الحكومة الجديدة في الجزائر.. 3 أسباب لتجديد الثقة بعرقاب وإقالة "ياسع"
أحمد بدر

أثار تشكيل الحكومة الجديدة في الجزائر وما حمله من تغييرات واسعة جدلًا كبيرًا حول من يحظى بثقة الرئيس عبدالمجيد تبون، خاصة في قطاع الطاقة؛ إذ أكد التعيين الجديد أن الوزارة تراهن مجددًا على بقاء محمد عرقاب في منصبه، مقابل إنهاء مهام نور الدين ياسع.
وبحسب متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لقطاع الطاقة الجزائري؛ فإن هذه الخطوة جاءت انعكاسًا لرؤية إستراتيجية ترى في عرقاب شخصية قادرة على تحقيق التوازن بين الداخل والخارج، وخصوصًا فيما يتعلق بجذب الاستثمارات وتعزيز صادرات الغاز.
ويرى مراقبون أن الحكومة الجديدة في الجزائر تفضّل المضي في تعزيز الثقة بأسماء أثبتت حضورها في المحطات السياسية والاقتصادية السابقة، خلال وقت تتعاظم فيه التحديات الداخلية والخارجية؛ ما يجعل ملف الطاقة حاضرًا في قلب الخيارات الحكومية الجديدة.
وبهذا التوجه، كرّس التعديل الوزاري الأخير مسارًا جديدًا في التعاطي مع الطاقات المتجددة، بعد أن ظل هذا القطاع رهين تجارب متقطعة، ووزارات مستحدثة ثم ملغاة، لتستقر السلطة السياسية في النهاية على قرار إنهاء مهام "ياسع" وإعادة ترتيب أوراق الملف.
أسباب تجديد الثقة بمحمد عرقاب
يحظى محمد عرقاب بثقة كبيرة لدى الرئيس عبدالمجيد تبون؛ إذ كان أحد أبرز الشخصيات التي أدّت دورًا محوريًا في الحملة الانتخابية الأخيرة؛ ما عزز مكانته بصفته شخصية سياسية تجمع بين الكفاءة والخبرة والولاء المباشر للرئيس.
كما أنه نجح خلال السنوات الماضية في جذب استثمارات ضخمة إلى قطاع الطاقة، مستفيدًا من شبكة علاقاته الدولية، ولا سيما مع كبريات الشركات الأميركية، وهو ما منح الجزائر موقعًا أفضل في خريطة الطاقة العالمية.
وتؤكد مصادر مطلعة أن الرئيس تبون يرى عرقاب أحد الأعمدة الرئيسة للخطة الإستراتيجية طويلة المدى لتطوير قطاع الطاقة؛ إذ يطمح لمضاعفة صادرات الغاز إلى 200 مليار متر مكعب سنويًا خلال العقد المقبل.

وتشير تحليلات إلى أن الحكومة الجديدة في الجزائر تراهن على استمرارية الرجل في تنفيذ برامج طموحة، تشمل تطوير البنى التحتية وتوسيع مشروعات الغاز المسال، بما يواكب تزايد الطلب العالمي بعد أزمة الطاقة الأوروبية.
وينسجم الرهان مع سياسة الجزائر الرامية لتعزيز موقعها مزودًا موثوقًا للغاز، خلال وقت يزداد فيه التنافس بين الدول المصدرة، خصوصًا مع التحديات المرتبطة بالأسواق الأوروبية والآسيوية، بحسب متابعات منصة الطاقة المتخصصة.
في السياق ذاته، يرى الخبراء أن تثبيت عرقاب في منصبه يعكس حاجة الجزائر إلى الاستقرار في قطاع إستراتيجي يشهد تحولات كبرى، سواء على مستوى الأسعار أو التوجهات نحو الطاقات النظيفة.
كما أن عرقاب تمكّن من فرض حضوره على الساحة الدولية من خلال مشاركته المتواصلة في اجتماعات "أوبك+"؛ ما عزز موقع الجزائر في معادلة القرار النفطي العالمي، وأكسبها خبرة تفاوضية إضافية.
خلفيات إقالة نور الدين ياسع
جاء قرار إقالة نور الدين ياسع بناءً على توصية مباشرة من محمد عرقاب، الذي كان المسؤول الأول عن الإشراف على مهام كاتبي الدولة، سواء في ملف الطاقات المتجددة أو المناجم، في إطار الصلاحيات التي منحت له سابقًا.
وتؤكد مصادر قريبة من الحكومة أن أداء ياسع لم يرقَ إلى مستوى التطلعات، خصوصًا في ملف الطاقة المتجددة، إذ تأخر العديد من المشروعات الإستراتيجية مثل مشروع "سولار 1000" الذي كان من المفترض أن ينطلق منذ منتصف 2023.

إضافة إلى ذلك، يرى عرقاب أن وجود مراد عجال على رأس شركة سونلغاز والشركات التابعة لها يوفر إطارًا متكاملًا لإدارة ملف الطاقة المتجددة والكهرباء، بدلًا من الاعتماد على كاتب دولة منفصل يفتقر إلى القوة التنفيذية الكاملة.
وتكشف تجربة الجزائر، خلال السنوات الأخيرة، عن أن وزارة الطاقات المتجددة التي استُحدثت في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 لم تعمّر طويلًا، إذ أُلغيت وأُعيد إحياؤها أكثر من مرة؛ ما أضعف قدرة البلاد على تنفيذ خططها الطموحة.
وضمن جهودها، من المقرر أن تسعى الحكومة الجديدة في الجزائر إلى إنهاء حالة التشتت المؤسسي عبر دمج الطاقات المتجددة مع الكهرباء تحت إشراف سونلغاز؛ بما يضمن إدارة موحّدة وتوظيفًا أفضل للموارد المتاحة.
بالإضافة إلى ذلك؛ فإن إقالة ياسع تفتح الباب أمام إعادة النظر في السياسات السابقة، خصوصًا أن قطاع الطاقات المتجددة ظل حائرًا بين الوعود الكبيرة والتطبيق البطيء؛ ما حال دون استقطاب استثمارات واسعة.
وبالنظر إلى المستقبل، يُتوقع أن يكون لهذا التغيير أثر مباشر في تسريع مشروعات الطاقة النظيفة، خصوصًا مع تزايد الحاجة إلى تنويع مصادر الكهرباء وتخفيف الاعتماد على الغاز في توليد الطاقة، وهو أمر تضعه الحكومة الجديدة في الجزائر بمقدمة أولوياتها.
موضوعات متعلقة..
- من هو مراد عجال وزير الطاقة المتجددة في الجزائر؟ (تقرير)
- من هو محمد عرقاب وزير الطاقة الجزائري.. ولماذا تجديد الثقة للمرة الثانية؟ (تحديث)
- الطاقات المتجددة في الجزائر.. قصة وزارة حائرة وصلاحيات غائبة
اقرأ أيضًا..
- إدارة الطاقة بالمنشآت الصناعية ودورها في خفض البصمة الكربونية (مقال)
- ما مصير الغاز المسال القطري بعد هجمات إسرائيل وضغوط ترمب؟ (تقرير)
- أول ناقلة غاز مسال نووية في العالم تحصل على الضوء الأخضر
المصدر..