التقاريرتقارير الغازرئيسيةغاز

أزمة إمدادات الغاز الإسرائيلي.. الوحدات العائمة رهان مصر لتأمين الكهرباء

سامر أبووردة

تواجه مصر أزمة طاقة جديدة بعد توقُّف إمدادات الغاز الإسرائيلي بسبب الحرب الدائرة بين طهران وتل أبيب، ما دفع الحكومة إلى تفعيل خطط طوارئ عاجلة لتأمين حاجاتها من الوقود، لا سيما مع اقتراب ذروة الاستهلاك في فصل الصيف.

وسبّبت الاضطرابات في خطوط الأنابيب البحرية تعطلًا في التوريد من حقل ليفياثان، أحد أكبر حقول شرق المتوسط، في وقت تعتمد فيه القاهرة جزئيًا على الغاز المستورد لتلبية الطلب المحلي المتزايد على الكهرباء.

ولم يكن هذا التوقف الطارئ معزولًا عن مسار متصاعد من التوترات الجيوسياسية في المنطقة، لكنه جاء في توقيت دقيق، تحاول فيه مصر تجاوز تبعات أزمة الصيف الماضي، حين انخفض إنتاجها المحلي، وفرضت قيودًا على الاستهلاك.

ووفق متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) تطورات قطاع الغاز في مصر، رفعت القاهرة وتيرة استيراد الغاز الطبيعي المسال، وتعمل على توصيل وحدات التخزين العائمة بالشبكة لتقليل الفجوة في الإمدادات، وسط رهانات على القدرة اللوجستية لتعويض الفاقد.

إمدادات الغاز الإسرائيلي

يشكّل الغاز الإسرائيلي ما يُقارب 15% من إجمالي إمدادات الغاز في مصر، ويُعدّ من أهم المصادر الخارجية التي تعتمد عليها القاهرة، لا سيما في حالات تراجع الإنتاج المحلي.

لكن الحرب الحالية بين إيران وإسرائيل عطّلت تدفُّق هذا المورد الحيوي عبر الأنابيب، لا سيما من حقل ليفياثان الذي يضم احتياطيات تُقدَّر بـ22 تريليون قدم مكعبة من الغاز، علمًا أن حقل تامار ما يزال يواصل التوريد وفق تأكيدات شركة شيفرون الأميركية المشغّلة للحقلين.

وتشير بيانات وزارة الطاقة الإسرائيلية إلى أن الصادرات إلى مصر ارتفعت بنسبة 80% خلال 4 سنوات، من 2.2 مليار متر مكعب (80.17 مليار قدم مكعبة) في 2020، إلى 10 مليارات متر مكعب في 2023، ما يُبرز الاعتماد المتنامي على الغاز الإسرائيلي ضمن مزيج الكهرباء المصري.

وخلال الربع الأول من العام الجاري (2025)، انخفضت واردات مصر من الغاز الإسرائيلي بمقدار 74 مليون متر مكعب على أساس سنوي، إذ استوردت نحو 2.55 مليار متر مكعب (1 مليار قدم مكعبة يوميًا) خلال المدة من يناير/كانون الثاني حتى نهاية مارس/آذار 2025، مقابل 2.63 مليار متر مكعب (1.03 مليار قدم مكعبة يوميًا) في الربع نفسه من 2024.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- واردات مصر من الغاز الإسرائيلي خلال (2022-2025):

واردات مصر من الغاز الإسرائيلي

وبحسب بيان وزارة البترول المصرية الصادر في 13 يونيو/حزيران الجاري، فقد تقرّر وقف إمدادات الغاز عن بعض الأنشطة الصناعية مؤقتًا، مع تعظيم تشغيل محطات الكهرباء العاملة بالديزل، والاستفادة القصوى من محطات الطاقة الشمسية.

وحدات التخزين العائمة

على وقع أزمة توقُّف الغاز الإسرائيلي، لجأت القاهرة إلى تسريع خططها المتعلقة باستيراد الغاز المسال عبر وحدات التخزين العائمة.

ويمثّل ميناء العين السخنة، الواقع على خليج السويس، المركز الرئيس لاستيراد الغاز، إذ تعمل حاليًا السفينة "هوغ جاليون" بصفتها وحدة عائمة لتخزين الغاز المسال منذ يونيو/حزيران 2024، بموجب عقد يمتد حتى فبراير/شباط 2026.

وبجانبها، انتقلت السفينة "إنرغوس إسكيمو" من العقبة إلى العين السخنة مطلع يونيو/حزيران الجاري، بعدما استأجرتها مصر من شركة نيو فورتريس إنرجي الأميركية في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

كما توجد سفينة ثالثة، هي "إنرغوس باور"، في ميناء الإسكندرية منذ أواخر مايو/أيار الماضي، مع تأكيد الجهات المصرية بشأن نقلها إلى العين السخنة خلال أيام، بعد تجهيز الرصيف اللازم.

وفي خطوة استباقية، وقّعت مصر اتفاقية مدّتها 10 سنوات مع شركة "هوغ" النرويجية لتشغيل السفينة "هوغ غاندريا" بصفتها وحدة تخزين عائمة جديدة بدءًا من الربع الأخير من عام 2026، بطاقة تغويز قصوى تصل إلى مليار قدم مكعبة يوميًا.

حقل كاريش يضع إسرائيل في قائمة الدول المصدرة للنفط
وحدة "إنرجين باور" العائمة - الصورة من موقع شركة إنرجين

استيراد الغاز المسال

تشير البيانات إلى أن القاهرة تمضي بخطى متسارعة نحو استعادة مكانتها بصفتها أحد أكبر مستوردي الغاز الطبيعي المسال عالميًا، كما كان الحال في عامي 2015-2016.

فقد استوردت البلاد حتى الآن نحو مليونَي طن من الغاز المسال خلال العام الجاري، بما يعادل 2.72 مليار متر مكعب من الغاز، مقارنة بـ2.5 مليون طن خلال العام بأكمله 2024، وفق بيانات شركة "كبلر".

وسجّلت واردات مصر من الغاز المسال خلال 11 شهرًا -أي منذ عودتها إلى الاستيراد في يونيو/حزيران 2024 حتى أبريل/نيسان 2025- نحو 4 ملايين طن، بحسب بيانات وحدة أبحاث الطاقة.

واردات مصر من الغاز المسال وصادراتها

وفي أحدث مناقصة حكومية لتأمين الإمدادات حتى عام 2026، حصدت أرامكو السعودية ما بين 18-20 شحنة مؤكدة، و12 شحنة اختيارية، في حين نالت ترافيغورا 27 شحنة، وتوزعت شحنات أخرى بين شركتي "بي جي إن" (BGN)، وسوكار الأذربيجانية بـ11 و8 شحنات على التوالي.

كما فازت شركة هارتري بارتنرز بـ20 شحنة مؤكدة و9 اختيارية، حسبما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وتُشير مصادر السوق إلى أن إجمالي الشحنات المؤكدة والمقررة لهذا العام وصل إلى نحو 130 شحنة، مع ترسية 142 شحنة حتى الآن للمدة 2025-2026، وسط تكهنات بعقد صفقة ضخمة مع شركتي توتال إنرجي وشل لتوريد 60 شحنة، رغم عدم إعلانها رسميًا حتى اللحظة.

وسُعّرت غالبية الشحنات بعلاوة تتراوح بين 70 و75 سنتًا فوق سعر مركز TTF الهولندي، مع منح مصر تسهيلات في الدفع تمتد لـ9 أشهر.

الخلاصة..

رغم سعي الحكومة المصرية إلى تأمين مخزونات كافية، فإن التحديات ما تزال قائمة، لا سيما أن الربط الكامل لجميع الوحدات العائمة لم يكتمل بعد، ما يُلقي بثقل إضافي على جهود الاستقرار.

وما تزال السلطات المصرية تُعوّل على إمكان توقيع صفقات لتأمين كميات إضافية من الغاز المسال، إذا توافرت العروض، في ظل غياب مؤشرات واضحة على ارتفاع إنتاج الغاز المحلي، رغم جهود الاستكشاف البحرية.

وبهذا، يظل الغاز الإسرائيلي، رغم انقطاعه مؤقتًا، عنصرًا محوريًا في معادلة الطاقة المصرية، وقد تكون عودة تدفّقه عنصرًا حاسمًا في تهدئة سوق الطاقة خلال الشهور المقبلة، في وقت تسعى فيه القاهرة لموازنة احتياجاتها بين التوريد الفوري والاستدامة طويلة المدى.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر..

  1. تحديات إمدادات الغاز الإسرائيلي إلى مصر في ظل الحرب من منصة "إنرجي إنتليجنس"
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق