تقنية تُطيل عمر بطاريات الزنك أيون المائية.. معادلة سوق تخزين الكهرباء قد تتغير
محمد عبد السند

- بطاريات الزنك أيون قد تحل محل بطاريات الليثيوم أيون
- تعتمد التقنية الجديدة على تأثير "يان تيلر" التعاوني
- تُستعمَل بطاريات الليثيوم أيون بكثرة في السيارات الكهربائية
- تتسم بطاريات الزنك أيون بكثافة طاقة عالية
تقترب بطاريات الزنك أيون المائية من مزاحمة نظيراتها من الليثيوم أيون -إن لم تحل محلها- في العديد من التطبيقات التقنية، مثل السيارات الكهربائية؛ بفضل تقنية جديدة تُطيل العمر التشغيلي للأولى، وفق دراسة حديثة طالعت نتائجها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وتعتمد التقنية الجديدة التي كشف عنها باحثون أستراليون بالتعاون مع علماء إنجليز، على تعزيز الاستقرار الهيكلي لمادة الكاثود بصورة كبيرة؛ ما يسمح للبطارية بالعمل بصورة موثوقة لأكثر من 5 آلاف دورة شحن وتفريغ.
وعلى الرغم من أن بطاريات الليثيوم أيون هي النوع الأكثر شيوعًا في الهواتف الذكية والسيارات الكهربائية، فإنها مرتفعة التكلفة نتيجة تنامي الطلب على معدن الليثيوم، كما أن تلك البطاريات تتسم بدرجة اشتعال عالية.
وأمام أوجه القصور تلك في بطاريات الليثيوم أيون، تتيح بطاريات الزنك أيون المائية بديلًا واعدًا، وهذا ما سعى الباحثون في الدراسة المذكورة لإثباته.
وتعمل بطاريات الزنك أيون بآلية مماثلة لنظيرتها في بطاريات الليثيوم أيون؛ إذ يعمل المعدن بصفته قطبًا موجبًا (أنود)، وتعمل مادة الزنك المتداخلة بصفتها قطبًا سالبًا (كاثود).
*(الكاثود هو قطب كهربائي يخرج منه التيار، أما الأنود فهو قطب كهربائي يدخل منه التيار).
وبطاريات الزنك هي بدائل أرخص تكلفة وأكثر أمانًا، كما أنها تتسم بكثافة طاقة عالية، ومُصنّعة من مواد أكثر وفرة في الطبيعة، إلى جانب قدرتها الكبيرة على الشحن والتفريع، قياسًا ببطاريات الليثيوم أيون الحالية.
بديل صديق للبيئة
تفتح التقنية التي طورها فريق من الباحثين في جامعة سيدني للتقنية بالتعاون مع علماء من جامعة مانشستر في المملكة المتحدة، الباب أمام تطوير بديل صديق للبيئة وأطول عمرًا من بطاريات الزنك أيون؛ ما يُسهم بحل معضلة محدودية إمدادات الليثيوم العالمية باهظة التكلفة.
ويتركز الإنجاز التقني الذي توصل إليه الباحثون على ما يُطلَق عليه التأثير التعاوني يان-تيلر (Jahn-Teller Effect)، وهي ظاهرة تشتمل على عدم تماثل أو تشوه في الأيونات الفردية والشبكات ذات الحالة الصلبة، وتلاحظ بصورة شائعة في الهياكل التي تحتوي على معادن انتقالية معينة مثل النحاس والمنغنيز.
وقال فريق الباحثين إنهم صمّموا شبكة فائقة ثنائية الأبعاد من أكسيد المنغنيز/الغرافين التي تفعل آلية إجهاد فريدة على مستوى الشبكة.
وتشير خاصية الإجهاد في البطارية إلى الضغط أو الحمل الذي تتعرّض له البطارية جراء الاستعمال أو الشحن؛ ما يؤثر بالتبعية في أدائها وعمرها الافتراضي.
ويساعد الإجهاد المذكور قطب الكاثود في مقاومة التعطل أو الانهيار في أثناء الدوران المتكرر.
وقال الباحثون إن تقنية بطاريات الزنك أيون الجديدة تعزّز الاستقرار الهيكلي للمادة المُستعمَلة في كاثود البطارية؛ ما يمكن من حصول ما يزيد على 5 آلاف دورة مع درجة احتفاظ بالسعة تصل إلى 165 مللي أمبير/ساعة عند درجة حرارة 5 مئوية في بطاريات أيونات الزنك المائية.
وأضاف الباحثون أن المحصلة الإيجابية تكمن في زيادة العمر التشغيلي للبطارية الجديدة بنسبة 50% مقارنةً ببطاريات الزنك أيون الحالية.
وتابع الباحثون: "نهجنا يقدم إستراتيجية فاعلة لتعزيز العمر التشغيلي للبطاريات القابلة لإعادة الشحن عبر الاستفادة من تأثير يان-تيلر التعاوني الذي يتغلّب على الإجهاد الناتج عن عملية إدخال الأيون في مواد الأقطاب الكهربائية"، وفق تصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وأضافوا: "النتيجة هي بطارية زنك أيون مائية منخفضة الكربون تتسم بعمر تشغيلي أطول، ودون مخاطر على معايير السلامة المرتبطة بخلايا الليثيوم أيون".

نهج عملي
قال البروفيسور المؤلف الرئيس للدراسة من جامعة سيدني للتقنية، جوكسيو وانغ، إن البحث الذي نُشر في مجلة "نيتشر كوميونيكيشنز" (Nature Communications) يقدم طريقًا عمليًا لتقنيات تخزين الكهرباء بالبطاريات القائمة على الماء والقابلة للتطوير.
وأوضح وانغ: "هذا الإنجاز يسلّط الضوء على الكيفية التي يمكن من خلالها تصميم الهياكل غير المتجانسة المصنوعة من مادة ثنائية الأبعاد، للتطبيقات القابلة للتطوير"، بحسب متابعات منصة الطاقة المتخصصة.
وتابع: "يبيّن نهجنا أن تصميم الشبكة الفائقة ليس مجرد ابتكارٍ مختبري، بل هو مسار عملي لتحسين الأجهزة العملية، مثل البطاريات القابلة لإعادة الشحن. كما يسلط نهجنا الضوء على كيفية ترجمة ابتكار المواد ثنائية الأبعاد إلى تقنيات عملية".
ولطالما يُنظَر إلى بطاريات الزنك أيون على أنها بديل واعد لبطاريات الليثيوم أيون بالنسبة إلى تخزين الكهرباء الثابت، غير أن عمرها التشغيلي المحدود، حتى الآن على الأقل، قد حَدّ من استعمالها في العالم الحقيقي.
من جهته قال البروفيسور المؤلف المشارك للدراسة من جامعة مانشستر راهول ناير، إن الدراسة التي أجراها الفريق تؤكد الكيفية التي يمكن أن يتغلّب بها التحكم الكيميائي على مستوى الذرات على المشكلات المتعلقة بالأداء.
موضوعات متعلقة..
- طفرة في تطوير بطاريات الزنك أيون المائية القابلة لإعادة الشحن
- بطاريات الزنك أيون المائية صديقة البيئة.. عُمر أطول وسعر أرخص
- ثورة في تخزين الكهرباء.. بطاريات تحقق رقمًا قياسيًا بـ10 آلاف دورة شحن
اقرأ أيضًا..
- الطلب على الغاز المسال في النقل البحري قد يرتفع بحلول 2035 (تقرير)
- تقرير يتوقع أكبر سوق شحن كربون في العالم.. ليست أوروبا أو أميركا
- سعة الطاقة الكهرومائية العالمية ترتفع 24.6 غيغاواط.. وهؤلاء الـ10 الكبار
المصدر..
1.العمر التشغيلي لبطاريات الزنك أيون من دراسة منشورة في دورية نيتشر كوميونيكيشنز.