خفض أسعار الكهرباء في بريطانيا يسرع أهداف الحياد الكربوني
محمد عبد السند

- التلوث الناجم عن قطاع الطيران يتجاوز توليد الكهرباء في بريطانيا
- الانبعاثات الكربونية المتزايدة تعرّض أهداف المناخ في بريطانيا للخطر
- هناك تقدّم في جهود خفض الانبعاثات الكربونية في بريطانيا
- هبطت الانبعاثات بنسبة 54% مقارنةً بمستويات عام 1990
أضحى خفض أسعار الكهرباء في بريطانيا شرطًا رئيسًا لتسريع جهود الحياد الكربوني في البلاد؛ إذ يبدأ الناس معه في الشعور بالمزايا المادية المقترنة بالتحول إلى استعمال التقنيات النظيفة مثل المضخات الحرارية والسيارات الكهربائية، وفق تقرير حديث حصلت منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) على نسخة منه.
وحذّر تقرير لجنة تغير المناخ -وهي هيئة استشارية مستقلة تابعة للحكومة البريطانية- من أن التلوث الناجم عن رحلات الطيران تجاوز حاليًا نظيره الناتج عن توليد الكهرباء في المملكة المتحدة، موصيًا بأن آثار المناخ في قطاع الطيران يتعين أن تنعكس في تكلفة الرحلات الجوية.
ويعرّض النمو المستمر في انبعاثات قطاع الطيران أهداف المناخ في بريطانيا للخطر، وتبرز الحاجة إلى اتخاذ تدابير معينة مثل رفع تكلفة الرحلات الجوية، وفرض رسوم على المسافرين الدائمين، أو حتى فرض قيود على توسيع المطارات للحدّ من التلوث.
ويركّز التقرير على التقدم المحرَز من قِبل الحكومة بهدف خفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 68% مقارنةً بمستويات عام 1990، حتى عام 2030، وصولًا لأهداف الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
ووفق التقرير، خفضت المملكة المتحدة انبعاثاتها الكربونية بأكثر من 50% منذ عام 1990، مع تراجع انبعاثات غازات الدفيئة في عام 2024، وذلك للعام الـ10 على التوالي، باستثناء الأعوام التي تفشّت فيها جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19".
إجراءات عاجلة
قُدِّم تقرير لجنة تغير المناخ في المملكة المتحدة الذي يوصي الحكومة البريطانية بخفض أسعار الكهرباء بالنسبة للمستهلكين، إلى البرلمان، وهو الأول من نوعه منذ أن وصل حزب العمال إلى السلطة،
وحددت لجنة تغير المناخ المعروفة اختصارًا بـ سي سي سي (CCC) إجراءاتٍ عاجلةً لا غنى عنها لمساعدة المملكة المتحدة على تحقيق أهداف الانبعاثات الملزمة قانونيًا، في تقريرها المنشور اليوم الأربعاء 25 يونيو/حزيران الجاري.
وأوضح التقرير أن 39% من تخفيضات الانبعاثات المطلوبة تفتقر إلى خطط ذات مصداقية، أو حتى تواجه مخاطر كبيرة.
وأقرّ التقرير بوجود بعض التقدم المُحرَز بفضل القرارات السياسية الجريئة، غير أنه طالبَ الحكومة ببذل المزيد، لا سيما فيما يتعلق بالسياسات ذات الصلة بالسيارات الكهربائية ونشر المضخات الحرارية؛ نظرًا لأن معدل استعمالها ما يزال أقل قليلًا من المطلوب.
وقالت اللجنة، إن خفض أسعار الكهرباء في بريطانيا سيساعد الأسر على الشعور بفوائد العمل المناخي، مع تسريع وتيرة استعمال التقنيات النظيفة مثل المضخات الحرارية، والسيارات الكهربائية.
وتغطي الخطط الموثوقة 61% من تخفيضات الانبعاثات المطلوبة حتى عام 2030، غير أنه ما تزال هناك مخاوف متنامية بشأن نشر المضخات الحرارية وكهربة القطاع التصنيعي.
ومن الممكن أن تخفض إزالة تكاليف السياسة من أسعار الكهرباء في بريطانيا، نسبةَ سعر الكهرباء إلى الغاز المحلي من قرابة 4:1 حاليًا إلى ما بين 2:1 و3:1؛ ما يجعل المملكة المتحدة متساويةً مع دول مثل أيرلندا وفرنسا التي تحرز تقدمًا في نشر المضخات الحرارية، وفق التقرير الذي طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
ويشير مصطلح تكاليف السياسة إلى التكاليف التي تتحملها الشركات أو الأفراد نتيجة اللوائح والسياسات الحكومية، والتي قد تتضمن ضرائب إضافية، أو متطلبات إدارية معقّدة، أو قيودًا على الأنشطة التجارية
ومع ذلك لم تلتزم حكومة المملكة المتحدة سوى بإجراء مشاورات بشأن إصلاح تسعير الكهرباء دون وضع أيّ جدول زمني للتنفيذ؛ ما دفع لجنة تغير المناخ إلى المطالبة باتخاذ إجراءات عادلة في هذا الخصوص.
إستراتيجية صناعية جديدة
يأتي تقرير "سي سي سي" بعد أيام قلائل من صدور الإستراتيجية الصناعية الجديدة عن حكومة المملكة المتحدة، التي تركّز على خفض أسعار الكهرباء في بريطانيا بالنسبة للشركات كثيفة الاستهلاك للكهرباء بنسبة 25% خلال العقد الممتد حتى عام 2035.
ومن الممكن أن تشهد أكثر من 7000 شركة تصنيع بريطانية في قطاعات تشمل السيارات والفضاء والمواد الكيميائية انخفاض أسعار الكهرباء بنحو 40 جنيهًا إسترلينيًا (54 دولارًا أميركيًا) / ميغاواط/ ساعة، بدءًا من عام 2027، من خلال مخطط التنافسية الصناعية البريطاني الجديد.
*(الجنيه الإسترليني =1.36 دولارًا أميركيًا).
وانخفضت انبعاثات غازات الدفيئة في المملكة المتحدة بنسبة 4% في عام 2024، لتصل إلى 371 مليون طن من غاز ثاني أكسيد الكربون، بدعم من التخفيضات المطبّقة في قطاعي الكهرباء والتصنيع، بحسب بيانات حكومية.
وهبطت الانبعاثات بنسبة 54% مقارنةً بمستويات عام 1990، الذي عَدّه العديد من الدول بصفته عامًا مرجعيًا رئيسًا في هذا الصدد.
وجاء انخفاض الانبعاثات الكربونية مدعومًا بإمدادات الكهرباء والقطاعات الصناعية، بما في ذلك غلق آخر محطة كهرباء بالفحم في المملكة المتحدة، وهي "راتكليف أون سور" الواقعة وسط إنجلترا في أكتوبر/تشرين الأول (2024).
وتتضمن التوصيات ذات الأولوية للجنة توفير الثقة واليقين فيما يتعلق بنشر المضخات الحرارية على نطاق واسع في المباني الحالية، وتنفيذ اللوائح لمنع المنازل الجديدة من الاتصال بشبكات الغاز، وتسريع كهربة العمليات الحرارية الصناعية.
وثمة حاجة لأن يأتي أكثر من 80% من وفورات الانبعاثات المطلوبة بين المدة الحالية وبين عام 2030، من قطاعات غير إمدادات الكهرباء؛ إذ يسهم النقل السطحي بنحو 30% من خفض الانبعاثات المطلوب عبر الكهربة واسعة النطاق.
موضوعات متعلقة..
- أسعار الكهرباء في أوروبا تنخفض 30%.. ما القصة؟
- أسعار الكهرباء في أفريقيا.. 3 أسباب للفروق بين تعرفة دول القارة (تقرير)
- الحياد الكربوني في بريطانيا.. كيف يؤثر في اتجاهات أسعار الكهرباء؟ (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- الطلب على الغاز المسال في النقل البحري قد يرتفع بحلول 2035 (تقرير)
- تقرير يتوقع أكبر سوق شحن كربون في العالم.. ليست أوروبا أو أميركا
- سعة الطاقة الكهرومائية العالمية ترتفع 24.6 غيغاواط.. وهؤلاء الـ10 الكبار
المصدر: