أنس الحجي: تحالف أوبك+ يستبق ردود أفعال السوق بقرار ذكي.. وهذا دور السعودية والصين
سامر أبووردة

يتبنّى تحالف أوبك+ آليات مدروسة في توقيت اتخاذ قراراته المهمة بشأن إنتاج النفط، وهو ما أكده خبير اقتصادات الطاقة مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي.
وأشار، في مقابلة مرئية رصدتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، إلى أن عقد اجتماعات دول التحالف أيام السبت يعكس إستراتيجية متعمّدة تهدف لتفادي تقلبات الأسواق وردود الأفعال غير المحسوبة.
وأوضح أن تحالف أوبك+ يستغل عطلة نهاية الأسبوع لتوفير مساحة زمنية تتيح للأسواق هضم قراراته بهدوء؛ ما يمنح المتعاملين فرصة تحليل المعلومات وتفادي المضاربات السريعة التي قد تُربك حركة الأسعار أو تؤدي إلى ردات فعل آنية غير عقلانية.
وبحسب الحجي؛ فإن القرار المرتقب بزيادة الإنتاج في يوليو/تموز 2025 بمقدار 411 ألف برميل يوميًا يأتي استجابةً لجملة من العوامل الموسمية والاقتصادية التي يتعين على التحالف أخذها بعين الاعتبار؛ منها الطلب المحلي المرتفع في الدول المنتجة وتراجع صادرات بعض الأعضاء مثل فنزويلا.
اجتماعات أيام السبت.. لماذا؟
قال الدكتور أنس الحجي إن اختيار تحالف أوبك+ عقْدَ اجتماعاته أيام السبت ليس عشوائيًا، بل يخدم هدفًا إستراتيجيًا واضحًا، يتمثل في تجنّب ردود الأفعال السريعة وغير المحسوبة خلال ساعات التداول.
وأضاف: "عندما تُتخذ القرارات في عطلة نهاية الأسبوع، تكون السوق مغلقة، ما يمنح المتعاملين نحو يوم ونصف اليوم لتفحّص القرار وتحليله، ويتيح في الوقت نفسه لمسؤولي أوبك فرصة تقديم معلومات دقيقة للأسواق".
وأشار إلى أن هذه الآلية تمثل نقلة في نهج التحالف نحو قدر أعلى من الانضباط في التواصل مع الأسواق، ولا سيما في ظل التحديات الجيوسياسية والاقتصادية المعقّدة التي تؤثر في أسواق الطاقة العالمية.
قرار تحالف أوبك+
من المقرر أن تعقد مجموعة الدول الـ8 في تحالف أوبك+، التي تشمل السعودية وروسيا والعراق والإمارات، اجتماعًا حاسمًا، السبت 31 مايو/أيار 2025، لمناقشة مستقبل التخفيضات الطوعية البالغة 2.2 مليون برميل يوميًا.
وتشير توقعات بعض المحللين إلى أن المجموعة ستحافظ على سقف الزيادة المقررة لشهري مايو/أيار، ويونيو/حزيران عند 411 ألف برميل يوميًا خلال يوليو/تموز أيضًا، في خطوة تهدف إلى الحفاظ على توازن السوق دون إغراقها بالمعروض.
وقال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة: "بات من الواضح أن هناك توجهًا لدى تحالف أوبك+ لإعادة كميات من النفط إلى السوق، ضمن خريطة الطريق التي حُدّدت حتى نهاية عام 2026، وفي ظل قدرة السوق على استيعاب الزيادات التي حدثت في مايو/أيار، والمتوقعة في يونيو/حزيران".
وأضاف: "النقطة الجوهرية حاليًا هي أن القرار الأخير يتعلق بزيادة سقف الإنتاج، وليس بالضرورة زيادة الإنتاج الفعلي، من المهم التمييز بين الأمرين، فالقرار يرفع سقف الإنتاج، لكنه لا يعني بالضرورة أن هناك زيادة فعلية في كميات النفط المنتَجة".
وواصل: "عند مراجعة البيانات المتاحة حاليًا، نجد أن صادرات تحالف أوبك+ انخفضت في شهر أبريل/نيسان، أمّا في شهر مايو/أيار؛ فرغم إعلان زيادة قدرها 411 ألف برميل يوميًا؛ فقد ظلّت الصادرات ظلت قريبة جدًا من مستويات أبريل/نيسان؛ ما يعني أن الأسواق لم تشهد زيادات فعلية، مؤكدًا أن زيادة الإنتاج لا تُترجم بالضرورة إلى زيادة مقابلة في الإمدادات".
فرص التغيرات الطارئة
بسؤاله: "هل هناك أي عوامل جديدة قد تغيّر توجه المجموعة لإضافة المزيد من الكميات؟ وهل من المتوقع أن تستمر وتيرة الزيادة نفسها في يوليو/تموز عند 411 ألف برميل يوميًا؟"، قال الحجي: "الأغلب أن القرار في يوليو/تموز سيُبقي على الزيادة نفسها، وهناك عدة أسباب لذلك، ليست فقط مرتبطة بالإمدادات أو الطلب على النفط من قِبل هذه الدول، بل ترتبط أيضًا بعوامل تتعلق بالطلب من شركات في الهند والصين ودول أخرى.
وأوضح أن هذه الشركات تخشى من العقوبات الأميركية التي تفرضها إدارة ترمب، سواء على روسيا أو إيران أو فنزويلا؛ ما يدفعها لطلب مزيد من الإمدادات من السعودية وحلفائها، ما يعني زيادة في الطلب على نفط هذه الدول، دون أن تكون هناك بالضرورة زيادة في الطلب العالمي الكلي.
وواصل: "من الجوانب المهمة -أيضًا- نوعية النفط المطلوبة؛ فالصين -على سبيل المثال- قلّلت وارداتها من النفط الفنزويلي الثقيل، وبدأت بزيادة وارداتها من كندا، على حساب وارداتها من الولايات المتحدة؛ ما يعني تغييرات في نوعية النفط، لا كميته فقط".
تأثير العقوبات الأميركية
لفت الحجي إلى تأثير العقوبات الأميركية في صادرات النفط الإيراني، موضحًا أنها لا تؤدي إلى توقف الإمدادات بشكل كامل، بل تتسبب في تأخيرها.
وقال: "هناك حلول عديدة تتبعها إيران والصين؛ منها استعمال موان لا تخضع للرقابة، أو نقل النفط من السفن الكبيرة إلى سفن صغيرة في عرض البحر، لتوصيل الشحنات إلى المواني الصينية".
وأضاف أن الشركات في الصين والهند تتخوف من تشديد العقوبات الأميركية، وهو ما يدفعها إلى زيادة الطلب على نفط دول مثل السعودية والإمارات، دون أن يعني ذلك بالضرورة ارتفاعًا في إجمالي الطلب العالمي، بل تغييرًا في مصادر الإمداد ونوعية النفط المطلوب.
سياسة إنتاجية مرنة
يرى الحجي أن تحالف أوبك+ يدير سياسته الإنتاجية بمرونة محسوبة، تجمع بين الاستجابة للطلب الموسمي والإقليمي، والتفاعل مع المتغيرات الجيوسياسية والاقتصادية، وفي الوقت ذاته الحفاظ على استقرار السوق وعدم الانجرار وراء قرارات انفعالية.
وأكّد مستشار تحرير منصة الطاقة: "التحديات مستمرة، لكن التحالف بات أكثر خبرة في التكيف معها، من خلال أدواته التنظيمية وآلياته المتدرجة في اتخاذ القرار".
موضوعات متعلقة..
- تكليف "أمانة أوبك" بوضع آلية لتحديد مستويات إنتاج النفط لعام 2027
- وزير الطاقة الإماراتي: أوبك+ يحمي أسواق النفط من الفوضى
اقرأ أيضًا..
- إنتاج النفط الأميركي في مارس يسجل مستوى قياسيًا جديدًا
- الطاقة الشمسية في كوريا الجنوبية تنافس الوقود الأحفوري بتكلفة إنتاج الكهرباء (تقرير)
- شركات الطاقة المتجددة في أميركا تلغي استثمارات بأكثر من 14 مليار دولار (دراسة)
المصدر: