التقاريرأنسيات الطاقةتقارير النفطسلايدر الرئيسيةنفط

ذكرى انهيار أسعار النفط لـ"السالب".. ودور مهم للسعودية (تقرير)

أحمد بدر

يمثّل 20 أبريل/نيسان يومًا مهمًا لصناعة النفط العالمية، إذ شهد انهيار أسعار النفط إلى "السالب" لأول مرة في تاريخها، إلى جانب عدد من الأسباب الأخرى، التي تجعله يومًا لا يُنسى.

ويوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن الحديث عن الانخفاض بالسالب يعني أن المشتري يحصل على النفط الخام، ومعه أموال أيضًا، أي تعطيه المال ليأخذ النفط.

وأضاف أن انخفاض أسعار النفط بالسالب كان حدثًا للمرة الأولى في تاريخ الصناعة، "حدث تاريخي، وجود أسعار سالبة في مجال الكهرباء وبالنسبة إلى الغاز، وهو عكس ما يتعلمه طلبة الجامعات من أن الأسعار دائمًا إيجابية".

وتابع: "عندما درسنا الاقتصاد في الجامعة علمونا بأن الأسعار دائمًا إيجابية، وعندما كنا نحل المعادلات، ويصبح السعر سالبًا، يقولون إن الحل خطأ، ولكن في الواقع وبعيدًا عن النظريات، يمكن أن تكون الأسعار سالبة، وهناك شواهد كثيرة حول العالم بالنسبة إلى أسعار الكهرباء والغاز".

جاء ذلك خلال حلقة جديدة من برنامجه "أنسيّات الطاقة"، قدّمها الحجي عبر مساحات منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، تحت عنوان "اليوم التاريخي في صناعة النفط العالمية.. 20 أبريل".

أسعار النفط السالبة

قال أنس الحجي إن المرة الوحيدة التي شهد العالم فيها أسعار النفط السالبة كانت يوم 20 أبريل/نيسان من عام 2020، إذ في الحالات العادية كانت هناك أسعار سالبة، ولكن وفق شروط أو وقائع معينة.

وشرح مثالًا بموقف لشركة في "دنفر" بولاية كولورادو الأميركية تنتج النفط، وكان جزء من إنتاجها من النفط الثقيل، وهذا النفط الثقيل امتلأت به الخزانات، وأصبحوا في حاجة إلى التخلص منه، ولا يمكن الاستمرار بالإنتاج إلا إذا تخلصوا منه، فكان الحل الوحيد أن يدفعوا لأي شخص ليأخذه.

حصة الخام الثقيل في واردات النفط الأميركية

لذلك، وفق مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، فإن أسعار النفط السالبة معروفة في صناعة النفط، ولكن في الحالات الفردية، كأن تدفع إلى من يأخذ أثاث بيتك القديم لتشتري غيره، ولكن الحديث الآن عن الأسعار العامة في كل البلد.

وأضاف: "بدأت القصة في بداية عام 2020، إذ كان من الواضح تمامًا وجود ضعف في الاقتصاد العالمي، وكان هناك اجتماع لأوبك+ في مارس/آذار لمحاولة خفض الإنتاج وإقناع الدول الأعضاء بالتخفيض لمنع ارتفاع المخزونات، وتحقيق التوازن في السوق".

وخلال هذا الاجتماع، رفضت روسيا تخفيض الإنتاج، أو على الأقل كانت رغبتها التخفيض بكميات قليلة، في حين الدول الأخرى، بما فيها السعودية، كانت ترى ضرورة التخفيض بكميات أكبر، وظل الاجتماع منعقدًا من الأربعاء إلى الخميس، دون الوصول إلى قرار.

وأوضح أنس الحجي أن وزير الطاقة الروسي -حينها- كان ألكسندر نوفاك، الذي يشغل حاليًا منصب نائب رئيس الوزراء، وطلب نوفاك العودة إلى موسكو للتشاور، ولكنه عاد خالي الوفاض، إذ كان القرار النهائي لموسكو زيادة الإنتاج إلى أقصى ما يمكن.

وهنا، وفق الحجي، كان رد السعودية زيادة الإنتاج إلى أقصى ما يمكن وتخفيض الأسعار بصورة كبيرة، فانهارت الأسعار، وكان ذلك أيام 7 و8 و9 مارس/آذار 2020، وكان ذلك الحدث حينها مهمًا من ناحيتَيْن.

إنتاج النفط في السعودية

الناحية الأولى هي أن السعودية استطاعت أن تبرز لروسيا والعالم أنها تستطيع استعمال طاقتها الإنتاجية للضغط على الدول الأخرى لكي تلتزم بالإنتاج، والناحية الأخرى أنها أثبتت للعالم -رغم كل الشكوك- أنها يمكنها زيادة الإنتاج إلى 12 مليون برميل يوميًا، أو فوق 11 مليونًا.

سبب انهيار أسعار النفط بالسالب

أجاب خبير اقتصادات الطاقة عن السؤال المهم: ما سبب انهيار أسعار النفط بالسالب؟ موضحًا أن هناك سببَيْن، الأول هو زيادة الإنتاج من جهة، وتخفيض الأسعار من جهة أخرى، ولكن بالتزامن مع ذلك بدأت تظهر أعراض فيروس كورونا حول العالم.

وأضاف: "بدأ الناس يرتدون الكمامات، وبدأ الحديث عن موضوع الإغلاقات، وبالفعل حدثت هذه الإغلاقات وتوقف كل شيء تقريبًا، فانهار النمو الاقتصادي وانهار معه الطلب العالمي على النفط، الذي كان في بعض الأحيان بحدود 10 ملايين برميل يوميًا، وأحيانًا 8 ملايين".

أسعار النفط

عندها، وفق أنس الحجي، كان من الواضح أنه يجب التعاون لتخفيض الإنتاج، وفي ظل هذا التفاوض أعلنت دول أوبك+ أنها -بالتعاون مع ترمب- ستخفّض الإنتاج، بعدما وعد الأخير بذلك.

وكشف الحجي عن أن وعد ترمب كان موضع شك، إذ كان قد تعهّد بأن تخفّض الصناعة الأميركية، والحقيقة أن أميركا خفّضت الإنتاج بحدود 3 ملايين برميل يوميًا، ولكن ليس بسبب ترمب، بل لأن أسعار النفط انخفضت إلى أقل من التكاليف المتغيرة، فأغلقت الشركات الآبار.

وتابع: "في هذا الجو، عندما جرى الاتفاق على خفض الإنتاج بمقدار 10 ملايين برميل يوميًا، كنت واحدًا ممن لم يصدقوا أنهم سيفعلوا ذلك، ولكنهم فعلوه، وهذا أحد أسباب أهمية هذا الحدث، فعندما كان الحدث كبيرًا جدًا، أثبت تحالف أوبك+ أنه يستطيع أن يواجهه".

لكن، بحسب الحجي، تراجعت المكسيك عن وعدها وقررت أن تخفّض الإنتاج بكمية أقل مما وعدت به، لذلك كان التخفيض بحدود 9.7 مليون برميل يوميًا، ولكن -فجأة- رغم إعلان هذا التخفيض والاستعداد لتخفيضات ابتداء من أول مايو/أيار، انهارت الأسعار في أميركا.

النفط الأميركي

ولفت الدكتور أنس الحجي إلى أن الانخفاض الأميركي كان مريعًا، إذ استمرت أسعار النفط في الانخفاض بنحو من 30 دولارًا إلى 25 ثم 20 وصولًا إلى دولار واحد، حتى وصل إلى 37 دولارًا بالسالب، أي أن من يأخذ برميل نفط يحصل فوقه على 30 دولارًا.

ومن ثم، فإن من يريد الحصول على مليون برميل نفط، يحصل عليها مجانًا، ليس ذلك فحسب، وإنما يحصل فوقها على 37 مليون دولار، لذلك فإن انهيار أسعار النفط في الولايات المتحدة كان مريعًا وغير مسبوق.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق