
في إطار سعيها لتأمين مستقبل طاقة منخفض الانبعاثات، تواصل أرامكو السعودية تنفيذ خطط توسعية طموحة في قطاع الغاز الطبيعي، بهدف تعزيز الاستدامة وتنويع مزيج الكهرباء في المملكة، مستفيدة من مواردها الطبيعية الهائلة، ولا سيما حقل الجافورة، أحد أبرز مشروعاتها الإستراتيجية.
ووفقًا لمتابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لتطورات قطاع الطاقة السعودي، تسعى أرامكو إلى تقليص الاعتماد المحلي على النفط الخام في إنتاج الكهرباء، واستبدال الغاز الطبيعي به، إذ يُعدّ وقودًا أنظف وأكفأ، في خطوة تنسجم مع مستهدفات رؤية السعودية 2030، الهادفة إلى التحول نحو مصادر طاقة أكثر استدامة وكفاءة.
وتُعدّ هذه الجهود محورية في تعزيز أمن الطاقة وتلبية الطلب المحلي المتزايد بكفاءة وفعالية اقتصادية.
ويمثّل الغاز الطبيعي اليوم ركيزة محورية في سياسة الطاقة الجديدة للمملكة، إذ تزامن تصاعد الطلب المحلي على الكهرباء مع رغبة ملحّة في تقليص حرق النفط الخام، الذي كان يُستعمل سابقًا في توليد ما يقارب 171 تيراواط/ساعة من الكهرباء سنويًا، من خلال حرق نحو 1.1 مليون برميل يوميًا.
وسيسمح التحول بتوجيه مزيد من النفط للأسواق العالمية، ما يعزز الإيرادات دون التأثير في أمن الإمدادات المحلية.
وأظهرت بيانات رسمية وتقارير متخصصة أن تشغيل حقل الجافورة سيسهم بتقليص استهلاك النفط الخام في محطات الكهرباء بنحو 350 ألف برميل يوميًا بحلول عام 2030، ما يضع المملكة في مقدمة الدول التي تنفّذ انتقالًا عمليًا في قطاع الطاقة.
حقل الجافورة للغاز
خلال المؤتمر والمعرض الثلاثين لجمعية مصنعي الغاز – فرع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، أكد النائب التنفيذي للرئيس في قطاع الأعمال للغاز بأرامكو السعودية، عبدالكريم الغامدي، أن الغاز يمثّل عنصرًا أساسيًا في دعم الحياة اليومية والصناعة وتحقيق الرؤية الوطنية لطاقة مستدامة ومنخفضة الكربون.
ووفقًا لتصريحات مرئية رصدتها منصة الطاقة المتخصصة، قال الغامدي: "نحن اليوم بصدد توسعة كبيرة في نظامنا الغازي، إذ سنضيف 3 مليارات قدم مكعبة قياسية يوميًا إلى طاقتنا الحالية"، مشيرًا إلى أن حقل الجافورة يشكّل حجر الزاوية في هذا التوسع.
ويعدّ الجافورة أكبر حقل للغاز غير التقليدي في المنطقة، باحتياطيات تُقدَّر بنحو 229 تريليون قدم مكعبة، ومن المتوقع أن يدفع إنتاج المملكة إلى مستويات قياسية تبلغ 13 مليار قدم مكعبة يوميًا بحلول 2030، ما يؤهلها لاحتلال المرتبة الثالثة عالميًا في إنتاج الغاز الصخري.
النائب التنفيذي للرئيس في قطاع الأعمال للغاز، عبدالكريم الغامدي، استعرض دور أرامكو في تطوير قطاع الغاز لدعم نمو الطاقة المستدامة، والإسهام في بناء مستقبل منخفض الانبعاثات، وذلك خلال المؤتمر والمعرض الثلاثين لجمعية مصنعي الغاز - فرع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية… pic.twitter.com/C7q7jUuRY6
— أرامكو (@saudi_aramco) April 30, 2025
وأضاف الغامدي أن أرامكو السعودية تعتمد بشكل واسع على تقنيات الذكاء الاصطناعي والحلول الرقمية في أعمال الغاز، مؤكدًا أن هذه الحلول لم تُطبَّق نظريًا، بل حققت قيمة كبيرة على أرض الواقع خلال عام 2024، من ناحية الكفاءة وسرعة الإنجاز وتحسين الاستدامة وخفض التكاليف.
التحول نحو الغاز
يتصدر الغاز الطبيعي مشهد تحول الطاقة في السعودية، ليس فقط بوصفه خيارًا أنظف، بل أيضًا لأنه يُعدّ مصدرًا أكثر كفاءة من ناحية التكاليف.
ويُعدّ اعتماد وحدات الدورة المركبة لتوليد الكهرباء من الغاز عاملًا حاسمًا، إذ تصل كفاءتها إلى نحو 60% مقارنة بـ30% فقط للأنظمة العاملة بالنفط، ما يؤدي إلى خفض تكاليف التشغيل بمعدل 6 إلى 8 أضعاف لكل كيلوواط/ساعة، وفقًا لوحدة أبحاث الطاقة.
ووفقًا لبيانات مركز "إمبر"، جاءت السعودية في المركز السادس عالميًا بتوليد نحو 265 تيراواط/ساعة من الكهرباء باستعمال الغاز في نهاية العام الماضي 2024، ومن المتوقع أن ترتفع النسبة إلى 65% خلال 2025، في حين تتراجع حصة الوقود السائل إلى 32%.
مستقبل توليد الكهرباء في السعودية
بحلول عام 2030، يُتوقع أن يصل إجمالي توليد الكهرباء في المملكة إلى 525 تيراواط/ساعة، مع اعتماد واضح على الغاز بنسبة 64% من المزيج، مقابل 20% للطاقة الشمسية، و11% فقط للوقود السائل.
والتحول خطوة مهمة نحو تقليل الانبعاثات الكربونية، وتحقيق أهداف الاستدامة في المملكة.
وفي هذا السياق، أوضح نائب رئيس ريستاد إنرجي، بانكاج سريفاستافا، أن السعودية تتبنى نهجًا مدروسًا بتعزيز استثماراتها في قطاع الغاز، تماشيًا مع قرار تحديد سقف إنتاج النفط عند 12 مليون برميل يوميًا بحلول 2030.
ويرتبط هذا التوجه بضرورة إنشاء بنى تحتية متكاملة، وتطوير أنشطة المصب، وتطبيق أحدث تقنيات الحفر.

بنى تحتية تدعم توسعات الغاز
يُشكّل القرب الجغرافي لحقل الجافورة من معمل أرامكو السعودية في العثمانية عاملًا حاسمًا في تعزيز الجدوى الاقتصادية للمشروع، إذ يقلل الحاجة إلى مدّ خطوط أنابيب طويلة، ويخفض التكاليف اللوجستية.
كما تؤدي البنية التحتية المتقدمة في العثمانية دورًا محوريًا في فصل ومعالجة سوائل الغاز والمكثفات والإيثان.
وستتجاوز استثمارات أرامكو السعودية في قطاع الغاز، لا سيما مشروع الجافورة، حاجز الـ100 مليار دولار على مدى العقد المقبل، ما يعكس التزام الشركة طويل الأمد بتأمين طاقة موثوقة ونظيفة، وتقديم قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.
بهذه الخطط والتحولات، تؤكد أرامكو أن الغاز هو سلاحها الإستراتيجي لقيادة التحول نحو طاقة منخفضة الانبعاثات، مدعومًا بالتقنيات المتقدمة والرؤية الواضحة لمستقبل أكثر استدامة.
موضوعات متعلقة..
- أرامكو السعودية تضخ استثمارات جديدة بقطاع البتروكيماويات في الصين
- أرامكو السعودية تمنح عقدًا لتطوير مرافق الغاز
- أرامكو السعودية تتعاون مع "بي واي دي" في تقنيات السيارات الكهربائية
اقرأ أيضًا..
- انخفاض مشتريات الذهب بـ3 دول عربية.. وارتفاع في السعودية
- واردات أميركا من المنتجات النفطية وصادراتها.. ما حصة البنزين؟
- أكبر الدول من حيث خطوط أنابيب النفط العاملة.. 4 بلدان عربية بالقائمة
المصادر..
- تصريحات النائب التنفيذي للرئيس في قطاع الأعمال للغاز بأرامكو السعودية عبدالكريم الغامدي من حساب أرامكو في منصة "إكس"
- توليد الكهرباء بالغاز في السعودية يتسارع مع انطلاق حقل الجافورة تقرير من منصة الطاقة المتخصصة