أنسيات الطاقةالتقاريرتقارير النفطسلايدر الرئيسيةنفط

أنس الحجي: صناعة النفط واجهت حربًا من الجميع.. وهذه أسباب تراجع الاستثمارات

أحمد بدر

تشهد صناعة النفط في السنوات الأخيرة ضغوطًا غير مسبوقة، نتيجة تداخل عوامل سياسية واقتصادية وبيئية، ما انعكس على مستويات الاستثمار عالميًا، ومع ذلك، فإن قراءة المشهد تحتاج إلى فهم دقيق للفصل بين القرارات السياسية والواقع الفعلي للطلب على الطاقة.

ويؤكد مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن تراجع الاستثمارات لم يكن نتيجة طبيعية لتراجع الطلب، وإنما جاء بسبب حملات منظّمة من جهات دولية وبيئية وحكومية.

وأضاف أن القرارات السياسية في الولايات المتحدة، إلى جانب التوجهات العالمية حول المناخ، أسهمت في إضعاف ثقة المستثمرين بقطاع النفط، ما انعكس مباشرة على قرارات الاستثمار في المشروعات طويلة الأجل.

وحذّر الحجي من أن تجاهل الأسباب الحقيقية وراء التراجع قد يؤدي إلى نتائج عكسية في صناعة النفط، خصوصًا أن الطلب العالمي على النفط ما يزال قويًا، في حين تراجعت الاستثمارات بفعل عوامل لا علاقة لها بالسوق نفسها.

جاء ذلك خلال حلقة جديدة من برنامج "أنسيّات الطاقة" الأسبوعي، الذي يقدمه أنس الحجي على مساحات منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، وجاءت بعنوان: "هل تنخفض أسعار النفط خلال الربع الرابع وفي 2026؟".

حملات منظمة ضد صناعة النفط

أوضح أنس الحجي أن السؤال الجوهري هو: هل انخفاض الاستثمار نتيجة تهويل إعلامي وبيئي أم أن التراجع طبيعي؟ مؤكدًا أن وكالة الطاقة الدولية والجماعات البيئية أدت دورًا رئيسًا في تضخيم المخاوف حول مستقبل صناعة النفط.

وأضاف أن الحرب شُنّت من مؤسسات كبرى، منها الأمم المتحدة ووكالة الطاقة الدولية، ووسائل إعلام غربية، بالإضافة إلى تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة، التي وصفها الحجي بأنها غير لائقة وتستهدف القطاع بصورة مباشرة.

وكالة الطاقة الدولية

 

وأشار خبير اقتصادات الطاقة إلى أن الحملة لم تقتصر على دول الخليج، بل استهدفت صناعة النفط عالميًا، مع مشاركة حكومات أوروبية، ومنظمات بيئية، وإدارة الرئيس بايدن ونائبته، وحتى بعض الولايات الأميركية.

وأكد أن هذه الضغوط خلقت صورة سلبية لدى المستثمرين والمضاربين، ما دفعهم إلى الابتعاد عن الاستثمار في صناعة النفط والبحث عن بدائل أكثر قبولًا سياسيًا مثل الطاقة المتجددة، لا سيما مع انتشار سياسات تغير المناخ.

ويرى الحجي أن هذا المناخ الإعلامي والسياسي جعل القطاع يبدو كأنه في طريقه إلى التراجع، في حين الواقع يعكس استمرار الطلب على النفط في الاقتصادات الكبرى مثل الصين والهند.

وتابع: "الخطر الحقيقي يكمن في تضليل الرأي العام وصناعة القرار من خلال هذه الحملات، بما يهدد الاستثمارات المستقبلية في القطاع الحيوي.. فتصوير الأزمة كأنها نتيجة طبيعية لتغير الطلب غير صحيح، بل هي نتيجة مباشرة لحرب سياسية وإعلامية على صناعة النفط".

سياسات المناخ والقرارات الأميركية

قال أنس الحجي إن سياسات التغير المناخي دفعت صناديق استثمارية ضخمة -من بينها صندوق روكفيلر التاريخي- إلى وقف الاستثمار في صناعة النفط بالكامل، وهو الأمر الذي شكّل ضربة قاسية لثقة الأسواق.

وأضاف أن المشروعات النفطية تحتاج إلى سنوات طويلة للتنفيذ، لذلك ما زالت آثار قرارات الرئيس الأميركي السابق جو بايدن واضحة حتى الآن، خصوصًا فيما يتعلّق بوقف تصاريح بناء محطات الغاز المسال الجديدة.

وشرح مستشار تحرير منصة الطاقة، أن كل محطة غاز مسال تتطلّب استثمارات تتراوح بين 12 و15 مليار دولار، ووقف التصاريح جعل استثمارات بمليارات الدولارات تتجمد، رغم أن الطلب العالمي لم ينخفض.

وأكد أن تفسير انخفاض الاستثمارات بصفته دليلًا على أفول صناعة النفط يُعدّ أمرًا مضللًا، لأن الجزء الأكبر من التراجع كان في الغاز المسال، نتيجة قرار سياسي لا علاقة له بوضع الصناعة.

وأشار الحجي إلى أن الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترمب ألغى بعض قرارات سلفه بايدن لاحقًا، لكنه من جهة أخرى بدأ حروبًا تجارية أثرت مباشرة في تكاليف مشروعات النفط والغاز.

ولفت إلى أن فرض رسوم جمركية على الفولاذ والألومنيوم رفع التكاليف بنسب وصلت إلى 12%، ما أدى إلى تأخير المشروعات الجديدة وزيادة أعباء المستثمرين.

ومن ثم، وفق الحجي، فإن هذه القرارات مجتمعة تمثّل أسبابًا سياسية وليست اقتصادية أو مرتبطة بالطلب على النفط، ما يجعل تصويرها كأفول صناعة النفط غير منطقي.

صناعة النفط

الاندماجات والفوضى في الأسواق

لفت أنس الحجي إلى أن الحرب التجارية وقرارات ترمب خلقت حالة من الضبابية والفوضى في الأسواق، ما جعل الشركات تتردد في ضخ استثمارات جديدة في صناعة النفط.

وأضاف أن تقلب قرارات الإدارة الأميركية زاد من صعوبة التخطيط طويل الأمد، فأصبح المستثمرون أكثر حذرًا وأقل استعدادًا للمخاطرة، إذ إن الإعلام اليساري تجاهل جانبًا مهمًا يتمثّل في موجة الاندماجات والاستحواذات الكبرى في صناعة النفط الأميركية خلال السنوات الأخيرة.

كما أن اندماج شركات عملاقة مثل إكسون موبيل مع منتجين كبار للنفط الصخري أدى إلى انشغال هذه الشركات بعمليات الدمج الداخلي بدل التوسع الاستثماري، ومثل هذه العمليات تستغرق وقتًا طويلًا قد يمتد لعامين، ما ينعكس على انخفاض الاستثمارات مؤقتًا، قبل أن تعود الشركات لضخ الأموال بعد استقرار هيكلها الجديد.

وأشار إلى أن هذه المرحلة عادة ما تشهد خفضًا في التكاليف عبر دمج الإدارات والاستغناء عن الوظائف المكررة، وهو ما يظهر في انخفاض الإنفاق مؤقتًا.

لذلك فإن تجاهل هذه العوامل الأساسية عند تحليل الاستثمارات يعكس تعمدًا في تقديم صورة غير دقيقة عن مستقبل صناعة النفط، في حين الحقائق متاحة للجميع.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق