4 دول عربية تعاني أزمة كهرباء.. ماذا عن المغرب والجزائر؟ (مقال)

"أزمة كهرباء متواصلة، وبنية تحتية متدهورة"، هذا العنوان يلخّص أحوال عدد من الدول العربية التي تعاني من نقص الوقود وانقطاع التيار لساعات طويلة يوميًا.
وإذ تواجه بلدان مثل العراق وسوريا ولبنان والكويت، نقصَ الكهرباء، نظرًا لضعف البنية التحتية والتحديات الاقتصادية نحو توفير الوقود، فإن دولًا أخرى مثل المغرب والجزائر والأردن تشهد استقرارًا في منظومتها الكهربائية، ووفرة تدفعها لتصدير الكهرباء إلى دول الجوار.
بينما تأتي مصر في مقدمة الدول التي تشهد تحديات في قطاع الطاقة (النفط والغاز، والكهرباء)، لكنها حتى الآن ما تزال صامدة، ويؤكد المسؤولون أن البلاد لن تلجأ لتخفيف الأحمال هذا الصيف.
ورغم ذلك، فإن وزارة الكهرباء المصرية اضطرت لتخفيف الأحمال بشكل غير رسمي لمدة أسبوعين، إلى حين عودة ضخ الغاز الإسرائيلي بانتظام، وبمعدل مليار قدم مكعبة يوميًا.
وإلى جانب مصر، تواجه الكويت هي الأخرى تحديات ضخمة تتمثل في حاجة البنية التحتية لقطاع الكهرباء إلى تطوير وإعادة تأهيل، بالإضافة إلى ضرورة تدشين محطات بقدرة لا تقل عن 5 غيغاواط.
في هذا المقال، نرصد بالأرقام، واقع قطاع الكهرباء في 8 دول عربية، مع تقديم تقديرات حول فرص اللجوء إلى تخفيف الأحمال، وتوفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات.
إنتاج الكهرباء في مصر
يعتمد أغلب إنتاج الكهرباء في مصر على الغاز الطبيعي بنسبة تقترب من 82%، ثم الطاقة المتجددة بنسبة 11.38%، يليها المازوت والديزل 6.71%.
ويأتي مزيج الكهرباء في مصر على النحو التالي:
- الغاز الطبيعي: 81.70%
- الطاقة الكهرومائية: 6.18%
- طاقة الرياح: 2.96%
- الطاقة الشمسية: 2.42%
- مصادر أحفورية أخرى: 6.71%
- الوقود الحيوي: 0.04%
إن جميع التصريحات الرسمية حتى الآن تؤكد أن مصر لن تتجه إلى تخفيف الأحمال في صيف 2025، هذا الطموح إذا حدث سيكون إيجابيًا للغاية بالنسبة للحكومة، مقارنة بالتحديات المالية الضخمة التي تواجهها الدولة في هذه المدة، والتكلفة الباهظة التي ستتكبدها المالية العامة نظير توفير المازوت والغاز المسال لمحطات الكهرباء.
أيضًا هناك تحدٍّ كبير، وهو انخفاض إنتاج الغاز المحلي إلى نحو 4.2 مليار قدم مكعبة يوميًا، في حين إن ذروة الاستهلاك في الصيف تشير -حسب تقديرات منصة الطاقة- إلى أنها ستصل إلى 7.6 مليار قدم مكعبة يوميًا، في ظل توقعات ارتفاع درجات الحرارة إلى نحو 45 درجة مئوية خلال شهرَي يوليو/تموز وأغسطس/آب.
هنا نشير إلى التحرك الإيجابي المبكر من جانب وزارة البترول في التعاقد على شحنات إضافية من الغاز المسال، وصلت إلى نحو 60 شحنة لتغطية فصل الصيف، وقرابة 40 شحنة لتغطية المدة من أكتوبر/تشرين الأول حتى نهاية العام، هذا إلى جانب شحنات مازوت تتراوح بين 2 و3 ملايين طن.
وتشير تقديرات منصة الطاقة إلى أن التكلفة الإجمالية لشحنات الوقود إلى نهاية فصل الصيف ستكون في أقل تقدير عند 5 مليارات دولار، مع خيار الدفع المؤجل لمدة عام، بعلاوة تتراوح بين 1.6 و1.9 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
أيضًا في إطار الاستعدادات لفصل الصيف، وصلت سفينة إعادة تغويز قبل أيام إلى مصر، قادمة من ألمانيا، واستقرت في الإسكندرية (رصيف تحيا مصر)، وهناك سفينة حالية موجودة في العين السخنة، وسفينة ثالثة ستصل إلى مصر خلال أيام، قادمة من الأردن.
وبالنسبة للربط الكهربائي بين مصر والسعودية، من المتوقع دخول المرحلة الأولى حيز التشغيل منتصف الصيف، وربما في أول أغسطس/آب المقبل، بطاقة 1500 ميغاواط، وستكون المرحلة الثانية خلال عام بطاقة 1500 ميغاواط أخرى، ليكون الإجمالي 3 آلاف ميغاواط.
وفي هذا السياق، من المتوقع -حسب تقديراتنا- أن يرتفع الحمل الأقصى للطلب على الكهرباء في ذروة فصل الصيف إلى ما بين 40 و41 ألف ميغاواط، من إجمالي قدرة مركبة تبلغ 65 ألف ميغاواط (دون احتساب قدرة الربط الكهربائي الجديد مع السعودية).
إنتاج الكهرباء في العراق
فيما يتعلق بإنتاج الكهرباء في العراق، فالوضع الحالي يتجه من سيئ إلى أسوأ، خاصة في ذروة الاستهلاك خلال فصل الصيف.
فمن ناحية، تعاني الدولة من انخفاض إمدادات الغاز الإيراني إلى العراق لنحو 20 مليون متر مكعب مقارنة بالاتفاق على 50 مليونًا يوميًا، وأزمة أخرى تتعلق بتهالك البنية التحتية وحاجة المحطات الحالية إلى الصيانة والتجديد، وأيضًا عدم دخول اتفاق استيراد الغاز التركمانستاني حيز التنفيذ.
يبلغ إنتاج الكهرباء في العراق حاليًا نحو 20 ألف ميغاواط، نتيجة نقص إمدادات الغاز الإيراني، مع توقعات بهبوط حجم الإنتاج إلى قرابة 16 ألف ميغاواط خلال أيام.
لكن السؤال الآن: ما هي قدرة إنتاج الكهرباء في العراق حال توفُّر الغاز الإيراني بالكميات المتفَق عليها مع طهران؟.. والإجابة أنه بإمكان بغداد إنتاج 28 ألف ميغاواط يوميًا، لكنه منذ نهاية صيف العام الماضي، لم يصل إلى هذه القدرة.
في حين إن إجمالي الطلب على الكهرباء يصل في ذروة الصيف إلى 55 ألف ميغاواط يوميًا، ومن ثم هناك عجز كبير يُغَطّى من خلال القطع المبرمج للكهرباء.
- إنتاج الكهرباء في العراق (حال توافر الغاز الإيراني): 28 ألف ميغاواط.
- عجز الكهرباء في العراق: 27 ألف ميغاواط.
- ذروة استهلاك الكهرباء في الصيف: 50 إلى 55 ألف ميغاواط.

قدرة توليد الكهرباء في الكويت
تبلغ قدرة توليد الكهرباء في الكويت نحو 20.5 غيغاواط، مع تسجيل البلاد خلال العام الماضي ذروة استهلاك خلال شهر أغسطس/آب تقترب من 18 غيغاواط.
وتشير تقديرات منصة الطاقة إلى ارتفاع جديد بالأحمال الكهربائية إلى ما بين 18.5 و19 غيغاواط خلال ذروة الصيف، مع توقعات بوصول درجات الحرارة إلى 50 درجة مئوية.
هنا أيضًا نشير إلى طرح وزارة الكهرباء أكثر من مناقصة لإنشاء محطات كهرباء جديدة، لكن هذا الأمر سيستغرق عدّة سنوات، ورغم توقيع اتفاقية في عام 2024 لاستيراد الغاز المسال القطري، فإن هناك فجوة في تغطية الطلب على الكهرباء، نظرًا لتهالك عدد كبير من المحطات، وحاجتها إلى تجديد عاجل.
هذا الأمر سيستلزم تخفيف وزارة الكهرباء الأحمالَ ما بين ساعتين و4 ساعات يوميًا، خاصة خلال شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب، مع العلم أيضًا أن الكويت ستُمَدّ بنحو 500 ميغاواط يوميًا من خلال هيئة الربط الخليجي.
- قدرة توليد الكهرباء في الكويت: 20.5 غيغاواط.
- حجم الاستهلاك في الصيف: 18.5 و19 غيغاواط.
إنتاج الكهرباء في سوريا
يتراوح حجم إنتاج الكهرباء في سوريا حاليًا ما بين 2300 و2600 ميغاواط يوميًا فقط، مقارنة بمتوسط الطلب اليومي البالغ 9 آلاف ميغاواط، نتيجة تدمير البنية التحتية لهذا القطاع منذ بداية الثورة على نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد عام 2011.
وفي حالة بدء مشروع الربط الكهربائي مع تركيا، إلى جانب إمدادات الغاز التركي، فإن حجم إنتاج الكهرباء سينتعش إلى 5 آلاف ميغاواط، مع الوضع في الحسبان أن الربط الكهربائي الكامل مع تركيا (1000 ميغاواط) لن يتحقق قبل نهاية هذا الصيف.
الاعتماد الكبير في سوريا الآن على مولدات الديزل، وأيضًا محطات الطاقة الشمسية الصغيرة التي تنتشر في المنازل وبعض المصانع.
- إنتاج الكهرباء في سوريا: 2300 إلى 2600 ميغاواط.
- حجم الطلب على الكهرباء: 9 آلاف ميغاواط.

إنتاج الكهرباء في لبنان
يتشابه وضع إنتاج الكهرباء في لبنان إلى حدّ كبير مع سوريا، من حيث حجم العجز الكبير، وأيضًا اللجوء إلى تخفيف الأحمال باستمرار.
يملك لبنان العديد من محطات الكهرباء التي يمكنها إنتاج نحو 3016.6 ميغاواط يوميًا، لكن نظرًا لعدم توافر الوقود، فإنها لا تنتج سوى 2000 ميغاواط بحدّ أقصى، مقارنة بإجمالي الطلب البالغ 5 آلاف ميغاواط يوميًا.
ومثل سوريا تمامًا، فإن لبنان يعتمد على مولدات الديزل التي تنتشر في أغلب المنازل والمصانع، إلى جانب محطات الطاقة الشمسية التي يزداد الاعتماد عليها سنويًا.
ولا يمكن لإنتاج الكهرباء في لبنان تغطية أكثر من 4 إلى 6 ساعات فقط يوميًا من الكهرباء.
- إنتاج الكهرباء في لبنان (حال توافر الوقود): 3016.6 ميغاواط.
- حجم الطلب على الكهرباء: 5 آلاف ميغاواط.
إنتاج الكهرباء في الأردن
تبلغ القدرة المركبة لإنتاج الكهرباء في الأردن نحو 5 آلاف ميغاواط، حسب أحدث بيانات قطاع الطاقة الأردني لدى منصة الطاقة.
وبلغ أقصى حمل كهربائي في صيف العام الماضي نحو 4200 ميغاواط، مع توقعات بتسجيله نحو 4400 ميغاواط خلال ذروة صيف هذا العام، وهو الرقم نفسه المسجل خلال الشتاء الماضي، والمعروف أن الأردن يشهد شتاءً شديد البرودة، ما يرتفع معه حجم الطلب على الكهرباء، للتدفئة.
وهنا نشير إلى استقرار وضع قطاع الكهرباء الأردني، الذي يعتمد بنسبة تقترب من الـ94% على الغاز الطبيعي، سواء كان من خلال الغاز المستورد من مصر أو إسرائيل، وأيضًا شحنات الغاز المسال من السوق العالمية، أو من خلال الربط الكهربائي مع مصر.
ومن النادر بالنسبة للأردن حدوث انقطاع في الكهرباء، إلّا إذا وقع حادث طارئ، مثل الخلل الفني في الربط الكهربائي مع مصر، قبل سنوات، لكنه حينها لم يستمر سوى 3 أو 4 ساعات فقط.
- القدرة المركبة لإنتاج الكهرباء في الأردن: 5 آلاف ميغاواط.
- حجم الطلب على الكهرباء: 4 إلى 4200 ميغاواط.
إنتاج الكهرباء في الجزائر
يصل حجم القدرة المركبة لإنتاج الكهرباء في الجزائر إلى نحو 27.33 ألف ميغاواط، ومعدل الاستهلاك يوميًا 17 ألف ميغاواط، من المتوقع أن تصل إلى 17.4 إلى 17.7 ألف ميغاواط خلال ذروة الصيف الحالي.
وتصدر الجزائر كهرباء يوميًا إلى تونس بمعدل 500 ميغاواط، وفقًا لاتفاق بين البلدين، وهذا الاتفاق تلتزم به الجزائر حتى في ذروة الاستهلاك خلال الصيف.
تعتمد الجزائر على الغاز في توليد الكهرباء، بنسبة تقترب من 99%، حسب أحدث بيانات وحدة أبحاث الطاقة.
ولم تشهد الجزائر أيّ انقطاعات مؤثّرة في الكهرباء خلال السنوات الماضية، ومن غير المتوقع حدوث ذلك، نظرًا لتوفير الوقود للمحطات، إلى جانب الصيانة المستمرة خلال الشتاء.
- القدرة المركبة لإنتاج الكهرباء في الجزائر: 27.33 ألف ميغاواط.
- حجم الطلب: 17 ألف ميغاواط.
إنتاج الكهرباء في المغرب
تقترب القدرة المركبة لإنتاج الكهرباء في المغرب من 12 ألف ميغاواط، في حين يتراوح حجم الاستهلاك بين 7.4 إلى 8 آلاف ميغاواط يوميًا خلال ذروة الاستهلاك في فصل الصيف.
ويشهد قطاع الكهرباء المغربي حالة من الاستقرار، في ظل تنوّع إمدادات الطاقة إلى محطات الكهرباء، وعدم اعتماده على مصدر واحد فقط.
إذ تشير أحدث بيانات وحدة أبحاث الطاقة إلى أن مزيج توليد الكهرباء في المغرب لعام 2023 يأتي على النحو التالي:
- الفحم 64%، مقابل 70.2% عام 2022.
- طاقة الرياح 15.4%، مقابل 12.9%. عام 2022.
- الغاز الطبيعي 10%، مقابل 1.6% عام 2022.
- الطاقة الشمسية 5.10%، مقابل 3.5% في عام 2022.
- زيت الوقود والغازوال (الديزل) 3.8% خلال عام 2023، مقابل 9.50% في عام 2022.
- الطاقة الكهرومائية 1.2، مقارنة مع 1.6 عام 2022.
وهنا نشير أيضًا إلى تأمين إمدادات الغاز المسال، من خلال اتفاق مع شركة شل العالمية، لتوريد نصف مليار متر مكعب سنويًا، وباقي الكمية المطلوبة، وهي أيضًا نصف مليار متر مكعب، تُوَفَّر من خلال استيراد الغاز المسال الروسي.
ومع استقرار قطاع الكهرباء المغربي، فإن المملكة تصدّر الكهرباء إلى كل من إسبانيا والبرتغال، وكان لها دور إيجابي مهم في سرعة عودة الكهرباء خلال الانقطاع الأخير الذي شهده البلَدان قبل أسبوعين.
- القدرة المركبة لإنتاج الكهرباء في المغرب: 12 ألف ميغاواط.
- حجم الاستهلاك: 7.4 إلى 8 آلاف ميغاواط.

الخلاصة..
يحتاج قطاع الكهرباء في معظم الدول العربية إلى إعادة هيكلة، وتنويع مصادر الوقود اللازمة لتشغيل المحطات، بدلًا من استحواذ مصدر واحد فقط -وهو الغاز الطبيعي- على نسبة تتراوح بين 80 إلى 90%.
وبالنسبة للعراق وسوريا والكويت ولبنان، فإنها بحاجة إلى حلول على المدى الطويل، لإنهاء مسألة نقص الكهرباء، من خلال توفير الوقود لهذه المحطات، إلى جانب إعادة تأهيل المحطات واستعمال تقنيات من شأنها تحقيق كفاءة الطاقة.
في حين تحتاج مصر إلى توفير الوقود (أغلب الاعتماد على الغاز الطبيعي)، إذ إن البلاد لديها قدرة مركبة ضخمة، فوق 65 ألف ميغاواط.
أمّا دول المغرب والجزائر والأردن، فرغم استقرار المنظومة الكهربائية، فإنها تحتاج إلى زيادة القدرة المركّبة لإنتاج الكهرباء، خاصةً مع الطلب المرتفع كل عام، بنسبة تتراوح بين 3 و4%.
*مدير تحرير منصة الطاقة عبدالرحمن صلاح.
*هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.
اقرأ أيضًا..
- خريطة المناجم في الدول العربية.. ملفات حصرية
- خبير أوابك يعلن حجم ثروة سوريا من الغاز.. رقم ضخم
- أمين عام أوابك: تصدير الهيدروجين في خطوط الأنابيب أقل تكلفة.. ومشروع فريد في دولة عربية (حوار)
- أنس الحجي: الذكاء الاصطناعي يزيد الطلب العالمي على الكهرباء.. وهذا دور "نووي" الخليج