هل تنفجر فقاعة السيارات الكهربائية الصينية؟ "حمامات دم" تنتظرها (تقرير)
محمد عبد السند

- حرب أسعار تتزايد بين شركات السيارات الكهربائية الصينية
- تزايد فرص انهيار شركات السيارات الكهربائية في الصين
- يرفع المعروض الزائد من السيارات الكهربائية حدة المنافسة
- تصنع الصين مشكلاتها بأيديها بسبب سياساتها التصنيعية
- قد يتكرر سيناريو "إيفرغراند" في سوق السيارات الصينية
تجلس سوق السيارات الكهربائية الصينية على صفيح ساخن في ظل تنامي حرب الأسعار التي تُطلقها الشركات في البلد الآسيوي لاجتذاب العملاء؛ ما يتسبّب بتآكل هوامش الأرباح، وزيادة المخاطر على سلامة المستهلكين.
ويضطر مُصنّعو المركبات الكهربائية في الصين إلى خفض الأسعار بصورة غير منضبطة للحفاظ على وجودها في السوق؛ ما يثير قلق الخبراء بشأن تدهور الأوضاع المالية لتلك الشركات، لا سيما الناشئة منها، وقدرتها على الاستمرار على المدى الطويل.
وما يزيد الطين بلة هو التحذيرات التي أطلقها البعض من إمكان وقوع شركات السيارات الكهربائية الصينية فيما سمّوه "حمام دم" خلال السنوات القليلة المقبلة، بعد تزايد فرص انهيارها على غرار قطب العقارات "إيفرغراند"، وفق مقال لمحرر شؤون السيارات روب هول، طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
ويُشار بأصابع الاتهام إلى شركة بي واي دي (BYD) الصينية التي أطلقت جولةً جديدةً من تخفيضات الأسعار في مايو/أيار الماضي، شملت خصمًا يتجاوز 30% على أحد طرازاتها، ليحذو حذوها العديد من الشركات الأخرى.
ودفعت تلك التطورات رابطة مُصنّعي السيارات في الصين إلى مطالبة الشركات باحترام مبادئ المنافسة العادلة وتجنّب الاحتكار أو بيع المنتجات بأسعار تقل عن تكلفة الإنتاج.
غزو الأسواق العالمية.. بريطانيا مثالًا
على الرغم من حداثة عهدها فإن العديد من شركات صناعة السيارات الكهربائية الصينية الوافدة حديثًا إلى السوق البريطانية نجحت في وضع بصمتها هذا العام، وفق ما ورد في مقال لمحرر شؤون السيارات في موقع "ذيس إذ ماني"، روب هول.
وقال هول: "في شهر يونيو/حزيران الماضي، باعت (بي واي دي)، وهي حاليًا أكبر مصنعة سيارات كهربائية في العالم، عددًا أكبر من السيارات في بريطانيا، مقارنةً بشركات مازدا وميني ستروين وداشيا، وهو إنجاز كبير لعلامة تجارية لم يمضِ على وجودها في السوق البريطانية أكثر من عامَيْن".
وأضاف هول: "عند جمع مبيعات (بي واي دي) مع شركات صينية أخرى مبتدئة أمثال أومودا (Omoda) التي انطلقت للمرة الأولي في أغسطس/آب (2024)، وجايكو (Jaecoo) التي أُطلقت في يناير/كانون الثاني الماضي، فإن إجمالي مبيعات الشركات الـ3 مجتمعةً خلال يونيو/حزيران الماضي، يعادل نظيراتها لشركة أودي".
ونظرًا إلى أن شركات السيارات الكهربائية الصينية لم يكن لها وجود قبل عقد في المملكة المتحدة، فإن سرعة ونطاق نموها غير مسبوق، ويأتي مدفوعًا بطرزها رخيصة التكلفة.
غير أنه مع استمرار تدفق موجة من السيارات الكهربائية الصينية الجديدة هذا الأسبوع مع تأكيدات أن شركات جيلي ودينزا وشيري ستجلب سياراتها كبيرة الحجم إلى بريطانيا هذا العام، وسيكون لهذا تأثير ساحق لدى السوق المحلية في الصين، وفق كاتب المقال.

حرب أسعار
يرى هول أن المعروض الزائد من السيارات الكهربائية الصينية قد زاد حدة المنافسة، وأشعل حرب أسعار يعتقد بعض الخبراء أنها قد تمتد إلى السوق البريطانية.
بل وصل الحد إلى أن خبراء آخرين قالوا إن هذا المعروض الزائد من المركبات الكهربائية قد يتسبّب بوقوع العلامات التجارية الصينية في "حمامات دم" لن ينجو منها سوى علامة تجارية واحدة من كل 10 علامات في البلد الآسيوي.
وطرح كاتب المقال روب هول سؤالًا هو: هل من الممكن أن تنفجر فقاعة السيارات الكهربائية الصينية؟
ويرد هول بنفسه على السؤال بقوله إن الصخب القادم من الصين الآن يوحي بأن الحكومة هناك على وشك تشديد القيود المفروضة على قطاع السيارات الكهربائية لديها.
الصين تصنع المشكلات
يعتقد الكاتب أن الصين هي من تُصنّع مشكلاتها بأيديها، موضحًا أن سياساتها التصنيعية الأخيرة قد أحدثت تحولًا ملحوظًا صوب السيارات الكهربائية في أكبر سوق للمركبات في العالم.
لكن سياسة الدعم التحفيزي المقدمة من بكين ساعدت على ظهور المزيد من العلامات القادرة على الاستمرار في السوق.
وحتى مع ارتفاع أرقام المبيعات الرئيسة إلى مستويات غير معهودة، وتوقعات تجاوز إنتاج الصين 33 مليون سيارة في عام 2025، تبرز مخاوف بشأن فائض المعروض وحرب أسعار مُدمّرة، بحسب كاتب المقال.
وطبّقت شركات السيارات الكهربائية في الصين تخفيضات بأكثر من 30% في سوقها المحلية.
ويقول خبراء الصناعة إن الكم الكبير من مُصنّعي المركبات الصناعية الذي يتخطى حاليًا حاجز 100 شركة، إلى جانب مستوى تخفيضات الأسعار الحاصل حاليًا، سيؤديان إلى وقوع تلك العلامات التجارية في "حمامات دم".
اتهامات تلاحق "بي واي دي"
تُعد "بي واي دي" مثالاً بارزًا على المشكلات التي تواجه شركات السيارات الكهربائية في الصين، وفق كاتب المقال.
وأوضح هول أن الشركة استغلت ما تحظى به من هيمنة على سوق السيارات المحلية، بل العالمية كذلك الآن، وأشعلت حرب أسعار شعواء على مدى سنوات، تسببت بخسائر فادحة في كل جوانب الصناعة، نقلًا عن محلل المخاطر المالية في الهند لدى شركة الأبحاث غلوبال داتا (GlobalData) مورثي غراندي.
وارتفعت مبيعات "بي واي دي" بنسبة 31% خلال النصف الأول من العام الجاري، وفق تقديرات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وخلال المدة ما بين يناير/كانون الثاني ويونيو/حزيران (2025)، بِيع نحو 2.1 مليون سيارة تحمل علامة "بي واي دي"، ووُزّعت المبيعات مناصفة بين السيارات الكهربائية والهجينة.
لكن في أواخر مايو/أيار الماضي، واجهت العلامة التجارية الصينية انتقادات لاذعة حينما أطلقت جولةً جديدةً من تخفيضات الأسعار تشمل 25 طرازًا مختلفًا نتيجة مخزونها الزائد، في خطوة ساعدتها على تأمين أفضل أداء مبيعات شهريّ في يونيو/حزيران المنصرم.
وحذا العديد من الشركات المنافسة حذو "بي واي دي"، فخفّضت أسعارها لجعل سياراتها أكثر جاذبية للعملاء؛ ما يضغط أكثر على هوامش أرباح الشركات المصنعة.

سيناريو إيفرغراند.. هل يتكرر؟
أبدى رئيس شركة غريت وول موتورز (Great Wall Motors) قلقه المتزايد من أن الصناعة قد تتعرض للتهديد إذا استمرت على هذا المنوال، متوقعًا أن تتدخل الحكومة لفرض إعادة تشكيل دراماتيكية على مشهد السيارات الكهربائية الصينية.
وفي 23 مايو/أيار الماضي، وهو اليوم الذي شرعت فيه "بي واي دي" في خفض الأسعار، أبدى رئيس "غريت وول موتورز"، وي جيانجون، تشاؤمه إزاء ما سماه "التطور الصحي" لسوق السيارات الكهربائية.
وقارن جيانجون بين "بي واي دي" وشركة العقارات الصينية الرائدة إيفرغراند (Evergrande) التي تسبب انهيارها في وقوع الصناعة بأكملها في بئر ركود لم تتعاف منها بعد.
"حمامات دم"
لن يَقدِر سوى 15 فقط من أصل 129 علامة تجارية تبيع حاليًا السيارات الكهربائية والهجينة في الصين، على الاستمرار ماليًا بحلول عام 2030؛ إذ تجبر المنافسة الشرسة وخفض الأسعار السوقية الشركات على الاندماج معًا، بل قد تدفع بعضها إلى الخروج من السوق، وفق تقديرات صادرة عن شركة "أليكس بارتنرز" الاستشارية خلال الأسبوع الماضي.
ومن المتوقع أن تشكّل العلامات التجارية الـ15 نحو 75% من سوق السيارات الكهربائية والهجينة في الصين بحلول نهاية العقد.
ويلامس متوسط مبيعات كل من الشركات الـ15 المذكورة 1.02 مليون وحدة سنويًا، وفق "أليكس بارتنرز"، دون تحديد أسماء العلامات التجارية.
موضوعات متعلقة..
- شركات السيارات الأميركية تفشل في تحقيق أهداف خفض الانبعاثات (تقرير)
- أنس الحجي: شركات السيارات الكهربائية تخسر عدا "تيسلا".. وهذه حقيقة "فرق التكلفة" (صوت)
- شركات السيارات الكهربائية الصينية تنافس "بي واي دي" بنماذج أرخص (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- السكانديوم.. معدن نادر قد تتجاوز قيمته السوقية 130 مليار دولار
- دايملر الألمانية تؤجل إنتاج شاحنات الهيدروجين السائل
- خلايا وقود الهيدروجين تشغل 150 شاحنة على الطرق الأوروبية (صور)
المصدر:
1.حرب أسعار بين شركات السيارات الكهربائية الصينية، من "ذيس إز ماني".