وكالة الطاقة الدولية تقر بالحاجة إلى 540 مليار دولار سنويًا لضمان إمدادات النفط والغاز
وتحذر من تسارع انخفاض إنتاج حقول النفط والغاز
وحدة أبحاث الطاقة - مي مجدي

- وكالة الطاقة الدولية تحذّر من تباطؤ إنتاج حقول النفط والغاز عالميًا
- غياب الاستثمارات الجديدة يعني فقدان ما يعادل إنتاج البرازيل والنرويج معًا سنويًا
- هناك قرابة 230 مليار برميل نفط و 40 تريليون متر مكعب غاز مكتشفة، لكنها لم تُطوَّر بعد
- تطوير المشروعات يستغرق في المتوسط 20 عامًا
دقّت وكالة الطاقة الدولية ناقوس الخطر، محذرةً من تسارع معدلات تراجع إنتاج حقول النفط والغاز عالميًا، في ظاهرة تُهدِّد توازن الأسواق وأمن الطاقة العالمي.
واستند تقريرها الحديث، الذي اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، إلى بيانات إنتاج نحو 15 ألف حقل، وكشف أن العالم قد يخسر سنويًا ما يعادل مجمل إنتاج البرازيل والنرويج معًا، أي أكثر من 5.5 مليون برميل يوميًا من النفط، إذا توقفت الاستثمارات في الحقول المنتجة.
أمّا في قطاع الغاز، فإن الخسارة قد تصل إلى 270 مليار متر مكعب سنويًا، وهو ما يعادل كامل إنتاج القارة الأفريقية اليوم.
ونتيجة لذلك، أوضح التقرير أن الحفاظ على الإنتاج عند مستوياته الراهنة حتى عام 2050 يتطلب إضافة 45 مليون برميل يوميًا من النفط ونحو تريليوني متر مكعب من الغاز من مشروعات جديدة.
ولتحقيق ذلك، يحتاج العالم إلى إنفاق سنوي يتجاوز 540 مليار دولار على الاستكشاف والإنتاج.
المفارقة أن وكالة الطاقة الدولية نفسها كانت قد ذكرت قبل 4 سنوات أن وقف الاستثمارات الجديدة في النفط والغاز شرط أساس لتحقيق أهداف المناخ.
كما توقعت نمو الطلب على النفط حتى يصل إلى ذروته عند 105.6 مليون برميل يوميًا في عام 2029، قبل أن ينكمش إلى 105.5 مليونًا بحلول 2030.
بالإضافة إلى ذلك، تتعرض وكالة الطاقة الدولية لانتقادات من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بسبب تركيزها المتزايد في السنوات الأخيرة على سياسات الطاقة النظيفة.
تباين معدلات تراجع إنتاج حقول النفط والغاز
كشف التقرير الصادر عن وكالة الطاقة الدولية، اليوم الثلاثاء 16 سبتمبر/أيلول (2025)، أن معدلات انخفاض إنتاج حقول النفط والغاز تتباين وفقًا لأنواع الحقول والمناطق الجغرافية.
في عام 2000، كانت حقول النفط التقليدية تهيمن على 97% من الإنتاج العالمي، لكن مع حلول 2024 تراجعت حصتها إلى 77%، نتيجة طفرة الإنتاج من الحقول غير التقليدية.
أمّا في سوق الغاز، يأتي 70% من الإنتاج العالمي البالغ 4.300 تريليون متر مكعب من الحقول التقليدية، في حين يستحوذ الغاز الصخري الأميركي على معظم البقية.
وأظهر تقرير وكالة الطاقة أن متوسط المعدل العالمي لانخفاض الإنتاج بعد بلوغ الذروة يبلغ 5.6% سنويًا للنفط التقليدي و6.8% للغاز التقليدي.
ويختلف هذا المعدل حسب نوع الحقل، فالحقول العملاقة تتراجع عند 2.7% سنويًا، في حين ينخفض متوسط الحقول الصغيرة بنسبة تتجاوز 11.6%، أمّا الحقول البرية فتتراجع بمعدل 4.2%، مقابل 10.3% للحقول البحرية العميقة.
وإقليميًا، يسجل الشرق الأوسط أدنى معدل تراجع عالمي بعد الذروة عند 1.8% بفضل امتلاكه أكبر الحقول التقليدية، في حين تتصدر أوروبا، التي تمتلك حصة كبيرة من الحقول البحرية، أعلى معدلات الانخفاض عند 9.7%، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وفي هذا السياق، أكد المدير التنفيذي للوكالة، فاتح بيرول، أنه منذ عام 2019 ذهب نحو 90% من استثمارات المنبع لتعويض تراجع الإنتاج في الحقول المنتجة، بينما لا يُخصَّص سوى نسبة ضئيلة لتلبية نمو الطلب عبر تنمية حقول جديدة.
وأوضح أن تسارع معدلات انخفاض الإنتاج يفرض على الصناعة بذل جهود أكبر للحفاظ على مستويات الإنتاج الحالية، مع ما يحمله من تداعيات على توازن الأسواق وأمن الطاقة والانبعاثات.

وكالة الطاقة الدولية تحذر من غياب الاستثمارات
تشير التقديرات إلى أن استثمارات قطاع المنبع في 2025 ستبلغ 570 مليار دولار، ما قد يسمح بزيادة طفيفة في الإنتاج.
وقالت وكالة الطاقة الدولية، إنّ توقُّف الاستثمارات كليًا يعني هبوط إنتاج النفط العالمي بنسبة 8% سنويًا خلال العقد المقبل، بينما سيتراجع متوسط إنتاج الغاز الطبيعي بنسبة 9%.
وتشير التقديرات إلى أن معدل التراجع الطبيعي بات أشد حدّة مما كان عليه في 2010، وتعكس هذه الوتيرة تزايد الاعتماد على المصادر غير التقليدية، إضافة إلى توسُّع الحقول البحرية العميقة.
ففي عام 2010، كان توقُّف استثمارات قطاع المنبع سيؤدي إلى انخفاض إمدادات النفط عند 4 ملايين برميل يوميًا من النفط سنويًا، أما اليوم فقد قفز الرقم إلى 5.5 مليونًا، في حين ارتفعت معدلات انخفاض الغاز من 180 مليار متر مكعب سنويًا إلى 270 مليارًا.
وتتّسم المصادر غير التقليدية بمعدلات تراجع أكثر حدّة؛ فقد ينخفض إنتاج النفط والغاز الصخريين بأكثر من 35% في عام واحد حالَ توقُّف الاستثمارات، ثم خسارة 15% إضافية في العام التالي.
وفي ظل غياب الاستثمارات، ستواجه الاقتصادات المتقدمة انخفاضًا في الإنتاج قد يصل إلى 65% خلال العقد المقبل، بينما ستظل روسيا والشرق الأوسط أقل عرضة بفضل حقولها العملاقة التقليدية، حيث لن يتجاوز التراجع 45%.

هل يمكن الحفاظ على مستويات الإنتاج الحالية؟
ترى وكالة الطاقة الدولية أنه رغم الاستثمار في حقول النفط والغاز التقليدية الحالية والموارد غير التقليدية وإسهام المشروعات قيد التطوير، تبقى الفجوة كبيرة، ولا بدّ من سدّها عبر مشروعات تقليدية جديدة.
وتشير التقديرات إلى وجود 230 مليار برميل من النفط و40 تريليون متر مكعب من الغاز لم تُطوَّر بعد، معظمها في الشرق الأوسط وأوراسيا وأفريقيا، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وقد يضيف تطوير هذه الموارد 28 مليون برميل يوميًا و1.300 تريليون متر مكعب من الغاز بحلول منتصف القرن.
رغم ذلك، سيظل هناك فجوة تتطلب اكتشافات جديدة سنوية تعادل 10 مليارات برميل من النفط ونحو تريليون متر مكعب من الغاز.
وتكمن المعضلة في أن المشروع الواحد يحتاج إلى نحو عقدين لتطويره، بدءًا من رخصة الاستكشاف حتى الإنتاج.
وفي السنوات الأخيرة، تركَّزَ معظم الموافقات على مشروعات النفط والغاز التقليدية في توسعات للحقول المنتجة (قرابة ثلثي المشروعات)، في حين جاء أكثر من 70% من هذه الموافقات في الحقول البحرية.
الخلاصة..
حذّرت وكالة الطاقة الدولية من تسارع انخفاض إنتاج حقول النفط والغاز عالميًا، وللحفاظ على على مستويات الإنتاج الحالية حتى 2050، يلزم إضافة 45 مليون برميل نفط يوميًا وتريليوني متر مكعب من الغاز من حقول جديدة، مع استثمارات سنوية تتجاوز 540 مليار دولار.
موضوعات متعلقة..
- وكالة الطاقة الدولية ترفع توقعات الطلب على النفط والمعروض في 2025
- توقعات الطلب على النفط في 2026.. وكالة الطاقة الدولية تخالف الاتجاه
اقرأ أيضًا..
- توقعات الطلب على النفط في 2026.. هل تغيّرت نظرة المؤسسات الكبرى؟ (تقرير)
- الطاقة المتجددة في أفريقيا.. 5 مشروعات ناجحة تتصدرها دولة عربية
- قطاع البناء السعودي.. دراسة تطرح خريطة طريق لخفض الانبعاثات
المصدر..