انخفاض أسعار النفط وارتفاع تكاليف الشحن بعد محاولة إيران ضرب "العديد".. الحجي يفسّر
أحمد بدر

بعد دقائق قليلة من قصف إيران لقاعدة العديد الأميركية في قطر، انخفضت أسعار النفط، على الرغم من أن المنطق يقول، إنها كان يجب أن ترتفع، وهو أمر فاجأ الأسواق وكثيرًا من المتعاملين.
ويوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن الأسباب غير معروفة بدقّة حتى الآن.
وأضاف: "لكن هناك احتمال -وهو توقّع شخصي- أن يكون البيت الأبيض قد سرَّب للتجّار أخبارًا عن هدنة قريبة بين إيران وإسرائيل، وهو ما أدى إلى انخفاض أسعار النفط".
الأمر الآخر -وفق الحجي- أنه في الوقت الذي ارتفعت فيه تكاليف شحن النفط والغاز المسال، سحبت الشركات الصينية والهندية من المخزون لديها.
وقال، إن هناك أسبابًا عدّة لسحب المخزون:
- أولًا: تخوفًا من ارتفاع أسعار النفط.
- ثانيًا: تأخّر الشحنات، خاصة من الخليج.
جاء ذلك خلال حلقة جديدة من برنامجه "أنسيات الطاقة"، قدّمها أنس الحجي عبر مساحات منصة التواصل الاجتماعي "إكس"، بعنوان "إيران الأزمة التي لا تنتهي.. وآثارها في أسواق الطاقة العالمية".
ارتفاع أسعار النفط
من بين أسباب السحب من المخزونات في الهند والصين، التي ركّز عليها أنس الحجي، كان ارتفاع أسعار النفط، واقتراب سعر خام برنت من 80 دولارًا خلال الأيام الأخيرة.
وأضاف: "سبق أن ذكرت أن الشيء الغريب الذي حصل هو أنه -مباشرةً قبل أن تهاجم إسرائيل إيران- ارتفعت صادرات إيران النفطية إلى أعلى مستوى لها منذ سنوات".
في الوقت نفسه، ارتفع مخزون الصين إلى أعلى مستوى له في التاريخ، والآن هي تسحب من ذلك المخزون للتعويض عن أيّ انخفاض في الواردات من إيران، كونها أكبر مستورد في العالم، ويذهب إليها 98 أو 99% من النفط الإيراني.
لذلك -وفق أنس الحجي- حدث ارتفاع في أسعار الشحن وأسعار التأمين، وارتفاع في أسعار النفط، والأسعار عمومًا، وقد أدى ذلك إلى السحب من المخزون.
وتابع: "هذا السحب من المخزون يعني تعويضًا عن كل هذا الارتفاع في أسعار الشحن والتأمين، ومن ثم لم نجد هذا الارتفاع في أسعار النفط، ووجدنا لاحقًا أنها تنخفض".
وأردف: "بالنسبة للغاز المسال، فقد نُشرتُ عدّة خرائط توضّح ناقلة الغاز المسال، وكيف عبرت مضيق هرمز، ولمن يحبّ أن يراها فهي موجودة بحسابي في تويتر (إكس)".
تأخير شحنات النفط
أشار أنس الحجي إلى أسباب تأخير شحنات النفط، قائلًا، إن التأخير حصل في الشحن لأسباب عدّة، منها أنه في الليلة الأولى عندما حدث الضرب، لم يكن أحد يعرف ما الذي سيحدث، فتأخَّر التحميل في بعض المواني الخليجية.
وأضاف: "عندما تأخّر التحميل، كان من المفترض أن تكون هناك ناقلات أخرى في الطريق للتحميل أيضًا، وهذا يحصل، ومرّت هذه التجربة على الجميع".

لذلك، فإن الأخبار التي نُشرت على مدى يومين بأن هناك سفنًا وصلت إلى مضيق هرمز ثم دارت وعادت، وقيل، إن السبب هو التهديد الإيراني، هذا الخبر غير صحيح.
وتابع: "نعم، هي عادت، ولكن عادت لأن إدارة المواني أخبرتها أن تنتظر حتى تتحرك السفن الموجودة في المواني، لأنه ليس هناك مكان".
وأوضح أنس الحجي أن هذا التركيز كان على السفن الكبيرة جدًا، لأن عدد المواني التي تستوعب السفن الكبيرة محدود جدًا، ومن ثم كان هناك تراكم في السفن، الأمر الذي أدى إلى تأخُّر هذه السفن.
إذن، التهديد الإيراني لم يؤدِّ أيّ دور على الإطلاق في رجوع هذه السفن، فهي فقط ابتعدت عن المضيق حتى لا تعرقل الملاحة هناك، وانتظرت بحدود 12 ساعة، ثم عادت، وحُمِّلَت، وهما سفينتان إحداهما في ميناء إماراتي، والأخرى في ميناء البصرة.
ارتفاع تكاليف شحن الغاز المسال
علّق أنس الحجي على ارتفاع تكاليف شحن الغاز المسال، بالقول، إن هناك عدّة أسباب لارتفاعها، لا علاقة مباشرة لها بما يحصل في الخليج.
الأمر الأول، هو وجود زيادة في الطلب من دول جديدة، أو دول زاد طلبها أكثر من المتوقع، فمصر -على سبيل المثال- كانت دولة مصدّرة للغاز المسال، وفجأة صار عندها عجز، فتحولت إلى دولة مستوردة.
ولكن -بحسب أنس الحجي- بسبب زيادة الطلب على الكهرباء، وبسبب انخفاض إنتاج الغاز داخل مصر، زاد الطلب على الغاز المسال بشكل كبير.
وأوضح أن الأمور ساءت بشكل أكبر عندما بدأت الحرب، إذ عندما شنّت إسرائيل الهجوم على إيران، أغلقت أكبر حقل غاز لديها، ومن ثم توقّف ضخ الغاز إلى مصر والأردن.
والآن، أصبحت مصر مضطرة -أيضًا- إلى زيادة الطلب على الغاز المسال للتعويض، والشيء نفسه بالنسبة للأردن، وهناك -أيضًا- العراق، الذي اضطر لزيادة الطلب بسبب انخفاض صادرات الغاز الإيراني إليه.
السبب الآخر لارتفاع تكاليف شحن الغاز المسال هو أنه منذ فُرضت عقوبات على روسيا، ثم حرب إسرائيل في غزة، وضرب الحوثيين للسفن في البحر الأحمر، حُوِّلَت شحنات الغاز المسال حول أفريقيا.
وتابع: "شحنات الغاز المسال الروسية التي تذهب إلى آسيا وشحنات الغاز القطري الذاهبة إلى أوروبا الآن تذهب حول أفريقيا، ما يعني 12 ألف ميل إضافية لكل سفينة ذهابًا وإيابًا".
بمعنى آخر، إن عدد السفن الموجودة في البحر زاد بشكل كبير عمّا كان عليه سابقًا، ومن ثم ليس هناك قدرة استيعابية لشحن الغاز المسال كما كان قبل أحداث غزة، وجزء كبير من هذه السفن الفارغة الموجودة في البحر يعود إلى المواني.
السبب الأخير -وفق أنس الحجي- هو أن هناك محطات إسالة جديدة بدأت في كندا وأماكن أخرى، وهذه المحطات تعني زيادة الطلب على ناقلات الغاز المسال، ومن ثم ترتبط تكاليفها بذلك أيضًا.
ولفت إلى أسباب أخرى تتعلق بالتكاليف العالية لقناة بنما، مؤكدًا ضرورة تصحيح معلومة سابقة، تتعلق بأثر الجفاف في قناة بنما، وانخفاض مستوى المياه الذي أثّر بالملاحة فيها، وأدى لتحويل السفن إلى قناة السويس وغيرها.
إذ اتضح أنه لا يوجد جفاف، بينما ما حدث أن القناة جرى توسيعها، ما أدى إلى انخفاض منسوب المياه فيها، بينما سوّق الإعلام لفكرة وجود جفاف يضرب القناة.
موضوعات متعلقة..
- أسعار النفط قد ترتفع بشكل حاد بعد استهداف المنشآت النووية الإيرانية (تقرير)
- سيناريوهات أسعار النفط مع تدخّل أميركا في الحرب الإسرائيلية الإيرانية (تحليل)
- 7 خبراء لـ"الطاقة": أسعار النفط سترتفع إلى 100 دولار في حالة واحدة.. وهذا موقف أوبك+
اقرأ أيضًا..
- لماذا يفشل العالم في إنهاء استعمال الفحم؟ تحليل يرد
- الغاز المسال في آسيا.. خيار واعد لتسريع التخلص من توليد الكهرباء بالفحم (تقرير)
- واردات مصر من الغاز الإسرائيلي ترتفع قرب مستويات قياسية
المصدر..