رئيسيةتقارير الطاقة المتجددةطاقة متجددة

قطاع الطاقة المتجددة في مصر يشهد تغييرات جذرية لدفع النمو (تقرير)

دينا قدري

يسير قطاع الطاقة المتجددة في مصر بخطى ثابتة نحو الإسهام بحصة متنامية في توليد الكهرباء، استمرارًا لجهود تقليل الاعتماد على الغاز الطبيعي.

وسلّط مقال حديث -اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- الضوء على التطورات الأخيرة في قطاع الطاقة المتجددة في مصر، التي تشير إلى وجود صناعة ناضجة قادرة على دعم النمو، وتخفيف الضغوط طويلة المدى على ميزان المدفوعات.

وأكد كاتب المقال، الشريك المؤسس، الخبير الإستراتيجي في الاقتصاد الكلي بشركة "إيميرجينج آند فرونتيير كابيتال" (Emerging & Frontier Capital)، سايمون كيتشن، أن تنويع مصادر الطاقة سيساعد على ضمان إمدادات طاقة أكثر استقرارًا، وهو أمر ضروري لجذب الاستثمارات الأجنبية، مع تحويل إنتاج الشركات المصنعة العالمية، استجابةً لارتفاع التعرفات الجمركية الأميركية.

كما أن زيادة استعمال مصادر الطاقة المتجددة المحلية تُقلل من الحاجة إلى استيراد الغاز المُكلف؛ ما يُخفف من ضغوط أسعار الصرف الأجنبي.

وعلى المدى البعيد، سيُسهم قطاع الطاقة المتجددة بمصر في تحقيق تنمية قوية ومستدامة، وتسريع وتيرة توفير فرص العمل، وإعادة القاهرة إلى مسار النمو المرتفع الذي كانت عليه قبل عقدَيْن من الزمن.

تعثّر قطاع الغاز الطبيعي في مصر

ما يزال الغاز الطبيعي اليوم أهم مصدر للطاقة في مصر؛ إذ تستهلك البلاد نحو 6 مليارات قدم مكعّبة يوميًا، منها 70% مخصصة لتوليد الكهرباء، ويُغذي الغاز الطبيعي 85% من كهرباء مصر.

لكن العرض شهد تقلصًا في السنوات القليلة الماضية؛ إذ انخفض إنتاج مصر من الغاز الطبيعي بصورة مطردة، من نحو 7 مليارات قدم مكعّبة يوميًا في عامَي 2020 و2021، عندما كانت مصر مُصدّرًا صافيًا، إلى ما يزيد قليلًا على 4 مليارات قدم مكعّبة يوميًا، وفق قاعدة البيانات لدى منصة الطاقة المتخصصة.

كما انخفضت واردات مصر من الغاز في العام الجاري (2025) بسبب انخفاض الإنتاج الإسرائيلي، متأثرًا بأعمال الصيانة المجدولة والانقطاعات المرتبطة بالحرب في قطاع غزة، بالإضافة إلى التأخير في دمج شحنات الغاز المسال من مُصدّرين آخرين في الشبكة المحلية المصرية.

وأضاف كاتب المقال سايمون كيتشن، أنه يُمكن أن تكون واردات الغاز مكلفة، فمع انخفاض الإنتاج المحلي انقلب ميزان تجارة الغاز في مصر، من فائض قدره 8.3 مليار دولار في عام 2022 إلى عجز قدره 4.6 مليار دولار في عام 2024، أي ما يعادل 1.2% من الناتج المحلي الإجمالي.

ويعني نقص إمدادات الغاز اتخاذ قرارات صعبة على الحكومة، فعندما يحدث نقص تُعطي مصر الأولوية لتوليد الكهرباء على الاستعمال الصناعي؛ ما دفع بعض المصانع إلى تقليص إنتاجها في العام الجاري (2025)، بحسب ما جاء في المقال الذي نشرته منصة "أرابيان غلف بيزنس إنسايت" (Arabian Business Gulf Insight).

مصادر الطاقة المتجددة في مصر

شدّد المقال، الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، على أن توسيع نطاق مصادر الطاقة المتجددة في مصر، خاصةً الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، يُعد أمرًا أساسيًا لتقليل هذا الاعتماد، وقد توسعت قدرة البلاد على توليد الطاقة المتجددة بسرعة خلال العقد الماضي.

وفي نهاية عام 2024، وصلت قدرات الطاقة المتجددة إلى 4.8 غيغاواط، وهو ما يمثّل 8% من القدرة الكهربائية الوطنية، ارتفاعًا من 2% فقط في عام 2014، ولكن هذه الحصة قابلة للنمو بصورة كبيرة.

