صفقة الغاز الإسرائيلي إلى مصر.. "أوراق ضغط" من القاهرة لمواجهة مناورة نتنياهو
الطاقة

عادت صفقة الغاز الإسرائيلي إلى مصر لدائرة الضوء من جديد، بعد تسريبات من تل أبيب بشأن توجيه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعدم المُضي في تمديد الاتفاق دون مراجعته.
وتكشف التسريبات الإسرائيلية حالة التخبط التي تعاني منها حكومة نتنياهو، فيعد أيام من احتفاء تل أبيب بتمديد الاتفاقية وعَدِّها أكبر صفقة في تاريخهم، عاد نتنياهو لاستعمالها ورقة ضغط على القاهرة لتغيير موقفها من حرب غزة.
في هذا السياق، أكدت مصادر مطلعة في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) أن صفقة الغاز الإسرائيلي إلى مصر ماضية في طريقها رغم حالة الضجيج التي تحدث في الأوساط السياسية، مشيرةً إلى "أوراق ضغط" تمتلكها الحكومة لمواجهة مناورات نتنياهو.
وأضافت أن الصفقة تعدّ أكبر فرصة لإسرائيل، وليس إلى مصر، إذ لا تمتلك تل أبيب أيّ منافذ لتصدير الغاز سوى مصر والأردن، والقاهرة هي الأهم بالنسبة لها، خاصة أنها سوق استهلاك كبيرة للغاية.
مناورة تل أبيب
أشارت المصادر إلى أن التسريبات المنسوبة إلى نتنياهو ما هي إلّا "مجرد مناورة من حكومة تل أبيب لإسكات بعض الأصوات الداخلية المعارضة لصفقة الغاز مع مصر".
وذكرت صحيفة يسرائيل هيوم، الثلاثاء الماضي، أن نتنياهو أصدر توجيهات بعدم المضي في صفقة الغاز الإسرائيلي إلى مصر دون موافقته الشخصية، وسيبحث مع وزير الطاقة ما إذا كان ينبغي المضي في الاتفاق، قبل أن يتخذ قرارًا نهائيًا، في ضوء ما وصفه بـ"عدم التزام مصر بتعهداتها بموجب اتفاقية السلام".
جاء موقف نتنياهو بعد نحو أسبوعين من حديث رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي بأن تمديد الاتفاقية السارية من 2019 إلى 2040 لن يؤثّر في موقف مصر القوي الواضح منذ وقوع الأزمة في غزة، ورفضها كل محاولات تصفية القضية الفلسطينية، أو تهجير الفلسطينيين من أراضيهم.

بموجب الصفقة -وفق قاعدة بيانات قطاع الغاز العالمي لدي منصة الطاقة المتخصصة- من المتوقع تصدير 130 مليار متر مكعب من حقل ليفياثان إلى مصر حتى عام 2040، أو حتى استكمال الكميات المُتفق عليها، أيهما أقرب.
وقُدِّرت قيمة صفقة الغاز الإسرائيلي إلى مصر بنحو 35 مليار دولار، فيما يُعَدّ أكبر صفقة تصدير بتاريخ إسرائيل، غير أن القاهرة وصفت ما حدث بأنه مجرد تمديد لاتفاق سابق موقَّع منذ عام 2019.
وأكد المتحدث باسم وزارة البترول، معتز عاطف، في تصريحات سابقة، أن مصر لم توقّع اتفاقية جديدة، إنما مدّدت اتفاقًا قائمًا ضمن خطة إستراتيجية واضحة لتأمين إمدادات الغاز حتى عام 2040.
وأشار إلى أن التمديد يستهدف تنويع مصادر الطاقة وتعزيز دور مصر بصفتها مركزًا إقليميًا للطاقة، موضحًا أن المفاوضات استمرت نحو 6 أشهر، موضحًا أن الحديث عن قيمة الصفقة 35 مليار دولار هو مجرد تقدير مبدئي قابل للتغير وفق أسعار السوق العالمية.
هل تستطيع مصر الاستغناء عن الغاز الإسرائيلي؟
أكدت مصادر مطّلعة في تصريحات إلى منصة الطاقة أن القاهرة لديها العديد من البدائل إلى جانب الغاز الإسرائيلي، وأن تل أبيب لن تستطيع المضي قدمًا في تطوير حقولها دون إيجاد عقود بيع طويلة الأجل، وليس أمامها سوى مصر.
وأشارت المصادر إلى أن مصر الدولة الوحيدة في شرق المتوسط التي تمتلك محطات إسالة، وفي حالة زيادة الواردات من الغاز الإسرائيلي تستطيع تصديرها إلى أوروبا.
وكانت مصر وإسرائيل قد وقّعتا مذكرة تفاهم مع الاتحاد الأوروبي في عام 2023، يُصَدَّر بموجبها الغاز القادم من حقول شرق المتوسط إلى القارة العجوز بعد إسالته في المحطات المصرية.
كما تمتلك مصر حاليًا بنية ضخمة من محطات التغويز، تصل قدراتها إلى 3 مليارات قدم مكعبة يوميًا من 4 سفن، 3 منها قبالة السواحل المصرية، والرابعة في ميناء العقبة الأردني، وهناك سفينة خامسة ستنضم قريبًا.
ويوضح الإنفوغرافيك التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة- أبرز المعلومات عن سفن إعادة التغويز العائمة لدى مصر:
وتُسهم قدرة استيراد الغاز المسال في تأمين جميع الإمدادات اللازمة لتلبية الطلب المحلي في مصر، ومواجهة أيّ طوارئ محتملة خلال السنوات المقبلة، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة أو أيّ تداعيات جيوسياسية.
وقالت المصادر، إن الغاز الإسرائيلي لا يسهم سوى في نحو 10% فقط من احتياجات القاهرة، التي تصل إلى نحو 6.5 مليار قدم مكعبة يوميًا يوفّر ما يزيد على 4 مليارات قدم مكعبة من الإنتاج محليًا، وحال استعمال كامل طاقة محطات التغويز البالغة 3 مليارات قدم مكعبة، "فإننا نستطيع الاستغناء عن غاز تل أبيب".
ولم تكن الأزمات التي تشهدها المنطقة بعيدة عن حسابات الحكومة المصرية، إذ وضعت خطة لاستيراد الغاز المسال قد تمتد إلى 10 سنوات قادمة، بالتزامن مع تسريع وتيرة الاكتشافات وزيادة الإنتاج محليًا.
ووقّعت القاهرة اتفاقيات مدّتها 10 سنوات للبنية التحتية للاستيراد، وتُجري محادثات مع قطر للطاقة بشأن عقود توريد غاز مسال طويلة الأجل.
واتفقت مصر أيضًا مع شركات عملاقة، منها أرامكو السعودية ومجموعة ترافيغورا ومجموعة فيتول، على استيراد ما يصل إلى 290 شحنة من الغاز المسال، من يوليو/تموز 2025 حتى عام 2028.
وصفقة الغاز الإسرائيلي إلى مصر ليست الوحيدة لتأمين الإمدادات، بل وقّعت القاهرة اتفاقًا مع قبرص يقضي باستقبال الغاز المنتج من حقولها في شرق المتوسط وربطه بالبنية التحتية وشبكة الغاز المصرية.
وتتضمن الاتفاقية الموقّعة في فبراير/شباط 2025 استعمال محطتي الإسالة في دمياط وإدكو بعد إقامة خط أنابيب لنقل الغاز المُنتج من حقلي كروتوس وأفرودويت، إذ تتوقع القاهرة استقبال 1.4 مليار قدم مكعبة يوميًا.
وتعمل شركة شيفرون الأميركية حاليًا على تطوير حقل أفرودويت باحتياطيات تصل إلى 3.5 تريليون قدم مكعبة داخل المربع رقم 12، كما تعمل شركة إيني الإيطالية على تطوير اكتشاف غاز كرونوس، باحتياطيات 3 تريليونات قدم مكعبة في المربع رقم 6.
موضوعات متعلقة..
- بعد صفقة الغاز الإسرائيلي.. هل تعود مصر للتصدير قريبًا؟.. 4 خبراء يتحدثون
- توقيع أكبر صفقة لتوريد الغاز الإسرائيلي إلى مصر.. قيمتها 35 مليار دولار وتمتد حتى 2040
اقرأ أيضًا..
- الطاقة المتجددة في أستراليا تحقق تقدمًا بسوق الكهرباء خلال 10 سنوات (تقرير)
- الطاقة المتجددة في أستراليا تحقق تقدمًا بسوق الكهرباء خلال 10 سنوات (تقرير)
- إنتاج النفط في الأردن خلال 2024 يتراجع 42%.. وهذه بيانات الغاز (3 رسومات)