تفوق واضح للصين والهند في إنتاج الهيدروجين الأخضر.. وأوروبا في صدمة (تقرير)

أسماء السعداوي

2025-08-27

0 340

سجّل قطاع إنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا عالميًا تطورات متباينة مؤخرًا سواء على صعيد الأسعار والإنتاج أو الطلب والدعم الحكومي.

وما بين انخفاض الأسعار في الهند والدعم الحكومي القوي في الصين، تتخلف دول الاتحاد الأوروبي عن الركب بما يدفعها إلى "نقطة البداية" من جديد بعد انسحاب مشروعات فازت بعطاءات بنك الهيدروجين الأوروبي.

أما دول أفريقيا وأميركا اللاتينية وبقية دول العالم؛ فإنها تواجه -إلى جانب المنافسة- تحديات شح مرافق البنية الأساسية وضعف الطلب وارتفاع التكاليف من بين أخرى؛ بما يتطلب تدخلًا من الحكومات ومؤسسات التمويل، بحسب التفاصيل لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

كل ذلك يجعل من الصعب على مطوري المشروعات العالميين التنافس مع الصين والهند تحديدًا ما لم يحصلوا على دعم حقيقي يستهدف بالأساس خفض تكاليف رأس المال، علاوة على استقاء الدروس من البلدين الآسيويين.

دعم إنتاج الهيدروجين الأخضر في الصين

حقق إنتاج الهيدروجين الأخضر في الصين تقدمًا مؤخرًا سعيًا لتحقيق مستهدفات إنتاج ما يصل إلى 200 ألف طن سنويًا خلال هذا العام (2025) ورفع قدرات الإنتاج بالمحللات الكهربائية إلى 100 غيغاواط بحلول عام 2030.

ومؤخرًا، أعلنت إدارة الطاقة الوطنية أول 8 مشروعات تجريبية لإنتاج الميثانول الأخضر والأمونيا الخضراء التي ستُعطى الأولوية للحصول على دعم الحكومة بحلول يونيو/حزيران (2027) وذلك شريطة تحقيق مستوى عالٍ ومستقر من الإنتاج.

وفي يوليو/تموز (2025) بدأت شركة إنفيجن إنرجي الصينية (Envision Energy) تشغيل أكبر مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا في العالم بسعة 2.5 غيغاواط في تشيفنغ.

وبحسب التفاصيل لدى منصة الطاقة المتخصصة؛ فالمشروع هو الأكبر عالميًا من حيث القدرة المركبة للمحللات الكهربائية وقادر على إنتاج 320 ألف طنًا من الأمونيا الخضراء سنويًا، وسيبدأ التصدير في الربع الأخير من 2025.

أكبر منشأة لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا في العالم - الصورة من موقع شركة إنفيجن الصينية

وفي أغسطس/آب التالي، حصلت شركة الصين للاستثمار في الطاقة (CEIC) المملوكة بالكامل للحكومة على الضوء الأخضر لبدء أعمال بناء مشروع بسعة 2.2 غيغاواط لإنتاج الأمونيا من الهيدروجين الأخضر في منطقة منغوليا الداخلية.

وارتفعت الطاقة الإنتاجية لإنتاج الهيدروجين الأخضر في الصين بنسبة 62% على أساس سنوي في عام 2024 المنصرم، كما أنها تمتلك نصف إجمالي الطاقة الإنتاجية العالمية.

انخفاض أسعار الأمونيا الخضراء في الهند

سجّل قطاع الأمونيا الأخضر في الهند أقل سعر للطن عند 50 ألفًا و750 روبية هندية بما يعادل 583 دولارًا للطن الذي قدمته شركة "جاكسون غرين" (Jakson Green) لشركة "كوروماندل إنترناشيونال" (Coromandel International) بولاية أندرا براديش.

(الروبية الهندية = 0.011 دولارًا أميركيًا).

كما اتفقت الشركتان على توريد 50 ألف طن من الأمونيا الخضراء سنويًا لمدة 10 سنوات بسعر 51 ألفًا و890 روبية بما يعادل 596 دولارًا.

وخلال أول عطاءات شركة الطاقة الشمسية الهندية للشراء في إطار برنامج التدخلات الإستراتيجية للتحول إلى الهيدروجين الأخضر في الهند (SIGHT) بلغ سعر الأمونيا الأخضر 55 ألفًا و750 روبية هندية بما يعادل 640 دولارًا تقريبًا.

يقل ذلك كثيرًا عن سعر التسليم البالغ ألفًا و153 دولارًا التي قدمته شركة "فيرتغلوب" (Fertiglobe) لتصدير الأمونيا الخضراء من مشروعها في مصر إلى ألمانيا.