ويرصد الرسم البياني الآتي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- تطورات سعة توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة في مصر، منذ عام 2015 حتى عام 2024:

الطاقة المتجددة في مصر

حتى الآن، كانت جميع الطاقة المنتَجة من المصادر المتجددة -تقريبًا- تُباع للحكومة بموجب نموذج "المشتري الوحيد"، وقد حدّ هذا الالتزام من نمو القدرة الكهربائية، وبالتالي من حصة مصادر الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء.

ولكن من المتوقع أن تُبشّر الموافقة التي جرت في شهر يوليو/تموز الماضي على مبيعات الطاقة المتجددة من القطاع الخاص إلى القطاع الخاص (P2P)، بموجب القواعد التي أُدخلت في عام 2024، باتجاه تصاعدي جديد في نمو مصادر الطاقة المتجددة.

ووفق التفاصيل التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، ستوفر 4 مشروعات كهرباء مملوكة للقطاع الخاص بقدرة 100 ميغاواط الكهرباء للمستهلكين الصناعيين مثل شركات صناعة الصلب، دون أي ضمانات حكومية؛ إذ يقتصر دور الدولة على النقل مقابل رسوم.

تطور مماثل في المغرب

وصف المقال التطورات بقطاع الطاقة المتجددة في مصر بـ"الصغيرة، ولكنها مهمة"، وتُظهر تحركات مماثلة في أماكن أخرى في المنطقة كيف يُمكن لنظام البيع من الشركات الخاصة إلى مستهلكين آخرين في القطاع الخاص (P2P) أن يُحدث تحولًا في قطاع الطاقة.

وضرب كاتب المقال سايمون كيتشن مثالًا بالمغرب، الذي قدّم سوقًا تجارية مشابهة في عام 2010؛ وفي غضون بضع سنوات، بدأت القدرة الكهربائية الارتفاع بسرعة.

واليوم، تُنتج الرباط أكثر من ربع طاقتها الإنتاجية من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، بما في ذلك الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

وأكد "كيتشن" أن طاقة الرياح والطاقة الشمسية لا تعملان دائمًا -بالطبع- بالكفاءة نفسها التي تعمل بها محطات الوقود الأحفوري؛ إلا أنها غطت أكثر من 8% من استهلاك المغرب من الكهرباء في عام 2023، بعد أن كانتا تمثّلان أقل من 1% في عام 2010 عند تغيير القواعد.

ويعتقد "كيتشن" أن نمطًا مشابهًا من الارتفاع السريع في الطاقة الإنتاجية وتوليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، ستشهده مصر خلال العقد المقبل مع تزايد شعبية مبيعات القطاع الخاص (P2P).

والأهم من ذلك، أن إطلاق محطات الطاقة الشمسية المزودة بوحدات تخزين سيساعد مصر على سد الفجوة بين الطاقة الإنتاجية المركبة والتوليد الفعلي.

خطة مصر لتنويع مصادر الكهرباء

وفق التفاصيل التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، تخطط مصر لزيادة إسهام الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء الوطني إلى 10 آلاف ميغاواط بحلول نهاية العام المقبل (2025)، سعيًا لوضع حلول لزيادة الطلب محليًا.

وتستهدف البلاد وصول نسبة إسهام الطاقة المتجددة في إجمالي مزيج الكهرباء إلى 42% بحلول عام 2030، حتى ترتفع إلى نسبة مشاركة أكثر من 60% عام 2040.

ويوضح الرسم البياني الآتي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- مقارنة بين مزيج توليد الكهرباء في مصر عامَي 2023 و2024:

مزيج توليد الكهرباء في مصر

واعتمدت الحكومة أواخر العام الماضي (2024) خطة شاملة تهدف إلى تنويع مصادر الكهرباء، وزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة ولا سيما في تشغيل المشروعات القومية مع تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وفق بيانات حصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

وترتكز الخطة على استغلال الإمكانات الهائلة التي تتمتع بها البلاد من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، بما يُسهِم في خفض انبعاثات الكربون، مع ضمان استدامة إمدادات الكهرباء.

كما تهدف الخطة إلى تحول مصر إلى وجهة استثمارية محفّزة في مجالات الطاقة المتجددة، وهو ما يعزّز من ثقة المجتمع الدولي ورؤيته لجهود تحول الطاقة في القاهرة.

وتأتي هذه الجهود استمرارًا لمحاولات الاستغلال الأمثل لمصادر الطاقة المتجددة في مصر، بوصفها إحدى الأولويات التي تعمل الحكومة على تنفيذها، في إطار إستراتيجيتها للطاقة المتكاملة والمستدامة، وتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية في قطاع الطاقة المتجددة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق