
حذّرت كاتبة من تبعات الاعتماد على واردات بريطانيا من الكهرباء في تلبية الاحتياجات المحلية، خاصة خلال فصل الشتاء المقبل.
وعلاوة على انخفاض منسوب المياه داخل سدود الطاقة الكهرومائية في النرويج بما يهدد إنتاج الكهرباء محليًا وتصديرها للدول المجاورة، ثمة معارضة شعبية وسياسية قوية لاستمرار الصادرات التي تضرّ بمصالح المواطنين.
والنرويج هي أكبر الدول الأوروبية امتلاكًا لسعة الطاقة الكهرومائية حتى نهاية عام 2024 الماضي عند إجمالي 33.9 غيغاواط، وتصدر الكهرباء عبر خطوط النقل البحرية إلى بريطانيا والدنمارك وألمانيا والسويد وهولندا.
وارتفعت واردات الكهرباء البريطانية خلال أول 7 أشهر ونصف من عام 2025 الجاري بنسبة 10%، في الوقت الذي انخفض فيه إنتاج كل من طاقة الرياح والطاقة النووية، بحسب ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
واردات بريطانيا من الكهرباء النرويجية
أطلقت مستشارة الطاقة المستقلة والكاتبة كاثرين بورتر جرس إنذارًا للحكومة بشأن مستقبل واردات بريطانيا من الكهرباء في ضوء التطورات الجارية في النرويج.
وأشارت بورتر إلى انخفاض منسوب المياه في خزانات مياه الطاقة الكهرومائية في جنوب النرويج، لتقترب حاليًا من تسجيل أدنى مستوى منذ 20 عامًا.
وفي ضوء الانخفاض الكبير لقدرات الضخ، لن يمكن إنتاج الكهرباء إلّا حين ملء السدود، سواء بوساطة الأمطار أو ذوبان الجليد، بحسب مقال الكاتبة المنشور في صحيفة "ذا تيليغراف" البريطانية.

وعلى الصعيد السياسي، تشغل صادرات الكهرباء إلى بريطانيا بال المواطنين النرويجيين، وخاصة مع اقتراب عقد الانتخابات البرلمانية في 8 سبتمبر/أيلول الجاري (2025).
واتفقت لندن وأوسلو في عام 2021 على الربط الكهربائي من خلال خط نقل يمرّ في بحر الشمال بسبب عدم قدرة مصادر الطاقة المتجددة على تلبية الطلب البريطاني مع ارتفاع الأسعار.
والآن، يشكو النرويجيون من أن التصدير يزيد خطر انقطاع التيار، ويتسبب في زيادة أسعار الكهرباء وتقلباتها، كما تصاعدت نبرة توطين الموارد المحلية.
وقبل انهيار الحكومة النرويجية، طالبَ حزب الوسط العضو بالتحالف الحاكم في مطلع العام الجاري (2025) بإلغاء اتفاقيات تصدير الكهرباء إلى الدنمارك وبريطانيا وألمانيا.
كما وافق حزب العمال على تأجيل خطة تنفيذ حزمة الطاقة الأوروبية الرابعة التي تسمح بتصدير الكهرباء، وعدم الموافقة على أيّ خطط ربط إضافية بسبب المعارضة الشعبية.
وردًا على ذلك، قال مشغّل شبكة الطاقة الوطنية في بريطانيا (Neso) خلال يونيو/حزيران الماضي (2025)، إن البلاد ستستورد الكهرباء من فرنسا وهولندا وبلجيكا والدنمارك أيضًا لتقليل خطر انقطاع التيار في الشتاء المقبل، وذلك من خلال خطوط النقل البحرية بسعة إجمالية 9 غيغاواط.
مستقبل واردات الكهرباء في بريطانيا
دعت الكاتبة كاثرين بورتر صنّاع سياسات الكهرباء في بريطانيا إلى مواجهة الحقيقة وحسن التصرف قبل انقطاع التيار وسط برودة الشتاء المقبل؛ لأنه إذا نجت صادرات الكهرباء إلى بريطانيا من خطر تراجع إنتاج الطاقة الكهرومائية في النرويج، فإن تلك الفرصة قد لا تتكرر بسبب تغيُّر المواقف السياسية بالدولة الإسكندنافية.
وإذا تغيرت الحكومة بعد الانتخابات البرلمانية الوشيكة، فقد تنخفض إمدادات الكهرباء إلى بريطانيا إذا لاحَ "احتمال" لتراجع إنتاج الطاقة الكهرومائية في الأفق.

والحقيقة -بحسب الكاتبة- أن كل الأحزاب المتنافسة بالانتخابات النرويجية -تقريبًا- تعارض إقامة خطوط نقل جديدة، أو تدعم إلغاء الخطوط القائمة.
وعلاوة على ذلك، ثمة إجماع على وقف -أو عدم تجديد- خطَّين بحريين لتصدير الكهرباء إلى الدنمارك في العام المقبل (2026)، ولأن الدنمارك دولة عبور للإمدادات، فإن ذلك يهدد بقطع إمدادات الكهرباء إلى بريطانيا وألمانيا وهولندا.
وفي ضوء تلك الحقائق، قالت الكاتبة بورتر، إنه لا يمكن الاعتماد على واردات بريطانيا من الكهرباء في الشتاء المقبل، سواء كان ذلك لأسباب سياسية أو فيزيائية.
وأشارت -في هذا الصدد- إلى واقعة تعود لعام 2003، عندما أوشكت النرويج على ترشيد استهلاك الكهرباء بسبب الجفاف الطويل الذي أجبر الأجهزة المعنيّة على التدخل.
وإذا تكرر الأمر في حالة انخفاض إنتاج الطاقة الكهرومائية بصورة حادّة هذه المرة، سترتفع الأسعار وستتحول النرويج للاستيراد، وهو ما سيُرهق شبكات الدول المجاورة.
وعادةً ما تُصدِّر النرويج الكهرباء طوال العالم باستثناء أيام معدودة تحولت فيها إلى مستورد صافٍ واتجهت إلى السويد، وفي المقابل، تستورد بريطانيا والدنمارك 1.4 غيغاواط من الكهرباء النرويجية الرخيصة.
وهنا تدعو الكاتبة السلطات في النرويج إلى فرض رسوم على صادرات الكهرباء لرفع الأسعار، مضيفةً: "رغم أنه يبدو إجراءً وقائيًا، فإنه سيصلح الخلل في طريقة التسعير الحالية.. أن تطلب من النرويجيين تحمُّل الأمر حتى تستمر عجلة الصناعة الألمانية بالدوران هو منطق سياسي سامٍ".
موضوعات متعلقة..
- ضريبة الكربون ترفع أسعار الكهرباء في بريطانيا للأسر وتضغط على الصناعة (تقرير)
- الغاز الطبيعي بريء من رفع أسعار الكهرباء البريطانية (تحليل)
- السيارات الكهربائية في بريطانيا.. نقاط الشحن أبرز التحديات (تقرير)
اقرأ أيضًا
- أكبر مصفاة نفط في أفريقيا تحقق إنجازًا تاريخيًا
- أكبر صفقات الغاز في أغسطس 2025.. الإمارات والسعودية بالصدارة
- إنديان أويل: مشترياتنا من النفط الروسي لاعتبارات تجارية
- أوبك بين مدينتين.. لماذا غادرت جنيف لتستقر في قلب فيينا؟
المصدر: