تباطؤ استثمارات المناخ في الاتحاد الأوروبي يُنذر بعواقب بيئية واقتصادية (تحليل)
أسماء السعداوي
حذَّر تحليل حديث من تراجع استثمارات المناخ في الاتحاد الأوروبي إلى ما دون المستوى المطلوب لتحقيق أهداف إزالة الكربون في 2030، وصولًا إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
إذ سجّل عام 2023 عجزًا بقيمة 344 مليار يورو (392.2 مليار دولار أميركي) في تلك الاستثمارات، كما تشير تقديرات أولية إلى تراجع أكبر في عام 2024 عن هدف ضخ 842 مليار يورو في المتوسط بين عامي 2025 و2030.
(اليورو يعادل 1.14 دولارًا أميركيًا).
وبحسب نص الدراسة التي حصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، من غير المحتمل أن يتحسّن ذلك الوضع في ضوء تراجع نشر التقنيات النظيفة، مع اشتداد المنافسة العالمية، وتراجع الطلب محليًا على استعمال التقنيات النظيفة.
يأتي ذلك في الوقت الذي تمرّ فيه دول الاتحاد الأوروبي الـ27 بـ"مفترق طرق"، بسبب الوضع الجيوسياسي والضغوط لخفض الإنفاق الحكومي، رغم أن الحاجة إلى تحقيق الريادة المناخية أصبحت أكثر إلحاحًا من أيّ وقت مضى.
استثمارات المناخ في الاتحاد الأوروبي خلال 2023
بحثت الدراسة التي أعدّها معهد اقتصادات المناخ (i4ce) الاستثمارات في قطاعات الطاقة والمباني والنقل وتصنيع تقنيات الطاقة الجديدة، التي تشكّل جميعًا نحو 60% من انبعاثات الكربون في الاتحاد الأوروبي.
وقارن المعهد بين هدف إنفاق 842 مليار يورو (4.9% من إجمالي الناتج المحلي) اللازمة لتحقيق الأهداف المناخية بين عامي 2025 و2030 واستثمارات المناخ في عام 2023.
ووجد الباحثون الآتي:
- بلغ حجم استثمارات المناخ في الاتحاد الأوروبي 498 مليار يورو (2.9% من إجمالي الناتج المحلي) بفجوة 344 مليار يورو.
- مقارنةً بعام 2022 السابق، فالرقم أعلى بنسبة 1.5%.
- يُعزى التراجع بصورة أساسية إلى تقلُّص استثمارات المباني الجديدة، وتحديدًا أنشطة التجديد ومبيعات المضخات الحرارية.
- في المقابل، ارتفعت استثمارات الطاقة المتجددة، وتحديدًا الطاقة الشمسية، وفي شبكات الكهرباء كانت نسبة النمو 17%، وقطاع النقل 8%، بفضل ازدياد اعتماد السيارات الكهربائية.
أمّا استثمارات المناخ في الاتحاد الأوروبي خلال عام 2024 المنقضي، فيشير تحليل المعهد -بناءً على تقديرات أولية- إلى النقاط التالية:
- من المتوقع أن تنخفض استثمارات كهرباء الطاقة المتجددة بنسبة 7.2%، وتجديد الطاقة في المباني بنسبة 6.3%، والمضخات الحرارية 26.9%، والسيارات الكهربائية 2.9%.
- على نحو خاص، ارتفعت استثمارات تصنيع توربينات الرياح وألواح الطاقة الشمسية والبطاريات والمحللات الكهربائية والمضخات الحرارية بنسبة 13.9%.
- شكّلت البطاريات 90% من إجمالي الاستثمارات.
- رغم التوسع في بناء قدرات تصنيع الطاقة النظيفة، شهد القطاع عدم استغلال القدرات، وإغلاق مصانع الطاقة الشمسية والبطاريات والمضخات الحرارية .
- من غير المحتمل أن يتحسّن ذلك الاتجاه الهبوطي على المدى القريب في ظل توقعات بتباطؤ نشر مصادر الطاقة المتجددة وتركيب المضخات الحرارية واعتماد السيارات الكهربائية.
استثمارات إزالة الكربون في الاتحاد الأوروبي
يؤكد معهد اقتصادات المناخ في أحدث تحليلاته عن استثمارات المناخ في الاتحاد الأوروبي، أن الحاجة إلى تحقيق الريادة المناخية أصبحت أكبر من أيّ وقت مضى.،
وبالفعل، ثمة فرصة لقيادة كل من العمل المناحي وتحقيق التنافسية الصناعية والاستقلال الإستراتيجي، لكن ذلك لن يتحقق دون ضخ "استثمارات حقيقية وكافية".
ودون ذلك لن يحقق الاتحاد التنافسية والمرونة التي يطمح إليها، كما سترتفع تكلفة التأخُّر عن التحرك في هذا الصدد.
وبحسب التقرير، ثمة عجز كبير باستثمارات المناخ في الاتحاد الأوروبي على أصعدة مختلفة، وهو ما يجعل بعض القطاعات بعيدة عن تحقيق مستهدفات عام 2030.
إذ لم تشكّل استثمارات الرياح في 2023 سوى 29% من الحجم المطلوب سنويًا، وتجديد طاقة المباني 34%، وثمة عجز بقيمة 19 مليار يورو في شبكات الكهرباء.
في المقابل، ثمة فائض في استثمارات الطاقة الشمسية بقيمة 10 مليارات يورو، وفائض بقيمة 9 مليارات يورو في تصنيع تقنيات الطاقة النظيفة، وبقيمة 46 مليار يورو في الطاقة بالبنايات الجديدة.
ويوضح الرسم البياني التالي -أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- توقعات أكبر الدول من حيث إضافات الطاقة الشمسية حتى 2029:
توصيات مهمة
أوصى معدّو الدراسة الاتحادَ الأوروبي بزيادة الاستثمارات السنوية بقطاع تحول الطاقة وإزالة الكربون، أو "الاستعداد لعدم تحقيق أهداف خفض الانبعاثات وتصنيع تقنيات الطاقة النظيفة بحلول عام 2030".
كما سيواجه خطر انخفاض استثمارات تحديث مرافق البنية الأساسية وجهود تحقيق الاستقلال الإستراتيجي وتعزيز التنافس، وهو ما سيكون له عواقب اقتصادية وبيئية.
ولتحقيق المستهدفات المناخية، قدّم المعهد التوصيات التالية:
- وضع إطار عمل مستنير ومنسّق للاستثمارات طويلة الأمد.
- إستراتيجية تمويل طموحة للمناخ والاستقلال الإستراتيجي والتنافس.
- توفير القدرة على التنبؤ لمستثمري القطاع الخاص.
- المساعدة بضمان سدّ العجز الاستثماري في الوقت المناسب وبصورة فعالة من حيث التكلفة.
- توضيح دور التمويلات الحكومية والخاصة.
- استعمال أدوات السياسات، مثل الرافعة التمويلية.
- آليات إزالة المخاطر.
- اللواح التنظيمية المواتية.
موضوعات متعلقة..
- الهيدروجين الأزرق.. هل يلبي أهداف الاتحاد الأوروبي المناخية الطموحة؟ (تقرير)
- استهلاك الغاز في الاتحاد الأوروبي يتراجع لأول مرة منذ 7 أشهر
- واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز عبر الأنابيب تهبط 9% رغم زيادة إمدادات الجزائر
اقرأ أيضًا..
- بالأرقام.. بيانات الكهرباء في الجزائر والمغرب وسبب عدم تخفيف الأحمال (تقرير)
- خريطة أكبر 5 مناجم ذهب في الوطن العربي.. احتياطيات ضخمة
- صادرات العراق من النفط في مايو تهبط 32 ألف برميل يوميًا
- الإمارات توقع صفقة لاستغلال 900 مليون طن من خام الألومنيوم في غانا
المصدر:
