بعد اتفاق الرسوم الجمركية مع أميركا.. هل تستطيع كوريا الجنوبية الوفاء بأهدافها المناخية؟
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

- كوريا الجنوبية توافق على شراء منتجات طاقة أميركية بقيمة 100 مليار دولار.
- واردات كوريا من الطاقة الأميركية تجاوزت 19 مليار دولار في 2024.
- الوفاء بالتزامات صفقة الرسوم الجمركية يهدد أهداف المناخ الكورية الطويلة.
- كوريا تخطط لخفض الاعتماد على الغاز في مزيج الكهرباء إلى 10% بحلول 2038.
تشير صفقة الرسوم الجمركية الموقّعة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية -مؤخرًا- إلى انفراجة في العلاقات التجارية والسياسية بين البلدين، لكن ثمة أبعادًا بيئية للصفقة لم يُسلط عليها الضوء بعد.
وبحسب تقرير تحليلي حديث -اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)- فإن هذه الصفقة ستضرب سياسات المناخ وأهداف خفض الانبعاثات الكورية في مقتل على المديين القريب والمتوسط على الأقل.
وكانت حكومة كوريا الجنوبية قد وافقت في 31 يوليو/تموز 2025، على شراء منتجات طاقة أميركية بقيمة 100 مليار دولار خلال السنوات المقبلة في إطار مفاوضات الرسوم الجمركية بين البلدين.
ونتيجة لذلك، قبلت إدارة الرئيس دونالد ترمب أن تكون الرسوم الجمركية المفروضة على صادرات كوريا الجنوبية للولايات المتحدة في حدود 15%.
ورغم أن هذا الاتفاق ربما جنَّب كوريا الجنوبية فرض رسوم جمركية أعلى؛ فإن الالتزام بشراء الوقود الأحفوري بهذه الطريقة، قد يقوض أهداف المناخ في رابع أكبر الاقتصادات الآسيوية.
كما قد يؤدي إلى زيادة تكاليف الطاقة، ويفاقم من مخاطر الأصول العالقة في ظل خطط البلاد لخفض الاعتماد على الغاز المسال في مزيج الكهرباء بالمستقبل.
تحليل اتفاق الرسوم الجمركية
أصبحت كوريا الجنوبية ملزمة بزيادة وارداتها من منتجات الطاقة الأميركية بموجب الاتفاق الذي أعلنته في أثناء التفاوض بشأن الرسوم الجمركية بين البلدين.
ويتطلب الوفاء بالتزامات شراء ما قيمته 25 إلى 33 مليار دولار من منتجات الطاقة الأميركية سنويًا، زيادة حجم وقيمة مشتريات كوريا الجنوبية من الطاقة بنسب تتراوح من 29% إلى 72%.
وبافتراض ثبات تركيبة منتجات الطاقة وأسعارها لعام 2024؛ فمن المتوقع أن تترجم هذه الالتزامات في صورة زيادة واردات النفط الخام السنوية بما يتراوح من 30 إلى 39 مليون طن، وزيادة واردات الغاز المسال بما يتراوح من 7 إلى 10 ملايين طن.
وبلغت قيمة واردات كوريا الجنوبية من منتجات الطاقة الأميركية قرابة 19 مليار دولار في عام 2024، منها 14.25 مليار دولار للنفط الخام.
أما وارداتها من الغاز المسال الأميركي فقد بلغت قرابة 5.6 مليون طن أو ما يعادل 3.1 مليار دولار، وهو ما يمثل 12% من إجمالي واردات كوريا الجنوبية خلال العام الماضي (46.33 مليون طن).
وبلغت واردات كوريا الجنوبية من الغاز المسال قرابة 24 مليون طن خلال النصف الأول من 2025، لتحتل المركز الثالث عالميًا بعد اليابان والصين، بحسب بيانات تقرير أسواق الغاز المسال العربية والعالمية الصادر عن وحدة أبحاث الطاقة -مؤخرًا- والموضحة في الرسم البياني التالي:
مخاطر زيادة الاستيراد من أميركا
يتوقع تحليل معهد اقتصادات الطاقة ارتفاع فاتورة استيراد منتجات الطاقة الأميركية بالنسبة لكوريا الجنوبية بما يعادل مرة ونصف مستواها الحالي، إذا قررت شراء ما قيمته 25 إلى 33 مليار دولار سنويًا خلال الأعوام الـ3 أو الـ4 المقبلة.
كما تحتاج كوريا الجنوبية للوفاء بهذه الالتزامات إلى أن تجعل الولايات المتحدة المورد الحصري أو شبه الحصري لاحتياجاتها من الطاقة، ما يتطلب فسخ العقود القائمة لاستيراد الغاز المسال مع دول أخرى، وتكبد غرامات كبيرة، فضلًا عن تعريض أمن الطاقة والاقتصاد الكوري للخطر بالاعتماد على مصدر واحد.
وترتبط الشركات الكورية بالفعل بعقود طويلة الأجل تتراوح من 15 إلى 20 عامًا مع موردين مختلفين حول العالم لتوريد 36 مليون طن من الغاز المسال؛ منها قرابة 6.5 مليون طن من الولايات المتحدة.
ومن المقرر أن تتزايد هذه الكميات بين عامي 2026 و2028، مع دخول بعض التعاقدات الجديدة حيز التنفيذ، بحسب التقرير.
وتعتمد كوريا الجنوبية على استيراد الغاز المسال تاريخيًا عبر العقود طويلة الأجل بنسب تتراوح من 65% إلى 68%، في حين تستورد الكميات المتبقية من السوق الفورية حسب موازنات العرض والطلب والأسعار.
أهداف المناخ وخفض الانبعاثات في خطر
تستهدف الحكومة الكورية خفض الاعتماد على الغاز المسال في مزيج الكهرباء من 28% عام 2024 إلى 10.6% بحلول عام 2038، في إطار خطط خفض الانبعاثات طويلة الأجل، مع زيادة حصة الطاقة المتجددة.
ويستلزم هذا الهدف خفض إنتاج الكهرباء بالغاز المسال بأكثر من 50% لتصل إلى 74.3 تيراواط/ساعة بحلول عام 2038.
ويعني هذا أن أي توقيع لعقود جديدة طويلة الأجل لاستيراد الغاز المسال من الولايات المتحدة أو غيرها سيضر أهداف البلاد المناخية على المدى الطويل.

لهذه الأسباب يخشى معهد اقتصادات الطاقة من أن التزام كوريا الجنوبية في إطار صفقة الرسوم الجمركية الأميركية الأخيرة، قد يؤدي إلى ترسيخ الاعتماد على الوقود الأحفوري في مزيج الكهرباء لمدة أطول مما تخطط له البلاد على الأقل.
موضوعات متعلقة..
- واردات كوريا الجنوبية من الغاز المسال الأميركي.. هل تتحول إلى عبء اقتصادي؟
- واردات كوريا الجنوبية من النفط تترقب مسارات جديدة.. هل تعود لشراء الخام الإيراني؟
- الرقائق الإلكترونية الكورية تنجو من "مقصلة" رسوم ترمب الجمركية
اقرأ أيضًا..
- الغاز المسال بين الشرق والغرب.. 3 تطورات تغيّر قواعد اللعبة (مقال)
- وزير الطاقة السوري يتحدث عن إحياء مشروع ضخم مع العراق
- إعادة بئر غاز مهجورة في مصر تدعم الاحتياطيات بـ4 مليارات قدم مكعبة
- التخزين الجوفي للغاز.. حل إستراتيجي لأمن الطاقة العالمي
المصدر: