مصر تسعى لشراء 60 شحنة غاز مسال.. ومفاوضات مع 3 دول عربية
سامر أبووردة

تسعى مصر إلى تعزيز أمن الطاقة لديها عبر التفاوض على استيراد عشرات الشحنات من الغاز الطبيعي المسال، في خطوة تعكس حجم الضغوط المتزايدة التي تواجهها الحكومة لتلبية احتياجات الكهرباء في ذروة الطلب خلال فصل الصيف، وسط تراجع الإنتاج وارتفاع الطلب محليًا.
وبحسب تقارير طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تُجري القاهرة حاليًا محادثات مع عدد من الشركات العالمية وشركات الطاقة الوطنية في دول عربية، لشراء ما يتراوح بين 40 و60 شحنة من الغاز الطبيعي المسال.
وتأتي هذه التحركات في وقت تُقدّر فيه تكلفة تأمين تلك الكميات بما يصل إلى 3 مليارات دولار، استنادًا إلى الأسعار الحالية في الأسواق العالمية.
وفي ظلّ هذا المشهد الضاغط، وجّه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الحكومة بـ"اتخاذ كل ما يلزم لضمان تدفّق الكهرباء بصورة استباقية"، ما يعكس إدراك الدولة أهمية تفادي أزمة طاقة جديدة قد تُلقي بظلالها على الوضعَيْن الاقتصادي والاجتماعي.
وتُعدّ مرونة الدفع نسبيًا للغاز الطبيعي المسال مقارنة ببدائل الوقود الأخرى أحد العوامل الحاسمة وراء هذا التوجه، رغم أنّ الحكومة لا تستبعد اللجوء إلى زيت الوقود حال عدم توفّر عروض غاز مناسبة.
وتُقدّر حاجة مصر في المدى الطويل بما يصل إلى 150 شحنة سنويًا، وفق أحد المصادر التجارية، ما يشير إلى تحوّل هيكلي في سياسة الطاقة المصرية.
واردات مصر من الغاز المسال
تشهد واردات مصر من الغاز المسال نموًا متسارعًا منذ منتصف عام 2024، مدفوعة بانخفاض إنتاج الغاز المحلي الذي بلغ في فبراير/شباط الماضي أدنى مستوى له خلال 9 سنوات، عند 4.22 مليار قدم مكعبة يوميًا، مقارنة بـ5.22 مليار قدم مكعبة يوميًا في الشهر ذاته من العام السابق.
وتُعدّ هذه التطورات جزءًا من اتجاه إستراتيجي أوسع، تسعى من خلاله القاهرة إلى تنويع مصادر وارداتها من الغاز المسال.
وتشير أحدث البيانات إلى أنّ البلاد استوردت 1.84 مليون طن من الغاز المسال منذ بداية عام 2025 حتى مايو/أيار الجاري، ما يمثّل نحو 75% من إجمالي واردات عام 2024.

ووفقًا لبيانات وحدة أبحاث الطاقة، توزعت هذه الواردات في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2025 كالآتي:
- يناير/كانون الثاني: 0.414 مليون طن.
- فبراير/شباط: 0.283 مليون طن.
- مارس/آذار: 0.404 مليون طن.
- أبريل/نيسان: 0.339 مليون طن.
ووفقًا لتقرير صادر عن شركة "إنرجي أوتلوك أدفايزرز"، فإن المنافسة تتصاعد في سوق الغاز المسال مع دخول دول عربية جديدة مثل العراق والبحرين إلى السوق، ما يزيد من التحديات أمام القاهرة في تأمين الكميات المطلوبة بأسعار مناسبة.
مفاوضات إقليمية وإستراتيجية طويلة الأجل
في سياق توسيع نطاق التعاون الإقليمي، تُجري القاهرة حاليًا محادثات متقدمة مع قطر والجزائر، بالإضافة إلى شركة أرامكو السعودية، بهدف إبرام صفقات غاز مسال طويلة الأجل، بما في ذلك تسريع تنفيذ مشروعات مشتركة واستكشاف مناطق امتياز جديدة.
وتعكس هذه الجهود إدراك القاهرة حاجتها المُلِحّة إلى إعادة هيكلة منظومة الإمداد بالغاز، لا سيما مع تصاعد الطلب من قطاع الكهرباء في الصيف.
ووفقًا لتقديرات وحدة أبحاث الطاقة، فإن واردات البلاد من الغاز المسال قد تتضاعف بحلول عام 2030 إذا لم تُحقق اكتشافات جديدة خلال السنوات الثلاث المقبلة.
توسع في قدرات إعادة التغويز
في خطوة داعمة لمسار الاستيراد، تعاقدت القاهرة على وحدات تغويز جديدة، من بينها سفينتان من المقرر وصولهما خلال عام 2025، إلى جانب سفينة ثالثة تُنقل من الأردن في يونيو/حزيران المقبل إلى ميناء العين السخنة.
كما وقّعت البلاد اتفاقًا جديدًا لمدة 10 سنوات مع شركة "هوغ إيفي" النرويجية لإنشاء محطة عائمة لاستيراد الغاز المسال في ميناء سوميد على البحر المتوسط.
وعلى صعيد آخر، وقّعت مصر اتفاقية مع تركيا لاستئجار وحدة تخزين عائمة تابعة لشركة "بوتاش"، في خطوة تعكس توسيع شبكة الشراكات لتأمين الغاز من مصادر متعددة.

واقع الإنتاج والتصدير
رغم التحديات، سجّلت القاهرة، في أبريل/نيسان 2025، أول شحنة تصدير غاز مسال منذ توقف عمليات التصدير في مايو/أيار 2024، وذلك لصالح شركات أجنبية عاملة في السوق المصرية، إذ بلغت الشحنة 48 ألف طن، أُرسلت إلى تايوان عبر الناقلة "سانتاندر نتسون".
وقد أتاحت الحكومة لتلك الشركات تصدير حصص من إنتاجها الجديد ضمن حزمة حوافز، تهدف إلى تشجيعها على زيادة الاستكشاف والإنتاج، في وقت لا تزال تعاني فيه البلاد من أزمة عملة أجنبية حدّت من قدرتها على سداد مستحقات الشركاء الأجانب.
نظرة مستقبلية
تعكس هذه التحركات مجتمعة إدراك مصر العميق لتغير ملامح سوق الطاقة داخليًا، وضرورة التحرك السريع لمواكبة التحولات الإقليمية والعالمية.
وفي ظلّ استمرار التحديات المرتبطة بالإنتاج المحلي، وتقلّب الأسعار العالمية، فإن تعزيز قدرات الاستيراد ومرونة البنية التحتية سيظلان محورَيْن أساسييْن لضمان استقرار إمدادات الطاقة في البلاد.
موضوعات متعلقة..
- مصر تستعد لفصل الصيف بشحنات قياسية من المازوت والديزل
- إنتاج مصر من الغاز يهبط 2.7 مليار متر مكعب في 3 أشهر
اقرأ أيضًا..
- إنرجيان تخفض توقعات إنتاج 2025 بعد فشل صفقة بيع أصولها
- استثمارات بتروبراس البرازيلية.. هدف لمالكي السفن وشركات الحفر (تقرير)
- إزالة الكربون من قطاع النقل البحري تركز على التدابير التشغيلية والوقود البديل (تقرير)
- هيونداي تستدعي حافلات الهيدروجين بعد حادث انفجار
المصادر..
- مصر تُجري محادثات لشراء 40-60 شحنة من الغاز الطبيعي المسال، من "رويترز".
- واردات مصر من الغاز المسال، من منصة الطاقة المتخصصة.