رئيسيةأخبار الطاقة النوويةطاقة نووية

الكعكة الصفراء.. استخراج اليورانيوم من ماء البحر بتقنية أعلى كفاءة 40 مرة

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • يتزايد الطلب على اليورانيوم في الصين مع توسيع البنية التحتية النووية
  • تعتمد تقنية استخراج اليورانيوم من ماء البحر على فصله من الفاناديوم
  • استوردت الصين 13 ألف طن من اليورانيوم الطبيعي في عام 2024
  • سيتجاوز الطلب على اليورانيوم في الصين 40 ألف طن بحلول 2040
  • قادت اليابان تطوير استخراج اليورانيوم من ماء البحر في الماضي

طوّر الباحثون تقنية مبتكرة في مجال استخراج اليورانيوم من ماء البحر، التي يُراهَن عليها في تغيير خريطة الطاقة النووية العالمية عبر إتاحة كميات وفيرة من المعدن الإستراتيجي.

ووفق نتائج دراسة بحثية صينية حديثة طالعت نتائجها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تتمتع التقنية الجديدة بدرجة كفاءة تزيد 40 مرة على الطرق السابقة المستعمَلة لاستخراج مركز اليورانيوم الملقّب بـ"الكعكة الصفراء"، وبالتالي يمكن أن تضمن إمدادات مستدامة من الوقود النووي اللازم لتشغيل المفاعلات.

وتعتمد تقنية استخراج اليورانيوم من ماء البحر الجديدة على استعمال مادة لديها القدرة على فصل اليورانيوم عن عنصر الفاناديوم بكفاءةٍ غير مسبوقة.

وتُتيح المادة الجديدة، وهي من فئة الأطر المعدنية العضوية إم أو إف إس (MOFs) -مركبات تجمع بين العناصر العضوية وغير العضوية- التقاط أيونات اليورانيوم بصورة انتقائية وتجاهل أيونات الفاناديوم.

تزايد الطلب على اليورانيوم

تأتي تقنية استخراج اليورانيوم من ماء البحر في وقت يتنامى فيه الطلب على المعدن، في ظل توسّع الصين في البنية التحتية للطاقة النووية وزيادة سعتها من الكهرباء لتلبية الاستهلاك المحلي المطرد.

وفي عام 2024 استوردت الصين 13 ألف طن من اليورانيوم الطبيعي، في حين لم يتجاوز إنتاجها المحلي من المعدن الإستراتيجي نحو 1700 طن، وفق ما نشرته صحيفة ساوث تشاينا مورنينغ بوست الصينية.

ووفق تقديرات الوكالة الدولية للطاقة، طالعتها منصة الطاقة المتخصصة، سيتجاوز الطلب على اليورانيوم في الصين 40 ألف طن بحلول عام 2040.

ولطالما وصل الطلب على اليورانيوم إلى النقطة التي تخفق فيها مناجم اليورانيوم لدى البلد الآسيوي في مواكبته، وسد تلك الفجوة؛ مما دفع العلماء إلى توجيه أنظارهم إلى البحار التي تحوي احتياطيات خام يورانيوم تزيد ألف مرة على نظيرتها الموجودة على الأرض، وتلامس قرابة 4.5 مليار طن من هذا المعدن، بحسب تقديرات.

ومع ذلك لا تُعد عملية استخراج اليورانيوم من ماء البحر بتلك السهولة التي تبدو عليها، ففي مياه البحر يكون تركيز المعادن الثقيلة منخفضًا للغاية؛ إذ لا يتجاوز 3.3 ميليغرام/طن.

ومع ذلك فإن وجود معدن الفاناديوم في مياه البحر يمثّل تحديًا؛ إذ إنه يمتلك خواص كيميائية مشابهة لليورانيوم، ويتعيّن فصل المعدنيين أولًا عبر عملية استخراج بالغة التعقيد.

حبيبات يورانيوم
حبيبات يورانيوم - الصورة من geogroup

آلية التقنية

أدت زيادة الطلب على استخراج اليورانيوم من ماء البحر إلى تسارع وتيرة الأبحاث المعنية بتلك المسألة، على غرار ما حدث في مركز فرونتيرز للعلوم التابع لجامعة لانزو الصينية، الذي طوّر تقنية مبتكرة من شأنها أن تعزّز كفاءة فصل اليورانيوم والفاناديوم بواقع 40 مرة.

وأوضحت الدراسة التي يقودها البروفيسور بان دوكيانغ في مركز فرونتيرز للعلوم Frontiers Science Centre أن استعمال التقنية المذكورة في استخراج اليورانيوم من مياه البحار من الممكن أن يضمن للصين وسيلة مستدامة ومستقلة لضمان إمدادات يورانيوم موثوقة.

وترتكز التقنية الجديدة على ما يُطلَق عليه الأطر المعدنية العضوية "إم أو إف"، وهي فئة فريدة من المركبات التي تمزج بين العناصر غير العضوية والعضوية.

وتشكّل "إم أو إف" بوليمر تناسقيًا يتميّز عن المواد الماصة التقليدية ببنيته القابلة للتعديل بصورة كبيرة، ووظائفه المتنوعة، ومساحاته السطحية الكبيرة؛ وهي الخواص التي تجعل الأطر المعدنية العضوية عالية الكفاءة في فصل اليورانيوم بصورة انتقائية.

تحديات وحلول

على الرغم من كفاءتها في فصل اليورانيوم عن الفاناديوم، فإن استعمال "إم أو إف" الحالية ينطوي على تحدياتٍ عدة؛ وهو ما فسّره قائد فريق البحث، البروفيسور بان دوكيانغ، بقوله إن "تصميم الأطر المعدنية العضوية وفق علاقة دقيقة جدًا بين النشاط والبنية غالبًا ما ينتُج عنه انخفاض في مساحة السطح المحددة للمواد، وخفض في كثافة المواقع النشطة"، في تصريحات أدلى بها خلال مقابلة مع صحيفة "ساينس أند تكنولوجي ديلي" الصينية.

ولتجاوز المعضلة المذكورة، دمج الباحثون جزيئات ثنائي فينيل إيثيلين الهيدروكربون دي إيه إي (DAE) في مواد الأطر المعدنية العضوية؛ مما يتيح لتلك المواد الأخيرة تعديل حجم مسامها عند تعرّضها للأشعة فوق البنفسجية.

ثم اختُبرت مادة "إم أو إف - دي إيه إي" المعدّلة في مياه بحر حقيقية ومياه بحر جرت محاكاتها تحتوي على معادن مشابهة لليورانيوم لتقييم قدرتها على امتصاص اليورانيوم.

وبيّنت الاختبارات أن المادة المعدّلة المذكورة تتمتع بقدرة امتصاص لليورانيوم تبلغ 588 مليغرام/غرام، ومعامل فصل لليورانيوم والفاناديوم يبلغ 215، متفوقةً بذلك على جميع المواد السابقة التي خضعت لاختبارات مشابهة في ظروف مياه بحر حقيقية وأخرى جرت محاكاتها أيضًا.

اليورانيوم المذاب في ماء البحر
اليورانيوم المذاب في ماء البحر - الصورة من scmp

تفوّق اليابان

خلال المدة من العقد الـ8 إلى الـ9 من القرن الماضي، قادت اليابان عملية تطوير استخراج اليورانيوم من ماء البحر، لتتمكّن فعليًا من استخراج كيلوغرام واحد (2.2 رطلّا) من مركز اليورانيوم عبر تجارب بحرية مكثفة، وهي أعلى معدل استخراج معروف حتى الآن، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني (2019)، أسّست شركة الصين الوطنية للطاقة النووية المملوكة للدولة، التي تدير جميع جوانب القطاع، تحالف ابتكار تقنية استخراج اليورانيوم من مياه البحر مع 14 معهدًا بحثيًا محليًا.

ووضع التحالف أهدافًا طموحة للعقود الـ3 المقبلة، حتى عام 2050. وتستهدف المرحلة الأولى التي تغطي المدة من عام 2021 إلى عام 2025، تكرار سيناريو إنجاز اليابان على مستوى الكيلوغرام.

كما تشتمل خطة التحالف طويلة الأجل على بناء مصنع تجريبي على نطاق الأطنان بحلول أواسط العقد المقبل (2035)، وتحقيق إنتاج صناعي مستمر بحلول أواسط القرن الحالي (2050).

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

1.استخراج اليورانيوم من مياه البحر بتقنية أعلى كفاءة 40 مرة من دراسة منشورة على موقع جامعة لانزو الصينية.

2.ستوردت الصين 13 ألف طن من اليورانيوم الطبيعي من صحيفة ساوث تشاينا مورنينغ بوست الصينية.

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق