رئيسيةتقارير منوعةمنوعات

المعادن الأرضية النادرة.. مدينة أوروبية قد تكسر الاحتكار الصيني

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • تهيمن الصين على سلاسل إمدادات المعادن النادرة عالميًا
  • يستطيع مصنع هيراوس معالجة 600 طن سنويًا من المعادن النادرة
  • نصف المعادن النادرة تُستعمل لتصنيع المغناطيسات الدائمة
  • 4 قطاعات صناعية في ألمانيا تعتمد على واردات المعادن النادرة
  • تستهدف أوروبا تعدين ما لا يقل عن 10% من المواد الخام

تفتح مدينة أوروبية باب الأمل أمام توطين إنتاج المعادن النادرة في القارة العجوز، وهو ما قد يضع حدًا لاعتماد دولها على الواردات الصينية التي تهيمن على إمدادات هذه الصناعة الإستراتيجية عالميًا.

وتحتضن بلدة بيترفيلد، الواقعة في مقاطعة أنهالت-بيترفيلد الألمانية مصنعًا لإعادة تدوير مغناطيسات العناصر الأرضية النادرة، الذي يُعد الأكبر من نوعه في أوروبا.

ولدى المصنع المملوك لشركة هيراوس (Heraeus) الألمانية التقنية سعة معالجة تصل إلى 600 طن سنويًا، مع خطط لزيادتها إلى 1200 طن في المدى المتوسط، وفق تقديرات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

ويُستعمَل نحو نصف المعادن النادرة حاليًا لتصنيع المغناطيسات الدائمة المهمة لحزمة واسعة من التطبيقات الحيوية مثل محركات السيارات الكهربائية، ومولدات توربينات الرياح، والروبوتات، وأجهزة التكييف الهوائي، وتخزين البيانات وأجهزة الاستشعار إلى جانب المعدات العسكرية.

يُذكر أن الصين البلد الوحيد المالك للتقنيات اللازمة لمعالجة بعض المعادن النادرة، وتستأثر حاليًا بنسبة 92% من الإنتاج العالمي من تلك العناصر في مرحلة المعالجة.

بيترفيلد طوق نجاة

تتطلع بيترفيلد إلى أن تصبح في قلب الجهود المبذولة بوساطة الاتحاد الأوروبي لخفض الاعتماد على المعادن الأرضية النادرة الصينية التي تعتمد عليها أوروبا في العديد من الصناعات الإستراتيجية.

وتعتمد فكرة إنتاج المعادن النادرة في بيترفلد على إعادة تدوير تلك العناصر من الأجهزة الإلكترونية المنتهية الصلاحية.

ففي مايو/أيار (2024)، افتتحت هيراوس مصنعًا تصفه بأنه "الأكبر في إعادة تدوير مغناطيسات المعادن الأرضية النادرة في أوروبا".

واستهدف المصنع في البداية إنتاج نحو 600 طن من مسحوق المغناطيسات الأرضية النادرة سنويًا، مع خطط لمضاعفة هذا الرقم إلى 1200 طن في المستقبل القريب.

لكن بعد مضي عام من افتتاح المصنع، قالت هيراوس إنه "ما يزال يكافح من أجل مواكبة الطلب المحلي؛ نظرًا إلى الأهمية الإستراتيجية لتلك الصناعة".

وقال الرئيس المشارك لشركة هيراوس، ديفيد كريستيان بيندر: "لا يمكنني الكشف عن الرقم الدقيق للإنتاج، غير أننا لم نقترب بَعْد من السعة الكاملة"، وفق تصريحات أدلى بها إلى دويتشه فيله، تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وأضاف أن صناعة إعادة تدوير المعادن النادرة في أوروبا لا تقدر على مواكبة الشحنات الواصلة من الصين.

مصنع هيراوس في مدينة بترفيلد الألمانية
مصنع هيراوس في مدينة بيترفيلد الألمانية - الصورة من DW

اقتصاد عالي التقنية

تعتمد 4 قطاعات صناعية في ألمانيا على واردات البلاد من المعادن النادرة: وهي السيارات، والهندسة الميكانيكية، والطاقة، والدفاع.

وتشتد حاجة تلك الصناعات إلى معدن النيوديميوم الذي يشيع استعماله في عدد كبير من الأجهزة، بدءًا من المحركات الكهربائية وتوربينات الرياح، ومرورًا بأجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي ومكبرات الصوت في الهواتف الذكية، إلى جانب استعماله في التطبيقات العسكرية.

وبناءً عليه يُعد النيوديميوم أساس الاقتصاد الألماني المعتمد على التقنية.

وقال المسؤول في اتحاد الصناعات الألمانية "بي دي آي" (BDI)، ستيفان شتاينيكي: "تلك المغناطيسات تُستعمَل في الأسلحة الموجهة بدقة، والرادارات وأنظمة السونار، والاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية"، وفق تصريحات أدلى بها إلى دويتشه فيله.

وعلى الرغم من أن أوروبا تمتلك بعض الاحتياطيات من المعادن الأرضية النادرة، فإنها لا تمارس حاليًا أنشطة تعدين النيوديميوم.

واردات أوروبا من المعادن النادرة

تستورد القارة العجوز 100% من المعادن الأرضية النادرة الثقيلة، مثل التربيوم، و85% من العناصر الأرضية النادرة الخفيفة مثل النيوديميوم، من الصين التي تُنتِج كذلك 90% من المغناطيسات في العالم، وفق أرقام رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

وقال شتاينيكي: "بخصوص المحركات الكهربائية، والروبوتات والطائرات المسيرة، لا يُعد الاعتماد على الواردات مرتفعًا فحسب، بل هو أمر بالغ الأهمية بالنسبة إلى النظام".

ويؤدي توقف الاستيراد قصير المدى إلى تباطؤ عجلة الإنتاج، واختناقات في الإمدادات، وارتفاع الأسعار.

في المقابل فإن الاضطرابات طويلة المدى قد يَنتُج عنها إلغاء مشروعات في قطاعات تقنية رئيسة، بل ربما تشيع حالة عدم يقين لدى المستثمرين.

وفي أبريل/نيسان الماضي، فرضت الصين قيودًا صارمة على صادراتها من العديد من المعادن النادرة الثقيلة والمغناطيسات الأرضية النادرة؛ ما أدى إلى نقص حاد في أوروبا، بل توقفت خطوط الإنتاج تمامًا في بعض المناطق بألمانيا.

عامل في منجم معادن نادرة بمقاطعة جيانغشي الصينية
عامل في منجم معادن نادرة بمقاطعة جيانغشي الصينية - الصورة من Getty Images

قانون المواد الخام الحيوية

في عام 2024 أقر الاتحاد الأوروبي قانون المواد الخام الحيوية؛ إذ تستهدف أوروبا تعدين ما لا يقل عن 10% من المواد الخام التي تحتاج إليها، ومعالجة 40%، وإعادة تدوير 25% بحلول عام 2030.

ومن المقرر أن يقلص الاتحاد الأوروبي الاعتماد على أي دولة واحدة من خارج التكتل إلى ما يصل إلى 65% حداً أقصى.

ويرحب الخبراء بتلك المستهدفات الطموحة، قائلين إن الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى التحرك السريع وضخ استثمارات أكبر، واستحداث أدوات سياسية أكثر ابتكارًا.

وقال المدير العام لمنتدى نفايات المعدات الكهربائية والإلكترونية دبليو إي إي إي (WEEE) -منظمة غير ربحية مقرّها بروكسل- باسكال ليروي: "سلسلة إنتاج المغناطيسات طويلة ومكلفة، والتعدين الأخضر دائما ما يتسبّب بتدهور البيئة والتلوث".

وبخلاف شركة هيراوس ريملوي، يتسابق العديد من الشركات الأوروبية الأخرى للمشاركة في إعادة تدوير المعادن الأرضية النادرة، غير أن إيجاد العملاء الراغبين لدفع أموال أكثر لدعم المنتجين الأوروبيين يظل أمرًا صعبًا.

وقال مدير شركة تراديوم (TRADIUM) الألمانية لتوزيع المنتجات المعدنية يان جيزي، إن التحديات تعود إلى "الأسعار المرتفعة نسبيًا لمواد الخردة"، وارتفاع تكاليف الإنتاج الأوروبية، وانخفاض قدرات إعادة التدوير، وبالتالي ضعف اقتصادات النطاق.

ووفق مسؤولة الصحافة في المفوضية الأوروبية، رويا بيرينجيك: "لا يُعاد تدوير سوى أقل من 1% من المعادن النادرة المستهلكة في الاتحاد الأوروبي حتى الآن"، حسب تصريحات أدلت بها إلى "دويتشه فيله".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:
1.تعدين المعادن النادرة في بلدة بيترفيلد الألمانية من "دويتشه فيله".

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق