أنسيات الطاقةالتقاريرتقارير النفطرئيسيةنفط

أنس الحجي: قرارات أوبك+ فُسرت بشكل خاطئ.. وهكذا زادت مخزونات الصين

أحمد بدر

عندما أعلنت مجموعة الـ8 الأعضاء في تحالف أوبك+، في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي 2024، عزمها إعادة التخفيضات الطوعية ابتداءً من شهر أبريل/نيسان الماضي، توقَّع كثيرون تأخير هذا القرار، لأن أوضاع السوق ما زالت صعبة.

وفي هذا السياق، قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن الكثير من التوقعات المتشائمة بشأن أسعار النفط خلال الأشهر الأخيرة لم تكن مبنيّة على فهم دقيق للواقع، مشيرًا إلى أن السوق كانت تواجه ظروفًا استثنائية، لكن محللين تجاهلوا عوامل موسمية وجيوسياسية مهمة.

وأكد الحجي أن قرار مجموعة الـ8 في أوبك+ فُسّر خطأ من قِبل كثير من المحللين الذين توقّعوا انهيارًا في الأسعار، إلّا أن واقع السوق أثبت عكس ذلك، إذ إن كان واضحًا تمامًا لاحقًا أن هناك أشياء أساسية يجب التعامل معها، وإلّا فإن التحالف سيفقد مصداقيته، خاصةً فيما يتعلق بالزيادة الضخمة في إنتاج قازاخستان.

وأضاف: "عندما بدؤوا بالزيادة في شهر أبريل/نيسان، وكانت زيادة سقف الإنتاج بمقدار 138 ألف برميل يوميًا، أعلن محللون في عدّة بنوك ومؤسسات أن أسعار النفط ستنخفض، وبعضهم في مؤسسات استشارية ضخمة توقّعوا أن تنخفض أسعار النفط إلى الثلاثينيات أو الأربعينيات".

واستدرك قائلًا: "لكن لو نظرنا إلى أسعار النفط اليوم، نجد أنها ما زالت في السبعينات، فالواضح تمامًا، أن هناك أشياء لم ينتبه لها المحللون، أدت دورًا كبيرًا في منع الأسعار من الانخفاض بعد قرار دول أوبك+".

جاء ذلك خلال حلقة جديدة من برنامج "أنسيات الطاقة"، الذي يقدّمه الدكتور أنس الحجي عبر مساحات منصة "إكس"، وجاءت بعنوان: "مستجدات أسواق النفط والغاز.. وحروب الغاز المسال".

عوامل موسمية حرجة لم تُحتسب

قال أنس الحجي: إن "أهم هذه الأمور هو موضوع الحج في السعودية في شهر يونيو/حزيران، الذي يبدأ التحضير له في الشهرين السابقين، وتُخَزَّن خلاله المواد النفطية، ويزداد استهلاك النفط في السعودية خلال الحج بشكل كبير، ونحن نتحدث عن زيادة في استهلاك البنزين والديزل وزيت الوقود ووقود الطائرات، وهذا لم يحسبه المحللون".

وأضاف: "الأمر الآخر هو فصل الصيف؛ حيث يزداد استهلاك النفط بشكل كبير، بسبب الطلب المرتفع على التكييف، الذي يتطلب بدوره زيادة في استهلاك الكهرباء، وهذه الكهرباء تتطلب حرق النفط لتوليدها، وهذا لا ينطبق على السعودية فقط، بل ينطبق تقريبًا على كل دول أوبك+ بالكامل، ولم ينتبه المحللون أيضًا لهذا الموضوع".

الكعبة الشريفة خلال موسم الحج
الكعبة الشريفة خلال موسم الحج - الصورة من وزارة الحج

ولفت أنس الحجي إلى أن المحللين أغفلوا الموضوع الأهم، وهو أن أغلب هذه الكميات التي أعلنت مجموعة الـ8 إعادتها، موجود في السوق سابقًا، بسبب تجاوز العراق وقازاخستان وروسيا حصصها الإنتاجية.

وأردف: "أغلب هذه الزيادة كانت على الورق وليست زيادة حقيقية، بالإضافة إلى أنه كان هناك انخفاض كبير في صادرات الولايات المتحدة والبرازيل وفنزويلا والإكوادور، وكل هذه العوامل لم ينتبه لها أحد، وكلّها أدت دورًا في منع أسعار النفط من الانخفاض بعد قرار دول أوبك+".

واستطرد: "هذا الكلام سبق إعلانه، وأكرره لسبب آخر: فنحن الآن في الأسبوع الثالث من شهر يوليو/تموز، أي إن البيانات التي كنّا نتحدث عنها سابقًا أصبحت متاحة الآن، فماذا تقول لنا البيانات؟ البيانات تؤكد كل ما قيل سابقًا في هذا الموضوع".

الزيادة الإنتاجية على الورق فقط

أوضح أنس الحجي أن "صادرات دول أوبك+ انخفضت في شهر أبريل/نيسان بدلًا من أن تزيد، وانخفضت في مايو/أيار أيضًا، ثم ارتفعت في يونيو/حزيران".

ولكن -وفق الحجي- بالنظر إلى كل الزيادات في سقف الإنتاج خلال هذه الأشهر الـ3، يتضح أنها بلغت 960 ألف برميل يوميًا، لكن الزيادة الصافية في الصادرات كانت بحدود نصف ذلك.

لذلك، فإن المحللين أخطؤوا في تقدير هذه الأمور، ولم ينتبهوا إلى أن ما سيراه العالم من زيادات سيكون أقل بكثير من المُعلَن.

إنتاج أوبك+

وأضاف: "لو نظرنا الآن إلى بيانات الصادرات وبيانات الشحن والسفن الموجودة في المواني حاليًا، نجد أنه ليس هناك زيادة في شهر يوليو/تموز".

بعبارة أخرى -بحسب أنس الحجي-، كانت هناك زيادة في شهر يونيو/حزيران وهي نصف الزيادة المُعلَنة، وفي شهر يوليو/تموز ليس هناك زيادة على الإطلاق.

ولكن الأمر أعقد من ذلك، لأنه في المدة نفسها تستورد بعض دول الخليج -بما فيها السعودية- زيت الوقود الذي يُستعمَل في محطات الكهرباء، وهذا الاستيراد يجب أن يُخصم أيضًا ويُحسب، والمحللون لم يحسبوا ذلك.

ارتفاع مخزونات الصين ليس مؤشرًا سلبيًا

انتقل أنس الحجي إلى الملف الصيني قائلًا: "موضوع الطلب على النفط في الصين حسّاس، إذ إن آخر قرار من مجموعة الـ8 في أوبك+ كان مفاجئًا للسوق، عندما أعلنوا أن الزيادة في الإنتاج ستكون 5 أضعاف المقررة سابقًا، أي إن الزيادة ستكون في شهر أغسطس/آب 548 ألف برميل يوميًا، بدلًا من 411 ألفًا".

وأضاف: "طبعًا هذا فاجأ السوق، ولكن الأسعار لم تنخفض مرة أخرى، لأن هناك أسبابًا كثيرة لعدم الانخفاض، منها مثلًا ظهور بيانات ولاية شمال داكوتا -وهي ولاية نفطية - تُظهر انخفاضًا في إنتاج النفط بنحو 60 ألف برميل يوميًا.. الإنتاج الأميركي في انخفاض".

مخزونات النفط في الصين

وأشار مستشار تحرير "الطاقة" إلى أن "الحديث زاد على مستوى المخزون العالمي، لأن مجموعة الـ8 عندما قررت زيادة الإنتاج بهذا الشكل، قالت، إنه بسبب انخفاض المخزونات. وهناك انخفاض عالمي بالفعل في المخزونات، ولكن ليس في الصين، فمستوى المخزون هناك حاليًا يرتفع، لدرجة أنه وصل إلى أعلى مستوى له في التاريخ".

واستدرك: "لكن علينا أن ننتبه إلى التفاصيل، فأحد أسباب هذا الارتفاع الهائل هو أن شركات المراقبة حسّنت من أدائها في الرصد، فمثلًا كان هناك ميناء صغير فيه 4 أو 5 خزانات لم تكن محسوبة، فأضافوها رغم أنها موجودة منذ زمن، ولكن بما أنها أُضيفت فقد حُسِبَت اليوم، فجزء من هذه الزيادة هو في الأصل أشياء موجودة سابقًا".

واختتم الحجي حديثه قائلًا: "يجب أن نفهم الوضع الصيني جيدًا.. نحن نراقب هذا الأمر منذ عامين بدقّة، ونكتب عنه في النشرة الإنجليزية بشكل شبه يومي.. كل شيء تنظر له في الصين الآن يركّز على سياسة واحدة، وهي زيادة الإنتاج المحلي من الطاقة بأيّ ثمن".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق