سباق الهيدروجين في أوروبا.. أي من المطورين يوازن بين الأهداف والواقع؟
وحدة أبحاث الطاقة - مي مجدي

- الحكومات الأوروبية عدّلت إستراتيجيتها الوطنية للهيدروجين وخفضت الأهداف المعلنة
- المطورون يفضّلون الطموحات الاستثمارية وتوجيه الموارد نحو مشروعات أكثر واقعية
- نجاح الشركات لا يعتمد على ضخامة الخطط أو عدد المشروعات
- المشروعات الصغيرة أكثر قابلية للتمويل والتنفيذ في السوق الحالية
أصبح الهيدروجين في أوروبا عنوانًا عريضًا لسباق الطاقة خلال السنوات الأخيرة، حيث تراهن الحكومات والشركات على تحويله إلى حجر الزاوية في خطط التحول الأخضر.
ومع ذلك، تغيرت ملامح خريطة الهيدروجين في القارة العجوز على مدار الأشهر الـ18 الماضية، إذ اضطرت الحكومات لتعديل أهدافها الوطنية، بينما سارع المطورون إلى تقليص محافظهم الاستثمارية وإعادة ترتيب أوراقهم في مواجهة سوق متقلبة.
فعند التركيز على سعة المشروعات المعتمدة، يتضح أن التقدم غالبًا محصور في مشروع واحد يحظى بتمويل قوي، في حين تظل بقية المشروعات متأخرة، بحسب تحليل حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
وأظهر التحليل أن بعض مطوري الهيدروجين في أوروبا نجحوا في شقّ طريقهم مستندين إلى إستراتيجية تقوم على الواقعية، عبر التركيز على مشروعات قصيرة الأجل قابلة للتنفيذ، مع استغلال القدرات القائمة وتأمين عقود شراء مبكرة، وليس عدد المشروعات المعلنة.
تصنيف مطوري الهيدروجين في أوروبا
كشف التحليل الصادر عن شركة الأبحاث ويستوود عن أن 71% من مطوري مشروعات الهيدروجين في أوروبا المعتمدة يملكون مشروعًا واحدًا مدعومًا بتمويل استثنائي.
وهذا ينطبق على شركة "ستيغرا-Stegra"، التي تَصدَّر مصنعها للصلب في بودن بالسويد القائمة بعد حصوله على 6.5 مليار يورو (7.6 مليار دولار) من تمويل عام وأوروبي، لكنها حالة استثنائية لا تعكس الواقع.
ولفهم أيٍّ من الشركات في سوق الهيدروجين تحقق تقدمًا حقيقيًا، حللت "ويستوود" مراحل المشروعات وأهدافها، مع التركيز على سعة المشروعات المعتمد والمحتملة.
وصنّفت مطوري الهيدروجين في أوروبا إلى 4 فئات، هي:
- المطورون الإستراتيجيون.
- المطورون الملتزمون.
- المطورون المثقلون بالأعباء.
- المطورون الناشئون ودون المستوى.
فقد ظهرت شركة إكوينور وحيدة ضمن فئة "المطورين الإستراتيجيين"، إذ تقوم خطّتها على 1.8 غيغاواط من السعة المحتملة ضمن حزمة إجمالية تقارب 3 غيغاواط، لتنفرد بمسار يوازن بين الطموح والتنفيذ، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ويعود ذلك إلى تبنّي إستراتيجية تعتمد على الهيدروجين المعزز بتقنية احتجاز الكربون وتخزينه، حيث اختارت التركيز على 3 مشروعات كبرى، مستفيدة من خبرتها في قطاعي النفط والغاز وتقنيات الكربون.
أمّا المطورون الملتزمون، فيركزون على مشروعات أصغر حجمًا لكن أكثر قابلية للتحقق، موجّهين بوصلتهم نحو قطاعات مستعدة لخفض الانبعاثات مثل الكيماويات والصلب.
ومن بين أبرز المطورين، شركة "ريناتو بي تي إكس-Renato PtX" بمشروعات محتملة بقدرة 1.3 غيغاواط من مشروع "كاتالينا-Catalina" المدعوم من الاتحاد الأوروبي، مع اتفاقية شراء مضمونة لشركة "فيرتيبيريا-Fertiberia".

