مباحثات التلوث البلاستيكي تصل إلى طريق مسدود بقيادة أميركا (تقرير)
محمد عبد السند

- عدة دول ترفض مشروع معاهدة جنيف بشأن التلوث البلاستيكي.
- ترفض البلدان النفطية أي قيود على إنتاج البلاستيك.
- دول "تحالف الطموح" ترغب في معاهدة ملزمة لمكافحة هذا التلوث.
- يتجاوز إنتاج المواد البلاستيكية 460 مليون طن سنويًا.
- قضية التمويل احتلت مساحة كبيرة على طاولة مفاوضات جنيف.
انتهت جولة المباحثات النهائية المقامة في جنيف لمقاومة التلوث البلاستيكي دون التوصل إلى معاهدة ملزمة قانونيًا؛ وفق أحدث متابعات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
ورفضت عدة دول بقيادة الولايات المتحدة إلى جانب منظمات غير حكومية وبيئية، نَص مشروع معاهدة جديدة بشأن التلوث بالمواد البلاستيكية، كان قد عُرِض في الجلسة العامة للأمم المتحدة في جنيف؛ ما يضفي غموضًا أكبر على جهود مكافحة هذا التلوث شديد الحساسية للبيئة.
وسبق أن أخفقت 5 جولات منذ عام 2022 في التوصل إلى معاهدة للحد من التلوث البلاستيكي، آخرها جولة كان يُفترض أنها نهائية استضافتها مدينة بوسان الكورية الجنوبية أواخر العام الماضي بسبب استمرار الخلاف بين عدد من البلدان النفطية ودول "تحالف الطموح".
وترفض البلدان النفطية أي قيودٍ على إنتاج البلاستيك، مفضلةً أن تركز أي معاهدة على إدارة تلك النفايات.
في المقابل يطالب عدد من دول "تحالف الطموح" ومنظمات غير حكومية بمعاهدة شاملة ملزمة تضع المخاطر البيئية والمناخية الناجمة عن البلاستيك في الحسبان.
و"تحالف الطموح" مصطلح يشير إلى تحالف لإنهاء التلوث البلاستيكي عبر التوصل إلى معاهدة بحلول عام 2040، ويضم الاتحاد الأوروبي وأستراليا وكندا وجنوب أوروبا إلى جانب دولة الإمارات.
إخفاق بقيادة أميركا
أخفقت الدول في التوافق حول أول معاهدة عالمية ملزمة قانونيًا بشأن التلوث البلاستيكي في نهاية الجولة الختامية من مباحثات ترعاها الأمم المتحدة في جنيف، عقب 3 سنوات من المفاوضات؛ ما يوجه صفعةً قويةً إلى عملية صناعة القرار متعددة الأطراف التي كثيرًا ما عارضتها أميركا.
وخلال الوقت الذي أبدت فيه غالبية أكثر من 170 دولة استعدادها للتوصل إلى معاهدة في جنيف خلال مباحثات اليوم الجمعة 15 أغسطس/آب، رفضت واشنطن التوافق على أي شيء خارج حدود الإجراءات الطوعية، بحسب ما صرح ممثلو الوفود المشاركة في المباحثات إلى صحيفة "فايننشال تايمز".
في الوقت ذاته لم توافق الدول التي تضغط باتجاه اتخاذ إجراءات للتعامل مع إنتاج البلاستيك، على أي معاهدة ترتكز بقوة على الإجراءات الطوعية التي وردت في مسودتين جديدتين؛ لتصل بذلك المباحثات الجارية برعاية الأمم المتحدة إلى طريق مسدود بعد أسبوعين من النقاشات المكثفة، بما في ذلك جلسة ختامية مطولة.
وقال وزير البيئة الدنماركي ماغنوس هيونيك: "كنا على أتم استعداد للتفاوض، وهو ما ينطبق على الكثير من الدول كذلك"، وفق تصريحات أدلى بها نيابةً عن الاتحاد الأوروبي، في أعقاب انتهاء الجلسة صبيحة اليوم الجمعة 15 أغسطس/آب.
وأضاف: "غير أنني أدرك أن بعض الدول في تلك المرحلة ليست مستعدة لدراسة كيفية المضي قدمًا وتوحيد آرائها؛ وهذا ما يتعين عليها فعله".

100 دولة
سعت 100 دولة إلى مجابهة التلوث البلاستيكي عبر الحد من إنتاج تلك المواد، بل رغب العديد من تلك الدول في اتخاذ تدابير لمواجهة المواد الكيميائية السامة المستعمَلة في تصنيع البلاستيك.
وقال المندوب عن توفالو -دولة جزرية في المحيط الهادئ- أيان فراي، إن التعددية تحطمت على صخرة إدارة الرئيس دونالد ترمب.
وأضاف: "أكثر من 100 دولة ترغب في حصول شيء، ونحن نتعامل مع الأمم المتحدة، وموقفها رجعي للغاية، وفق تصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
غير أن المدير التنفيذي لبرنامج البيئة التابع للأمم المتحدة إنغر أندرسون، واجه تلك الانتقادات عبر إشارته إلى وجود فريق للتفاوض، قائلًا: "من الصعب جدًا في سياق الولايات المتحدة أن نتوصل إلى اتفاقية يصدق عليها مجلسا الشيوخ والنواب.. هذا صعب جدًا حقًا".
وأضاف: "لكنهم يشاركون بحسن نية؛ وهذا أمر مهم، كما أنهم لم يغادروا المشهد، وهذا ضروري بالنسبة لنا".
قضية التمويل
قال ممثلون مشاركون في المباحثات إن الاتفاق على طرق تمويل مكافحة التلوث البلاستيكي كان أيضًا محور نقاش بالغ الأهمية؛ إذ كانت الدول المانحة التقليدية أقل قدرة على الالتزام بالتمويل نتيجة التزامها ببرامج الإنفاق الدفاعية المتزايد باستمرار.
وعلى الرغم من الإخفاق في التوصل إلى معاهدة التلوث البلاستيكي؛ فإن المباحثات النهائية قد أسفرت عن إحراز بعض التقدم الدبلوماسي، وفق مسؤولين.
فقد عقدت الصين، وهي واحدة من أكبر الدول المنتِجة للبلاستيك في العالم، والاتحاد الأوروبي مباحثات مثمرة، وسط حرص البلد الآسيوي على التوصل إلى نتائج إيجابية في هذا الخصوص، حسب ما قاله مصدر وتابعته منصة الطاقة المتخصصة.
فشل متكرر واستياء
لكن بعد المفاوضات المطولة التي استمرت حتى الساعات الأولى من صباح اليوم الجمعة 15 أغسطس/آب، أعرب المندوبون عن استيائهم البالغ من انهيار جولة أخرى من المباحثات التي تُعد السادسة من نوعها وكان من المتوقع أن تكون الأخيرة.
وقال رئيس الوفد الأوغندي في المباحثات بارريغا أكانكواسا، الذي عارض كذلك الإجراءات التي تواجه إنتاج المواد البلاستيكية: "نشعر بالإحباط من التقدم البطيء المحرَز".
وقال أكانكواسا إن العقبة الرئيسة في جولة المباحثات الحالية هي أن وفود الدول المشاركة لم تتمسك بتفويض المعاهدة، موضحًا: "لا يزال أمامنا نقاش كثير حول الوقود الأحفوري، والتلوث البلاستيكي لا يعني أحجام إنتاج البلاستيك"، وفق تصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
إنتاج البلاستيك
تضع تقديرات رسمية حجم إنتاج المواد البلاستيكية الجديدة عند أكثر من 460 مليون طن سنويًا، ينتهي نحو 20 مليون طن منها في البيئة، وصولًا إلى النظام الإيكولوجي ومجرى الدم في الإنسان.
وقال المسؤول في مركز القانون البيئي الدولي ديفيد أزولاي، إنه قد أصبح واضحًا خلال الأيام الأخيرة من المباحثات أن بعض الدول لم تأتِ إلى جنيف كي تنجز نصًا بل لكي تعرقل التوصل إلى معاهدة ذات جدوى.
وأضاف: "من المستحيل أن تجد أرضية مشتركة بين هؤلاء المعنيين بحماية الوضع الراهن وبين الأغلبية الساعين إلى إبرام اتفاقية فاعلة يمكن تعزيزها بمضي الوقت".
موضوعات متعلقة..
- خفض التلوث البلاستيكي العالمي بنسبة 80% ممكن بحلول 2040 (تقرير)
- النفايات البلاستيكية.. كاليفورنيا تستجوب إكسون موبيل عن دورها في التلوث البيئي
- إنتاج الهيدروجين من النفايات البلاستيكية.. تقنية أميركية منخفضة الانبعاثات
اقرأ أيضًا..
- مصدر لـ"الطاقة": لبنان لا يستورد وقودًا من مصر.. "دولة خليجية" صاحبة الشحنة
- حقل الحوية.. مشروع عملاق لإنتاج الغاز ومعالجته في السعودية
- خبير: صادرات النفط العراقي تواجه تحديات.. وخلاف حول "إسرائيل" يعطّل أنبوبًا مهمًا
المصدر: