاز المسال التي تمتلك عقود إيجار طويلة الأجل.

وستعمل اللوائح البيئية على تسريع هذا التحول، مع شمول نظام تداول انبعاثات الاتحاد الأوروبي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في القطاع البحري، وفرض آلية التسعير الكاملة للانبعاثات طبقًا لإطار عمل المنظمة البحرية الدولية، التي تغطي كامل الانبعاثات الناتجة عن الوقود منذ إنتاجه ونقله وحتى استعماله على السفينة.

وبحلول 2035، ستزيد هذه العقوبات التكاليف بنسبة 90% على السفن العاملة بالوقود التقليدي، و60% على السفن العاملة بالغاز؛ ما يجعل السفن القديمة غير مجدية من الناحية الاقتصادية في الأسواق الرئيسة.

وخلص التقرير إلى أن التحولات في قطاع ناقلات الغاز المسال تعكس التغيرات الأوسع في أسواق الطاقة العالمية، إذ أصبح أمن الطاقة أولوية تتجاوز الاعتبارات الاقتصادية البحتة، في حين تدفع اللوائح البيئية الصناعة نحو الابتكارات التقنية.

وبالنسبة إلى صانعي القرار في قطاع الطاقة، أصبح واضحًا أن عصر الشحن البحري الرخيص والوفير يقترب من نهايته، وسيعتمد النجاح في المستقبل على التخطيط طويل الأمد، والشراكات الإستراتيجية، واستثمارات ضخمة في ناقلات حديثة ومتوافقة بيئيًا.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق