الهيدروجين الأزرق.. هل يلبي أهداف الاتحاد الأوروبي المناخية الطموحة؟ (تقرير)
نوار صبح

يتساءل المراقبون عن قدرة الهيدروجين الأزرق على تلبية أهداف الاتحاد الأوروبي المناخية الطموحة، وذلك بالنظر إلى انبعاثات الميثان المصاحبة لإنتاجه.
ووفق معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يعمل وزراء الطاقة في الاتحاد الأوروبي على وضع نهج عام لتنظيم خفض انبعاثات الميثان في قطاع الطاقة.
وفي الوقت الذي تضع فيه المفوضية الأوروبية الصيغة النهائية لقانونها الخاص بالغاز منخفض الكربون بموجب "توجيه الغاز" المُعتمد مؤخرًا، فإنها تواجه قرارًا محوريًا، حسبما أشارت كبيرة منسّقي سياسات الغاز لدى شبكة العمل المناخي الأوروبية "كلايمت أكشن نتوورك"، إستر بوليندورف.
وإذا لم تكن المعايير طموحة بما يكفي، فإنها تُخاطر بإضفاء الشرعية على ما يُسمى بالهيدروجين الأزرق، المُصنَّع من الغاز الأحفوري باستعمال تقنية احتجاز الكربون وتخزينه (CCS).
تقويض أهداف الاتحاد الأوروبي المناخية
أبدت "شبكة العمل المناخي الأوروبية" (CAN Europe) قلقها العميق من أن هذا المسار يُهدد بتقويض أهداف الاتحاد الأوروبي المناخية لعامي 2030 و2050.
وبدلًا من تسريع عملية تحول الطاقة، قد يُبقي هذا المسار أوروبا في حالة اعتماد مستمر على الوقود الأحفوري.
وسيُحدّد هذا التشريع المرتقب قوانين ما يُعدّ هيدروجينًا منخفض الكربون، وهي سمة يجب اكتسابها لا منحها.

الهيدروجين الأزرق والبيئة
غالبًا ما يُسوّق الهيدروجين الأزرق بصفته خيارًا صديقًا للمناخ، لكن الواقع أكثر تعقيدًا وتلويثًا.
ويُنتَج من الغاز الأحفوري، حيث تُحتجز انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتُخزّن تحت الأرض من خلال عملية احتجاز الكربون وتخزينه كثيفة استهلاك الطاقة.
أولًا، وحسبما هو مُوضّح في سيناريو الطاقة المتوافق مع اتفاق باريس للمناخ لدى "شبكة العمل المناخي الأوروبية"، يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى التخلص تدريجيًا من الغاز الأحفوري خلال السنوات الـ10 المُقبلة، بحلول عام 2035.
وتوجد أمثلة رائدة من شركات مرافق الطاقة والبلديات المُتقدّمة التي تقود الطريق في هذا الاتجاه، وتُظهر إمكان تحقيق مناطق خالية من الوقود الأحفوري.
على سبيل المثال، تُخطط شركة الطاقة الألمانية "إم في في" (MVV) للتخلص التدريجي من الغاز، وإيقاف تشغيل شبكة الغاز التابعة لها في منطقة مانهايم بحلول عام 2035، دون الاعتماد على الهيدروجين الأحفوري، بما في ذلك قاعدة عملائها الصناعيين.
ثانيًا، بالإضافة إلى تقلُّب أسعار الغاز الشديد، فإن تقنية احتجاز الكربون وتخزينه تأتي بتكلفة باهظة، ولم تُطبَّق على نطاق واسع بعد.

وتبلغ تكلفة الهيدروجين الأزرق، حاليًا، ضعف تكلفة الهيدروجين الرمادي (المنتَج من الغاز دون احتجاز وتخزين الكربون)، وهي في أدنى مستوياتها مماثلة للهيدروجين الأخضر، المنتَج من مصادر الطاقة المتجددة.
في المقابل، فإن فهم التأثير الحقيقي للهيدروجين الأزرق يتطلب مراعاة انبعاثات الميثان المصاحبة له، حسب تقرير طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
مشكلة الميثان
يُعدّ الميثان غاز دفيئة قويًا للغاية، إذ يحتجز حرارةً تفوق ما يحتجزه ثاني أكسيد الكربون بأكثر من 80 ضعفًا على مدار 20 عامًا.
ويتسرب الميثان إلى الغلاف الجوي في جميع مراحل إنتاج الغاز الأحفوري، بدءًا من الاستخراج الأولي، وصولًا إلى النقل والتوزيع في العمليات الوسطى.
إزاء ذلك، يجب أخذ تسربات الميثان هذه في الحسبان عند تحديد كثافة غازات الدفيئة للغاز الأحفوري، ومن ثم تصنيف الهيدروجين منخفض الكربون على أنه منخفض الكربون.
في هذا الإطار، فإن مشروع القانون التفويضي للكربون المنخفض الحالي للمفوضية الأوروبية يُقلل من تقدير كمية الميثان المتسربة عبر سلسلة التوريد، ويفترض أحدث مشروع للقانون التفويضي للكربون المنخفض معدل تسرب للميثان بنسبة 2.3% من الغاز الأحفوري.
ورغم أن هذا يُعدّ تحسنًا، مقارنةً بالإصدارات السابقة، فإنه ما يزال يُقلل من تقدير كمية الميثان المتسربة، ما يعني أن تأثير الغاز ما يزال مُقللًا منه.
ومن غير الواضح تمامًا كيف تتعامل المفوضية مع تسربات الميثان في العمليات الوسطى التي تحدث في أثناء نقل الغاز، سواءً عبر خطوط الأنابيب أو تسربات الغاز المسال، والانبعاثات الناتجة عن النقل عبر السفن العاملة بالغاز المسال.

الهيدروجين الأزرق والمناخ
باستعمال هذه القيم الافتراضية الضعيفة، سيُعطي الاتحاد الأوروبي الهيدروجين الأزرق تسمية غير مبررة بأنه صديق للمناخ، ما يُضلل الجمهور وصانعي السياسات الوطنية على حدّ سواء.
بذلك يُخاطر الاتحاد بإدامة تجارة الغاز الأحفوري الملوثة ووارداته، ويقوّض سوق الهيدروجين المتجدد في وقت يحتاج فيه إلى توسيع نطاقه بشكل كبير.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الهيدروجين القائم على الغاز الأحفوري، المدعوم بالإعانات العامة، والمُصنَّف بأنه "منخفض الكربون"، يُخاطر بخلق تبعيات جديدة، مثل الغاز المسال الأميركي.
ولا تستبعد مفوضية الاتحاد الأوروبي -بما في ذلك مفوض الطاقة يورغنسن ورئيسة المفوضية فون دير لاين- زيادة واردات الغاز المسال الأميركي لتخفيف ضغط السياسات التجارية للرئيس الأميركي ترمب.
موضوعات متعلقة..
- مشروعات الهيدروجين الأزرق لن تفيد البيئة كثيرًا (دراسة)
- استعمال الهيدروجين الأزرق في صناعة الصلب أمل زائف.. لماذا؟ (دراسة)
- ترمب يُنعش استثمارات الهيدروجين الأزرق في أميركا (تحليل)
اقرأ أيضًا..
- أكبر 10 محطات كهرباء في الوطن العربي.. قدرات عملاقة تتقاسمها 5 دول (صور)
- أنس الحجي: دول أوبك+ فجّرت مفاجأة في أسواق النفط.. وهذا أثر الـ950 ألف برميل
- أمين عام أوابك: تصدير الهيدروجين في خطوط الأنابيب أقل تكلفة.. ومشروع فريد في دولة عربية (حوار)
المصدر..