كيف حرم تغير المناخ المغرب من بهجة عيد الأضحى؟.. خبير يجيب
أسماء السعداوي

تسبَّب تغير المناخ بتعكير صفو الأسر في المغرب مع حلول عيد الأضحى، بعد أن أدى إلى ارتفاع درجات الحرارة، وتقلبات في نمط الأمطار، وتصاعُد ظاهرة التصحر، مما أثّر سلبًا بالموارد المائية، والزراعة، والنظم البيئية.
ولأسباب مناخية واقتصادية، أمرَ ملك المغرب محمد السادس المواطنين في فبراير/شباط الماضي (2025) بعدم القيام بشعيرة ذبح الأضحية، على أن يقوم بها نيابة عن شعب المملكة.
وكان تراجع أعداد رؤوس الماشية -وفق بيانات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- أحد الأسباب الرئيسة وراء إلغاء ذبح الأضاحي (سنة مؤكدة شرط الاستطاعة)، إذ تشير بيانات رسمية إلى تراجع قطعان البقر والغنم بنسبة 38%.
وفي مواجهة ذلك، لجأ المغرب إلى دعم واردات الأغنام في العامين الماضيين (2023 و2024) بقيمة وصلت إلى 437 مليون درهم (47.5 مليون دولار أميركي) مقابل 875 ألف رأس.
(الدرهم المغربي يعادل 0.11 دولارًا أميركيًا).
تغير المناخ في المغرب
يعاني المغرب من ظاهرة الإجهاد المائي الناتجة عن تغير المناخ الذي يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة والجفاف وتراجع معدلات هطول الأمطار التي وصفتها الأمم المتحدة بـ"التاريخية".
وبحسب تعريف وكالة البيئة الأوروبية، يحدث الإجهاد المائي عندما يتجاوز الطلب على المياه المتوافر منها خلال مدة ما، أو عندما تنعدم جودة الماء، بما يحول دون استعمالها.
وكان الجفاف سببًا في إلغاء شعيرة ذبح الأضحية 4 مرات بتاريخ المغرب: في 2025، وفي عام 1981، وفي عام 1996، أمّا في عام 1963 فقد أُلغيت الشعيرة بسبب الوضع الاقتصادي الناتج عن حرب الرمال مع الجارة الجزائر.
ويوضح الخبير المغربي ورئيس المركز الأفريقي للدراسات الإستراتيجية والرقمنة رشيد الساري أن المغرب قد انتقل من مرحلة الجفاف إلى الإجهاد المائي الحادّ، ودخل البلد الواقع في شمال أفريقيا في عداد الدول الفقيرة مائيًا.
وأصبحت حصة الفرد في المغرب لا تتعدى 630 متر مكعب، في حين إن المتوسط العالمي لحصّة الفرد هو ألف كيلومتر مكعب، وفق تصريحات خاصة أدلى بها لمنصة الطاقة المتخصصة.
وحذّر الساري من "مناخ كارثي" في المستقبل؛ إذ ستنخفض الموارد المالية في المغرب بنسبة 30% سنويًا بحلول عام 2050.
في ضوء ذلك الوضع الصعب، أثّر الجفاف سلبًا في حجم المنتجات الزراعية، وهو ما أدى لارتفاع أسعارها، وكذلك اللحوم التي وصل سعر الكيلوغرام منها إلى 15 دولارًا، بنسبة ارتفاع 100% بالمقارنة بعام 2018، بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف.
وفي ضوء تلك الصعوبات على صعيد التربية والأسعار، اضطر بعض مربّي الماشية إلى التخلّي عن قطعانهم والهجرة وكسب قوت يومهم من مهن أخرى، حسبما يقول الخبير.
إلغاء ذبح الأضاحي في المغرب 2025
لم يستبعد الخبير الاقتصادي رشيد الساري تكرار إلغاء شعيرة ذبح الأضاحي في المغرب بعيد الأضحى المقبل (2026) في ضوء الوضع المائي الحالي.
وأوضح أن وضع الماشية "صعب" في الوقت الراهن، جراء تغير المناخ الذي تسبَّب في تراجع معدلات سقوط الأمطار وتراجع إنتاج الأعلاف، بما دفع المغرب إلى استيراد الماشية من الخارج، وعلى صعيد المنتجات الزراعية واللحوم، هناك تضخم هيكلي.
لكنه أشار إلى خطة أعلنتها المملكة في مايو/أيار المنقضي (2025) بميزانية 6 مليارات و200 مليون درهم "ربما تحول دون تكرار أزمة الأضاحي".

وبحسب ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، تستهدف الخطة الملكية دعم مربّي الماشية وتحسين أوضاعهم الاقتصادية، بما يشمل إعادة جدولة الديون، وإلغاء ديون بعضهم بنسبة 25% و50%، مع دعم الأعلاف، وإطلاق حملة علاجية وقائية، وتحسين السلالات، وترقيم الإناث.
وفي مواجهة ذلك الوضع، وللحدّ من الأزمة، قدّم رئيس مجلس الدراسات الإستراتيجية التوصيات التالية:
- تحقيق العدالة المائية وتوازن الموارد بتحديد حصة عادلة بناءً على حجم الموارد المتاحة واحتياجات السكان.
- الرصد الدقيق للموارد وتتبع التغيرات المناخية مع استعمال الذكاء الاصطناعي.
- تركيب عدّادات ذكية لتجنّب الاستهلاك المفرط.
- تطوير البنية الأساسية عبر تحديث السدود وبناء أخرى للحفاظ على الأمطار بالمناطق القاحلة.
- استعمال أنظمة ريّ بالتنقيط وبالذكاء الاصطناعي وتشجيع الزراعة المقاومة للجفاف.
- ترشيد استهلاك المياه.
- إعداد خطة طوارئ للتعامل مع فترات الجفاف والرصد المبكر للأزمات.
- تطوير تقنيات استمطار السحب وتحفيز البحث العلمي والابتكار.
- اتّباع نهج زراعي مسؤول مائيًا.
- تحلية مياه البحر بتكلفة منخفضة، وباستعمال مصادر الطاقة المتجددة.
موضوعات متعلقة..
- بالأرقام.. بيانات الكهرباء في الجزائر والمغرب وسبب عدم تخفيف الأحمال (تقرير)
- وزيرة الطاقة المغربية تكشف سبب استيراد النفايات
- مشروع طاقة ضخم في المغرب يواجه مصيرًا مجهولًا
اقرأ أيضًا..
- أكبر 5 مناجم حديد في الوطن العربي.. مشروعات عملاقة على خريطة الإنتاج العالمي
- توربينات أول مزرعة رياح تجارية في أستراليا تتوقف عن الدوران قريبًا
- مخزونات المعادن في الجزائر قد يسيطر عليها المستثمرون الأجانب
- حوض جان دارك في كندا.. احتياطيات الغاز قد تصل إلى 40 تريليون قدم مكعبة
المصادر: