الطاقة المتجددة في أفريقيا.. 5 مشروعات ناجحة تتصدرها دولة عربية
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد عمار

- مجمع نور في المغرب إنجاز بارز للطاقة الشمسية في أفريقيا.
- مزرعة رياح بحيرة توركانا في كينيا نموذج للتمويل المختلط.
- إلغاء دعم الوقود في نيجيريا دفع إلى نمو الطاقة الشمسية بصورة ملحوظة.
- تخزين الكهرباء في جنوب أفريقيا أحد حلول مشكلة انقطاع التيار لساعات.
باتت الطاقة المتجددة في أفريقيا ضرورة ملحّة والحل الأمثل لدول القارة السمراء؛ إذ تُوفر وصولًا نظيفًا إلى الكهرباء، خصوصًا في المناطق البعيدة عن الشبكة الوطنية، وتُساعد في مكافحة تلوث الهواء، الذي يُعد ثاني أكبر مسبب للوفيات في القارة.
ورغم تمتعها بإمكانات هائلة من الطاقة المتجددة؛ فإن أفريقيا تعاني بطء تنفيذ مشروعات الكهرباء المتجددة، ويرجع ذلك بصورة رئيسة إلى نقص التمويل؛ إذ تحصل القارة على نسبة 2% فقط من التمويل العالمي للطاقة النظيفة، وفقًا لدراسة حديثة حصلت عليها وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
وفي سبتمبر/أيلول 2023، حدّدت قمة المناخ الأفريقية المنعقدة في العاصمة الكينية "نيروبي"، هدفًا طموحًا لزيادة قدرة توليد الطاقة المتجددة في القارة السمراء إلى 300 غيغاواط بحلول 2030.
ومع ذلك، فلا تزال القارة الأفريقية بحاجة إلى تسريع جهودها نحو 3 أضعاف لتحقيق هدفها؛ إذ تحقق الطاقة المتجددة نموًا سنويًا بمعدل 6.2% فقط منذ عام 2022.
مشروع المغرب نموذج ناجح للطاقة المتجددة في أفريقيا
شهد قطاع الطاقة المتجددة في أفريقيا خلال السنوات الماضية، 5 نماذج ناجحة نُفذَت من خلال مصادر تمويل مختلفة، وتشمل هذه المشروعات:
- محطة نور في المغرب بسعة إجمالية 582 ميغاواط.
- مزرعة رياح كينيا بسعة 310 ميغاواط.
- تجربة الألواح الشمسية على الأسطح في نيجيريا.
- الطاقة الكهرومائية في وسط أفريقيا وجنوبها.
- مشروع تخزين الكهرباء في جنوب أفريقيا.
وصفت الدراسة الصادرة عن مبادرة إنزي إخايو أفريكا (EIAI) وأفريكا كلايمت إنسايتس (ACI)، محطة ورزازات للطاقة الشمسية في المغرب أو ما يطلق عليها مجمع نور للطاقة الشمسية، بأنها إنجاز بارز لقطاع الطاقة المتجددة في أفريقيا.
ويأتي مجمع نور ضمن أكبر محطات الطاقة الشمسية المركّزة عالميًا بقدرة تصل إلى 582 ميغاواط مقسمة بين 510 ميغاواط توفرها تقنيات الطاقة الشمسية المركزة (CSP)، و72 ميغاواط تولدها تقنيات الطاقة الكهروضوئية (PV).
ويمثل المشروع ركيزة أساسية في مستهدف المغرب لزيادة حصة الطاقة المتجددة إلى 52% في مزيج توليد الكهرباء بحلول 2030، والذي يعد من أبرز ميزاته تخزين الكهرباء وإنتاجها بعد غروب الشمس ليُسهِم في تلبية الطلب وقت الذروة.
ويرصد الرسم البياني التالي -أعدته وحدة أبحاث الطاقة- مزيج توليد الكهرباء في المغرب:
ونُفِّذت المحطة عبر اتفاقية شراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP)؛ إذ كانت الوكالة المغربية للطاقة المستدامة المطور الرئيس للمحطة، بجانب تحالف تقوده شركة أكوا باور السعودية.
وكان التمويل المختلط هو نموذج تمويل محطة ورزازات للطاقة الشمسية عبر تقديم مؤسسات دولية كبرى؛ منها البنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي وبنك الاستثمار الأوروبي، قروضًا ميسرة أسهمت في خفض التكلفة الإجمالية للكهرباء المولَّدة بنسبة تتراوح بين 10 و25%.
كما أدى التمويل الميسر إلى خفض مخاطر المشروع، وهو ما مكّن من إبرام اتفاقيات شراء كهرباء طويلة الأجل مجدية ماليًا، ليكون سعر الكهرباء المنتجة من المحطة أكثر تنافسية مقارنة بمصادر الطاقة الأخرى.
ويوفر مجمع نور نسبة 5% من إمدادات الكهرباء بالمغرب، ليسهم في منع انبعاث 690 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا.
ومع ذلك، لم يخلُ المشروع من بعض المخاطر؛ ومنها ارتفاع استهلاك المياه؛ إذ تستعمل تقنية الطاقة الشمسية المركزة (CSP) كميات كبيرة من المياه للتبريد، وهو ما مثّل مشكلة، خصوصًا مع وقوعه في منطقة صحراوية.
مزرعة رياح كينيا
تُعد مزرعة رياح بحيرة توركانا في كينيا -التي تبلغ قدرتها المركبة 310 ميغاواط عبر استعمال 365 توربين رياح- نموذج استثمار ينفذه القطاع الخاص بصورة كاملة في أفريقيا.
وتوفر مزرعة الرياح نحو 17% من قدرة توليد الكهرباء المركبة في كينيا، وفي عام 2024 بلغت نسبتها من إجمالي مزيج الكهرباء نحو 10.89%، لتسهم في توفير الكهرباء لأكثر من مليون منزل.
كما جنّبت البلاد انبعاث نحو 574.54 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون، خلال العام الماضي؛ إذ تهدف المزرعة إلى خفض الانبعاثات بمقدار 16 مليون طن على مدى عمرها الافتراضي البالغ 20 عامًا.

وتُعَد المزرعة نموذجًا للتمويل المختلط لدى قطاع الطاقة المتجددة في أفريقيا، الذي يجمع بين التمويل الميسر ذي الفائدة المنخفضة أو مدة سداد طويلة من خلال المؤسسات والبنوك، ورأس المال عبر القطاع الخاص من مستثمرين أفراد أو شركات.
وحصلت على تمويل عبر الاقتراض من مؤسسات دولية مثل البنك الأفريقي للتنمية والبنك الاستثمار الأوروبي، في حين تولّت الحكومة الكينية بناء خطوط نقل الكهرباء المنتجة من محطة الرياح التي تبلغ تكلفتها 625 مليون يورو (734.63 مليون دولار).
ومن أبرز ما يميز اتفاق مزرعة الرياح، هو توقيع الحكومة الكينية اتفاقية شراء للكهرباء ضمنت سعرًا ثابتًا لمدة 20 عامًا.
ومع ذلك، واجهت تحديًا مع تأخر الحكومة في تنفيذ خط النقل بطول 428 كيلومترًا لمدة تصل إلى 21 شهرًا، بسبب إفلاس المقاول، الذي أسندت إليه الحكومة تنفيذ الخط، بالإضافة إلى صعوبة الحصول على الحق القانوني لمرور الخط بسبب تحديات ملكية الأراضي.
وكانت للتأخر الذي وصل إلى سنتين تقريبًا نتائج سلبية على الحكومة الكينية؛ إذ ألزمت بدفع غرامات مالية نتيجة عدم قدرة المزرعة على إيصال الكهرباء للشبكة.
تجربة نيجيريا في نشر الطاقة الشمسية بالأسطح
أسهم اتجاه الحكومة النيجيرية إلى إلغاء دعم الوقود في نمو الطاقة الشمسية على الأسطح، بصفتها حلًا مستقلًا عن الشبكة الكهربائية الرئيسة، ولمواجهة ارتفاع أسعار الوقود.
كما أدى العجز الكبير الذي واجهته البلاد في توفير الكهرباء وانقطاعها لمدة تصل إلى 12 ساعة يوميًا عن المنازل، إلى تحفيز استعمال الألواح الشمسية على الأسطح.
ومن أبرز النماذج المالية التي استعملتها الشركات في نيجيريا لتحفيز الأفراد على استعمال الطاقة الشمسية، هو اتباع نظام الدفع مقابل الاستعمال؛ ما يمثل دعمًا للمنازل والشركات الصغيرة وتجعل الطاقة النظيفة متاحة بصورة أكبر.
وفي الوقت نفسه، تنفذ الحكومة مشروع كهربة نيجيريا بقيمة 500 مليون دولار يدعمه البنك الدولي بهدف توفير الكهرباء للمناطق التي لا تصلها الشبكة، عبر استعمال أنظمة الطاقة الشمسية الموزعة.
ويعني ذلك أن الحكومة النيجيرية توفر التمويل والدعم الدوليين، لتشجيع الشركات الخاصة على تركيب أنظمة طاقة شمسية صغيرة وموزعة في المنازل والشركات، ضمن جهود حل مشكلة الكهرباء في البلاد.

ونجحت نيجيريا بالفعل في إضافة نحو 1.6 غيغاواط من الطاقة الشمسية خلال عام 2023 فقط، لترفع إجمالي القدرة المركبة إلى 3.4 غيغاواط في عام 2024، لتصبح خطوات البلاد الأخيرة نموذجًا ناجحًا لقطاع الطاقة المتجددة في أفريقيا، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
مشروعات الطاقة الكهرومائية في وسط أفريقيا وجنوبها
جاءت كل من محطة "غراند إنغا" للطاقة الكهرومائية بجمهورية الكونغو الديمقراطية، ومشروع "مفاندا نكوا" في موزمبيق ضمن نماذج الاستثمارات الناجحة لقطاع الطاقة المتجددة في أفريقيا.
ويمتلك مشروع "غراند إنغا" في الكونغو القدرة على توليد 44 غيغاواط عبر مراحل متعددة، وتعمل حاليًا محطة "إنغا 1" بقدرة توليد 350 ميغاواط، ومحطة "إنغا 2" بقدرة 1.4 غيغاواط، مع التخطيط لتطوير محطة "إنغا 3" بسعة تتراوح بين (2 و11 غيغاواط)، وصولًا إلى "إنغا 7 أو 8".
كما تصل قدرة مشروع "مفاندا نكوا" للطاقة الكهرومائية في موزمبيق إلى 1.5 غيغاواط، ولكنه لا يزال في مرحلة التطوير وهو أكبر مشروع للشراكة بين القطاعين العام والخاص في موزمبيق، مع منحة مقدمة من البنك الدولي بقيمة 420 مليون دولار.
ورغم اهتمام الحكومات والشركات الخاصة وبنوك التنمية متعددة الأطراف مثل البنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي بتلك المشروعات، يواجه تنفيذها تحديات كبيرة؛ أبرزها جذب الاستثمارات الخاصة، بسبب ارتفاع التكاليف الأولية والمخاطر الأمنية وطول مدة تنفيذها.
ويعتمد تطوير مشروعات الطاقة الكهرومائية في وسط أفريقيا على الاستقرار السياسي والتعاون الإقليمي، ليسهم تنفيذها في دعم قطاع الطاقة المتجددة في أفريقيا.
تخزين الكهرباء في جنوب أفريقيا
تعمل دولة جنوب أفريقيا على تنفيذ مشروع لأنظمة تخزين الكهرباء بالبطاريات ضمن مساعي البلاد لمواجهة أزمة الانقطاعات المتكررة للتيار وضعف الشبكة.
وتعتمد إستراتيجية جنوب أفريقيا على مواجهة أزمة الكهرباء، التي طال أمدها على برنامج نشر أنظمة تخزين الكهرباء بالبطاريات؛ تقوده شركة إسكوم الحكومية بصورة مباشرة، مع طرح مناقصة أمام القطاع الخاص ضمن برنامج شراء منتجي الطاقة المستقلين لأنظمة تخزين الكهرباء.
ونجح برنامج القطاع الخاص بشراء أكثر من 1.74 غيغاواط من سعة بطاريات تخزين الكهرباء عبر 3 مناقصات؛ إذ وقّع مقدمو العروض الفائزون اتفاقيات شراء لمدة 15 عامًا مع شركة إسكوم.
ويُشار إلى أن المشروع يعتمد على بطاريات الليثيوم فوسفات الحديد التي تتميز باستقرارها وعمرها الافتراضي الطويل، وهو ما يعزز من دور قطاع الطاقة المتجددة في أفريقيا.
ويمول من خلال قروض مقدمة من البنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي، بهدف سد التكلفة الرأسمالية الأولية المرتفعة وتقليل المخاطر.
وترى الدراسة، التي اطلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة، أنه يمكن تطبيق نموذج جنوب أفريقيا على دول القارة السمراء التي تعاني عدم استقرار الشبكة؛ إذ يستهدف مشروع تخزين الكهرباء المناطق النائية ذات شبكات التوزيع المحدودة، ولكنها تتميز بإمكانات عالية من الطاقة المتجددة.
موضوعات متعلقة..
- قدرات الكهرباء النظيفة في جنوب أفريقيا تؤهلها لتصدير الهيدروجين الأخضر (تقرير)
- تعزيز مشروعات الطاقة المتجددة في أفريقيا يتطلب مشاركة أكبر للقطاع الخاص (دراسة)
- الطاقة المتجددة في أفريقيا.. تأمين تمويل المشروعات يصطدم بعقبات (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- أمين عام أوبك يكشف عن التكلفة الخفية للطاقة المتجددة.. أرقام صادمة
- الطاقات المتجددة في الجزائر.. قصة وزارة حائرة وصلاحيات غائبة
- شركة سومو العراقية: نتحرك لإضافة خامات نفط جديدة.. وصادراتنا تتجاوز 40 دولة (حوار)
- شركة بي بي تُكثّف أنشطتها في 4 دول عربية
المصدر: