التقاريرتقارير النفطرئيسيةنفط

قناة السويس تترقب انتعاشة بعودة الملاحة في البحر الأحمر.. والمصافي الأوروبية تتضرر

هبة مصطفى

تأثرت قناة السويس سلبًا بتوترات البحر الأحمر على مدار عام ونصف العام، منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ومنذ ذلك الحين، سلكت ناقلات النفط والمشتقات والغاز المسال طريق رأس الرجاء الصالح الأطول؛ ما انعكس على حركة الشحن وأسعارها، وفق خريطة مسارات الشحن البحري العالمية وبيانات تتبع الناقلات والسفن لدى منصة الطاقة المتخصصة (الصادرة من واشنطن).

ويبدو أن التهدئة -المتفق عليها بين إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب والحوثيين مؤخرًا- ستعيد الهدوء إلى البحر الأحمر والقناة المصرية؛ إذ قد تبدأ الناقلات في العودة لمسارها الملاحي الرئيس.

ورغم ذلك؛ فقد استبعد محللون إمكان تحقيق ذلك خلال مدة وجيزة، خاصة أن هناك شكوكًا كبيرة حول التزام الحوثيين بعدم التعرض للسفن والناقلات في ظل استمرار حرب غزة.

اتفاق التهدئة في البحر الأحمر

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في 6 مايو/أيار الجاري، وقف استهداف المواقع اليمنية حال التزام الحوثيين بعدم استهداف السفن والناقلات في البحر الأحمر.

وينعكس هذا على 3 محاور رئيسة، هي: انتعاش قناة السويس، حركة الشحن وأسعاره، سوق التكرير الأوروبية.

وفي هذا التقرير، نستعرض متغيرات المحاور الثلاثة بعد قرار ترمب.

1) قناة السويس

واجهت قناة السويس تحديات جمة منذ تغير مسار الملاحة إثر توترات البحر الأحمر، وانخفضت إيراداتها بنسبة 61% العام الماضي (2024) مسجلة 3.991 مليار دولار.

وجاء ذلك هبوطًا من مستوى قياسي بلغته في العام السابق له بعد حصدها 10.250 مليار دولار، طبقًا لأحدث بيانات أعلنها رئيس القناة الفريق أسامة ربيع في أبريل/نيسان الماضي.

ويوضح الرسم البياني أدناه -من إعداد منصة الطاقة المتخصصة- تراجع إيرادات القناة العام الماضي، مقارنة بالأعوام السابقة:

إيرادات قناة السويس في 6 سنوات

وقد يؤدي استئناف حركة الملاحة في البحر الأحمر إلى إنعاش الإيرادات مرة أخرى، مع تخلي الناقلات عن طريق رأس الرجاء الصالح الأطول.

واستعدت القاهرة للانتعاشة المرتقبة بتعزيز حركة الملاحة، عبر خفض رسوم عبور السفن والناقلات في القناة.

وطبقت مصر -منذ 15 مايو/أيار الجاري- قرارًا بخفض رسوم مرور سفن الحاويات (التي تنقل حمولة 130 ألف طن أو أكثر) بنسبة 15%، لمدة 90 يومًا، حسب بلومبرغ.

ويبدو أن القاهرة اتخذت القرار في محاولة لإعادة جذب الناقلات التي تسلك طريق رأس الرجاء الصالح، إذ يعول المعنيون على استمرار حالة الهدوء في البحر الأحمر، حتى تتلاشى الشكوك ومخاوف الأمن والسلامة.

وخلال الأسبوع الأول من الشهر مايو/أيار الجاري عبرت قناة السويس 97 ناقلة، مقابل ما متوسطه 160 ناقلة لمستويات ما قبل الحرب.

واستقبل طريق رأس الرجاء الصالح 109 ناقلات، في عدد قد يصل إلى ضعف مستويات ما قبل الحرب.

2) حركة الشحن وأسعاره

يمكن للسفن والناقلات توفير ما يقرب من أسبوعين من وقت رحلات طريق رأس الرجاء الصالح، إذا عادت لمسار ما قبل التوترات عبر القناة المصرية.

ومع تقليص وقت الرحلة ينخفض معدل استهلاك الوقود وتكلفة الشحن.

وكانت أسعار الشحن لناقلات المشتقات النفطية قد سجلت ارتفاعًا كبيرًا، خلال النصف الأول من العام الماضي (2024).

ويبدو أن حالة الهدوء بدأت تؤتي ثمارها؛ إذ حمل منتصف الشهر الجاري مفاجأة سارة بعدما كشفت أحدث التقديرات عن انخفاض أسعار الشحن من الخليج إلى بريطانيا وأوروبا بمعدل النصف.

وتراجعت الأسعار من 88.73 دولارًا/طن متري في مايو/أيار العام الماضي، إلى 42.78 دولارًا/طن متري منتصف الشهر الجاري، وفق بيانات نقلها موقع إس بي غلوبال.

وأكد الأمين العام للغرفة الدولية للشحن غاي بلاتن، أن الإعلان الأميركي الأخير بالتهدئة قد يؤدي إلى تغير حالة اضطراب الشحن التي سيطرت على البحر الأحمر خلال الآونة الماضية.

وفي الوقت ذاته، قال "بلاتن" إن التغيير لن يكون فوريًا وقد يتأخر بعض الوقت، للتيقن من اعتبارات الأمن والسلامة، مشيرًا إلى أن شركات الشحن تحتاج إلى وقت كافٍ لضمان إعادة توجيه ناقلاتها وتغير مسارها عن طريق رأس الرجاء الصالح.

أسعار الديزل الأحمر
محاولة السيطرة على حريق نشب في إحدى الناقلات النفطية بسبب الهجوم عليها في البحر الأحمر - الصورة من ذا نيويوركر

سوق التكرير الأوروبية

قد ينعكس استئناف الشحن في البحر الأحمر على سوق التكرير في أوروبا، خاصة أن هدوء التوترات يعزز تدفقات النفط ومشتقاته من الشرق الأوسط إلى القارة العجوز.

ورغم إيجابيات استقرار الملاحة على حركة الشحن؛ فإن واردات آسيا والشرق الأوسط قد تفرض مزيدًا من الضغوط على القطاع الأوروبي، وهوامش التكرير.

ولتوضيح ذلك، يمكن النظر إلى أحجام المشتقات المنقولة عبر طريق رأس الرجاء الصالح في مارس/آذار الماضي، والمقدرة بنحو 2.6 مليون برميل يوميًا.

وتعادل هذه الكميات 3 أضعاف حمولة ناقلات المنتجات المكررة قبل الحرب، والمقدرة بمتوسط 870 ألف برميل يوميًا.

ويؤدي تغيير المسار، وتوفير الوقت الأطول بالعبور في قناة السويس بعد الاستقرار، إلى استقبال المواني الأوروبية 24 مليون برميل من نواتج التكرير المتوسطة قبل الموعد المرتقب.

وتعني هذه الوفرة في المعروض انخفاضًا في الأسعار وهوامش أرباح الشركات؛ ما يشكل عبئًا يُضاف إلى تراجع هوامش مصافي القارة بنسبة 60% على أساس سنوي، خلال الربع الأول من العام الجاري.

وقد يبدو الأمر مربكًا إلى حد كبير، خاصة أن السوق الأوروبية متعطشة لإمدادات الوقود في ظل تراجع مستويات التخزين.

وسجّلت مخزونات البنزين والديزل -خلال شهر مايو/أيار الجاري- في موقع تخزين "أمستردام-روتردام-أنتويرب" 15.5 مليون برميل، وهو معدل أقل من متوسط السنوات الـ5 السابقة بنحو 5%.

كما أغلقت عدة مصافٍ -مثل: جرانغماوث الإسكتلندية ومصفاة لشل في ألمانيا- أبوابها.

وزاد هذا العجز من الطلب على الواردات وزيادة أسعار الشحن، كما تسبّب نقص المعروض في ارتفاع الأسعار وأنعش توقعات شركات الطاقة بجني هوامش تكرير قوية في نتائجها المالية.

ويتوقع محللون انخفاض هوامش أرباح التكرير الأوروبية لبعض المنتجات، لتصل إلى 18 سنتًا للبرميل بحلول أغسطس/آب المقبل، بتراجع من 53 سنتًا للبرميل في أبريل/نيسان الماضي.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق