أنس الحجي: إيران تورّطت في دعم ألمانيا.. وهذا ما قاد "مصدق" لتأميم النفط
أحمد بدر

في عام 1935، قرر حاكم بلاد فارس رضا شاه، تغيير اسمها إلى إيران، بما أن حكمه يمتد من فارس إلى المناطق الأخرى، وهي الولايات الـ5 المحاذية لروسيا، أو للاتحاد السوفيتي لاحقًا.
لذلك، وفق مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، عند قراءة أي شيء عن هذا البلد باسمه الجديد قبل عام 1935، يجب إدراك أن هناك خطأ، لأن هذا الاسم لم يكن موجودًا حينها.
وأضاف: "عندما تغيّر الاسم إلى (إيران)، غُيّر اسم الشركة التي كانت تُعرف بـ(شركة النفط الأنجلو-فارسية) إلى (شركة النفط الأنجلو-إيرانية)، وكان ذلك في العام نفسه 1935".
ولكن، ما حدث بعد ذلك هو اندلاع الحرب العالمية الثانية، وكان التحالف بين الاتحاد السوفيتي وبريطانيا ضد ألمانيا، وحاول رضا شاه إحداث تغيير كبير؛ على نمط محمد علي باشا في مصر، فكان يريد تنفيذ إصلاحات كثيرة.
إلا أن شاه إيران رأى -حينها- أن أفضل التقنيات في العالم موجودة عند الألمان، لذلك، فقد قرر أن يتحالف معهم، وكان الألمان أذكياء؛ فجاءوا إلى البلد، وقالوا له: "يجب أن تبني سكة حديد، وتربط المناطق ببعضها"، وبالفعل بدأوا بناء خطوط سكك حديدية.
جاء ذلك خلال حلقة من برنامج "أنسيّات الطاقة"، قدّمها أنس الحجي على مساحات منصة التواصل الاجتماعي "إكس"، تحت عنوان: "إيران والقلاقل السياسية.. أكبر مؤثر في أسواق النفط خلال الـ115 سنة الماضية".
غزو الاتحاد السوفيتي
قال أنس الحجي، إن الروس فسّروا خطوة بناء الألمان خطوط سكك حديدية في إيران، على أنها تمهيد لغزو الاتحاد السوفيتي، فاتصلوا ببريطانيا، وحدث تخوف شديد من غزو ألمانيا الاتحاد السوفيتي من الخليج.
لذلك، قررت بريطانيا والاتحاد السوفيتي احتلال إيران، وتم ذلك بالفعل في عام 1941؛ إذ احتلتها بريطانيا، في حين احتل الاتحاد السوفيتي الولايات الـ5، فأصبحت الدولة محتلة بالكامل.

وحينها، وفق أنس الحجي، عزل الحلفاء الحاكم رضا شاه، وتسلّم ابنه محمد رضا بهلوي (22 عاماً) الحكم، وانسحب البريطانيون والسوفيت، ولكن قبل انسحابهم كانت هناك مشكلة كبيرة جدًا، لأن عقد 1933 ما زال قائمًا، وما زال مجحفًا بصورة غير طبيعية.
في الوقت نفسه، كانت البلاد تغلي؛ البريطانيون محتلون لها، وكذلك السوفيت محتلون، وهناك الملالي من جهة، والحركات الشيوعية من جهة، وأمور أخرى داخل البلد، لذلك فإن انسحاب البريطانيين والاتحاد السوفيتي لم ينهِ المشكلات.
وفي عام 1950، كانت الأوضاع لدى إيران في غليان شديد من كل الفئات السياسية، بمن فيهم الملالي، وكانت أكبر مصفاة في العالم -آنذاك- هي مصفاة "عبادان"، والبريطانيون استقروا فيها، وكأنها مستعمرة لهم بالكامل.
وتابع: "إذا أردت أن تذهب إلى عبادان فستجد كل شيء بريطانيًا بالكامل، الشواطئ بريطانية، والعمال بريطانيون، والمهندسون بريطانيون، والإيرانيون يتفرجون عليهم، ولا يجدون عملاً إطلاقًا.. كانوا يعيشون في عشوائيات، في حين أولئك يعيشون في رفاهية لا تُوصف".

مصدق وتأميم النفط الإيراني
لفت أنس الحجي إلى حالة الغليان التي شهدتها إيران، قبل أن يصبح محمد مصدق رئيسًا للوزراء بعد فوزه بالأغلبية في البرلمان خلال عام 1951، وبعد فوزه أمّم النفط مباشرة في 19 مارس/آذار 1951.
وأضاف: "هذا التاريخ مهم للإيرانيين من عدة نواحٍ، لأنه يأتي مباشرة قبل عيد النيروز واحتفالاته، فارتبطت احتفالات التأميم بالاحتفالات السنوية للنيروز.. وهرب الشاه، وذهب أولًا إلى العراق، ثم إلى إيطاليا".
وبعد التأميم، لم يعد للشركة الأنجلو-إيرانية وجود قانونًا، فأُسّست "الشركة الوطنية الإيرانية للنفط" عام 1951، وهي ما زالت موجودة حتى الآن.

وأوضح أنس الحجي أن شركة النفط الأنجلو-فارسية، التي تغيّر اسمها إلى الأنجلو-إيرانية، هي نفسها شركة النفط البريطانية "بي بي".
وتابع: "من المضحك أن البريطانيين يسمّونها (بريتيش بتروليوم)، وهي في الأصل لم تكن لها علاقة ببريطانيا نهائيًا، فقد كانوا يملكون 51% من شركة في إيران، التي كانت السبب في وجودها".
وبالنسبة إلى مصدق، فإنه بعد أن تسلّم الحكم وأمّم النفط، كان لديه فكر معين، وهذا الفكر يجب أن يُناقش لأسباب كثيرة، سواء تأييدًا أو نقدًا؛ لأن الدروس المستفادة منه كبيرة جدًا.
وأردف: "نظر مصدق إلى الموضوع من ناحيتَيْن، فقد كان يظن أنه لو أمّم النفط وطرد البريطانيين فإنهم سيأتون ويتفاوضون معه، وإن لم يتفاوضوا فلا مشكلة؛ سيلجأ إلى بقية الأوروبيين ويعرض عليهم إنتاجه، وهم سيُحضرون المهندسين والعمال والتقنية".
ولكن، وفق خبير اقتصادات الطاقة، ما لم يكن مصدق يدركه هو كيف يفكر المستعمر، وكذلك لم يدرك -رغم تعامله الطويل مع البريطانيين- عنجهيتهم وعنجهيّة الأوروبيين، ونظرتهم إلى المنطقة؛ فأخطأ خطأ فادحًا في اعتقاده أنهم سيتفاوضون، سواء البريطانيين أو غيرهم.
ولكن، أُجلي العمال البريطانيون من "عبادان" في خريف 1951، فتوقفت الحقول ومصافي النفط، فطلب منهم التفاوض لكنهم رفضوا، ولجأوا إلى المحاكم الدولية.
في الوقت نفسه، أرسلت بريطانيا البحرية إلى ما يُعرف الآن بخليج عمان، ووقفت هناك، وأي سفينة كانت تخرج محمّلة بالنفط الإيراني كانوا يقتحمونها ويستولون عليها.
موضوعات متعلقة..
- الحجي: مخزونات النفط الصينية خط دفاعي.. ولا مصلحة لإيران في تعطيل صادرات الخليج
- توقعات واردات الصين من النفط الإيراني في ضوء الحرب مع إسرائيل (تقرير)
- سيناريوهات أسعار النفط مع تدخّل أميركا في الحرب الإسرائيلية الإيرانية (تحليل)
اقرأ أيضًا..
- إيرادات دول أوبك من صادرات النفط في 2024 تتراجع 26 مليار دولار
- ارتفاع سعة تكرير النفط العالمية في 2024.. ودولة عربية ضمن الـ10 الكبار
- إنتاج الفحم في العالم يرتفع لمستوى قياسي.. وهؤلاء الـ10 الكبار
المصدر..