تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى بلاستيك.. تقنية ثورية تدعم أهداف المناخ
محمد عبد السند

- غاز ثاني أكسيد الكربون مسبب رئيس للاحتباس الحراري.
- تقنية تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى بلاستيك تُنفذ في حلقتين.
- تعتمد التقنية على تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى إيثيلين وأول أكسيد الكربون.
- تتسق التقنية مع مشروعات احتجاز الكربون وتخزينه.
- يمكن استعمال البلاستيك المُنتَج من التقنية في الصناعة.
توصّل باحثون إلى تقنية ثورية لديها القدرة على تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى بلاستيك متين يمكن استعماله للأغراض الصناعية، وفق دراسة حديثة طالعت نتائجها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
ويُراهَن على التقنية الحديثة التي طورها علماء في معهد كاليفورنيا للتقنية المعروف اختصارًا بـ"كالتيك" في التخلص من الانبعاثات الكربونية عبر الاستغلال الأمثل لأحد أخطر غازات الدفيئة المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري.
وتعتمد التقنية الجديدة التي لا تزال في طور الاختبار على استعمال الكهرباء النظيفة في تحويل غاز ثاني أكسيد الكربون إلى إيثيلين وأول أكسيد الكربون، يحولان لاحقًا إلى مواد بلاستيكية.
وتتسق التقنية تمامًا مع تسارع جهود احتجاز الكربون وتخزينه واستغلاله عالميًا، مع توقعات ببلوغ السعة العالمية لتلك المشروعات مليار طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا بحلول عام 2030، وسيتضاعف هذا الرقم إلى 2.5 مليار طن في عام 2040، ليتجاوز 4 مليارات طن سنويًا بحلول 2050.
أهداف الاقتصاد الدائري
يمثل تحويل غاز ثاني أكسيد الكربون من الهواء إلى بلاستيك، والمطور بوساطة علماء "كالتيك"، إنجازًا يقرب تقنية احتجاز الكربون وتخزينه من أهداف الاقتصاد الدائري.
وتستعمِل العملية الكهرباء المتجددة لتحويل غاز ثاني أكسيد الكربون إلى مركبي الإيثيلين وأول أكسيد الكربون، اللذين يّغذيان لاحقًا في حلقة تحفيزية ثانية؛ إذ يُحولان إلى بوليكيتونات، وهي مواد بلاستيكية ذات قوة عالية تُعروف بمتانتها واستقرارها الحراري.
وتُستعمَل البوليكيتونات في كل شيء تقريبًا بدءًا من المواد اللاصقة وقطع غيار السيارات؛ ومرورًا بالمواني والمعدات الرياضية، وانتهاءً بالأنابيب الصناعية.
وقال أستاذ الكيمياء في مختبر جون ستوفر للكيمياء الفيزيائية، المدير التنفيذي لقسم الكيمياء في كالتيك ثيو أغابي: "أعتقد أن هذا الإنجاز هو شيء سيحظى باهتمام المجتمع بأسره؛ فإضافةً إلى أنه من غازات الدفيئة، فإن غاز ثاني أكسيد الكربون هو مادة وفيرة وغير مكلفة".
وأضاف ستوفر: "إنجازنا الجديد جعلنا نخطو خطوةً مهمةً في هذا الاتجاه"، وفق تصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
التمثيل الضوئي
يحاكي تحويل غاز ثاني أكسيد الكربون من الهواء إلى بلاستيك، والذي يتألف من خطوتين عملية التمثيل الضوئي، ولكن باستعمال الآلات بدلًا من النباتات.
وبخلاف المحاولات السابقة التي اعتمدت على الإيثيلين المشتق من الوقود الأحفوري، تستعمَل الطريقة الجديدة غاز ثاني أكسيد الكربون المُنتَج بطريقة مستدامة، والمياه والكهرباء، لإنتاج مواد بلاستيكية لديها القدرة على خفض الانبعاثات وتقليل الاعتماد على المواد النفطية.
من جهته قال المؤلف الرئيس للدراسة ماكسيم زيليابوفسكي: "لقد أثبتنا قدرتنا على استعمال غاز ثاني أكسيد الكربون لتصنيع مادة مفيدة، دون استعمال نباتات وسيطةً".
وعلى الرغم من أن التقنية الجديدة التي تحول غاز ثاني أكسيد الكربون إلى مواد بلاستيكية لم تتجاوز حتى الآن مرحلة الاختبار؛ فإنها تُنتِج مركزات عالية من الجزيئات المرغوبة، مقارنةً بمعظم المحاولات المماثلة السابقة.
وتُنتِج عملية تحويل غاز ثاني أكسيد الكربون إلى بلاستيك الإيثيلين بنسبة 11% و أول أكسيد الكربون بنسبة 14%؛ ما يجعل الإنتاج النهائي أكثر جدوى.
وقال المؤلف الرئيس للدراسة ماكس زيليابوفسكي: "كان من الصعب، على الأقل، مختبريًا، الحصول على كواشف عالية التركيز والنقاء يمكن تحويلها إلى بلاستيك أو وقود".
لكن لم يكن هذا هو التحدي الأوحد؛ إذ إن ربط نظام خفض غاز ثاني أكسيد الكربون بعملية تحفيزية تالية لم يكن سهلًا على الإطلاق، بحسب زيليابوفسكي.
وتابع: "معظم الأعمال السابقة في هذا المجال تركز إما على الخطوة الأولى وإما الثانية، بشكل منفصل، وبمواد خام نقية، وليس كلاهما".
تصنيع البلاستيك في حلقات
صمم فريق معهد كاليفورنيا للتقنية نظامًا يحتوي على حلقتين منفصلتين للتعامل مع كل تفاعل بكفاءة.
وتبدأ الحلقة الأولى بخلايا أقطاب انتشار الغاز المصنوعة من بوليمرات كارهة للماء -نوع من البوليمرات التي تتجنب التفاعل مع الماء- ومطلية بطبقة رقيقة من النحاس.
ويُضخ ثاني أكسيد الكربون إلى أسطوانة غاز متصلة بهذه الخلايا، في حين يتدفق إلكتروليت بيكربونات البوتاسيوم عبر النظام، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
ويُسلط جهد كهربائي لتحفيز التفاعل الكهروكيميائي؛ وعبر تدوير الغازات عبر هذا النظام مرات عدة، تمكّن الباحثون من توليد تركيزات عالية نسبيًا من الإيثيلين وأول أكسيد الكربون.
وبعد نحو ساعة، تُحول تلك الغازات إلى حلقة ثانية، وهي عبارة عن مفاعل محكم الغلق؛ حيث تتفاعل عبر محلول يحتوي على محفز كوبوليمر البلاديوم -مادة بوليمرية.
وعلى غرار فقاعات حوض السمك، تُشبع هذه الخطوة المحلول بالغازات اللازمة؛ ثم يعمل محفّز البلاديوم على تحفيز تكوين البوليكيتونات، وهي مادة بلاستيكية قوية ومتينة مصنوعة من المونومرات، وهي جزيئات صغيرة يمكن أن تتحد معًا لتكوين سلاسل طويلة تُعرف بالبوليمرات.
وأظهر الباحثون أن محفز البالاديوم يبقى فاعلًا حتى في ظل تلك الظروف غير المثالية؛ إذ إن هذا المحفز لا يتحمل بخار الماء فحسب، بل الهيدروجين وغاز ثاني أكسيد الكربون المترسب وأبخرة الكحول، وغيرها من المنتجات الثانوية المنتَجة في أثناء التفاعل.
وقال أستاذ الكيمياء في مختبر جون ستوفر للكيمياء الفيزيائية والمدير التنفيذي لقسم الكيمياء في كالتيك ثيو أغابي، إنه لكي تكون تلك العملية مستدامة، وذات جدوى من الناحية التجارية، يتعين أن تعتمد على الكهرباء المتجددة منخفضة التكلفة القادرة على منافسة الإنتاج القائم على المواد النفطية.
موضوعات متعلقة..
- طفرة الطاقة المتجددة أداة فعالة في إدارة الكربون.. 4 دروس مستفادة من التجربة
- تخزين الكربون لخفض انبعاثات غازات الدفيئة.. تحديات وحلول (مقال)
- أول عملية نقل غاز ثاني أكسيد الكربون بين سفينتين في العالم (صور)
اقرأ أيضًا..
- خفض أسعار الكهرباء في بريطانيا يسرع أهداف الحياد الكربوني
- تقرير يتوقع أكبر سوق شحن كربون في العالم.. ليست أوروبا أو أميركا
-
أول عملية نقل غاز ثاني أكسيد الكربون بين سفينتين في العالم (صور)