الطاقة المتجددة في أميركا تخسر استثمارات بقيمة 19 مليار دولار بسبب ترمب
محمد عبد السند

- دونالد ترمب يتخذ موقفًا معاديًا من الطاقة المتجددة
- ترمب يلغي الائتمانات الضريبية والمنح والقروض الخاصة بالطاقة المتجددة
- انخفضت استثمارات الطاقة المتجددة في أميركا بنحو 20% هذا العام
- شركات الطاقة المتجددة تواجه قيودًا في التراخيص
خسر قطاع الطاقة المتجددة في أميركا استثمارات ضخمة تصل قيمتها إلى 19 مليار دولار، بسبب الحملة العدائية التي يشنّها الرئيس دونالد ترمب على الصناعة النظيفة.
ومنذ عودته إلى البيت الأبيض في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، ألغى دونالد ترمب الائتمانات الضريبية والمنح والقروض الخاصة بالطاقة المتجددة التي أقرّها الرئيس السابق جو بايدن، في حين واصل دعمه لصناعة الوقود الأحفوري.
وأجبرت تلك السياسات مطوّري الطاقة المتجددة في أميركا على إرجاء مشروعاتهم أو حتى إلغائها كليًا لعدم جدواها اقتصاديًا.
وهبطت تركيبات الطاقة الشمسية اليومية بنسبة 44% منذ انتخاب ترمب، وفق بيانات الأقمار الاصطناعية التي جمعتها شركة كايروس (Kayrros) المتخصصة في الاستخبارات البيئية، ورصدتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وحسب وحدة "بلومبرغ نيو إنرجي فاينانس" (BloombergNEF) البحثية التابعة لشبكة بلومبرغ، ستصل إضافات طاقة الرياح البرية في أميركا إلى 30 غيغاواط بحلول عام 2030، متراجعة بنسبة 50% عن مثيلتها المرصودة قبل إقرار مشروع قانون السياسة الداخلية الشامل الذي يُعرف بـ"مشروع القانون الكبير والجميل"، كما يسميه ترمب في يوليو/تموز الماضي.
فوضى عارمة
أحدث الهجوم الذي شنّه ترمب على الطاقة المتجددة فوضى عارمة؛ إذ أشعل مخاوف بشأن إمكان معاناة الولايات المتحدة الأميركية، لسد الطلب المتنامي على الكهرباء اللازمة لتشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
وأُلغيت مشروعات طاقة متجددة قيمتها 18.6 مليار دولار هذا العام، مقارنةً بمشروعات مماثلة قيمتها 827 مليون دولار في عام 2024، وفق مؤشر كلين إيكونومي تراكر (Clean Economy Tracker) التابع لمؤسسة أطلس بابليك بوليسي (Atlas Public Policy).
وانخفضت الاستثمارات بنحو 20% تقريبًا، لتصل إلى 15.8 مليار دولار هذا العام، مقارنةً بـ20.9 مليار دولار خلال المدة ذاتها من عام 2024.
ومنذ أول يوم له في البيت الأبيض في ولايته الثانية التي استهلها في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، يضع ترمب العراقيل أمام إصدار تراخيص مشروعات طاقة الشمس والرياح، ويفرض قيودًا على الشركات التي تهيمن الصين على سلاسل إمداداتها.
وعلى الرغم من أن الطلب على الكهرباء اللازم لتشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي سينمو، فإن الولايات المتحدة تخاطر بإلحاق ضرر حتمي بقطاع الطاقة المتجددة الذي غالبًا ما يكون المصدر الأرخص والأسرع للطاقة.
وقال محلل سياسات الطاقة في مركز أبحاث بابليك إنترست (Public Interest Research Center)، أدفيت أرون: "يمكن بناء الطاقة المتجددة وتوصيلها في غضون عام أو اثنَيْن، على نحو يفي بالجداول الزمنية الخاصة بمطوري مراكز البيانات".
وأضاف أرون: "إذا كنت تتجاهل مصادر الطاقة المتجددة، فإنك تغضّ الطرف عن كمية رئيسة في المعادلة"، وفق تصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

موجة إفلاس
ضربت موجة إفلاس جماعي شركات الطاقة المتجددة في أميركا؛ إذ تقدّمت 11 مجموعة بطلب لإشهار إفلاسها منذ بداية العام الجاري، وفق أرقام شركة بانكرابسي داتا (BankruptcyData).
وحينما أعلنت شركة تصنيع شفرات توربينات الرياح تي بي آي كومبوزيتس (TPI Composites) إفلاسها في 11 أغسطس/آب، قال الرئيس التنفيذي ويليام سيويك: "الإدارة التنفيذية للولايات المتحدة تبذل جهودًا كبيرة للتخلّص التدريجي من دعم الطاقة المتجددة"، وفق ما كتبه في الوثائق المقدمة.
وقال ناطق باسم وزارة الطاقة الأميركية إنها "تستغل أشكال الطاقة كافّة ذات الأسعار المعقولة والموثوقة والآمنة، لضمان قدرة الولايات المتحدة على الفوز بسباق الذكاء الاصطناعي وإعادة التصنيع".
ومع ذلك يسابق المطوّرون الزمن، من أجل تنفيذ مشروعات تعتمد على الائتمانات الضريبية، كي تكون مجدية اقتصاديًا قبل إنهاء الدعم.
وفي 15 أغسطس/آب الجاري أصدرت وزارة الخزانة الأميركية قيودًا صارمة، لتحديد المشروعات المؤهلة للحصول على الائتمانات الضريبية حتى عام 2030.
وتتطلّب الإرشادات المحدثة بدء المشروعات تركيب رفوف الطاقة الشمسية، أو بناء طرق الوصول إلى تلك المشروعات بحلول يوليو 2026.
ورفوف الطاقة الشمسية هي أنظمة تُستعمَل لتثبيت الألواح الشمسية، وتوجيهها لامتصاص أكبر قدر ممكن من ضوء الشمس بكفاءة.
وتأثرت الطاقة الشمسية المركبة في المنازل بخفض الائتمانات الضريبية، علمًا بأن التحفيزات المخصصة لها ستنتهي تمامًا في وقت لاحق من العام الجاري.
ووفق شركة أبحاث الطاقة "وود ماكنزي"، من الممكن أن تخفّض التغييرات في السياسة التركيبات الشمسية السكنية بنسبة 46% حتى نهاية عام 2030.

هروب الشركات
قال الرئيس التنفيذي لشركة أورورا سولار (Aurora Solar) كريس هوبر، إن تخفيضات الائتمان الضريبي الواردة في مشروع "القانون الكبير والجميل" قد تُؤدي إلى هروب بعض الشركات العاملة في القطاع.
وأضاف: "سنخسر التقدم المُحرز في قطاع الطاقة المتجددة، في ضوء مغادرة الشركات القطاع وفقدان رأس المال والثقة".
وعلى مستوى الولايات الأميركية فإن أكثر من ثُلث مشروعات القوانين التي نُوقشت هذا العام بشأن مشروعات الطاقة المتجددة في أميركا قد زادت صعوبة نشر تلك التقنيات، وفق بيانات صادرة عن مجموعة كلين تومورو (Clean Tomorrow) المؤيدة للتقنية النظيفة.
ومع ذلك لم يدخل سوى 5% فقط من القوانين المذكورة حيز التنفيذ، نتيجة انعدام دعم الحزبَيْن الجمهوري والديمقراطي لها، وتزايد الدعم المحلي لمشروعات الطاقة المتجددة في أميركا، وفق تفاصيل اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
قيود التراخيص
تواجه شركات الطاقة المتجددة على مستوى المرافق قيودًا في التراخيص وتدخلات في المشروعات؛ ما يتسبب بتأخيرات في مواعيد التنفيذ وزيادة التكاليف.
وخلال الأسابيع الأخيرة، أعلن وزير الداخلية دوغ بورغوم، أن مشروعات طاقة الشمس والرياح ستخضع لمراجعة مكثفة من قِبل وزارته التي تُجري حاليًا تحقيقًا موسعًا في نفوق النسور الناجم عن توربينات الرياح.
وفي يناير/كانون الثاني، أوقف ترمب تأجير طاقة الشمس والرياح البحرية على الأراضي الفيدرالية.
لكن الإعلان الجديد من قِبل بورغوم قد يؤثر في مشروعات الطاقة المتجددة المقامة على أراضٍ خاصة إذا كانت تتقاطع مع الأراضي العامة أو تتشارك معها في البنية التحتية.
موضوعات متعلقة..
- خبراء: الطاقة المتجددة في أميركا تتعرض للدمار بسبب "قانون ترمب"
-
الألواح الشمسية الفائضة في أميركا تدعم البيئة وتنقذ سلاسل الإمداد (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- أكبر مشروع طاقة شمس ورياح في العالم يواجه معارضة بيئية
- عقوبات أميركية تستهدف النفط الإيراني.. شركة مقرها الإمارات ضمن القائمة
- صفقة شيفرون في العراق.. هل تصبح بوابة لعودة الشركات الكبرى؟ (مقال)
المصدر:
1.خسائر مشروعات الطاقة المتجددة في أميركا من "فايننشال تايمز".