رئيسيةالتقاريرتقارير النفطنفط

حقل شرق بغداد يترقب قفزة إنتاجية مدفوعة بتقنية مبتكرة.. ما القصة؟

سامر أبووردة

يُواصل حقل شرق بغداد الجنوبي ترسيخ مكانته بوصفه موقعًا إستراتيجيًا لإنتاج النفط الخام في العراق، مع تسجيل تقدّم ملحوظ في استغلال طبقاته المعقّدة عبر تقنيات مبتكرة.

ووفقًا لبيان حصلت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، أعلنت شركة نفط الوسط، بالتعاون مع شركة "إي بي إس" (EBS) الصينية، الأربعاء 21 مايو/أيار 2025، نجاح تجربة ميدانية لتقنية تحميض متقدمة في أحد آبار الحقل، ما أسفر عن تحقيق إنتاج يومي قياسي تجاوز 10 آلاف برميل، في خطوة تفتح الباب أمام توسيع نطاق الاستفادة من التكوينات الجيولوجية ذات النفاذية المنخفضة.

جاء هذا الإنجاز في إطار سعي العراق إلى تعظيم استثمار موارده الهيدروكربونية من الحقول المحيطة بالعاصمة، عبر دمج الحلول التقنية بالواقع الجيولوجي، لا سيما في الحقول التي تواجه تحديات تشغيلية وهيكلية.

وتُعدّ هذه التجربة، التي طُبّقت في البئر EBSS-1H، دلالة واضحة على الجدوى الاقتصادية لاستعمال تقنية "فيشبون جيتنغ" (fishbone jetting) في تحفيز تدفّق النفط من التكوينات الصعبة، مثل طبقة سعدي.

وفاقت النتائج المباشرة للتجربة التوقعات، إذ بلغ معدل الإنتاج اليومي 10,647 برميلًا، ما يؤكد كفاءة التقنية التي تعتمد على إنشاء مسارات شعاعية داخل الصخور لزيادة النفاذية الموضعية دون الحاجة إلى عمليات تحميض تقليدية باهظة الكلفة.

وأكد المدير العام لشركة نفط الوسط، المهندس محمد ياسين حسن، التزام الشركة بمواكبة التطورات التكنولوجية في القطاع.

مشروع تطوير حقل شرق بغداد

يأتي الابتكار التقني الأخير ضمن مشروع متكامل لتطوير حقل شرق بغداد، الذي يُعدّ من أكبر الحقول النفطية في البلاد، بمساحة تبلغ 822 كيلومترًا مربعًا، واحتياطي مؤكد يفوق 15 مليار برميل بعد إضافة ملياري برميل خلال اكتشافات يناير/كانون الثاني الماضي.

وتُنفَّذ خطة تطوير الحقل بموجب عقد موقّع مع شركة إي بي إس الصينية منذ عام 2018.

وفي مطلع العام الجاري 2025، شرعت شركة الحفر العراقية في تنفيذ أعمال حفر 18 بئرًا، باستعمال تقنيات مائلة وأفقية.

ووُقِّع ملحق إضافي للعقد في أبريل/نيسان الماضي، يهدف إلى رفع السعة الإنتاجية إلى 100 ألف برميل يوميًا، مقابل متوسط إنتاج حالي يتراوح بين 45 و50 ألف برميل.

تجربة ميدانية لتقنية تحميض متقدمة في أحد آبار حقل شرق بغداد
تجربة ميدانية لتقنية تحميض متقدمة في أحد آبار حقل شرق بغداد - الصورة من حساب شركة نفط الوسط في فيسبوك

طبقة سعدي

تُشكّل طبقة سعدي في حقل شرق بغداد إحدى التكوينات التي كانت تُصنّف سابقًا مكامن ثانوية أو صخور غطاء، إلّا أن تطور تقنيات الاستكشاف والتحفيز فتح آفاقًا جديدة لفهم سلوكها النفطي.

وتقع طبقة سعدي فوق تكوين مشرف وتحت تكوين تنومة، ويبلغ سمكها بين 20 و60 مترًا وفق الموقع البنيوي.

ورغم أنها لا تُعدّ الخزان الرئيس، فقد أثبتت دراسات الحقل وجود معدلات مسامية تتراوح بين 8% و16% في بعض القطاعات، مع نفاذية منخفضة إلى متوسطة، ما يمنحها دورًا إنتاجيًا في ظل التطوير المناسب.

وقد استهدفت في عدّة آبار استكشافية، أبرزها SB-05 وSB-09، التي أظهرت نتائج مشجعة ضمن إطار استعمال أساليب النمذجة الجيولوجية الحديثة وتقنيات الاستخلاص المعزز.

تجربة ميدانية لتقنية تحميض متقدمة في أحد آبار حقل شرق بغداد
تجربة ميدانية لتقنية تحميض متقدمة في أحد آبار حقل شرق بغداد - الصورة من حساب شركة نفط الوسط في فيسبوك

حلول تقنية لمواجهة التحديات الجيولوجية

تتميز بنية حقل شرق بغداد بطبيعة تركيبية معقّدة، تشمل طيات غير متناظرة وصدوعًا متعددة، تؤدي إلى تباين في خصائص الخزن والتراكيب النفطية.

وتنتشر في الحقل مكامن من العصر الطباشيري، أهمها تنومة، والخصيب، والزبير، إلى جانب تكوين مشرف، الذي يُعدّ الخزان الأساسي.

غير أن هذا التعقيد الجيولوجي لا يُلغي أهمية الطبقات الأخرى مثل سعدي، لا سيما في ظل ما توفّره من دور مزدوج بصفتها مانعًا وخازنًا ثانوي.

وتُشير التحليلات إلى أن بعض قطاعات سعدي تتأثر بتلوث مائي أو وجود الكبريت، ما يحدّ من مردودها الاقتصادي، لكنها تبقى جزءًا فاعلًا في النموذج الجيولوجي للحقل عند الأخذ بالحسبان تقنيات التحفيز المتقدمة.

تعزيز أمن الطاقة

يسهم تطوير حقل شرق بغداد الجنوبي في ضمان استمرار إمدادات الوقود إلى محطات رئيسة في وسط وجنوب العراق، مثل الزبيدية الحرارية وكهرباء القدس ومصفاة الدورة.

ويؤكد التوجه الجديد لاستعمال تقنيات تحفيز غير تقليدية التزام وزارة النفط بتحقيق أقصى مردود ممكن من الحقول القريبة من التجمعات السكنية، دون اللجوء إلى نفقات باهظة.

ويمثّل النجاح في إنتاج أكثر من 10 آلاف برميل يوميًا من طبقة غير تقليدية دليلًا على قدرة العراق على مواجهة التحديات الميدانية عبر تبنّي التكنولوجيا المتقدمة، ضمن رؤية تستند إلى كفاءة الإنتاج وترشيد النفقات وتعظيم الفائدة من كل طبقة نفطية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر..

  1. بيان شركة نفط الوسط العراقية
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق