عرض أدنوك الإماراتية للاستحواذ على سانتوس الأسترالية يواجه تحديًا صعبًا
يضع أستراليا أمام معضلة المصلحة الوطنية
وحدة أبحاث الطاقة - مي مجدي

- مخاوف من تأثير عرض أدنوك للاستحواذ على سانتوس في أمن الطاقة والمصلحة الوطنية
- سانتوس لاعب رئيس في توفير إمدادات الغاز المحلية وسوق الغاز المسال
- مجموعة من الهيئات الأسترالية سيتعين عليها دراسة تداعيات الصفقة
- الحكومة الأسترالية قد تتدخل لوقف الصفقة لأسباب تتعلق بالمصلحة الوطنية
أعلنت شركة أدنوك الإماراتية تقدُّمها بعرض استحواذ كامل على شركة "سانتوس" الأسترالية العملاقة -ثاني أكبر منتج للغاز في البلاد-، لتمثّل واحدة من أضخم الصفقات في قطاع الطاقة خلال العام الجاري.
ورغم ترحيب مجلس إدارة سانتوس بالصفقة مبدئيًا، فإن الخطوة أشعلت جدلًا بين الأوساط الأسترالية، وأثارت تساؤلات حول تداعياتها على مستقبل أمن الطاقة والمصلحة الوطنية، لا سيما أن الصفقة قد تؤدي إلى إعادة توجيه إمدادات الغاز نحو التصدير على حساب السوق المحلية، بحسب تقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
فقد قدّمت شركة أدنوك الإماراتية، عبر ذراعها الاستثمارية "إكس آر جي" (XRG)، بالتعاون مع شركة القابضة (ADQ) وشركة الاستثمار المباشر "كارلايل غروب"، عرض استحواذ نقدي بقيمة 18.7 مليار دولار أميركي.
ويمنح العرض مساهمي سانتوس علاوة بنسبة 28% على سعر إغلاق الشركة الأسترالية يوم الجمعة الموافق 13 يونيو/حزيران، بواقع 5.76 دولارًا أميركيًا للسهم الواحد.
كما تمنح الصفقة سانتوس قيمة مؤسسية تُقدَّر بـ36.4 مليار دولار أسترالي (23.68 مليار دولار أميركي)، لتصبح بذلك أكبر عملية استحواذ نقدي بالكامل على شركة في تاريخ أستراليا، وثالث أكبر عملية استحواذ في البلاد.
تداعيات صفقة أدنوك الإماراتية
تطمح شركة أدنوك الإماراتية إلى تعزيز حضورها في سوق الغاز المسال من خلال الاستحواذ على حصة شركة سانتوس البالغة نحو 4.83 مليون طن سنويًا من الغاز المسال، عبر 3 مشروعات.
وأوضح التقرير الصادر عن معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي أنه رغم ما تحقّقه الصفقة من مكاسب للطرفين، فإن تركيز الشركة الإماراتية على تعزيز صادرات الغاز المسال قد يتعارض مع أولويات أستراليا، خاصةً في ظل تنامي القلق من شح المعروض المحلي وارتفاع أسعار الغاز.
وتشكّل سانتوس شريانًا أساسيًا لإمدادات الغاز المحلية، إلى جانب تصدير الغاز المسال عبر محطتي غلادستون على الساحل الشرقي وداروين في الشمال.
وخارج حدود أستراليا، تمتلك الشركة حصصًا في محطات للغاز المسال في بابوا غينيا الجديدة، وتَطوّر مشروع "بيكا" النفطي في ألاسكا الأميركية، والمقرر أن يبدأ الإنتاج في منتصف عام 2026.
وخلال العام الماضي، بلغت مبيعات سانتوس من الغاز المسال نحو 5.08 مليون طن، إذ استحوذت مشروعات بابوا غينيا الجديدة على أكثر من 60% منها، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وبحسب التقرير، تجد الحكومة الأسترالية نفسها أمام خيارين: إمّا وقف الصفقة بالكامل، أو فرض شروط صارمة تضمن أولوية تأمين احتياجات السوق المحلية، إذ يمكن لكانبرا التدخل عندما تقتضي المصلحة الوطنية ذلك.
ففي عام 2001، أوقف وزير الخزانة الأسبق بيتر كاستيلو محاولة "شل" الاستحواذ على "وودسايد"، بحجّة حماية المصلحة الوطنية.
وتكرَّر المشهد في عام 2016، حين منع رئيس وزراء أستراليا السابق سكوت موريسون -عندما كان وزير الخزانة- بيع شبكة الكهرباء "أوسغريد" لمستثمرين أجانب، رغم أن الصفقة كانت بمبادرة من حكومة ولاية نيو ساوث ويلز.
وتتجه الأنظار الآن إلى مجلس مراجعة الاستثمار الأجنبي (FIRB) وهيئة المنافسة والمستهلك الأسترالية (ACCC)، اللذين يقع على عاتقهما فحص تداعيات صفقة استحواذ شركة أدنوك الإماراتية على سانتوس.
تحديات أمن الطاقة في أستراليا
يأتي عرض شركة أدنوك الإماراتية في وقت تُشدد فيه مجموعة منتجي الطاقة الأسترالية على الحاجة إلى تعزيز المعروض المحلي من الغاز لضمان أمن الطاقة.
فمنذ انطلاق صادرات الغاز المسال من كوينزلاند في يناير/كانون الثاني 2015، انخفض الطلب المحلي على الغاز، بينما قفزت الأسعار إلى 3 أضعاف.
وتزداد حدّة هذه الأزمة في شرق البلاد، حيث تشير التقديرات إلى حدوث عجز موسمي في شتاء 2028، يتبعه عجز هيكلي ابتداءً من عام 2029، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ويمتلك الساحل الشرقي لأستراليا احتياطيات غاز ضخمة، لكن التأخير في تطوير هذه الموارد يضع السوق أمام أزمة.
ويرجع ذلك إلى تفضيل الشركات المنتجة لتصدير الغاز المسال، إذ يُوجَّه أكثر من 70% من إنتاج الغاز للتصدير، مع تسجيل معدلات تشغيل مرتفعة في اثنين من مشروعات الإسالة الـ3 بالمنطقة خلال السنوات الـ10 الماضية.
وبحسب بيانات لجنة المنافسة والمستهلك الأسترالية (ACCC)، تهيمن 3 تحالفات للغاز المسال في كوينزلاند على أكثر من 90% من الاحتياطات التجارية، ويقود أحدها شركة سانتوس.
وحسب الرسم التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- جاءت أستراليا في المركز الثالث بين أكبر الدول المصدرة للغاز المسال في الربع الأول (2025):
أمّا في غرب أستراليا، فرغم أن احتياطيات الغاز قد خففت من وطأة الأزمة العالمية، فإن المؤشرات تُظهِر تدهورًا على الساحل الغربي.
وسبق أن كشف تحليل سابق لمعهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي أنه يمكن تحويل جزء من صادرات الغاز المسال في الأسواق الفورية نحو السوق المحلية، ويمكن أن يؤخر أزمة نقص الغاز المتوقعة حتى 2032.
وتحقيق ذلك مرهون بتوافر كميات كافة من غاز كوينزلاند للسوق المحلية، إلى جانب ترقية خطوط الأنابيب الممتدة بين كوينزلاند والولايات الجنوبية.
موضوعات متعلقة..
- أدنوك الإماراتية تقترب من صفقة غاز بقيمة 19 مليار دولار
- سوق الغاز في الساحل الشرقي لأستراليا أمام خيارات كلها مُرة
اقرأ أيضًا..
- 3 فوائد لاستغلال مناجم الفحم المغلقة في توليد الطاقة الشمسية (تقرير)
- تقرير يخفض توقعات مبيعات السيارات الكهربائية لأول مرة
- توليد الكهرباء في الإمارات قد يقفز 50% بحلول 2035
المصدر: