الطاقة النووية في أفريقيا.. فرص واقعية أم زوبعة في فنجان؟
محمد عبد السند

- يفتقر أكثر من 600 مليون شخص في أفريقيا إلى الكهرباء
- الطاقة النووية في أفريقيا محرك رئيس واعد للنمو الاقتصادي
- يتزايد توجه الحكومات الأفريقية إلى الطاقة النووية بديلًا منخفض الكربون
- إزالة الكربون هدف رئيس مقترن باستعمال الطاقة النووية في أفريقيا
- تتنامى أدوار المفاعلات المعيارية الصغيرة في توليد الطاقة النووية في أفريقيا
تُظهِر الطاقة النووية في أفريقيا آفاقًا واعدةً لأن تصبح محركًا رئيسًا للنمو الاقتصادي والتصنيع وأمن الطاقة على المدى الطويل، بوصفها مصدر كهرباء نظيفًا وموثوقًا لمواجهة شُح الكهرباء الذي يعانيه العديد من بلدان القارة.
ويتزايد توجّه الحكومات الأفريقية إلى الطاقة النووية لتكون بديلًا موثوقًا ومنخفض الكربون لمعالجة العجز المتنامي في الكهرباء، مع توقعات بأن تضيف أفريقيا قرابة 15 ألف ميغاواط من السعة النووية بحلول عام 2035، وهي إمكانات سوقية تُقدّر بنحو 105 مليارات دولار.
ويأتي هذا التحول الإستراتيجي على خلفية مشهد الطاقة العالمي المتطور بسرعة؛ إذ تستعيد الطاقة النووية مكانتها البارزة في ظل سعي البلدان حول العالم إلى تحقيق أهداف الحياد الكربوني وتعزيز استقرار الشبكة.
ووفق مقال للخبير الاستشاري في مجال الهندسة النووية فرانسيس آغار، طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يتعيّن أن تأخذ أفريقيا خيار الطاقة النووية بعين الحسبان، ليس فقط للحد من آثار تغير المناخ، بل لتكون -أيضًا- مسارًا واعدًا إلى الرفاهية والازدهار.
ويُتوقع أن يقترن التوسع في الطاقة النووية في أفريقيا -كذلك- بفوائد اقتصادية وصناعية كبيرة؛ إذ سيحفّز تطوير البنية التحتية للطاقة النووية بناء سلسلة إمدادات محلية قوية، ما سيغذّي بدوره الطلب في قطاعات التصنيع والبناء والهندسة.
المفاعلات المعيارية الصغيرة
تتزايد فرص الأدوار التي من الممكن أن تؤديها المفاعلات المعيارية الصغيرة في توليد الطاقة النووية في أفريقيا؛ وما لذلك من انعكاسات إيجابية عديدة على الصناعات القائمة على هذا المصدر النظيف المحفوف بالمخاطر، مثل إزالة ملوحة مياه البحر وإنتاج الهيدروجين في المستقبل، وفق ما يراه فرانسيس آغار في مقاله المنشور على موقع إي إس آي أفريكا (ESI-Africa).
وقال آغار: "تقليديًا كنا نفكر في مشروعات نووية مثل المبادرات التي تقودها الدول، لكننا الآن نرى فرصًا عديدة للقطاع الخاص، وهذا دليل على أن أفريقيا تُعيد كتابة المشهد بالنسبة إلى صناعة الطاقة النووية".
وأوضح أن إزالة الكربون تُعد أحد الأهداف الرئيسة المقترنة باستعمال الطاقة النووية في القارة السمراء، مضيفًا: "لكي نلتزم بجميع أُطر التعاون الثنائي الذي وضعناه، مثل اتفاقية باريس للمناخ 2015، يتعيّن علينا أن نمضي قدمًا في أهداف إزالة الكربون على نطاق واسع".
وتابع: "في تقديري أن الخيار الأول لإزالة الكربون وسد احتياجات المياه والطاقة والغذاء يكون عبر تقنيات الطاقة النووية، ويتوجب علينا أن نفهم أن تحسين الأنشطة البشرية لآثار تغير المناخ ستكون عملية كثيفة الاستهلاك للكهرباء".
واستطرد كاتب المقال في حديثه قائلًا: "ولذلك يتعيّن علينا أن نضع في الحسبان الخيار النووي كي لا نفاقم آثار تغير المناخ، وبوصفنا أفارقة، علينا أن نضع عدد السكان المتنامي في الحسبان".
وتابع: "وبناءً عليه، يجب أن تكون الطاقة النووية في أفريقيا جزءًا من الحوار الدائر الآن في هذا الخصوص"، وفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.

أفضل الخيارات
تطرّق الخبير الاستشاري في مجال الهندسة النووية فرانسيس آغار، في مقالته، إلى الحديث عن أفضل الخيارات المتاحة أمام البلدان الأفريقية في ضوء تطور التقنية النووية.
والذكاء الاصطناعي التوليدي واختصاره (gen AI) هو أحد أشكال الذكاء الاصطناعي، ولديه القدرة على إنتاج نص وصور ومحتوى متنوع بناءً على البيانات التي يتدرب عليها.
وقال آغار: "تُعد ثورة الذكاء الاصطناعي التوليدي التي تجتاح العالم الفرصة التي يتعيّن علينا استغلالها لتحسين جودة الحياة بالنسبة إلى شعوبنا".
وسيتطلّب الذكاء الاصطناعي التوليدي كميات هائلة من الكهرباء، وكل هذا سيحتاج إلى إزالة الكربون؛ ولذا يجب أن تكون الطاقة النووية الخيار الأوحد في هذا الخصوص، بحسب الكاتب.
بواعث قلق
استعرض فرانسيس آغار بواعث القلق بشأن مدى جاهزية أفريقيا، لكي تصبح منتجةً للطاقة النووية في ظل اندفاع العديد من بلدان القارة لتطوير محطات طاقة نووية.
وقال الكاتب إن العديد من الناس يعتقدون أن الذكاء الاصطناعي سيحلّ محلّ الإنسان، "غير أن هذا لن يحدث، وأن الإنسان المسلح بالذكاء الاصطناعي هو من سيحلّ محلّ أناس آخرين".
وتابع: "ولذا؛ فإن باعث القلق الوحيد الذي يساورني هو أن القوة العاملة لدينا ستحتاج إلى تدريبات متكاملة، لا سيما بالنسبة إلى الأشخاص التقنيين، وهذا شيء يجب أن يحدث الآن".
وواصل: "وبناءً عليه؛ فإنه من أجل أن يكون لديك مهندسون ماهرون في استعمال الذكاء الاصطناعي بالمجال النووي بحلول عام 2035، يتعيّن عليك بدء تدريبهم فورًا"، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وبوجه عام، فإنه على الرغم من الصورة الوردية التي تظهر فيها الطاقة النووية في أفريقيا، تبقى هناك مجموعة من الصعوبات التي تهدد بتحويل هذا الحلم الذي يراود القارة إلى كابوس، بما في ذلك التكلفة الباهظة للبنية التحتية النووية، وإدارة النفايات الإشعاعية، إلى جانب تطبيق أقصى قدر من معايير السلامة والأمان اللازمة لتشغيل المنشآت؛ تفاديًا لحصول كوارث نووية تضر بصحة البيئة والبشر.
موضوعات متعلقة..
- هل بدأ سباق الطاقة النووية في أفريقيا؟ 5 دول عربية تتنافس
- الطاقة النووية في أفريقيا قد تدخل 11 دولة.. بلد وحيد يشغلها حاليًا (تقرير)
- ثاني محطات الطاقة النووية في أفريقيا تبدأ الإنتاج خلال 2034
اقرأ أيضًا..
- رؤية وطنية متكاملة لتحقيق الحياد الكربوني في سلطنة عمان (مقال)
- محطات الطاقة الشمسية في أوروبا تحت تهديدات الهجمات السيبرانية (تقرير)
- مشروع مزرعة رياح عالمي يتعثر بسبب رئيس دولة.. تفاصيل القصة
المصدر:
1.آفاق الطاقة النووية في أفريقيا من مقال نشره موقع "إي إس آي أفريكا".
2.أفريقيا قد تضيف قرابة 15 ألف ميغاواط من السعة النووية بحلول 2035 من منصة "نيوكلير بزنس".