الحرب الإيرانية الإسرائيلية وإمدادات الغاز.. مدير تحرير "الطاقة" يكشف عن أكثر 3 دول عربية تأثرًا
أحمد بدر

خلّفت الحرب الإيرانية الإسرائيلية آثارًا كبيرة -تجاهلها كثير من وسائل الإعلام الغربية- خاصة فيما يتعلق بقطاع الكهرباء والطاقة في عدد من الدول العربية؛ من بينها مصر والعراق والأردن.
وفي هذا السياق، يوضح مدير تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) عبدالرحمن صلاح، أنه بمجرد اندلاع الحرب، وبعد مرور 24 ساعة تقريبًا، كانت هناك 3 دول عربية هي الأكثر تأثرًا في المحيط العربي بهذه الأزمة.
وقال إن الحرب الإيرانية الإسرائيلية أثرت في إمدادات الطاقة بكل من مصر والأردن، والعراق الذي كان الأقل حدة أو تأثرًا بالأزمة الحالية أو بتداعيات الحرب.
جاء ذلك خلال مشاركته في حلقة جديدة من برنامج "أنسيات الطاقة"، قدمها مستشار تحرير منصة الطاقة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، على مساحات منصة "إكس" بعنوان: "الحرب على إيران وآثارها في أسواق النفط والغاز".
أزمة الطاقة في العراق
تطرّق عبدالرحمن صلاح إلى الحديث عن أزمة الطاقة في العراق، والتي تسببت فيها الحرب الإيرانية الإسرائيلية، خاصة أن بغداد تستورد الغاز الإيراني لكن بكميات قليلة للغاية.
وأضاف: "هذه الكميات قبل اندلاع الحرب كانت في حدود 20 مليون متر مكعب يوميًا، كما يستورد العراق الكهرباء من إيران، وخط الربط المشترك بين البلدين تقريبًا في حدود 1000 ميغاواط، لكن الفعلي قبل الحرب كان يتراوح بين 700 إلى 800 ميغاواط يوميًا".
وبعد اندلاع الحرب الإيرانية الإسرائيلية، وتحديدًا بعد 72 ساعة، قالت مصادر لـ"الطاقة" في العراق إن ضخ الغاز الإيراني انخفض إلى ما بين 7 و8 ملايين متر مكعب يوميًا، وتوقعت -مع استمرار الحرب- توقف الضخ نهائيًا عن العراق.
وأوضح أن هذه التوقعات استندت إلى إدراك حاجة إيران لكل الغاز، خاصة مع انخفاض الإنتاج بسبب الظروف الحالية، ووجود أزمة وقود فعلية في العديد من المحافظات الإيرانية.
وتابع: "ومن ثم، من المنطقي أن تتوقف -أيضًا- إمدادات الكهرباء للعراق، التي ما زالت حتى الآن في حدود 700 ميغاواط، ولكن توقعاتنا أنها ستنخفض إلى دون 300 ميغاواط خلال أيام".
وأكد مدير تحرير منصة الطاقة المتخصصة أن توقعات المنصة تشير إلى أنه إذا استمرت الحرب الإيرانية الإسرائيلية لأكثر من أسبوعين، أو إذا دخلت الأسبوع الثالث، سيتوقف الربط الكهربائي بين العراق وإيران نهائيًا.
ولفت إلى أن الأزمة في العراق أنه ربما اعتاد على مثل هذا الأمر من إيران، فبين ليلة وأخرى يتوقف ضخ الغاز الإيراني، رغم التعاقد على 50 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا، والذي كان من المفترض أن يسري في بداية يونيو/حزيران الجاري، لكنه لم يدخل حيّز التنفيذ.
لذلك، فإن العراق معتاد على مسألة نقص الإمدادات، واعتاد على تغطية الفجوة بين الاستهلاك وحجم الطلب على الكهرباء من خلال القطع المبرمج للكهرباء.
وأردف: "قطع الكهرباء في العراق حاليًا يتراوح بين 10 و15 ساعة يوميًا، ومعظم المواطنين أصبحوا يعتمدون على مولدات الديزل والمازوت، وأيضًا بعضهم يعتمد على محطات الطاقة الشمسية الصغيرة".
أزمة خانقة في مصر والأردن
الأزمة الكبيرة، وفق مدير تحرير منصة الطاقة، تكمن في مصر والأردن؛ فهي أزمة خانقة في إمدادات الغاز، لكن لا يمكن بأي حال من الأحوال فصل أزمة الغاز، في البلدين عن سياق عنوان "أمن الطاقة".
وأوضح أن أمن الطاقة لا يمكن تحقيقه أبدًا دون تنويع مصادر الطاقة، سواء كان الوقود أيًا كان نوعه، وأيضًا مصدر هذا الوقود، أي إن كان مستوردًا من أي بلد، ولا سيما تحسبًا لأي ظروف طارئة على غرار الحرب الإيرانية الإسرائيلية.
وأكد عبدالرحمن صلاح أن ظروف الأردن تتشابه كثيرًا في هذه المسألة مع مصر، وإن كانت أفضل نسبيًا، نظرًا إلى انخفاض عدد السكان، ومن ثم فإن أحمال الكهرباء هناك متواضعة؛ إذ تقل حاليًا -تقريبًا- عن 5 آلاف ميغاواط، وفي ذروة التصنيف تصل إلى 4700 ميغاواط.
لكن، بالحديث عن مصادر الطاقة أو مزيج الكهرباء في الأردن ومصر، فهي متشابهة نسبيًا؛ إذ إن الطاقة الناقلة في البلدين لا يوجد بها تنوع كبير في مصادر الطاقة أو مصادر الوقود التي يُعتمد عليها بقطاع الكهرباء.
وأردف: "مصر أولًا تعتمد على الغاز الطبيعي بنسبة 84%، في حين أن الطاقة المتجددة -حسب أحدث بياناتنا لعام 2025- لا تتجاوز 7%، والمازوت والسولار نحو 4.5%.
والملاحظ هنا، هو التفاوت الكبير في مزيج الكهرباء بين 84% كاملة للغاز الطبيعي، ثم تليها 7% للطاقة المتجددة، ومن ثم من الطبيعي أن يتسبب نقص الغاز لأي سبب في أزمة كهرباء حادة.
وأشار إلى أن هذا المزيج الكهربائي مبني على أساس أن مصر يمكنها تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز، وهذا غير صحيح على الإطلاق، لذلك لم يكن منطقيًا أن تشيد مصر محطات كهرباء تعتمد على الغاز والمازوت بنحو 59.7 ألف ميغاواط، من إجمالي قدرات مركبة تتراوح بين 63 و65 ألفًا.
الأزمة نفسها، في الأردن؛ إذ يعتمد مزيج الكهرباء بشكل كبير على الغاز، بنسبة 60% على الغاز الطبيعي، ثم الطاقة المتجددة بنسبة 27%، لكن الملاحظ أنه خلال السنوات الـ5 الماضية، تسير المملكة باتجاه خفض الاعتماد على الغاز الطبيعي.
وتابع: "في عام 2020 كانت نسبة الغاز الطبيعي 80%، ثم في عام 2021 هبطت النسبة إلى 73%، وفي عام 2022 نزلت هذه النسبة إلى 68%، وفي عام 2023 أصبحت 61.1%، والمتوقع أن تكشف بيانات 2024 عن أن تكون النسبة في حدود 60%".
وبناءً عليه؛ فإن الأردن يحاول خفض الاعتماد على الغاز الطبيعي، ولكن حتى الآن ما زالت هذه النسبة كبيرة للغاية، وعليه أن يخفض هذه النسبة على الأقل إلى 40%، مع زيادة نسبة الطاقة المتجددة، وأيضًا زيادة نسبة الصخر النفطي إلى نحو 20%.
خطوة اعتماد مصر على الغاز الطبيعي
أشار عبدالرحمن صلاح إلى خطورة اعتماد مصر على الغاز الطبيعي بدرجة كبيرة، وهي الخطوة التي كشفت عنها الحرب الإيرانية الإسرائيلية.
وقال إنه لا يلوح في الأفق خلال الوقت الحالي أن تقدم مصر على خفض درجة الاعتماد على الغاز الطبيعي؛ إذ ربما كان هذا مقبولًا عندما كانت دولة تحقق الاكتفاء الذاتي من الغاز، ومصدرة للغاز المسال قبل عامين.
وأوضح مدير تحرير "الطاقة" أن نسبة الاعتماد على الغاز 84% هي نسبة خطيرة للغاية، تهدد أمن الطاقة في مصر، ومن ثم هذا ما حدث فعليًا؛ فبمجرد اندلاع الحرب الإيرانية الإسرائيلية وتوقف إسرائيل عن تصدير الغاز لمصر والأردن من حقل ليفياثان وحقل تمار، خلال 24 ساعة، اضطرت وزارة البترول لخفض إمدادات الغاز للمصانع.
وأضاف: "ثم بعد أقل من 48 ساعة من اندلاع الحرب الإيرانية الإسرائيلية، رأينا اضطرارًا إلى وقف ضخ الغاز تمامًا للمصانع، ثم اضطرت بعض المصانع إلى الإغلاق إلى حين عودة ضخ الغاز، وهذا طبعًا لا يلوح في الأفق قريبًا، أو إلى حين إيجاد بدائل أخرى".
لكن، وفق صلاح، الأمر الإيجابي بالنسبة للحكومة المصرية، أنها حتى الآن ملتزمة بعدم تخفيف الأحمال الكهربائية، ولم تضطر إلى قطع الكهرباء عن المنازل، سواء لمدة ساعة أو حتى ساعتين، أو أي وقت، سواء أقل من ذلك أو أكثر.
موضوعات متعلقة..
- الحرب الإيرانية الإسرائيلية تُلهب أسعار الوقود في أوروبا وأميركا
- سوق ناقلات النفط تتأثر بالحرب الإيرانية الإسرائيلية.. وتكلفة الشحن والتأمين ترتفع
- كيف يستعد قطاع النفط في الصين لـ"الحرب الإيرانية الإسرائيلية"؟.. خبير يجيب
اقرأ أيضًا..
- استئناف صادرات الغاز الإسرائيلي إلى مصر والأردن مرهون بشرط
- أغلى أسعار خامات النفط العربية في مايو.. السعودية تتصدر وتغير لافت للجزائر
- الهيدروجين الأخضر في أفريقيا.. 4 دول عربية تملك أسعارًا تنافسية
المصدر..