الحرب الإسرائيلية الإيرانيةالمقالاترئيسيةسلايدر الرئيسيةكهرباءمقالات الكهرباء

الحرب الإيرانية الإسرائيلية.. كيف تؤثر في منشآت الطاقة الحيوية للبلدين؟ (مقال)

أومود شوكري* - ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • صاروخ إيراني يضرب محطة توليد الكهرباء في مصفاة حيفا النفطية ويعطّل عملياتها
  • ميناء حيفا يُعدّ مركزًا حيويًا في شبكة الطاقة والتجارة الإسرائيلية
  • إسرائيل تلجأ إلى الفحم وزيت الوقود لتلبية الطلب على الكهرباء

تستهدف الهجمات الصاروخية المتبادلة، في ظل الحرب الإيرانية الإسرائيلية، منشآت الطاقة الحيوية في البلدين، وسط استمرار العمليات الحربية واسعة النطاق بين الجانبين.

وقد ألحقت الأزمة المتصاعدة بين إسرائيل وإيران أضرارًا جسيمة بمصفاة حيفا النفطية التابعة لمجموعة بازان غروب (Bazan Group).

واستُهدفت المنشأة بصاروخ إيراني فرط صوتي في 15 يونيو/حزيران 2025، في إطار "عملية الوعد الصادق 3" التي شنّتها طهران ردًا مباشرًا على القصف الإسرائيلي للمنشآت النووية والعسكرية الإيرانية.

ومع استمرار الحرب الإيرانية الإسرائيلية، تضررت محطة توليد الكهرباء في المصفاة -التي تُوفر البخار والتيار اللازمين لعملياتها- بشدة جراء هذا الصاروخ، ولقي 3 موظفين حتفهم بسبب الاضطراب الذي أعقب ذلك، ما أجبر المجمع على الإغلاق التامّ.

منتجات مصفاة حيفا النفطية

تُعد مصفاة حيفا النفطية أكبر مصفاة في إسرائيل، حيث تُعالج نحو 10 ملايين طن من النفط الخام سنويًا (نحو 200 ألف برميل يوميًا).

وتؤدي المصفاة دورًا محوريًا في توريد البنزين والديزل ووقود الطائرات ومواد التشحيم والبتروكيماويات إلى الأسواق المحلية والأوروبية.

ويمثّل توقّفها عن العمل -بسبب الحرب الإيرانية الإسرائيلية- ضربة قاسية لأمن الطاقة في إسرائيل، ما أدى إلى تعطيل إحدى الركائز الأساسية لسلسلة إمدادات الوقود في البلاد.

اندلاع النيران في محطة بازان لتوليد الكهرباء بمدينة حيفا شمال إسرائيل
اندلاع النيران في محطة بازان لتوليد الكهرباء بمدينة حيفا شمال إسرائيل – الصورة من جيروزالم بوست

التداعيات التشغيلية وتعطُّل المواني

علّقت شركات لوجستية كبرى، مثل ميرسك (Maersk)، عملياتها لمدة وجيزة في ميناء حيفا المجاور، بعد الهجوم الصاروخي، لأسباب أمنية.

وقد أدى تعطُّل ميناء حيفا -وهو مركز حيوي في شبكة الطاقة والتجارة الإسرائيلية، ويتعامل مع نحو 20 مليون طن من البضائع سنويًا- إلى تفاقم التداعيات الإستراتيجية والمالية للهجوم.

وتسبَّب انقطاع العمل في حيفا بصعوبات لوجستية، لا سيما أن مصفاة أشدود كانت تخضع في الوقت نفسه لإصلاحات مخطط لها، حتى مع استمرار موانٍ أخرى، مثل أشدود، في العمل.

في البداية، اتّسمت الآثار المباشرة في المصفاة بأنها محدودة، حيث أصابت كابلات الكهرباء والأنابيب.

وبحلول يوم 16 يونيو/حزيران الجاري، اتضح أن الضرر الذي لحق بمحطة الكهرباء استلزم إغلاقًا كاملًا لجميع الأنشطة.

وأعاق الدخان والنيران محاولات الاستجابة للطوارئ، وأكدت التقارير مقتل 3 موظفين، من بينهم داني أفراهام، البالغ من العمر 59 عامًا، من مدينة كريات موتسكين.

ولم يُعَدْ فتح المصفاة حتى 20 يونيو/حزيران 2025، وعلى الرغم من عدم تحديد إطار زمني محدد لإعادة التنشيط، تعمل مجموعة "بازان غرروب" مع شركة الكهرباء الإسرائيلية لاستعادة التغذية.

الأهمية الإستراتيجية لمصفاة حيفا

تُعالج مصفاة حيفا نحو 197 ألف برميل يوميًا في مجمع حيفا، الذي أنتج في عام 2024 ما نسبته 59% من البنزين في إسرائيل، و52% من الكيروسين، و65% من الديزل.

وتتجاوز أهميتها الإستراتيجية إنتاج البنزين، إذ تدعم صناعات حيوية، بما في ذلك تصنيع البتروكيماويات، والنقل، والطيران.

نتيجةً لذلك، أثار الإغلاق الناجم عن احتدام الحرب الإيرانية الإسرائيلية، مخاوفَ جدّية بشأن احتمال حدوث نقص محلي في البنزين، وعدم استقرار في سلسلة التوريد عمومًا.

ميناء حيفا شمال إسرائيل
ميناء حيفا شمال إسرائيل – الصورة من رويترز

من ناحيتها، سعت وزارة الطاقة الإسرائيلية إلى طمأنة الجمهور، على الرغم من خطورة المشكلة، بإعلانها في 17 يونيو/حزيران أن احتياطيات الوقود كافية لتجنُّب أيّ نقص.

وأكدت الوزارة -بالتعاون مع إدارة الوقود والغاز وموزعي الوقود التجاريين- عدم وجود انقطاعات وشيكة في الإمدادات.

وتُراقب الوزارة الوضع باستمرار، لا سيما مع استمرار توقُّف مصفاة أشدود -ثاني أكبر مصفاة في إسرائيل- عن العمل، على الرغم من أنه من المتوقع استئناف عملياتها بحلول نهاية يونيو/حزيران الجاري.

نقاط ضعف قطاع الطاقة الإسرائيلي

أدت الحرب الإيرانية الإسرائيلية إلى الهجوم على حيفا، الذي أدى بدوره إلى تفاقم نقاط الضعف القائمة في قطاع الطاقة الإسرائيلي.

وتعتمد شبكة الكهرباء الإسرائيلية بشكل كبير على الغاز الطبيعي من الحقول البحرية مثل ليفياثان وكاريش، التي تُوفر معًا نحو 70% من الكهرباء الوطنية.

وقد توقفت هذه المنصات عن الإنتاج عقب تصاعد الأعمال العدائية، وفقًا لتقارير صادرة عن منصة "إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس أويل" (SPGCIOil) في 19 يونيو/حزيران الجاري.

وقد أجبر هذا التطور إسرائيل على الاعتماد على الفحم وزيت الوقود لتلبية الطلب على الكهرباء، وهو بديل مكلف ومضرّ بالبيئة.

ونتيجة لتدهور قدرة التكرير وتوقُّف منصات الغاز عن العمل، لجأت إسرائيل بشكل متزايد إلى استيراد الوقود لدعم قطاعي توليد الكهرباء والنقل.

ويزداد الأمر تعقيدًا بسبب الاضطرابات في موانٍ مثل حيفا، ما يهدد بخلق اختناقات لوجستية وتفاقم المخاوف بشأن مرونة الطاقة.

وقد أشار موقع "أويل برايس (OilPrice.com) إلى أن هذه العوامل تُسهم في ارتفاع أسعار النفط العالمية، وتزيد من المخاوف بشأن أمن سلسلة التوريد في المنطقة.

ميناء أشدود في إسرائيل
ميناء أشدود في إسرائيل – الصورة من رويترز

التداعيات طويلة المدى والجدل السياسي

أثار الهجوم الصاروخي، الذي جاء ضمن الحرب الإيرانية الإسرائيلية، جدلًا متجددًا بشأن مستقبل مصفاة حيفا، التي طالب نشطاء البيئة والسكان المحليون بإغلاقها، مشيرين إلى قربها من المراكز السكانية الكثيفة، وارتباطها بارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان والربو.

بدورها، ربطت الدراسات العلمية والبيانات الحكومية تلوث الهواء في منطقة خليج حيفا بمشكلات صحية خطيرة.

وكانت وزارة حماية البيئة الإسرائيلية قد فرضت سابقًا غرامة على مجموعة "بازان غروب" بسبب انتهاكات بيئية، ووصفت جماعات مثل "المسار الأخضر" المصفاة بأنها "كارثة على وشك الانفجار".

وفي ظل الحرب الحالية، أعرب مسؤولون عسكريون -بمن فيهم البروفيسور آفي سمحون- عن دعمهم المتجدد لإغلاق المصفاة، محذّرين من أنها ما تزال هدفًا شديد الخطورة في زمن الحرب.

وقد اكتسب هذا القلق زخمًا بعد أن نشر "حزب الله" اللبناني لقطات من طائرة مسيرة فوق المصفاة، مما يوضح مدى ضعفها.

في المقابل، عارضت مجموعة "بازان غروب" ونقابة عمالها خطة الإغلاق، مشيرين إلى التداعيات الاقتصادية، وفقدان الوظائف، والدور المحوري للمنشأة في سلسلة إمدادات الطاقة.

وقد مارسوا ضغوطًا نشطة على "الكنيست"، ونظّموا جولات للجنة الشؤون الاقتصادية لحشد المعارضة للجدول الزمني الحكومي لإغلاق المصفاة.

وكانت الحكومة الإسرائيلية قد قررت، سابقًا، إغلاق المصفاة بحلول عام 2030، حيث تستهدف الخطط الأخيرة النصف الأول من ذلك العام.

وتعمل مديرية تطوير خليج حيفا، حاليًا، على وضع رؤية طويلة المدى لتحويل المنطقة إلى منطقة صناعية وسكنية مستدامة بحلول عام 2045، تشمل الاستثمار في محطات استيراد الطاقة، والبنية التحتية للنقل، وأنظمة تخزين الوقود.

وقد زاد الهجوم الأخير من إلحاح هذا الجدول الزمني، ما أجبر صانعي السياسات على إعادة تقييم وتيرة وإستراتيجية إيقاف تشغيل المصفاة.

تضرر البنية التحتية للطاقة في إيران

تأثرت البنية التحتية للطاقة في إيران بالعمليات الحربية الموسعة، ووفقًا للتقارير، ألحقت الغارات الإسرائيلية أضرارًا بمنشآت قريبة من طهران، وأغلقت جزئيًا حقل غاز بارس الجنوبي الإيراني.

ويتجلى هذا الاستهداف المتبادل لأصول الطاقة الحيوية في الأهمية الإستراتيجية المتزايدة لكلا البلدين في تدمير القدرات الاقتصادية والعسكرية لبعضهما، من خلال الهجمات على البنية التحتية للطاقة.

الوضع الشامل حتى 20 يونيو/حزيران 2025

حتى يوم الجمعة، 20 يونيو/حزيران 2025، ما تزال مصفاة حيفا مغلقة، دون تحديد جدول زمني رسمي لاستئناف العمليات.

وقد أكدت كل من مجموعة بازان غروب والسلطات الإسرائيلية أن المنشأة ما تزال متوقفة عن العمل، مع استمرار الحرب الإيرانية الإسرائيلية.

وتشير التحديثات الأخيرة من مصادر مثل إنتليجنس فرونت (Intelligence FRONT) ومنصة "إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس أويل" إلى استمرار تعليق جميع الأنشطة المرتبطة بها، بسبب الأضرار الجسيمة التي سبّبتها الضربة الصاروخية الإيرانية، خصوصًا أنظمة الكهرباء الضرورية لعمل المصفاة.

الحرب الإيرانية الإسرائيلية

وتراقب وزارة الطاقة الإسرائيلية الوضع عن كثب، وتعمل مع مورّدي الوقود لضمان استقرار الإمدادات المحلية، في ظل تداعيات الحرب الإيرانية الإسرائيلية.

في غضون ذلك، يدرس مسؤولو الدفاع والحكومة الإسرائيليون إستراتيجياتٍ لتعزيز البنية التحتية للطاقة في البلاد، بما في ذلك تحسين أمن المواقع الحيوية، وتنويع مصادر الطاقة، وربما تسريع خطط نقل أو إغلاق المرافق عالية المخاطر، مثل مصفاة حيفا.

وقد أبرز الانقطاع المطول للكهرباء نقاط ضعفٍ كبيرة في قطاع الطاقة الإسرائيلي، ما دفع إلى تجدُّد النقاش بشأن التأهب للطوارئ والمرونة الهيكلية على المدى الطويل.

الخلاصة

بالإضافة إلى الإصابات الجسيمة والوفيات، كشفت الحرب الإيرانية الإسرائيلية، والهجوم الصاروخي على مصفاة حيفا، نقاطَ ضعف خطيرة في نظام الطاقة الإسرائيلي.

وقد طمأنت وزارة الطاقة الإسرائيلية الرأي العام بأن الإمدادات قصيرة الأجل آمنة، ولكن إذا استمر تعطُّل عمليات التكرير وإنتاج الغاز الطبيعي وعمليات المواني، فقد يتعرض أمن الطاقة في إسرائيل للخطر.

إضافة إلى ذلك، عززت الكارثة الجدل السياسي بشأن مستقبل المصفاة، حيث أصبحت القضايا الإستراتيجية والاقتصادية والبيئية أكثر ترابطًا من ذي قبل.

وستُحدَّد إستراتيجية إسرائيل طويلة المدى في مجال الطاقة من خلال تحقيق التوازن بين المرونة والاستدامة والأمن القومي في ظل هذه الظروف الصعبة ووسط التوترات الإقليمية المتصاعدة.

الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق