حقل المرجان البحري في مصر.. قصة اكتشاف أنقذ اقتصاد البلاد وقت الحرب (تقرير)
أحمد بدر

في 13 أبريل/نيسان من عام 1967، خرج أول برميل نفط من حقل المرجان البحري في مصر، الواقع بمنطقة خليج السويس، وذلك بعد اكتشافه بنحو عامين، في عام 1965، ليصبح الحقل بعدها دعامة مهمة للاقتصاد، لا سيما في أوقات الحروب.
وبحسب قاعدة بيانات حقول النفط والغاز العربية لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فإن بدء إنتاج النفط الخام من هذا الحقل قبل حرب يونيو/حزيران 1967، كان هدية مهمة لمصر -التي كانت تعتمد على حقول بلاعيم وأبو رديس الواقعة في قلب سيناء، والتي سقطت تحت يد الاحتلال حينها- بنسبة 80% من إنتاج البلاد النفطي الإجمالي.
لذلك، جاء حقل المرجان البحري في مصر بمثابة إنقاذ لقطاع النفط، وقفز حجم إنتاجه بسرعة من 2000 برميل فقط يوميًا في أبريل/نيسان 1967، إلى 100 ألف برميل يوميًا في شهر أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه.
وعلى هذا الأساس، ذهب بعض المؤرخين والمتخصصين في مجال الطاقة إلى وصف حقل المرجان في منطقة خليج السويس، بكونه واحدًا من أبطال حرب أكتوبر/تشرين الأول عام 1973، وكذلك أحد أبطال الاقتصاد خلال السنوات الـ6 بين الاحتلال والتحرير.
اكتشاف حقل المرجان النفطي
على الرغم من مرور 59 عامًا على اكتشاف حقل المرجان النفطي للمرة الأولى، ما يزال الحقل يشهد عمليات تطوير من جانب شركة "بترول خليج السويس جابكو"، التي تتولى إدارته منذ لحظات الإنتاج الأولى في عام 1967.
وفي فبراير/شباط من عام 2024، كشف رئيس شركة جابكو المهندس صلاح عبد الكريم خطة الشركة الاستثمارية للعام المالي المقبل 2024-2025، التي تتضمن ضخ استثمارات تُقدَّر بنحو 586 مليون دولار خلال العام، من بينها عمليات تطوير محطة الإنتاج الرئيسة في حقل المرجان "المرجان 36"، وفق ما نقله موقع الهيئة الوطنية للإعلام.

وتشهد هذه المحطة الرئيسة أعمال تحديث لوحدة التوربينات العملاقة فيها، تأتي ضمن جهود وخطط زيادة معدلات الإنتاج، التي تستهدف الحكومة المصرية من خلالها زيادة معدلات إنتاج النفط والغاز، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
يشار إلى أن وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية ما تزال تعوّل على حقل المرجان لدعم إنتاجها من النفط الخام، إذ يكتسب الحقل منذ سنوات طويلة أهمية بالغة، بعد دوره الكبير في تعويض نقص الإنتاج أواخر الستينيات وبداية سبعينيات القرن الماضي.
تاريخ اكتشاف حقل المرجان النفطي
في شهر مارس/آذار من عام 1964، وقّعت الحكومة، ممثلةً في "مؤسسة البترول"، التي صار اسمها لاحقًا "الهيئة المصرية العامة للبترول"، اتفاقية مع شركة "بان أميركان"، التي سُميت لاحقًا "أموكو"، للتنقيب عن النفط والغاز في خليج السويس.
وقبل أن ينتهي العام، كانت الشركة الأميركية قد توصلت إلى اكتشاف حقل المرجان النفطي، ليبدأ بعدها تنفيذ الجزء الثاني من الاتفاقية، التي نصّت على أن تحصل الشركات الأجنبية المتخصصة في التنقيب عن النفط والغاز على مناطق امتياز محددة، وتنفق مبالغ معينة خلال مدة التعاقد، ثم توقّع اتفاقية جديدة حال التوصُّل إلى كشف بمنطقة الامتياز.
وفي نهاية يوليو/تموز من عام 1965، أرسلت الشركة الأميركية تأكيدًا إلى الحكومة المصرية بأن عمليات التنقيب عن النفط والغاز في مناطق الامتياز التي حصلت عليها في خليج السويس أثمرت بوضوح، إذ تفجَّر النفط من أول بئر استكشافية في حقل المرجان البحري.

