التقاريرالنشرة الاسبوعيةتقارير الهيدروجينسلايدر الرئيسيةعاجلهيدروجين

"دوائر الجن" وراء استكشاف الهيدروجين الطبيعي

هبة مصطفى

ربطت دراسة حديثة بين استكشاف الهيدروجين الطبيعي وبعض الظواهر الجيولوجية، لتكتب بذلك فصلًا جديدًا لإحدى التقنيات الواعدة للطاقة النظيفة.

وتعود الظاهرة الجيولوجية ذات الصلة إلى ما يُسمّى "دوائر الجن"، وهو مصطلح يُطلق على منخفضات أرضية تشهد تراجعًا في النباتات مقارنة بمحيطها، وعادة ما كانت تقترن برصد تسرّب للهيدروجين.

ويستقر الهيدروجين الأبيض (الطبيعي) تحت سطح الأرض، ويحتاج استخراجه في صورته الحرة إلى إجراء عمليات حفر مشابهة للتنقيب عن النفط.

وقبل 10 سنوات، توصل علماء إلى أن هذه الدوائر تظهر على سطح الأرض التي تحمل في باطنها إمدادات من الهيدروجين، ورصدوا تسربًا لانبعاثاته في المحيط.

وأكمل باحثون -بدعم من شركة طاقة أوروبية- المسيرة، بالتوصل إلى تفسير علمي لحركة هذه الدوائر ارتفاعًا وهبوطًا.

تفسير هبوط دوائر الجن

لسنوات، ظلّ هبوط "دوائر الجن" محيّرًا للعلماء والباحثين، ولم يتوصلوا إلى تفسير علمي واضح لذلك.

وخلص باحثون من جامعة فيينا في النمسا إلى نتيجة مفادها أن الهبوط والارتفاع المتكرر لهذه الدوائر يرتبط بمدى عمق الهيدروجين الطبيعي وضغطه تحت الأرض.

وتوصل العلماء المتعاونون مع شركة الطاقة النمساوية "أو إم في OMV" إلى أن مدى هبوط دوائر الجن ومواصفاتها يُعدّ دلالة على عمق الهيدروجين الأبيض وضغطه تحت سطح الأرض.

نموذج لدائرة جن قليلة النباتات في البرازيل
نموذج لـ"دائرة جن" قليلة النباتات في البرازيل - الصورة من Simanaitis Says

ولفتت الدراسة إلى تفاعل ثلاثي بين: (الهيدروجين، والتربة، والمياه) يحدث على مرحلتَيْن:

  • في المرحلة الأولى يتسبّب الضغط تحت الأرض في دفع الهيدروجين صعودًا، ومع اختلاطه بالتربة يُزيح المياه تدريجيًا لأسفل، ويستمر تحدب دوائر الجن مسببة ارتفاعًا في سطحها.
  • أما المرحلة الأخرى فتحدث مع تراجع ضغط الهيدروجين وانخفاض تدفقه، ما يؤدي إلى هبوط سطح الأرض.

ووصف معدو الدراسة هذه الظاهرة بـ"الجيوميكانيكية"، محذّرين أيضًا من إمكان تسرب الهيدروجين المخلوط عبر التربة، مسببًا أضرارًا لخصائص النباتات المحيطة.

معيار استكشاف الهيدروجين الطبيعي

قال الباحثون إنه كلما اتسعت دوائر الجن زادت احتمالات استقرار الهيدروجين على عمق كبير، ما يشير في نهاية المطاف إلى ربط قطر الدوائر وعمقها بضغط الوقود الطبيعي وعمقه، حسب ما نقله موقع فيولز سيلز ووركس.

ووصفوا نتائج الدراسة بـ"الإنجاز"، إذ يمكن من خلالها اعتماد خصائص "دوائر الجن" بوصفها دلالات لعملية استكشاف الهيدروجين الطبيعي تحت سطح الأرض.

وتوصلوا إلى هذه النتائج بعد إجراء محاكاة حاسوبية جيوميكانيكية، لقياس تفاعلات عمق الهيدروجين وضغطه، ومطابقتها بنماذج واقعية لاكتشافات هيدروجين طبيعي في: روسيا، والبرازيل، وأستراليا.

ويصل عرض هبوط "دوائر الجن" في بعض الأحيان إلى مئات الأمتار، ويمتد عمقها إلى أمتار قليلة.

وبصورة عامة، ظهر نطاق انتشار هذه الدوائر قليلة النباتات في أنحاء عدة بالعالم، من بينها: روسيا، وأميركا، والبرازيل، وناميبيا، وأستراليا.

ورغم تفاؤل الباحثين، فإن "دوائر الجن" لا تزال تحتاج إلى المزيد من الدراسات قبل بدء التطبيق، من بين ذلك: اختبار أنواع تربة مختلفة لتقدير كميات انبعاثات الهيدروجين، والتيقن من أن الهبوط لا يعود إلى أسباب أخرى.

اكتشاف الهيدروجين الطبيعي
أحد مواقع استكشاف الهيدروجين الطبيعي - الصورة من موقع شركة "هاي تيرا"

هيدروجين صديق للبيئة

يُطلق على الهيدروجين المستخرج من باطن الأرض "الأبيض" أو "الطبيعي"، لخصائصه الصديقة للبيئة والأقل تكلفة، مقارنة بالهيدروجين المعتمد في إنتاجه على الوقود الأحفوري "الأسود، والرمادي، والأزرق" أو الطاقة المتجددة "الأخضر".

وتدعم شركة "أو إم في" النمساوية الدراسات المماثلة، لضمان الريادة في استكشاف الهيدروجين الطبيعي، وحصة سوقية ملائمة لموارده.

ويمكن لنتائج الدراسة الحديثة وتفسير أسباب تحدب "دوائر الجن" وهبوطها تخفيض التكلفة، من خلال توفير صورة إجمالية حول حجم الاحتياطيات وعمق الحفر قبل الانطلاق في عمليات التنقيب بحثًا عن الهيدروجين تحت سطح الأرض.

وقال كبير الجيولوجيين لدى شركة "أو إم في" غابور تاري، إن البصمة الكربونية المحدودة زادت من جاذبية الاستثمار في قطاع الهيدروجين الطبيعي مقارنة بالأنواع الأخرى.

وحسم المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي الجدل حول وصف الهيدروجين الطبيعي، مشيرًا إلى أنه لا يمكن بوصفه مصدرًا متجددًا بالنظر إلى أن وتيرة إنتاجه لا تواكب حجم الطلب العالمي.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق