تحالف الشركات المناهضة للفحم في وول ستريت.. هل ينتهك قوانين الاحتكار الأميركية؟
دعوى قضائية هي الأولى من نوعها
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

- 11 مدّعيًا عامًّا في تكساس يرفعون دعوى انتهاك التحالفات المناخية لقوانين الاحتكار
- شملت الدعوى 3 من أكبر شركات إدارة الأصول في وول ستريت
- وزارة العدل في إدارة دونالد ترمب تنضم للدعوى بمذكرة داعمة في مايو/أيار الماضي
- صناعة الطاقة والأوساط المالية والبيئية تترقب الحكم النهائي في القضية خلال أشهر
- الدعوى هي الأولى من نوعها، وقد تنسف مبادرات العمل المناخي في تكساس وخارجها
- دعوى قضائية أخرى ضد حظر تمويل الشركات المناهضة للوقود الأحفوري في تكساس
ظلّت تحالفات الشركات المناهضة للفحم في وول ستريت تمارس الترويج ضد الوقود الأحفوري، خاصة دون الخوف من التعرض للمساءلة القانونية لسنوات طويلة.
ورغم أن هذه التحالفات دائمًا ما تتذرع بالنزاهة في الهجوم على الفحم لأسباب بيئية، فإن بعضها لم يخلُ من تُهم التربُّح المالي، بحسب دعوى قضائية حديثة اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
وتتهم الدعوى، التي أقامها المدّعون العامّون الجمهوريون في تكساس، الشركات المناهضة للفحم، بالتآمر على خفض إنتاج الفحم الأميركي، والتربح من وراء ذلك بصورة غير مباشرة.
وهذه أول دعوى من نوعها ضد الشركات المنخرطة في مبادرات مناخية مناهضة للوقود الأحفوري؛ لأنها تنطلق من اتهامها بتكوين تحالفات تنتهك قوانين مكافحة الاحتكار، وهو مدخل جديد في مثل هذه الدعاوى.
تحالف الشركات المناهضة للفحم
تمثّل الدعوى المقامة منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي ضد تحالف الشركات المناهضة للفحم في وول ستريت امتدادًا لتحذيرات متكررة من المشرّعين وحكّام ولاية تكساس منذ 3 أعوام.
فقد دأب المشرّعون الجمهوريون في الكونغرس والمدّعون العامّون في الولايات على إرسال رسائل تحذيرية منذ عام 2022 إلى البنوك الكبرى، وصناديق التقاعد، ومديري الأصول، وشركات المحاسبة، والشركات، والمنظمات غير الربحية، وتحالفات الأعمال.
وتضمنت هذه الرسائل تحذيرات متكررة من انتهاكات محتملة لقوانين مكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة، بحسب تقرير مفصّل منشور في موقع إنسايد كلايمت نيوز المتخصص (Inside Climate News).
وتتهم الدعوى القضائية التي رفعها المدّعي العام لولاية تكساس كين باكستون و10 آخرون، 3 شركات من أكبر شركات إدارة الأصول في وول ستريت بتشكيل تحالف استثماري لخفض إنتاج الفحم؛ ما أدى إلى رفع تكاليف الطاقة على الأميركيين وزيادة أرباح هذه الشركات.

وتضم هذه الكيانات المتهمة كلًّا من بلاك روك (Black Rock) -أكبر شركة لإدارة الأصول عالميًا-، وشركة فانغارد (Vanguard)، وستات ستريت (State Street).
وقدّمت وزارة العدل ولجنة التجارة الفيدرالية في إدارة الرئيس دونالد ترمب مذكرة داعمة في مايو/أيار 2025، في إطار حملة الضغوط الشاملة ضد ما يُعرَف بـ"معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية"، التي تقيّم أداء الشركات بما يتجاوز أداءها المالي التقليدي، وتشمل ممارسات بيئية مثل خفض الانبعاثات، وأخرى اجتماعية مثل حقوق العمل، وغيرها.
مصير دعوى الشركات المناهضة للفحم
تزعم الدعوى القضائية أن شركات إدارة الأصول الـ3 قد استحوذت على حصص كبيرة في شركات إنتاج الفحم الأميركية الرئيسة، قبل أن تعلن التزامها المشترك بخفض الإنتاج عبر الانضمام إلى تحالفات طوعية مهتمة بقضايا المناخ.
وتشمل هذه التحالفات مبادرة مديري الأصول صفرية الانبعاثات (Net Zero Asset Managers Initiative)، وتحالف العمل المناخي (+the Climate Action 100)، لكن هذه الشركات سرعان ما انسحبت منها لاحقًا.
وبحسب الدعوى، فإن شركات الفحم خضعت لنفوذ شركات إدارة الأصول، فاضطرت لتخفيض إنتاجها مع زيادة الكشف عن بيانات الانبعاثات؛ ما أدى إلى نقص المعروض وارتفاع الأسعار، ومن ثم ارتفعت أرباح مديري الأصول.
وإذا كانت شركات الفحم قد تواطأت معًا على تقييد الإنتاج، فإن شبهة انتهاك قوانين مكافحة الاحتكار أصبحت قائمة، بحسب الباحثة في مركز كولومبيا للاستثمار المستدام، دينيس هيرن.
ورغم أن قاضي محكمة مدينة تايلر بولاية تكساس رفضَ 3 من أصل 21 تهمة ضد تحالف الشركات المناهضة للفحم خلال أغسطس/آب الماضي، فإنه لم يُصدر قرارًا نهائيًا في القضية، بل أشار إلى وجود أدلّة كافية للإحالة إلى المحاكمة.

وإذا فازت الشركات المناهضة للفحم وسقطت الدعوى، فمن المتوقع أن يخفف ذلك من وطأة الضغوط على تحالفات المناخ الأخرى التي تضغط على الجهات الفاعلة والمموّلة لتعديل سياساتها التجارية والتمويلية بما يتلاءم مع أهداف اتفاقية باريس للمناخ، فضلًا عن الأهداف المناخية الوطنية والمحلية.
أمّا إذا فاز المدّعون العامّون الجمهوريون في تكساس، فستكون هذه ضربة للتحالفات المناخية والمنظمات الحقوقية المناهضة للوقود الأحفوري في الولايات المتحدة وخارجها، إذ يمكن لمثل هذه الدعاوى أن تتكرر في دول أوروبا على الأقل.
ورغم أن هذه الدعوى تُمثّل أول اختبار قانوني لنظرية أن تحالفات المناخ في بيئة الأعمال مناهضة للمنافسة وقواعد السوق الحرة، فقد طُرِح هذا السؤال في دراسة أجراها اقتصاديون في كلية هارفارد للأعمال نشرت في مايو/أيار الماضي.
ولم تسفر نتيجة فحص 11 تحالفًا رئيسًا للمناخ و424 مؤسسة مالية مُدرَجة على مدار 10 سنوات، عن أيّ دليل يشير إلى انتهاكات تقليدية لقوانين مكافحة الاحتكار، ما يشير إلى ضرورة التحقق من الادّعاءات القانونية، بحسب الأستاذ والمؤلف المشارك في الدراسة بيتر توفانو.
كما خلصت الدراسة إلى أن الشركات المالية التي انضمت إلى تحالفات المناخ كانت أكثر ميلًا إلى تبنّي أهداف الانبعاثات، فضلًا عن الانخراط في جماعات الضغط المؤيدة للمناخ.
تكساس تحظر تمويل شركات المقاطعة
ليس هذا أول صدام يحدث بين حكام تكساس -أكبر ولاية أميركية منتجة للنفط- وتحالفات الشركات المناهضة للفحم والوقود الأحفوري، فقد سبق لحكّام الولاية سَنّ قانون لتقييد -أو حظر- الاستثمار الحكومي في الشركات المقاطعة للصناعة منذ عام 2021.
وينصّ القانون (SB13) على إلزام الكيانات الحكومية في الولاية، بما في ذلك صناديق التقاعد الحكومية، وصندوق وقف المدارس من رياض الأطفال حتى المرحلة الثانوية، بسحب استثماراتها من الشركات التي قاطعت صناعة النفط والغاز.
وعرّف القانون حالة "المقاطعة" بأنها رفض التعامل مع الشركات التي تعمل في مجال الوقود الأحفوري في تكساس دون سبب تجاري عادي أو اتخاذ أيّ إجراء آخر يهدف إلى معاقبة هذه الشركات أو إلحاق الضرر بها.
كما يحظر القانون على وكالات الدولة وهيئاتها ومؤسساتها التعامل مع أيّ شركة قبل التأكد من أنها لا تقاطع شركات الطاقة، مع تكليف مراقب الدولة بإعداد قائمة سوداء بالشركات المعادية على أساس المعلومات المتاحة للجمهور أو التحقق الكتابي من الشركة.
وأعدَّت الولاية قائمة سوداء أدرجت فيها 370 شركة وصندوقًا استثماريًا حتى أواخر عام 2024، منها صناديق داخل البنوك الكبرى مثل غولدمان ساكس، وجيه بي مورغان، و شركة بلاك روك، لكن أغلبها لا يعترف صراحة بمقاطعة صناعة الوقود الأحفوري.
وفي مارس/آذار 2024، أعلن صندوق وقف المدارس الدائمة بمدينة هيوستن في تكساس قطع علاقاته مع بلاك روك، أكبر شركة لإدارة الأموال في العالم، لهذا السبب.
ورفع التحالف الأميركي للأعمال المستدامة (ASBC) الذي يدّعي تمثيله لنحو 250 ألف شركة، دعوى قضائية لإسقاط هذا القانون أمام القاضي الفيدرالي في مدينة أوستن بولاية تكساس، وما زالت منظورة منذ أواخر عام 2024.
ويحتجّ التحالف بأن القانون غير دستوري؛ لأنه يميز بين الشركات على أساس وجهات نظر سياسية، بالمخالفة للتعديلين (1) و(14) للدستور الأميركي، حسب تفاصيل الدعوى التي اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة.
موضوعات متعلقة..
- نشطاء المناخ يعترضون على استعمال مصطلح "الغاز الطبيعي" في الولايات المتحدة
- نشطاء المناخ يحاصرون شركات النفط والغاز في كولورادو.. ما القصة؟
- مناهضو الرياح البحرية يقودون دعاية مضادة: لا تخدم سياسات تغير المناخ
اقرأ أيضًا..
- مشروعات توليد الكهرباء بالنفط والغاز قيد التطوير.. 6 دول عربية بقائمة الكبار
- أوابك: صادرات الغاز الجزائرية والقطرية تواجه منافسة شديدة من "القادمين الجدد"
- أوبك بين مدينتين.. لماذا غادرت جنيف لتستقر في قلب فيينا؟
- بسبب حقل الدرة.. إيران تهاجم مجلس التعاون الخليجي
المصدر:
تفاصيل الدعوى القضائية ضد تحالفات الشركات المناهضة للفحم، من موقع إنسايد كلايمت نيوز