وبالفعل، عقدت الشركة الأميركية اتفاقية جديدة مع الحكومة المصرية بعد توصُّلها إلى اكتشاف نفط وغاز اقتصادي، تكونت بموجبها شركة جديدة تتولى أعمال البحث والإنتاج والتطوير نيابة عن الطرفين، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وإثر هذه الخطوة، تأسست شركة بترول خليج السويس "جابكو" لتتولى عمليات الاستخراج والإنتاج والتطوير نيابة عن الشركة الأميركية والحكومة المصرية، ليدخل حقل المرجان النفطي خطَ الإنتاج، وليصبح لاحقًا أحد أكبر الحقول المنتجة في مصر.
وعلى الرغم من صعوبة تضاريس المنطقة البحرية، التي جعلت عملية الإنتاج من حقل المرجان النفطي مسألة شاقّة، تمكنت شركة جابكو من تركيب منصات الحفر البحرية، لتنطلق أولى عمليات الإنتاج في 13 أبريل/نيسان 1967، وفق ما نشره الموقع الإلكتروني للهيئة العامة للاستعلامات.
إنتاج النفط من حقل المرجان
منذ اليوم الأول من بدء إنتاج النفط من حقل المرجان البحري في مصر، كان معدل الضخ اليومي يبلغ نحو 2000 برميل، ولكن مع بدء حرب يونيو/حزيران 1967، زادت شركة جابكو معدلات الإنتاج لتسجل نحو 100 ألف برميل يوميًا في شهر أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه.
ولأن الغرض من زيادة الإنتاج كانت تعويض خسائر القطاع من احتلال إسرائيل عددًا من الحقول النفطية الواقعة داخل سيناء، مثل بلاعيم بري وبلاعيم بحري وأبو رديس، وهي الحقول الرئيسة التي كانت الحكومة المصرية تعتمد عليها في إنتاج النفط الإجمالي للبلاد، فقد تمكّن الحقل من تحقيق قفزة إنتاجية ضخمة.
ومع عمليات التطوير التي شهدها حقل المرجان، وتشغيل محطة الإنتاج "مرجان-8"، زاد إنتاج الحقل في مايو/أيار من عام 1969 إلى 200 ألف برميل يوميًا، قبل أن يقفز الإنتاج إلى 300 ألف برميل يوميًا بحلول عام 1970، بفضل محطة "مرجان-36"، وفق ما نشره موقع "وكالة أنباء البترول والطاقة".
وسجّل الحقل إنتاجًا قياسيًا خلال مدة الحرب، وتحديدًا في 9 أغسطس/آب 1970، إذ بلغ إنتاجه نحو 341 ألف برميل يوميًا، ليستحوذ وحده -حينها- على نحو 70% من إنتاج مصر الإجمالي من النفط الخام، وفق الأرقام التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وخلال المدة بين السبعينيات وأوائل التسعينيات، سجل إنتاج الحقل نحو 600 ألف برميل يوميًا، قبل أن يتراجع إنتاجه في عام 1993 إلى نحو 200 ألف برميل يوميًا، بسبب عدد من العوامل الطبيعية، بالإضافة إلى تراجع احتياطيات آباره.
موضوعات متعلقة..
- حقل أبوماضي.. حكاية اكتشاف غاز في مصر عمره 57 عامًا
- أكثر 10 دول توليدًا للكهرباء بالغاز.. السعودية ومصر في القائمة (إنفوغرافيك)