فئات أخرى من مطوري الهيدروجين في أوروبا
سلّط التحليل -أيضًا- الضوء على مطوري الهيدروجين في أوروبا في الفئة المثقلة بالأعباء، ويتخذ هذا التيار مسارين رئيسين:
- الأول، يركّز على المشروعات العملاقة، مثل "إي إي تي هيدروجين-EET Hydrogen" و"هايف إنرجي-Hive Energy" اللتين تقودان مشروعات بطاقة 3.5 و2.2 غيغاواط على التوالي، لكن هذه الطموحات تواجه تحديات عدّة، بداية من التأخيرات حتى الحاجة إلى نضوج السوق لتأمين اتفاقيات الشراء.
- الثاني، يركّز على تنويع المحفظة عبر مشروعات متعددة وبلدان مختلفة، كما تفعل شركات مثل "يونيبر-Uniper" و"آر دبليو إي-RWE"، حيث يمتد خط مشروعاتها إلى أكثر من 10 مشروعات موزعة في مراكز رئيسة مثل المملكة المتحدة وألمانيا، ورغم صغر حجم المشروعات نسبيًا، يتيح هذا النهج الحدّ من المخاطر السياسية والتجارية ويُظهر تقدمًا أفضل في المراحل المبكرة.
بينما تصنّف بعض الشركات في فئة "المطورين الناشئين ودون المستوى" نتيجة إعادة النظر في إستراتيجيات الهيدروجين، وتقليص خططها.
ومن بين هذه الشركات "ستاتكرافت-Statkraft"، التي أرجأت هدفها لإنتاج 2 غيغاواط من أجهزة التحليل الكهربائي إلى عام 2035 وأوقفت الاستثمار في مشروعات جديدة.
بينما أعادت شركة بي بي البريطانية رسم إستراتيجيتها بعدما كانت تخطط لخفض إنتاج النفط والغاز بنسبة 40% بحلول 2030، واستثمار نصف مليار دولار سنويًا في الهيدروجين.
وألغت الشركة 18 مشروعًا في مراحل مبكرة، وتهدف إلى تحقيق 5-10 قرارات استثمارية نهائية بحلول 2030، مع تركيز قصير المدى على مراكز الهيدروجين المدعومة بتقنية احتجاز الكربون وتخزينه، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
في المقابل، تعدّ شركة "لايف-Lhyfe" الأكثر نشاطًا في قاعدة بيانات ويستوود مع 23 مشروعًا في مراحل مختلفة من التطوير، منها 6 مشروعات معتمدة رسميًا، ومشروع كبير محتمل.
وتقوم إستراتيجيتها على التوسع التدريجي من مشروعات صغيرة بقدرة 5-10 ميغاواط إلى مشروعات أكبر، ما يقلل المخاطر ويثبت قدرتها على التنفيذ التدريجي.
ويوضح الرسم البياني التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- عدد مشروعات الهيدروجين الأخضر الملغاة عالميًا حتى منتصف أغسطس/آب (2025):
النهج المنضبط يحسب المنافسة
خلص تحليل ويستوود إلى أن نجاح الشركات لا يقاس بحجم خطط التطوير الطموحة وحدها، لكن النهج المنضبط للمطورين أصبح معيار الريادة.
ويركّز هؤلاء المطورون على 4 عوامل:
- النطاق المناسب للحفاظ على الاستقرار التجاري.
- بناء الزخم من خلال التنفيذ المرحلي.
- مواءمة الإنتاج مع القدرات الداخلية.
- تأمين العقود الصناعية مبكرًا.
وأضاف التحليل أن ظروف السوق الحالية تشير إلى أن الحلول الأصغر والأقل خطورة هي الأكثر قابلية للتنفيذ، قبل التوسع في المشروعات الكبيرة على المدى الطويل.
موضوعات متعلقة..
- مرافق نقل الهيدروجين في أوروبا متخلفة عن الركب (تقرير)
- الواقعية مفتاح صناعة الهيدروجين في أوروبا لمواجهة التحديات (تقرير)
- سياسات الهيدروجين في أوروبا ترجع إلى الخلف.. انتكاسات بـ5 دول (تحليل)
اقرأ أيضًا..
- خريطة مزيج الكهرباء في الهند.. هيمنة واضحة للفحم (إنفوغرافيك)
- مشروعات توليد الكهرباء بالنفط والغاز قيد التطوير.. 6 دول عربية بقائمة الكبار
- قطاع النفط والغاز المصري.. توصيات لزيادة الإنتاج وجذب الاستثمارات (دراسة)
المصدر..