وعمومًا، ترتفع أسعار الأمونيا الخضراء عن سعر طن الأمونيا الرمادية المعتمدة على الوقود الأحفوري والمسجل في مارس/آذار (2025) والبالغ 515 دولارًا.

وعالميًا، يقل سعر الأمونيا الخضراء في الهند عن السعر المستهدف للتصدير من الصين لأوروبا والذي يقل عن 700 دولارًا للطن عند التسليم فوق السفينة (FOB).

فشل ذريع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في الاتحاد الأوروبي

تلقّى قطاع إنتاج الهيدروجين الأخضر في الاتحاد الأوروبي صدمة مع انسحاب 4 مشروعات فازت بعطاءات الجولة الثانية التي طرحها بنك الهيدروجين الأوروبي في أغسطس/آب الجاري (2025).

واشتكى مطورو المشروعات بسعة 1.3 غيغاواط من غموض السياسات التنظيمية مع عدم كفاية الدعم المقدم بما يجعل المشروعات غير مُجدية اقتصاديًا.

وفي ضوء ذلك، تحتاج دول الاتحاد إلى العودة لنقطة البداية لمعرفة طريقة الحصول على الهيدروجين الأخضر الذي تحتاج إليه.

وبالنظر لحقيقة حدوث انسحابات مماثلة للشركات في عطاء تجريبي سابق، أثيرت تساؤلات جدية حول فاعلية دور بنك الهيدروجين الأوروبي لدعم الصناعة المتعثرة والتي تشهد وقف تطوير مشروعات أو خفضًا للمستهدفات.

ووصف الرئيس التنفيذي لجمعية النقل والبيئة الأوروبية ويليام تودت، البنك بأنه رمز لفشل السياسة الصناعية في الاتحاد بعدما كان أداة جريئة وجديدة وقت إطلاقه.

يتزامن ذلك مع تباطؤ وتعقيد تنفيذ مشروعات الهيدروجين الأخضر، كما تشير التوقعات إلى عدم إمكان تحقيق هدف المفوضية الأوروبية بإنتاج 10 ملايين طن سنويًا بحلول عام 2030 واستيراد 10 ملايين طن أخرى بحلول الموعد نفسه.

كما تتأخر الدول الأعضاء الـ27 عن تحقيق مستهدفات التوجيه الثالث للطاقة المتجددة والصادر في عام 2023 ويستهدف زيادة حصة الطاقة المتجددة إلى 42.5% بحلول عام 2030.

شاحنة تعمل بخلايا وقود الهيدروجين في سويسرا - الصورة من وكالة رويترز

تحديات إنتاج الهيدروجين الأخضر في باقي مناطق العالم

في باقي دول العالم غير المذكورة سلفًا، ثمة تحديات تتطلب الحلول التالية لمواكبة الركب العالمي وتحديدًا في الهند والصين:

توافر العدد الكافي من العملاء.
خفض تكلفة رأس المال اللازم للاستثمارات.
ثمة حاجة للتعاون بين بنوك التنمية والتصدير ومؤسسات الضمانات لدعم مشروعات الهيدروجين الأخضر في الاقتصادات الناشئة والدول النامية.
على الحكومات المحلية المساعدة في تدبير اتفاقيات شراء الإنتاج والوصول لاتخاذ قرار الاستثمار النهائي.
في أفريقيا هناك حاجة لإقامة مرافق بنية أساسية مشتركة وتهيئة البيئة المواتية والاستقرار على أحكام وشروط المشروعات.
استقاء الدروس من مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر في الهند والصين.

تحديات إضافية لصناعة الهيدروجين الأخضر عالميًا

سلّط الرئيس التنفيذي لمنظمة الهيدروجين الأخضر جوناس موبرغ، الضوء على التحديات الإضافية التي تواجه الصناعة عالميًا وهي كالتالي:

الاختلاف بين السوق الأوروبية "المتشددة" والمناطق الأخرى حول معايير استعمال الكهرباء المولدة من مصادر الطاقة المتجددة في إنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا.
التفاوت الكبير بين تكلفة وسعر الهيدروجين الأخضر ونظيره الرمادي؛ لأن الأخير يستفيد من الإعانات ومرافق البنية الأساسية القائمة وعدم وجود آلية فعالة لتسعير الكربون.
على صعيد الطلب، هناك تباين بين الهند التي تركز عطاءاتها على استعمال الأمونيا الخضراء في صناعة الأسمدة، وفي الصين هناك خط للتصدير من أجل مزجها في محطات الكهرباء في اليابان، وفي أستراليا قد يصبح الطلب على الحديد الأخضر داعمًا للطلب شريطة توفير تمويلات ودعم سياسي وشراكات دولية مناسبة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر: