قانون ترمب يعيد رسم قطاع الطاقة الأميركي.. كيف يهدد الذكاء الاصطناعي والتقنيات النظيفة؟
وحدة أبحاث الطاقة - مي مجدي

- قانون ترمب يضع قيودًا على مشروعات الطاقة النظيفة الجديدة
- قانون ترمب يهدّد قدرة أميركا في الحفاظ على ريادتها بالذكاء الاصطناعي
- تراجع متوقع في حجم تركيبات الطاقة المتجددة على مدى 10 سنوات
- قانون ترمب يدعم قطاع المنبع بعدّة إجراءات، بينما دعم الفحم لن يكون له تأثير
يشهد قطاع الطاقة الأميركي واحدًا من أكبر التحولات السياسية والتنظيمية في تاريخه الحديث، مع توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترمب القانون "الكبير والجميل" (OBBBA).
فقد أشعل القانون الجديد موجة من الجدل، بعد أن وضع الوقود الأحفوري في صدارة الأولويات على حساب الطاقة النظيفة، كما أنه قد يقوّض قدرة البلاد على تلبية الطلب على الكهرباء، ما يشكّل تهديدًا لمستقبل الذكاء الاصطناعي، بحسب تقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
وأوضح التقرير أن دعم الوقود الأحفوري، وتقليص دور الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة الناشئة، يخلق شكوكًا لدى المستثمرين.
ووفقًا لذلك، يرى أن القانون يجسّد أحد أبرز التحديات التي تواجه مستثمري قطاع الطاقة الأميركي، المتمثلة في تقلبات السياسات الحادّة من دورة انتخابية إلى أخرى، ما يُصعِّب اتخاذ قرارات استثمارية طويلة الأجل في أصول تمتدّ أعمارها التشغيلية لأكثر من 30 عامًا.
النفط يقود الطفرة في قطاع الطاقة الأميركي
كشف التقرير الصادر عن شركة الأبحاث وود ماكنزي أن النفط والغاز سيكونان أولوية لقطاع الطاقة الأميركي.
ومن المتوقع أن يحقق قطاع المنبع (الاستكشاف والإنتاج) مكاسب ضخمة، من خلال تنظيم بيع عقود إيجار كل 3 أشهر في 9 ولايات غربية، وإضافة 30 جولة بيع للامتيازات في خليج أميركا خلال 15 عامًا.
كما خفض معدل الإتاوات البرية من 16.67% إلى 12.5%، مع تأجيل فرض رسوم الميثان حتى عام 2035، فضلًا عن إعادة فتح محمية ألاسكا الوطنية أمام شركات النفط للحصول على عقود تأجير، والسماح بخصم كامل لتكاليف الحفر غير الملموسة.
أمّا قطاع الفحم، فرغم فتح 4 ملايين فدان من الأراضي الفيدرالية الجديدة للتأجير في الولايات المتحدة وألاسكا، لا يرى محللو "وود ماكنزي" أيّ انتعاش مرتقب في مشروعات الفحم الجديدة، إذ إن تراجُع الطلب سيعوّض أيّ مكاسب متوقعة.
سباق الذكاء الاصطناعي في أميركا
في مقابل ذلك، تواجه الاستثمارات في إمدادات الكهرباء الجديدة حالة من الغموض، ما يهدّد بتأجيل إغلاق المحطات الحرارية القديمة، ويدفع بأسعار الكهرباء إلى الارتفاع، ويؤخّر المشروعات الضخمة المرتبطة بالأحمال.
ومع غياب الإصلاحات، وعدم فرض تعرفات جديدة للأحمال، وتباطؤ الابتكار المحلي، تحذّر وود ماكنزي من فقدان الولايات المتحدة للميزة التنافسية في سباق الذكاء الاصطناعي.
وأظهر التقرير أن الإلغاء المبكر للحوافز الضريبية الموجهة لمصنّعي تقنيات الطاقة النظيفة سيقلّص من الطلب المستقبلي على الكهرباء في هذا القطاع، في حين إن تأخُّر مشروعات الإمدادات الجديدة سيفاقم المنافسة على سعة الشبكة المحدودة بين مراكز البيانات.
كما تواجه مشروعات الطاقة المتجددة في أميركا رياحًا معاكسة بعد أن فرض قانون ترمب قيودًا صارمة على أهلية مشروعات الرياح والطاقة الشمسية للحصول على الحوافز الضريبية الكاملة، مشترطًا دخول المشروعات الخدمة بحلول نهاية عام 2027.
ومن المتوقع أن ترتفع وتيرة مشروعات الطاقة الشمسية بين عامي 2025 و2026 مع اندفاع المطورين للانتهاء قبل انتهاء الحوافز، في حين سيستمر زخم مشروعات طاقة الرياح حتى عام 2029 بفضل بعض المشروعات المعتمدة.
غير أن الصورة على المدى الطويل تبدو قاتمة؛ إذ تتوقع وود ماكنزي انخفاض تركيبات الطاقة الشمسية بنسبة 17% خلال العقد المقبل، لتسجل نحو 375 غيغاواط/تيار متردد، مع خفض تقديرات تركيبات طاقة الرياح بنسبة 20% في ظل الضبابية الحاصلة، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وفي تصعيد إضافي، وقّع الرئيس ترمب في 7 يوليو/تموز أمرًا تنفيذيًا يلغي الدعم المالي لمصادر الطاقة الأجنبية "غير الموثوقة"، مع رفع نسبة الامتثال المطلوبة للمكونات غير الصينية من 40 إلى 60% بحلول عام 2030.
ويوضح الرسم البياني التالي -الّذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- استهلاك الكهرباء في مراكز البيانات عبر المناطق حتى 2030:
التقنيات النظيفة في أميركا
تمتد تأثيرات قانون ترمب الجديد في قطاع الطاقة الأميركي إلى تقنيات تخزين الكهرباء، التي تواجه تحديات، رغم احتفاظها بالحوافز الضريبية حتى عام 2030.
وأوضح التقرير أن القيود المفروضة على الكيانات الأجنبية تعني استبعاد البطاريات الصينية، وهو ما يضع ضغوطًا على سلاسل التوريد ويدفع لارتفاع التكاليف.
في موازاة ذلك، شهدت سوق السيارات الكهربائية إلغاء الحوافز، لذا تتوقع وود ماكنزي تراجُع الحصة السوقية في أميركا بحلول 2030 من 23% إلى 18%.
وسيسفر ذلك عن تراجع سوق بطاريات الليثيوم أيون بنسبة تتراوح بين 6-8% بحلول عام 2030، ما يؤدي إلى خفض الطلب العالمي على المعادن الأساسية، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
أمّا بالنسبة للتقنيات الناشئة، فالصورة جاءت مختلطة؛ إذ يواجه قطاع الهيدروجين الأخضر فقدان نحو 75% من المشروعات المؤهلة للحصول على حوافز، بعد تسريع موعد انتهائها في عام 2027.
في المقابل، تلقّى قطاع احتجاز الكربون وتخزينه دفعة قوية مع تمديد الحوافز، كما حافظت الطاقة النووية والحرارية الأرضية على امتيازاتهما من حوافز قانون خفض التضخم.
بالإضافة إلى ذلك، قررت الإدارة الأميركية تأجيل فرض رسوم على انبعاثات نفايات الميثان حتى عام 2034، ما يبطئ وتيرة خفض الانبعاثات في ثالث أكبر مصدر للميثان عالميًا.
موضوعات متعلقة..
- خبراء: الطاقة المتجددة في أميركا تتعرض للدمار بسبب قانون ترمب
- قطاع الطاقة الأميركي يترقب ثورة ترمب المضادة.. هل يجهضها القضاء؟
اقرأ أيضًا..
- الطاقة الشمسية في الاتحاد الأوروبي تقود مزيج الكهرباء لأول مرة
- مدير أبحاث أوبك: النفط سيظل أكبر مصدر للطاقة عالميًا حتى 2050
- أوبك ترفع توقعات الطلب على النفط إلى 123 مليون برميل يوميًا بحلول 2050
المصدر..