حظر واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز المسال الروسي "مُربك" ويُعقّد التحول
هبة مصطفى

تُشكّل شحنات الغاز المسال الروسي -خاصة من السوق الفورية- طوق نجاة للكثير من دول الاتحاد الأوروبي، وقد يؤدي حظرها إلى مواجهة ضغوط جديدة تتعلّق بأمن الطاقة، في ظل محاولات لتهدئة الأسواق.
ويُعدّ إنهاء الاعتماد على موارد الطاقة الروسية أحد أبرز أهداف خطة "ريباور إي يو" REPower EU، المعلنة عقب أشهر قليلة من اندلاع الحرب الأوكرانية.
وحلّت روسيا في المرتبة الثانية ضمن قائمة أكبر مُصدّري الغاز المسال إلى دول الاتحاد الأوروبي، خلال الربع الأول من العام الجاري، حسب بيانات التقرير الفصلي الصادر عن وحدة أبحاث منصة الطاقة المتخصصة (الصادرة من واشنطن).
وعلى الجانب الآخر، لم تقترن مساعي الحظر بطرح منافذ بديلة لموارد تحول الطاقة، ما يُثير المخاوف من العودة العكسية إلى استعمال الفحم والوقود الأحفوري بشراهة مرة أخرى.
حظر الغاز المسال الروسي
يستهدف الاتحاد الأوروبي حظر صادرات الغاز المسال الروسي الفورية إلى الاتحاد الأوروبي بصورة نهائية، نهاية العام الجاري 2025.
وأكد مفوض الطاقة في الاتحاد، دان يورغنسن، أنه من المأمول حظر واردات موسكو بموجب العقود طويلة الأجل، عقب ذلك بعامَيْن (أي بحلول نهاية عام 2027).
ومن شأن الإقدام على هذه الخطوة المساعدة في تنفيذ خطة "ريباور إي يو"، وتقليص الاعتماد على موسكو.
ورغم أن "يورغنسن" أكد أن إجراء العام الجاري سيسلّط الضوء -فقط- على الواردات من السوق الفورية، فإنه لم يوضح كيفية تطبيق الحظر.
واكتفى مفوض الطاقة في الاتحاد الأوروبي بإعلان الإطار الزمني للحظر، دون الإفصاح عن آلية تحديد الشركات الوسيطة والمشترين من السوق الفورية، وكيفية منعها.
وواجهت هذه التصريحات انتقادات، خاصة أن المعايير الرقابية والتنظيمية "محدودة" خلال الشراء الفوري.
ووصف محللون القرار المقتضب بـ"المُربك"؛ إذ جرت العادة أن تكون تعاملات السوق الفورية غير محددة الأجل وقائمة على الطلب حسب الاحتياج عبر عمليات شراء غير منظمة أو دورية.
وبالنظر إلى هذه المعطيات، بالإضافة إلى تعامل المشترين الأوروبيين مع شركات تجارة وسيطة قد يواجه تطبيق الحظر صعوبات وتحديات.
واردات الاتحاد الأوروبي
قُدرت واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز المسال الروسي -خلال العام الماضي 2024- بنحو 16.5 مليون طن، ويعادل ذلك خُمس الواردات الإجمالية لدول الاتحاد (20%)، حسب بيانات نقلها موقع إنرجي إنتليغنس عن كبلر.
ويُعد إنتاج مشروع "يامال" الواقع في القطب الشمالي الروسي مصدرًا لغالبية هذه الإمدادات، بما يزيد على 95%.
ويغذّي المشروع الأسواق وفق عقود طويلة الأجل، لكن مشروع الإسالة بسعة 17 مليون طن سنويًا الملحق به يضخ إنتاجه في السوق الفورية.
وصدّر مشروع يامال 21 مليون طن غاز مسال، خلال العام الماضي.
كما صدّرت روسيا إلى الاتحاد الأوروبي 4.49 مليون طن خلال الربع الأول من العام الجاري، حسب بيانات تقرير "مستجدات أسواق الغاز المسال العربية والعالمية في الربع الأول من 2025"، الصادر عن وحدة أبحاث الطاقة، ويمكنكم الاطلاع عليه كاملًا من (هنا).
ويبدو أن ثمة اتجاهًا لدى دول الاتحاد لتقليص وارداتها من الغاز المسال الروسي؛ إذ كشفت بيانات الربع الفائت تراجع صادرات موسكو على أساس سنوي بنسبة 7.6% إلى 4.86 مليون طن، خلال الربع ذاته العام الماضي.
وحلّت روسيا في المرتبة الثانية (بعد أميركا) في قائمة أكبر المصدرين إلى الاتحاد، كما يُبيّن الرسم الآتي الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة:
سلبيات الحظر وتحدياته
خلال المدة من يونيو/حزيران 2022 حتى أغسطس/آب 2023، قامت شركة سويسرية "ثانوية" بدور الوسيط في شراء شحنات فورية من الغاز المسال الروسي، من مشروع يامال إلى إسبانيا.
وحال استمرار هذه الشركات في عمليات الشراء الفورية من موسكو، فإن رصد الاتحاد الأوروبي بيانات الواردات ومعلوماتها سيكون ضئيلًا، خاصة أن هناك سوابق سويسرية في حجب المعلومات التجارية.
وتُعدّ سويسرا غير ملزمة بقرارات الاتحاد بشأن حظر الإمدادات الروسية، لعدم انتمائها إلى المجموعة.
بالإضافة إلى صعوبة تتبع الواردات الروسية، قد يؤدي الاستغناء عن إمدادات موسكو إلى نقص في الغاز المسال الرئيس لخطة تحول الطاقة في أوروبا.
وتعكس خطة "ريباور إي يو" الاتجاه نحو تنويع مسارات الطاقة وفرض مزيد من الحصار على الوقود الأحفوري الروسي، وتتضمّن تقليص استعمال الغاز الطبيعي لصالح تأمين زيادة قدرها 200 مليار متر مكعب من الغاز المسال بحلول عام 2028.
وقالت رئيسة المفوضية، أورسولا فون دير لاين، إن الوقت ملائم لقطع العلاقات الطاقية نهائيًا مع "الموردين غير الموثوق بهم"، بعدما أظهرت الحرب الأوكرانية ما سمته "الابتزاز الاقتصادي"، وفق تصريحات حديثة لها منشورة على موقع المفوضية.
ويخشى محللون أن يؤدي الحظر في ظل عدم تأمين موارد بديلة إلى نقص الإمدادات، ما يضطر بعض الاقتصادات إلى العودة للوقود الأحفوري والفحم مرة أخرى.
موضوعات متعلقة..
- أكبر مصدري الغاز المسال إلى الاتحاد الأوروبي في 3 أشهر.. وترتيب قطر والجزائر
- واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز المسال الروسي ترتفع لمستوى قياسي في 2024
- واردات أوروبا من الغاز المسال ترتفع إلى مستوى قياسي.. وهؤلاء أكبر المستوردين
اقرأ أيضا..
- أكبر 4 محطات كهرباء في العراق.. تفاصيل الإنتاج والقدرات التشغيلية
- أثر قرارات مجموعة الـ8 في أوبك+.. وشرطان لإعادة الكميات المخفضة (تقرير)
- أمين عام أوابك: تصدير الهيدروجين في خطوط الأنابيب أقل تكلفة.. ومشروع فريد في دولة عربية (حوار)
المصادر..
- حظر واردات الغاز المسال الروسي إلى أوروبا ودور الشركات السويسرية، من إنرجي إنتليغنس.
- خطة المفوضية الأوروبية لتنفيذ برنامج "ريباور إي يو"، من موقع المفوضية.