أزمة تضرب شركات الألواح الشمسية في أميركا.. وتعرفات ترمب قنبلة موقوتة (تقرير)
محمد عبد السند

- فجوة إنتاجية محتملة في سوق الألواح الشمسية بأميركا
- إدارة ترمب تفرض تعرفات على الوحدات الشمسية المستوردة
- يواصل الطلب على الطاقة المتجددة في أميركا النمو
- تتغير السياسة التجارية في الولايات المتحدة باستمرار
- الصين تستأثر بنحو 97% من إمدادات الرقائق الشمسية عالميًا
تتخلف شركات الألواح الشمسية في أميركا حاليًا عن سدّ الطلب المحلي المتنامي على تلك الأدوات المُستعمَلة في توليد الكهرباء النظيفة؛ ما يهدد بفجوة إنتاجية تفاقمها التعرفات الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب على الواردات الخارجية.
ووفق متابعات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، أعلنت إدارة ترامب في أبريل/نيسان (2025) تعرفاتٍ جديدةً تتعلق بالطاقة الشمسية تستهدف الوحدات المستوردة، والمحولات، ومعدّات تخزين الكهرباء.
وعلى الرغم من أن تلك التعرفات لم تُطبَّق بَعْد بشكل كامل، فإن تأثيرها الوشيك قد عطّل إستراتيجيات التسعير والشراء في السوق المحلية.
وبينما يتزايد توجُّه القائمين على تركيب الألواح الشمسية في أميركا إلى الوحدات محلية الصُنع تجنبًا لتكاليف التعرفة المستقبلية وتعزيز مرونة سلسلة الإمدادات، تجد شركات الألواح الشمسية صعوبةً بالغةً في مواكبة الطلب المحلي المتنامي؛ ما يُنذِر بأزمة إمدادات تلوح في الأفق.
نمو الطلب الاستهلاكي
يواصل الطلب الاستهلاكي على الطاقة المتجددة في أميركا النمو، مع زيادة تركيبات الطاقة الشمسية المركبة في عام 2024، مقارنةً بنظيرتها في العام السابق (2023) الذي زادت فيه التركيبات قياسًا بعام 2022، حسب مقال نشره موقع "ذا كونفرزيشن" للباحث المساعد في جامعة ميشيغان مجتبى أخافان-تفتي.
غير أن السياسة التجارية في الولايات المتحدة تتغير باستمرار، مع زيادة التعرفات الجمركية المفروضة على الألواح الشمسية المستوردة، التي ربما تتسبب بنقص تلك الأدوات المُستعمَلة في توليد الكهرباء النظيفة، وفق أخافان-تفتي.
يقول الكاتب: "حتى الآن لا تُنتِج شركات الألواح الشمسية في أميركا خلايا شمسية تكفي لسدّ الطلب المتنامي في البلاد، غير أن الاستثمارات في الصناعة والتحفيزات الضريبية الفيدرالية قد أحرزتا تقدمًا ملموسًا، على الرغم من أن التدابير الفيدرالية المتخذة مؤخرًا قد أضفت عدم يقين على المشهد برمّته".
وتابع: "في عام 2024، ركّب المصنّعون ألواحًا شمسيةً تكفي لإنتاج 50 غيغاواط من الكهرباء؛ ما يُلبي احتياجات مدينة بحجم نيويورك سيتي لمدة عام".
ولا تُنتِج شركات الألواح الشمسية في أميركا حاليًا -والكلام للكاتب- سوى نسبة ضئيلة من السعة المذكورة –4.2 غيغاواط من الوحدات الشمسية خلال النصف الأول من عام 2024.

نظرة على الواردات الحديثة
قال الباحث في جامعة ميشيغان مجتبى أخافان-تفتي، إن الولايات المتحدة استوردت في عام 2024 ألواحًا شمسيةً بمعدلات تزيد كثيرًا عمّا تحتاج إليه؛ ما قد يعني ضمنًا أن المطورين ربما لجؤوا إلى تخزين الألواح لاستعمالها في مشروعات مستقبلية، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وأوضح أن معظم تلك الألواح الشمسية المستوردة مصنَّع في آسيا، لا سيما في ماليزيا وتايوان وتايلاند، مضيفًا أن قرابة كل الألواح الشمسية الأميركية المنشأ قد استعمَلَت، على الأقل، مكوناتٍ خارجيةً.
وأضاف أن الصين تستأثر حاليًا بنحو 97% من إجمالي إمدادات الرقائق الشمسية عالميًا، التي تُعدّ اللبنات الرئيسة للألواح الشمسية.
ويرى كاتب المقال أن تداعيات السياسات التجارية الأميركية المقترحة على صناعة الطاقة الشمسية ما تزال غير واضحة، لافتًا إلى أنه في عام 2024، واصلت شركات تصنيع الألواح الشمسية في أميركا تكثيف عملياتها التجارية، مستغلةً السياسات الحكومية المنحازة للتصنيع المحلي.
وسرعان ما بدت الألواح الشمسية المستوردة في معاناةٍ جراء التعرفات المتزايدة التي ترفع بدورها التكاليف، وفق الكاتب.
ارتفاع الإنتاج محليًا
ارتفع إنتاج الألواح الشمسية في أميركا بنحو 8 أضعاف منذ عام 2020، غير أن الألواح الشمسية الأميركية المنشأ أعلى تكلفةً من نظيراتها المستوردة.
وفي عام 2024، كلّفت الألواح الشمسية المصنعة في أميركا 31 سنتًا/واط، بينما تكلّف الألواح المستوردة نحو ثُلث هذا المبلغ، أي ما يعادل 11 سنتًا/واط، حتى مع الأخذ في الحسبان التعرفات التي كانت قائمة قبل الولاية الـ2 للرئيس ترمب.
غير أن شركات تصنيع الألواح الشمسية في أميركا تعمل على خفض التكاليف عبر تعزيز الإنتاج مع الاعتماد على الحكومة في الإبقاء على التعرفات الجمركية على الواردات أو حتى رفعها؛ ما قد يعزز القدرة التنافسية للألواح الأميركية محليًا في المستقبل.
الاعتماد على المصادر الخارجية
على الرغم من الزيادة في الإنتاج المحلي، ينمو الطلب المحلي على الألواح الشمسية في أميركا بوتيرة أسرع، ولسدّ هذا الطلب، تستورد البلاد حصةً كبيرةً من وحداتها الشمسية.
واستهدفت التعرفات الجمركية، بما في ذلك تعرفة نسبتها 30% فُرِضت على الخلايا الشمسية، بدءًا من عام 2018، تعزيز التصنيع المحلي، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
غير أن تلك التعرفات والأسعار العالمية المنخفضة قد جعلت التركيبات الشمسية أكثر تكلفةً في أميركا، قياسًا بما هي عليه في بقية دول العالم، وفق الكاتب.
وهبط متوسط التكلفة العالمية للأنظمة الشمسية المركبة من 1.15 دولارًا أميركيًا/واط في عام 2012، إلى 0.72 دولارًا أميركيًا/واط في عام 2016، ما يعادل قرابة نصف التركيبات في الولايات المتحدة.
وحولت التعرفات المفروضة في عام 2018، وكذلك جولات التعرفات القديمة المطبَّقة خلال عامي 2012 و2014، مصدر الواردات الأميركية من الألواح الشمسية، من الصين وتايوان إلى ماليزيا وكوريا الجنوبية.
كما تبني شركات تصنيع الألواح الشمسية في أميركا ألواحًا شمسيةً في سنغافورة وألمانيا للمحافظة على الوصول إلى السوق الأميركية، بل وتستثمر الشركات الصينية في شركات تصنيع الألواح الشمسية في أميركا كي تستفيد من التحفيزات الفيدرالية وتتجنب التعرفات.

الصين في مرمى التعرفات
يستهدف اقتراح ترامب بشأن فرض تعرفات جديدة على السلع الشمسية المصنّعة في الخارج، بما في ذلك الألواح والمكونات، خصوصًا الشركات الصينية العاملة في جنوب شرق آسيا، بحسب الكاتب مجتبى أخافان-تفتي.
ومن الممكن أن تشتمل التعرفات الجديدة على تعرفة نسبتها 375% على المنتجات التايلاندية، ما يعادل قرابة 4 أضعاف الأسعار، إلى جانب تعرفة نسبتها 3.500% على المنتجات الآتية من كمبوديا.
في المقابل، ستكون الألواح الشمسية المصنّعة في أميركا أرخص تكلفةً، غير أن تراجع إمدادات الألواح الشمسية سيرفع أسعار الألواح المصنّعة محليًا، على الأقل حتى يقدِر التصنيع المحلي على مواكبة الطلب.
واختتم الكاتب مقالته بقوله، إن بعض المطورين قد شرعوا في إرجاء -أو حتى إلغاء- التركيبات الشمسية لمواجهة التكاليف الزائدة.
موضوعات متعلقة..
- هل يتأثر توليد الطاقة الشمسية في أميركا بحرائق الغابات؟.. الأرقام تكشف عن المخاطر
- مشروعات الطاقة الشمسية في أميركا تقاوم البيت الأبيض.. انتعاشة رغم العقبات (تقرير)
- مصير مشروعات الطاقة الشمسية في أميركا بعد قرارات ترمب (تحليل)
اقرأ أيضًا..
- كم تنتج حقول النفط في البحرين يوميًا؟ (تقرير)
- الطاقة النووية في أفريقيا.. فرص واقعية أم زوبعة في فنجان؟
- مشروع غاز مسال أميركي يبحث عن مستثمرين آسيويين
المصدر: