تقارير النفطسلايدر الرئيسيةنفط

4 خبراء لـ"الطاقة": قازاخستان تهدد تماسك تحالف أوبك+

دينا قدري

أثارت تصريحات وزير الطاقة في قازاخستان إرلان أكينزينوف جدلًا كبيرًا أمس الأربعاء (23 أبريل/نيسان 2025)، بعد أن لمّح إلى الانسحاب من تحالف أوبك+ حال التعارض مع المصالح الوطنية.

وأكد أكينزينوف، في حوار أجراه مع وكالة "رويترز"، أن قازاخستان ستُعطي الأولوية للمصالح الوطنية على مصالح تحالف أوبك+ عند تحديد مستويات إنتاج النفط.

ولكن سرعان ما تراجع الوزير عن تصريحاته، مشيرًا إلى أن بلاده تفي بالتزاماتها في إطار أوبك+، وتُجري حوارًا مستمرًا مع التحالف لإيجاد "حلول مقبولة من الطرفَيْن" لإدارة إنتاجها النفطي.

وفي هذا السياق، استطلعت منصة الطاقة المتخصصة آراء عدد من كبار الخبراء، حول ما إذا كانت قازاخستان تمثّل تحديًا لجهود التحالف، وتوقعاتهم لتحركات الدول المشاركة في التخفيضات الطوعية الإضافية خلال اجتماع "أوبك+" المرتقب في شهر مايو/أيار المقبل.

هل تنسحب قازاخستان من أوبك+؟

قال كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة أومود شوكري، إنه ينبغي تفسير تصريحات قازاخستان الأخيرة على أنها إشارات إستراتيجية، وليست تمهيدًا للانسحاب من أوبك+.

وشدّد وزير الطاقة إرلان أكينزينوف على أولوية المصالح الوطنية، مُكرّرًا تأكيد التزام آستانة بأهداف أوبك+.

وأوضح شوكري، في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة، أن عدة عوامل تشير إلى استمرار التوافق، وإن كان متوترًا، مع المجموعة؛ إذ تُطوّر تحالفات دولية حقول النفط الرئيسة في قازاخستان، بما في ذلك تنغيز (الذي تديره شركة شيفرون) وكاشاغان (الذي تديره شركتا إكسون موبيل وشل)؛ ما يحدّ من سيطرة آستانة الأحادية الجانب على مستويات الإنتاج.

وتُشكّل عائدات النفط نحو 40% من الناتج المحلي الإجمالي لقازاخستان، ما يجعل المشاركة في أوبك+ أمرًا بالغ الأهمية للحفاظ على استقرار الأسواق والوصول إليها، بحسب شوكري.

كما تعتمد البلاد بصورة كبيرة على البنية التحتية الروسية لخطوط الأنابيب وآليات تنسيق أوبك+، ما يجعل الخروج صعبًا من الناحيتَيْن اللوجستية والسياسية.

ورأى شوكري أن موقف قازاخستان يُثير خلافًا ملحوظًا داخل التحالف ويختبر تماسك أوبك+؛ من حيث عدم الالتزام بالحصص، إذ تجاوزت قازاخستان حصتها الإنتاجية لعام 2024 بنحو 200 ألف برميل يوميًا، ما دفع أوبك+ في أبريل/نيسان إلى تسريع زيادات الإنتاج بوصفه إجراء تصحيحيًا.

بالإضافة إلى ذلك، أكد شوكري أن تحذير الوزير من أن تخفيضات الإنتاج في الحقول القديمة "سيُدمِّرها"، من شأنه أن يُقوِّض الانضباط الجماعي للحصص، ما قد يُشجِّع أعضاء مثل العراق وروسيا على تحدٍّ مماثل.

في سياقٍ متصل، قال رئيس تحرير منصة "بتروليوم إيكونوميست"، بول هيكن، إن هناك اعتبارات سياسية لعدم انسحاب قازاخستان من تحالف أوبك+؛ نظرًا إلى الدور المحوري لروسيا في المجموعة.

كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة أومود شوكري

وقال هيكن، في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة: "في هذه اللحظات، غالبًا ما يُنسى أنه ضمن مجموعة معقدة مثل أوبك+، يعمل هؤلاء الأعضاء معًا لتحقيق مصالحهم الخاصة لضمان استقرار سوق النفط، لكنهم في الوقت نفسه يضطرون إلى التضحية بحصتهم السوقية مقابل هذه الميزة السعرية".

وأشار هيكن إلى أن الثمن الذي دفعه تحالف أوبك+ مقابل إدارته الفعّالة للسوق في السنوات الأخيرة هو أن نطاقًا سعريًا يتراوح بين 70 و80 دولارًا مكّن منافسين آخرين من خارج المجموعة، مثل الولايات المتحدة وكندا والبرازيل وغايانا، من الاستحواذ على حصة سوقية.

فشل قازاخستان في خفض الإنتاج

من جانبه، شدّد محلل أسواق النفط بالشرق الأوسط في منصة آرغوس ميديا المتخصصة في الطاقة، نادر إیتیّم، على أن التصريحات الصادرة عن قازاخستان خلال الأسبوع أو الأسبوعَيْن الماضيَيْن تشير إلى أنها لا تُحرز أي تقدم، ولا تبذل أي جهد لخفض إنتاجها إلى المستويات المسموح بها في أوبك+.

وقال إيتيّم، في تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة: "إذا استمرت قازاخستان في هذا المسار، فلا أرى خيارًا سوى خروجها من المجموعة؛ لأنها تُلحق الضرر بتماسك المجموعة ومصداقيتها".

وتابع: "في أحسن الأحوال، قد يجري نقلها من عضو نشط في أوبك+ إلى عضو غير نشط، مثل المكسيك أو البرازيل.. بهذه الطريقة، سيتمكن أوبك+ من الاحتفاظ بها داخل المجموعة، دون أن يتأثر بعدم امتثال قازاخستان".

وأكد إيتيّم أن تصريحات وزير الطاقة تُمثل تحديًا كبيرًا لمصداقية المجموعة وتماسكها؛ إذ تكمن مصداقية تحالف أوبك+ في التزامه بما يتعهد به، لكن قازاخستان تُعوّض بمفردها ما كانت المجموعة تأمل في تحقيقه خلال الشهر أو الشهرَيْن الماضيَيْن.

أما بالنسبة إلى التماسك، فإن الكثيرين في المجموعة يشعرون بإحباط شديد، لأنهم يخفضون الإنتاج لتلبية حصتهم، في حين لم يفعل آخرون ذلك، بحسب إيتيّم.

وأضاف: "كان من المفترض أن يكون قرار تسريع عودة الإنتاج رسالةً إلى من يُفرّطون في الإنتاج للتوقف، وإلى من يلتزمون بأن إحباطهم مسموع. يجب معالجة مشكلة قازاخستان بطريقة أو بأخرى".

محلل أسواق النفط بالشرق الأوسط في منصة آرغوس ميديا المتخصصة في الطاقة، نادر إیتیّم

من جانبه، شدّد محلل السلع لدى بنك الاستثمار السويسري جيوفاني ستانوفو، على أن التماسك يُكلّل بالنجاح إذا التزم الجميع باتفاق أوبك+.

وذكر جيوفاني، في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة، أن الانتفاع غير المشروع من جهود الآخرين لا يُعزّز تماسك المجموعة، خاصةً إذا أقدم بعض أعضاء أوبك+ على تخفيضات طوعية إضافية أكبر.

توقعات اجتماع أوبك+ المقبل

توقّع كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة أومود شوكري، أن يتناول اجتماع أوبك+ المقبل في 5 مايو/أيار 2025، انحراف قازاخستان عن مسارها من خلال مجموعة من الأدوات السياسية.

وقال شوكري، في تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة، إن هناك مؤشرات قوية على أن الدول المشاركة في التخفيضات الطوية الإضافية (وهي السعودية وروسيا والعراق والإمارات والكويت وقازاخستان والجزائر وسلطنة عمان) قد تُطبّق زيادة شهرية ثانية على التوالي في الإنتاج، لتسريع وتيرة التخلص من هذه التخفيضات، متجاوزةً الزيادة المخطط لها والبالغة 135 ألف برميل يوميًا، لتعويض فائض الإنتاج من بعض الأعضاء.

ورغم أن قازاخستان التزمت بتعويض جزئي عن فائض إنتاجها بحلول الربع الثالث من عام 2025، رأى شوكري أن التحالف قد يُرسّخ آليات إنفاذ أكثر صرامة أو عقوبات مالية.

وأضاف أن التسوية التفاوضية قد تتضمّن مراجعة خط الأساس لقازاخستان لاستيعاب زيادات الإنتاج الناتجة عن توسعة حقل تنغيز، ما يسمح بالمرونة دون المساس بالاتفاقية الجماعية.

وقال محلل السلع لدى بنك الاستثمار السويسري، جيوفاني ستانوفو: "من غير المُستغرب أن يرى أحد أعضاء أوبك+ أن المصالح الوطنية أهم من تماسك التحالف؛ لذا يُتوقع من الدول الأعضاء التي تُطبّق تخفيضات أكبر أن تدرس خيار إنهاء تخفيضاتها الإضافية بصورة أسرع في الاجتماع المقبل".

محلل السلع لدى بنك الاستثمار السويسري جيوفاني ستانوفو

ولكن، رأى محلل أسواق النفط بالشرق الأوسط في منصة آرغوس ميديا المتخصصة في الطاقة، نادر إیتیّم، أنه ما لم تُغير قازاخستان لهجتها أو رسالتها، فلا يعتقد أن هناك جدوى من أي تحرك آخر من جانب الدول الـ8 في تحالف أوبك+.

وقال، في تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة: "بناءً على ما تقوله قازاخستان، فهي غير مستعدة لخفض الإنتاج، مهما حدث؛ لأن المصلحة الوطنية هي الأهم".

وبالتالي، رأى إيتيّم أن الإجراءات التي يتخذها أوبك+، مثل زيادة الإنتاج بوتيرة أسرع مرة أخرى، قد لا يكون لها في نهاية المطاف أي تأثير سوى الإضرار بأنفسهم، حيث من المرجح أن تنخفض الأسعار مرة أخرى بصورة حادة لمدّة من الوقت.

من جانبه، توقّع رئيس تحرير منصة "بتروليوم إيكونوميست"، بول هيكن، أن يتبنّى أوبك+ نهج الترقب والانتظار؛ انتظارًا لمعرفة ما إذا كان الالتزام بالحصص المتفق عليها سيتحسّن في الأشهر المقبلة، وانتظارًا لتطورات البيئة الجيواقتصادية الخارجية المتعلقة بالرسوم الجمركية والتجارة، والطلب على النفط.

وأشار هيكن إلى أن التحالف يسعى إلى تحقيق هدف واحد يتمثّل في تعزيز الوحدة والتماسك على المدى الطويل، وفي نهاية المطاف، استقرار أسعار النفط حتى في ظل هذه الظروف الاقتصادية المضطربة؛ كما فعلت المجموعة عند انهيار الطلب الناجم عن جائحة فيروس كورونا.

رئيس تحرير منصة "بتروليوم إيكونوميست"، بول هيكن

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق