نهضة الطاقة النووية قد تتحول إلى كابوس بسبب اليورانيوم (تقرير)
محمد عبد السند

- يشهد العالم نقصًا حادًا في إمدادات اليورانيوم.
- يتزايد توجه العالم نحو الطاقة النووية لتحقيق أهداف المناخ.
- توقعات بزيادة الطلب العالمي على اليورانيوم بواقع الثُلث بحلول 2030.
- يُتوقع أن ينخفض إنتاج اليورانيوم من المناجم حاليًا بمعدل النصف.
- قازاخستان أكبر مُنتِج لليورانيوم في العالم.
يُهدد شُح إمدادات اليورانيوم بتعطل النهضة الحاصلة في صناعة الطاقة النووية العالمية مع توقعات بتراجع إنتاجية المعدن الإستراتيجي من المناجم الحالية.
ويؤدي الاهتمام المتنامي بنشر محطات طاقة نووية لتلبية أهداف المناخ وتعزيز أمن الطاقة إلى ارتفاع في توقعات السعة النووية العالمية، ومن ثم زيادة الطلب على خدمات دورة الوقود النووي، وفق تقرير حديث صادر عن جمعية الطاقة النووية العالمية ومقرها لندن، حصلت منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن) على نسخةٍ منه.
ومن المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على اليورانيوم بواقع الثُلث، ليصل إلى 86 ألف طن بحلول عام 2030، وإلى 150 ألف طن بحلول عام 2040، وفق التقرير.
ويأتي تحذير الجمعية في أعقاب تقرير آخر صادر عن وكالة الطاقة الدولية حذرت فيه من تراجع إمدادات اليورانيوم عالميًا؛ نظرًا إلى بناء المحطات النووية الجديدة بوتيرة أسرع من التوسع في أنشطة تعدين المعدن نفسه.
إيجاد مصادر جديدة
في ضوء تراجع إنتاجية اليورانيوم الذي يُعد الوقود المشغل للمفاعلات النووية، يحث تقرير جمعية الطاقة النووية العالمية، المنتجين على تسريع الجهود لإيجاد مصادر جديدة لإنتاج هذا المعدن، كي لا تتفاقم أزمة الإمدادات وتربك صناعة الطاقة النووية الآخذة في التوسع عالميًا.
ومن المتوقع أن ينخفض إنتاج اليورانيوم من المناجم الحالية بواقع النصف خلال المدة بين عامي 2030 و2040، مع نفاد رواسب اليورانيوم الحالية؛ ما ينذر بظهور فجوة تهدد نهضة الطاقة النووية.
وطالب التقرير صناعة الطاقة النووية بتأمين الاستثمارات اللازمة لتحديد مواقع المزيد من رواسب اليورانيوم واستخراجها من المناجم الحالية والجديدة وكذلك المناجم المتعطلة تجنبًا لأزمة إمدادات محتملة.
وحذر: "بينما تواجه المناجم الحالية نفادًا في الموارد خلال العقد المقبل، تصبح الحاجة إلى تأمين إمدادات يورانيوم جديدة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى".
وتابع: "ستكون هناك حاجة ماسة لأنشطة استشكاف مكثفة، وتأمين تقنيات تعدين مبتكرة، وعملية إصدار تراخيص ميسرة، واستثمارات مناسبة".
وفي المدى القريب، ستواصل الإمدادات الثانوية من اليورانيوم تأدية دورها في سد الفجوة بين العرض والطلب.
ويشير مصطلح "الإمدادات الثانوية" إلى اليورانيوم المُستخرَج من مصادر أخرى غير الخام المُستخرَج حديثًا، وبشكل رئيس من المخزونات الحالية والمواد المُعاد تدويرها.

توسع الطاقة النووية
يتزايد الاهتمام بتوليد الطاقة النووية خلال الوقت الذي تتطلع فيه الحكومات إلى تأمين المزيد من مصادر الطاقة المحلية، وفق تفاصيل اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وكانت أزمة الطاقة التي أعقبت اندلاع الحرب الروسية الإلكترونية في فبراير/تشرين الثاني (2022)، وقطع إمدادات النفط والغاز الروسية عن الغرب، دافعًا قويًا لبعض البلدان الأوروبية في نشر الطاقة النووية.
كما تنظر شركات التقنية الرائدة إلى الطاقة النووية بوصفها وسيلة لتشغيل مراكز البيانات الضخمة اللازمة لتقنيات الذكاء الاصطناعي التي تتطلب كميات ضخمة من الطاقة؛ إذ يرى البعض أن الطاقة النووية هنا هي مصدر طاقة أنظف مقارنةً بالوقود الأحفوري شديد الحساسية للبيئة.
مخاطر وشيكة
حذر المحللون في بنك بيرينبرغ (Berenberg) من مخاطر وشيكة ناتجة عن نقص إمدادات اليورانيوم؛ ما قد يرفع الأسعار بشكل كبير.
وتأتي تحذيرات المحللين خلال الوقت الذي أعلن فيه كبار المنتجين، مثل شركة كازاتومبروم (Kazatomprom) القازاخستانية الوطنية المتخصصة في إنتاج اليورانيوم وشركة كاميكو (Cameco) الكندية، خفض إنتاج اليورانيوم في الأسابيع الأخيرة.
وأعلنت كازاتومبروم انخفاض إنتاجها بنحو 10% مقارنةً بالأهداف السابقة، ليتراجع من 32.7 ألف طن إلى 29 ألفًا و697 طنًا.
وتبرز قازاخستان أكبر مُنتِج لليورانيوم في العالم؛ إذ تسهم بأكثر من 40% من الإنتاج العالمي بفضل احتياطياتها الوفيرة.
مهمة صعبة
يرى خبراء الصناعة أن مواجهة الفجوة الوشيكة في إمدادات اليورانيوم لن تكون سهلة على الإطلاق، خلال اجتماعهم في المنتدى السنوي لجمعية الطاقة النووية العالمية، الذي عُقد مؤخرًا.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة إنرجي فيولز (Energy Fuels) الأميركية لليورانيوم مارك تشالمرز، إنه يتوقع أن يرى "مزيدًا من الشركات تخفض إنتاجها"، وهو ما يُعزى جزئيًا إلى المناجم المتقادمة قليلة الإنتاج.
وأضاف: "النظام الإيكولوجي بأكمله يحتاج إلى أن يكون متوازنًا، وهو ليس كذلك الآن؛ وثمة عدم يقين يلوح في الأفق"، وفق تصريحات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.
ومن المتوقع أن تزيد سعة الطاقة النووية بمعدل الضعف تقريبًا، لتصل إلى 764 غيغاواط من الطاقة الكهربائية المولدة عالميًا بحلول عام 2040؛ ويأتي الكثير من تلك الزيادة من المفاعلات الجديدة في الصين والهند، وفق تقرير جمعية الطاقة النووية العالمية.

مناجم جديدة
يُعد اكتشاف مناجم يورانيوم جديدة لتلبية الطلب المتنامي عملية مطولة ومعقدة جدًا؛ إذ يمكن أن تستغرق من 10 إلى 20 سنة من اكتشاف اليورانيوم إلى بدء الإنتاج.
وطالب التقرير القائمين على الصناعة كذلك بالاستثمار في عمليات التحويل والتخصيب المعقدة التي تحول اليورانيوم إلى وقود نووي لتشغيل المفاعلات.
وتبرز روسيا مصدرًا رئيسًا لتخصيب اليورانيوم؛ وهي سوق أصبحت تمثل معضلة كبرى منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.
وقال نائب الرئيس التنفيذي لشركة أورانو (Orano) الفرنسية لإنتاج اليورانيوم، جاك بيثيو إن الغرب قد يتخلص من اعتماده على التخصيب الروسي بحلول "أوائل الثلاثينيات من القرن الحادي والعشرين".
وأضاف: "خلال الوقت الذي تتوسع فيه أورانو ببناء منشآت تخصيب اليورانيوم، خُصص معظم السعة الجديدة التي ستدخل حيز التشغيل بدءًا من عام 2028 للعملاء".
موضوعات متعلقة..
- محطات الطاقة النووية في أميركا تستورد 99% من اليورانيوم.. و5 دول مهيمنة
- أكبر 10 دول منتجة لليورانيوم في العالم.. 3 دول أفريقية بالقائمة
- خريطة اليورانيوم والطاقة النووية العالمية تتغير.. ما دور السعودية والإمارات؟
اقرأ أيضًا..
- لبنان يقرر تفريغ ناقلة الوقود المثيرة للجدل لتجنب "العتمة"
- منتدى بغداد الدولي للطاقة 2025.. السوداني يكشف الأهداف الإستراتيجية للغاز والنفط العراقي
- واردات النفط الأميركية من 4 دول عربية تتجاوز 1.3 مليار دولار
المصدر: