المقالاترئيسيةسلايدر الرئيسيةكهرباءمقالات الكهرباءمقالات الهيدروجينهيدروجين

الهيدروجين الأخضر في مصر.. تحوُّل "جريء" لضمان إمدادات الكهرباء (مقال)

أحمد بدر

تشهد القاهرة تحولات جذرية في قطاع الطاقة، مع دخول مشروعات الهيدروجين الأخضر في مصر بقوة إلى الساحة، إذ تتسارع الخطط الحكومية والخاصة لتهيئة البنية التحتية وتوقيع اتفاقيات دولية، ما يضع البلاد في موقع ريادي بمجال الطاقة النظيفة مستقبلًا.

ويمثّل الهيدروجين الأخضر خيارًا إستراتيجيًا لتعزيز أمن الطاقة، لكنه لا يشكّل بديلًا كاملًا لمصادر الطاقة التقليدية مثل الغاز الطبيعي أو النفط، بل يُعَدّ مكمّلًا مهمًا لها، لتأمين مزيج طاقة متوازن قادر على تلبية الطلب المتزايد.

وفي ظل أزمة الكهرباء التي تشهدها البلاد بين الحين والآخر، يتطلع صنّاع القرار إلى الهيدروجين الأخضر في مصر بوصفه حلًا واعدًا يسهم في سدّ الفجوات، ودعم الاستقرار الشبكي، وتخفيف الاعتماد على الوقود الأحفوري الذي يشكّل ضغطًا على الموازنة.

كما تراهن القاهرة على هذا القطاع لتعزيز أهدافها البيئية، إذ يفتح الهيدروجين الأخضر في مصر آفاقًا جديدة لتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050، من خلال خفض الانبعاثات وتعزيز التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون متوافق مع الاتفاقيات المناخية العالمية.

وتؤكد الاتفاقيات الموقعة حديثًا مع اليابان أن مصر جادّة في هذا التوجه، إذ تعمل على تطوير البنية التحتية وتوطين التكنولوجيا، بما يعزز فرص التصدير للأسواق الأوروبية والآسيوية، ويمنح البلاد قوة تنافسية في مستقبل الطاقة النظيفة.

استثمارات عالمية تدعم التحول

تسعى حكومة القاهرة، بالتعاون مع القطاع الخاص، إلى استقطاب استثمارات ضخمة لدعم قطاع الهيدروجين الأخضر في مصر، وسط اهتمام دولي متزايد بالأسواق الواعدة، إذ تبرز الاتفاقيات الأخيرة مع اليابان مؤشرًا قويًا على الثقة العالمية في السوق المصرية.

وسبق أن أكد رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس أن هذه الشراكات تعكس قدرة مصر على خلق بيئة تنافسية، وتوفير حوافز جذابة للمستثمرين، ما يعزز موقعها بوصفها مركزًا إقليميًا للطاقة، خصوصًا في مجال الوقود النظيف.

ويُنتظر أن تسهم هذه الاتفاقيات في تطوير بنية تحتية متقدمة لتخزين ونقل الهيدروجين ومشتقاته، ما يضمن جاهزية البلاد لتلبية الطلب المحلي وتصدير الفائض، وهو ما يفتح الباب أمام دخول مصر سلاسل الإمداد العالمية للطاقة.

الهيدروجين الأخضر في مصر

كما ستتيح هذه المشروعات فرص عمل جديدة، ونقل التكنولوجيا الحديثة، وبناء الكفاءات المحلية، ما يرسّخ مكانة مصر بوصفها مركزًا إقليميًا للطاقة الخضراء، ويعزز قدرتها على المنافسة مع الاقتصادات الكبرى في هذا المجال المتسارع.

ورغم الزخم الحالي، تواجه بعض المشروعات تحديات تأجيل، مثل مشروع شركة سكاتك النرويجية الذي أُرجئ إلى النصف الثاني من 2025، مع بقاء موعد الإنجاز بعد عام 2027، ما يعكس التحديات التمويلية واللوجستية أحيانًا.

ومع ذلك، لم يثنِ هذا التأجيل الحكومة أو المستثمرين عن المضي قدمًا، إذ تظل مصر سوقًا جاذبة للاستثمارات الخضراء، بفضل موقعها الجغرافي الفريد الذي يربط قارتين وبحرَي المتوسط والأحمر، ويجعلها محورًا للتجارة والطاقة.

ويعكس اهتمام الشركات العالمية المتزايد مدى قدرة مصر على التحول إلى لاعب رئيس بمجال الهيدروجين الأخضر، خاصة مع تزايد الطلب العالمي على الوقود النظيف لمواجهة التحديات البيئية.

حل لأزمة الكهرباء في البلاد

من أبرز القضايا التي يطرحها الهيدروجين الأخضر في مصر، دوره في مواجهة أزمة الكهرباء المتكررة، إذ يمكن استعماله لتوليد الطاقة النظيفة، وتوفير بدائل داعمة للشبكات الكهربائية، مع تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري المستورد.

ففي حوار أجرته معه منصة الطاقة المتخصصة، أوضح استشاري الطاقة المتجددة محمد سليم أن الإستراتيجية الوطنية للهيدروجين منخفض الكربون تعتمد معيارًا صارمًا للانبعاثات، بما يضمن إنتاجًا نظيفًا ومستدامًا، يسهم في دعم الشبكات الكهربائية، ويقلل الضغط على محطات التوليد التقليدية.

إنتاج الكهرباء في مصر

كما بيّن أن الهيدروجين الأخضر في مصر ليس بديلًا كاملًا للغاز الطبيعي أو النفط، بل مكمّل أساس لهما، بما يتيح تحقيق توازن بين التقليدي والحديث، وضمان أمن الطاقة مع تعزيز فرص التصدير مستقبلًا.

وتُمثّل أزمة الكهرباء دافعًا مهمًا لتسريع الاستثمار في الهيدروجين، إذ يمكن لهذا القطاع أن يسدّ فجوات الطلب المرتفع صيفًا، ويتيح حلولًا مرنة مثل التخزين طويل الأمد، ما يساعد على استقرار المنظومة.

ويُنتظر أن يؤدي التوسع في مشروعات الهيدروجين الأخضر في مصر إلى خفض الاعتماد على استيراد الوقود الأحفوري، ما ينعكس إيجابًا على ميزان المدفوعات، ويخفّف الأعباء عن الموازنة العامة للدولة، مع تعزيز الاستدامة الاقتصادية.

ويُسهم هذا القطاع كذلك في توفير حلول لقطاع النقل والصناعة، من خلال إنتاج وقود نظيف يمكن أن يحلّ تدريجيًا محل الديزل والبنزين، وهو ما يقلل الضغط على محطات الكهرباء التقليدية، ويرفع كفاءة استعمال الطاقة.

ويرى محللون أن إدماج الهيدروجين الأخضر ضمن إستراتيجية الكهرباء الوطنية سيكون عنصرًا حاسمًا لتجاوز الأزمات، وضمان توفير طاقة نظيفة وآمنة، تدعم النمو الاقتصادي وتحافظ على البيئة في آن واحد.

نحو الحياد الكربوني وهدف 2050

تهدف إستراتيجية الطاقة لدى القاهرة -بوضوح- إلى تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050، ويُعَدّ الهيدروجين الأخضر في مصر ركيزة أساسية لتحقيق هذا الهدف، بفضل قدرته على خفض الانبعاثات والتوسع في استعمال الوقود النظيف.

فالهيدروجين الرمادي الذي يُنتَج بالغاز الطبيعي لا يلبّي المعايير المطلوبة للخفض الكربوني، إذ يطلق بين 10 و14 كيلوغرامًا من الانبعاثات لكل كيلوغرام هيدروجين، ما يجعله أقل توافقًا مع أهداف المناخ.

في المقابل، يعتمد الهيدروجين الأخضر في مصر على مصادر طاقة متجددة كالرياح والشمس، ما يضمن إنتاجًا خاليًا من الانبعاثات تقريبًا، ويجعل البلاد مؤهلة لمنافسة قوية بالأسواق الأوروبية التي تشترط معايير بيئية صارمة.

الطاقة المتجددة في مصر

كما يتيح الاستثمار في هذا القطاع تعزيز إسهام مصر في الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي، عبر تقليل الاعتماد على الوقود التقليدي، والتحول إلى اقتصاد منخفض الكربون، يتماشى مع اتفاقية باريس وأهداف الأمم المتحدة.

وتُمثّل هذه الجهود فرصة لمصر لتعزيز موقعها بصفتها موردًا موثوقًا للطاقة النظيفة، خاصة أن الاتحاد الأوروبي يضع خططًا لتوسيع وارداته من الهيدروجين الأخضر، وهو ما يمنح القاهرة ورقة قوة في علاقاتها الدولية.

إلى جانب ذلك، فإن تطوير البنية التحتية الخاصة بتخزين الهيدروجين ونقله يعزز مكانة مصر بوصفها مركزًا لوجستيًا عالميًا للطاقة، ويدعم خططها لزيادة الصادرات، وخلق وظائف جديدة، ونقل التكنولوجيا المتقدمة.

والخلاصة، أن المضي قدمًا في هذه المشروعات سيجعل الهيدروجين الأخضر في مصر أداة إستراتيجية، ليس لحلّ أزمة الكهرباء فحسب، بل لتحقيق الحياد الكربوني أيضًا، وضمان مستقبل اقتصادي مستدام ومزدهر.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق